

«أسباخ على رصيف التعب»
أوتار تعزف لحنا حزينا على رصيف بائس..ووطن لا يبارح التعب.. نتألم من جرح الزمان.. وننتظر ضوءا ً يتسلل إلى قلوبنا المتعبة.. لتحمل لنا حلما ً ينبض بأحاسيس صادقة فلا نجد غير جراح أرصفة الموت الممتد عبر آفاق الزمن الموحش.. ومسافرا ً في صحارى الخوف مع امتداد ملح الليل عندما يقتلنا الحنين..
أسباخ على رصيف التعب المجموعة الشعرية الخامسة للشاعر الدكتور" صدام فهد الأسدي " وتضم ( 28 ) قصيدة تعبر عن دفء الشوق وحنين الأرض.. وزمن يبحث في كل المرافئ عن بحـّار يصارع موجه.. وطيور النورس تسأل عن الأوطان لتشرب جرح غربتنا لكن نخيل البصرة يسقط الرطب لجوع الفقراء..
ورأيت طيور النورس تمضيرغم شظايا الجهلاءاحمل أسباخ البحر هدايا لتلك الفقراءالآتون من أكواخ الجوعالمنسيون من أحكام الزمن الهمجيمن يحمل جثة هذا المصلوبعلى باب القبركل نخيل البصرة تبكي
مزمار تومان أسطورة البصرة جاهز للرقص والذي كان يقود إعلانات السينما فقد أختفي من دهاليز العشار.. والسياب برغم من شهرته عاش فقيرا طيلة حياته ونكب بمحنة المرض وهو في قمة شبابه.. لقد كانت نهاية السياب قصيدة لم يكتبها بدر.. بل كتبها المطر على تراب العراق الخصب...
تومان الرجل الزنجييموتالأمس وكانرمزابصريا علق لائحة الضحكعلى التمثالكم كان السياب فقيرااغرق شعره بالأهوال
تبعثرت الكلمات.. وتناثرت ذرات التراب.. مع صبر نخيل البصرة.. وطين القلب ينفض عن جناحيه أسرار النهر عندما يتشظى كالنسر يحمل الهموم.. ويحاول استكشاف الأعماق فلا نجد سوى الماضي الحزين بين متاهات الحياة..
والآناقطف من نخل الصبربقايا الطينوازرع في قلب النهرهموم الجزر موزعة يحملها النسرين
أيها البحر.. أنت زمن التأمل.. أنت الصمت الهائج الذي ينطق الحجر.. غلقت موانئ القلب.. وتوسدت سواحل العذاب.. بكاء الموج زبد أبيض.. وماء مالح يشرب الخوف قطرة.. قطرة..
هذا ثوب غطى جسد البحر فابكاه الموجوذاك قميص يبتلبماء الخوفوتلك القبرة العمياءتخاف الضوء
يتسرب الخوف إلى قلوبنا.. نعيش في عالم متوحش.. تختفي الكلمات.. نتجرع الصبر المر.. زمن أصبح الجرح فيه هواء نتنفسه.. والناس يشبهون البحر في المد والجزر.. الصبر يأتي به الصبر.. وملامح وجه الفقراء تخفي وراءها حزن عميق.. وتنتظر من الغيمة حبات المطر..
مساكين أيها الفقراء تنامونفوق الجفاف وتنتظرونغيض المطرفلو عرف البلبل اليوممكر الغصون لعاف الشجرولو عرف الطفل كيف أبوهيكد الخطى فوق لسع الإبرولو عرف الصبر كيف الحياةتضيع هباء لكان انتحر
الوطن.. الحضن الدافئ لأبنائه.. يحمل هموم الزمن.. دجلة والفرات ينبضان بعشق الأرض.. وعطر شط العرب.. في البصرة.. يتجلى العراق كله.. بنخيلها وانهرها.. وطيور تغرد على شط الأمل.. بعيون حزينة.. نكتشف أوكار الحنين.. وتذوب في أدمع الليالي.. وتتناغم العواطف والشجون مع حب الوطن...
وطني من سيمضي معيمن سيحمل هذا اللهيبفدجلة روت كهولة عمري وكان الفرات فراتا غريبمشيت بكل شوارع بصرتنا , حتى بطينك سحر عجيبوأنت كبير كبير كبير فشبتانا اليوم يا وطني وبعد طفلوليس تشيب
هذا هو الشاعر ينقل الينا مشاعره بكل دفء وحنين.. يرسم آلمه ووجعه فوق الورق.. ينزف قلبه دما.. يسيل من أوردته إلى حروف يخطها بقلمه الصادق.. وتبقى الجراح تتألم بصمت مع صمت الورق...
إلى من كتبت الشعر أو قلبي احترقفاني ارتكبت اثنين اعتى خطيئةيعاقب فيها الرب من عاش بالقلقفأولها أني عشقت حبيبتيوثانيها قلت الحقيقة للورق
الآم تقتات الروح.. هموم وحزن تسكن حنايا القلب.. انه زمن المواجع.. الجرح يؤلمنا.. ماتت التنهيدات من القلب الذي صار جمرة تحرق الأحشاء.. ونجوم تحاكي صمت الليل.. ورحيل عبر مسافات الحزن.. تمر عبر جسور الحنين.. وتبحر في دائرة الضوء بين الظلمة والنور...