الأربعاء ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٤
بقلم إباء اسماعيل

إلى طير جارح

1

هكذا إذن..
فكّرتَ أن تطير بعيداً
عن سمائي الملوّنة بجناحَيك !
أن تنسى أحجاري الكريمة
التي صنعتُ لك منها عشّاً
وافترشتُه بزغب زكرياتنا الورديّة
هل نسيتْ جناحاك دهشة سمائي
وآن لكَ أن تشطبني
من خطوط الأفق
التي كنا نتقاطع في مساراتها
في فصول الحبّ الماطرة ؟

كلُّ الظروف المستحدَثة
والظروف الغابرة
لم تعُد تتقن لعبة التَّسلُّق
على شجرة الحقيقة !
غبارُ أنت يلاحقني
وأنا أريد أن أتنفّس
بأمنيةٍ من هواءٍ
لايعرفُ العواء
ولا الغاز الذي يحرق ولايحترق !

لن أنظر خلف أحلامي المُقعَدة
كي لاأرى فُتاتَ بقاياي
وأشياء فتْنتي

2

وفتْنة أشيائي
وجدائل روحي الذّهبيّة
وهي تنعقدُ سلاسلاً
تخنق آهاتي الجرداء
إلاّ من صحاري هيمنة مخالبك .
وأنت تلاحقني بتيّارات ألسنة لهَبك
ولَهَب ألسنتك الحمراء!

كيف لي أن أُلاحقَ فيك البَياض الحنون
وغُبارُكَ يثيرُ فيّ حساسيّةالجنونْ ؟!
كما لوأنني قصيدة شرسة
لاتريدُ أن تكتمل
ولا أن تُنشر في فراغ مؤَطّر
بأربعةِ جدرانٍ بلهاء
لاتعرف النوم ولا اليقظة
لاالفجر المعتّقِ بالفرح،
ولاالليل الدّائم الإنكسار
رغم أنّ له مطلق الحريّة
في التّحدُّث مع ذاته !

قاع المحبّة الفارهة أنت..
زخرفة على جدارٍ غير موجود
حقيقة إن كُتبتْ،
ستُبشِّر بحربٍ عالميّةٍ عصريّة
إلى أبعد حدود الإنفراج الأنثوي
الذي لايقبل القسمة على جنسَين !
* *

3

أحبُّكَ بكلِّ أسمائي

التي أحاول اكتشافها ليس فيك ،
أمَلاً أن لاتكون بعد فوات الرجولة !
"لاتَخَفْ فالّرجولةُ قدرٌ جميل لايفوت
حتى بعدَ فَواته ،
ولامعنى له دون الأنوثة!"

وبإندحاري ،
الذي أراه غائباً الآن
أحبُّكَ..
و بكلِّ انبهاري بغبارك اللاذع
يستويني على عَرش التُّراب .
لِمَ لا؟
فأنا أُنثى تُرابيّة
اعتدتُ في أزمنتي الغباريّة الغابِرة
أن أدخل جذور فتنتك
دون أن أتجاوزك إلى أغصانك
إلى أن كاشفتْكَ التُّربة هي الأُخرى!!
أقول: " هي الأُخرى"
هل فوجئتَ باَنّها أُنثى
هي الأُخرى؟!
فتَحتْ لي أنفاقاً من ضوء ،
كي أرى في عصور الظّلام
ماتعجزُ عصور الضوء
أن تمنحني حِركيّة الأفعال
المشاكِسة بلطف

4

ولكنْ دونَ تَحَفُّظْ!

تريدني أن ألاحق فيك بهاءك؟!
كانت هذه أُحْجية قديمة
لم تكشف أسرارها جدّتي
العاقلة جدّاً
والفاتنة جدّاً
لكنَّ جَدّي كان عاقلاً
جدّاً جدّاً ...
وفاتناً ،
جدّاً جدّا..
هكذا كان يُقال!
بل.. وكانَ متفوِّقاً على جدّتي
في كلِّ شيءٍ
حتى استبدَلَها بامرأةٍ أخرى
لتحبّه أكثر .. أكثر
وهو دائماً دائماً
لايُخطئْ !!!

كنتُ واهمةً جداً
لم أكُن أحلم أبَداً..!
شتّان مابين الحلم والوهم -
كنتُ أتَوَهّم،
بأنني حينَ بحثتُ عنْك ،
وجدْتُ فيكَ مغارةً ناصعةَ البياض،
دخَلتُها وأقًًٌمتُ فيها مًملكتي
ينابيع شفاهكَ الدّافئة
شطآن روحكَ الزرقاء" كالحلم"
الذي باتَ وهْماً بالطّبع -
بوّابات قلبك التي فتَحتْ أقفالها

وازدهَرتْ بأمواج الصّخب الطفولّيّة .
كلماتُك الغائمة ،
ترسم طيوراً في السّماءْ،
وتهطلُ ببطئً فوق حقول أنفاسي،
الغائمة هيَ الاُخرى!

5

كم كنتُ أُحبُّ المطر،
وكم كنتَ تحب الحرب!!
سألتُك :
إذا جاءت الحرب ،
هل نحتفي بها
كي تصبح توأماً لِغربتنا ؟!
هل نكسر الفسيفساء الدّمشقيِّ الملوّن
من دواخلنا؟!
هل نُطفئُ نجوم أعماقنا،
ليطغى سواد الحرب ،
على أضواء حرّيتنا المتبقّية من زمن السَّلم؟!

إذا جاءت الحرب ،
هل تشطح بوجودنا
لتصبح سيّدة الموقف ،
وملكة أحلامنا الضائعة ؟!

6

هل نفسح لها مكاناً تحت جلودنا
كان يوماً،
ينبض بارتعاشاتٍ خفيّة ؟!
أجبْتَني ب"نعم " !
* *

غريب ،
كيف يصرِّحُ برضوخه
لسلطة الحرب "الأُنثى"؟!
ولكنني ،
أحبُّ بجنونٍ "المطر" !!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى