الثلاثاء ١٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٣
بقلم
أحنُّ لبغداد
يُعذبني طولُ هذا الفراقْوبحرُ الأسى، والنجيعُ المُراقْفأصرخُ:- ياطولَ ليلِ العراق!ألا قمرٌ تائهٌ يتلألأ، يدفعُ هذا المحاقْألاتشرقُ الشمسُتسطعُ فوق جبين العراقالذي قد عرفتُ فَتيّاومذ جئت بغداد غِراً حيياوحيث العباءاتُ قد أورثتني داءً دَوِيّاوحيث عيون المها تيمتني صبياودارت بعنقيَ تلويه ليّافألفيتُ نفسي على ضفة النهر ِفي كنف " الأعظميةِ "أخطو لساحة "عنترْ"ومرجٍ من العشب أخضرْيُهدهدُ في الأمسيات كيانيوبالنجم من فوقه أتدثرأحنُّ لقيسٍ على شاطئ النهر يسهرْلذكرى صبيهْلعوبٍ شقيهتعلق قلبي بها في الزمانِ القديمِعلى مدخل الثانويةِ قُدّام ساحة "عنتر"لحوريةٍ من نُضار ومرمرْلهمس رقيق به لثغة الراء تظهرْإذا قال عند التقاء العيون:- "صباحك ٌسكر"أجبت :- ومسكٌ وعنبرْوشهدٌ على شفتي يتقطرأحييكِ من كبد يتفطرأناجيكِ من خافقٍ يتذكربرغم النوى والسنين العجافِأجيءُ لبغداد أشعثَ أغبر.أحن لبغداد أم النخيلْلشاطئها، ولظلٍ ظليلْلدجلة تحنو على الضفتينبتدفاقها السائغِ السلسبيلْلكأس النواسيّ يشفي الغليللأندائها، للنسيم البليللوقت الضحى، ولشمسِ الأصيلِإذا انسكبت فوق ناصيةِ "الكاظمية"والتمعت لازورداً، عقيقأًوأحنت على القبة الذهبيةتقبل منها الجبين الأسيل.أحنُّ لشوقي، صديقي القديمْلوالده حين أدعوه عميولامرأةٍ قبلتني كأميوقالت:- من اليوم عندي ثلاثة أبناءليسا كأمس وحيدينإني أنا أمك الثانيةفهلا رضيت بأم جديدة؟وغمغمت، ما ندّ عني كلامولكنني يومها قد كتبت قصيدةوأيّ قصيدة !برمش العيون ونبض الفؤاد كتبت القصيدةوذوّبت فيها عصارة قلبيوأهديت ما فاض من بين هُدبيوخالص حبي لأمي الجديدة.أحن لأكلة "باجة"بُعيد صلاة العشاءفي شارع "الشيخ عمرْ"وأرنو لضوء القمريُرجرجُه الموج فوق جبين النَهَرْأتوق "لجسرٍ معلق"لخمر النواسي إذ يتعتقْ" لمزقوفةٍ " فوق جمر تحرقْلبغداد من كرخها لرصافتهاإن قلبي بها قد تعلقْولكنني اليوم مُضنىً حزينْيؤرقني شجنٌ وأنينلبغداد تلبس ثوب الحدادْوتقعد تنتظر السندبادالذي غاب عنها وطال البعاد.