الاثنين ١٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٣
بقلم
أمي
أحُن إليكِحنين الطيورِ إلى أعشَاشِهاوأبحث ُعن روحِكِعن دفئ قلبِكِالذي ملأ عبرَ السنينأركان بيتنا العتيقكما يبحثُ الولهانعنْ مراتعِ الشبابِ ورفاقِ الصِباومشاعرِ الإنسانبيتُ الطفولةِ ومَرتَعُ الشبابمكان حزين يثير الشجونفقد غاب عن البيتِ ركنٌ ركينبفَقدِ البُناةِ ومن شيدوهومن رصعوهُ ومن جملوهومن ملؤوه بحبِ السماءِ وحبِ النجوموحبِ الصمودِ بوجهِ المنونْتوقفَ الزمانُ في ربعنابعد أن غابَ عن أرجائِه أحبابُناورُوحُكِ الفياضةُ بعبير الحُبورْوتغريد البلابل ِعند الغروبحُزْناً على فراق حكيمٍ طروبوغياب لمساتها مع هبوبِ القدربعدما رَتَبَتْ بذوقِ الخيالِ أشياءهاوتُحفٌ عديدة جمعتها من فنونِ البشرلتحكيَ قصةَ أسفارِهاأحُنُ إلى جلساتِكِ السامرةإلى ابتسامتِكِ الواثقةِ الغامرةوصمتُك الحافلِ بالكبرياءفي ليالي الشتاءِ الباردةوصوتُ الكَستناءِ يوسوسُمن حرارةِ المِدفأةثم يعود يُفرقعُ بصوتٍ أسيروهو ينزِعُ عنه كِساءَهُ الحريرليلامسَ جِلْدَهُ بردٌ صريرفي ليالي الزمهريرأمي الحبيبةيا من زرعتِ في نفسيَ الكِبرياءوعلمتِني كيف أنظرُ بصمتٍ في عيون اللئامْوأُحدِقُ طويلاً في أحداقهمْوأقفُ شامخاً بكلِ إباءغير آبهٍ بجحافلِ السباعوتساقط النبال وبطشِ الرُعاعوصليلِ الخيولوتكالُبِ الفلولْعلمتني أن صِدقَ السريرةِ طريقُ النجاةوأن الصبرَ رفيقُ الحُداةوإرضاءُ الناسِ صِنوَ المُحالْوأن خير رأيٍ يراميترقرق نقيا من أعماق الكراموحببتِ إلى روحي صُحبةَ الكتابِ والقلمْوالنظرَ طويلاً في حياة الأممْوحِكمةَ الصمتِ عند طولِ الكلاموحزمَ القرارِ وعُلوَ الهِمَمْلا زلتُ أذكرُ ساعةَ الفِراقفي زمنٍ بعيديبدو اليوم من أزمان الغابرينوأنت تدفعين بقلب يملؤه الأنينلحظة الانطلاقعن الطفل الذي شبَّ في سنينوهو يستعد لنَقلةٍ بعيدةإلى بلادٍ أختَرتِها بنفسِكِ تخوفاً من بطشِ اللئاموصوتُ دعائِك الدافئِ يغالبُ الآلاموهو يودعُ أنفاسي المهاجرةويحيطُها بالسلامتتالت اللياليَ وتاهَ الفؤادوغابَ الشعاعُ خلفَ السَحابورقّ العَظمُ وحانَ الرحيلوفرِحتُ بقُربِكِ بعد التنقل بين الأممبين القفار وعبر البحاروغربةٍ مديدةٍ فوق القممفرَقَّت نفوسٌ ترومُ الرحيموتشكو إليه طولَ الفراق وتباعدَ الهمملكنني كنتُ على موعدٍ جديدٍ مع القدرولم أدرِ أن رِحلةَ عُمركِ بلغت نهايتها الهادرةوأن اقترابي من حِجرِك بعد طول فراقلم يكن سوى أمنيةَ قلبٍ كوتهُ لوعةٌ غامرةوأن اللقاء قرين الفراقوأن لقاءنا في كويت الخليجلم يكن سوى لحظةٍ عابرةنظرتُ إليك على فراش الموتوالمرضُ قد سرى فيك حتى العظاموالروحُ استعدت للقاء بارئهاولا زالتْ نفسُكِ العليلةُ مفعمةً بالكلامأرهفْتُ إليك السمعَفتحركتْ شفتاكِ والتمعت عيناككطفلةٍ يحدوها الأملوبرَوعِها منهكةٌ تحاولُ صوغَ الجُمَلولكن الصوتَ استكانفلم تصدر من فمك الكلماتُ السحريةبل التمعت عيناك بهافقرأت في محياك أسفاراً قدسيةورأيت في وجهِكِ عَبَراتٌتتوهجُ بحروفٍ نُورِيةوتمتلؤ بمعانٍ وهمومتتسعُ لكل البشريةتكلّمَتْ عيناكِ بحماسٍكالثورة تصرُخُ في الملأِبهتاف الحريةِ الصاخبيُدّوي في أرض الأحرارتشكو آلامَ أحفادٍ أبرارشردهم حِقدٌ وغروروخِصامٌ وشرورفي أرض الله المعتمرةبشخوص الشام المستعرةومن وجهِكِ فاضت زفراتٌمملوءة بحنانِكِ أماهيا أجملَ أمٍ مرتحلةوصَلَتْ إلى قلبي همساتُكلا عبر موجات الصوتِالمخنوق بأجهزة الطبِبل من بين رعشات جفونِكفي جسد أكلته همومُكيردد رحلاتي اكتملتْ يا ولديولا زال قلبي المجروح يئنُ بآلامِ البشريةخذ هذي الشُعلةَ الوضاءةواركض بزقاق الحريةلتنير بها الدرب الممتد على شُطآن الإنسانيةليعود الحقُ إلى أهلهويعود بهاءُ البشرية