الخميس ١٨ شباط (فبراير) ٢٠٢١

الأسد الذي فارق الحياة مبتسما والنهايات المدهشة

السيد شليل

من العنوان "عتبة النص" نستطيع أن نقول بأننا أمام نص للأطفال، يحمل عدة مفارقات، ما بين القوة والدهشة والمرح.

هذا الخليط الذي لا يتوفر، إلا في كتابات الذين يملكون ناصية الإبداع المختلف، وعلى الرغم من طول العنوان، إلا أنه كان مناسبًا لأحداث النص، وحقق المفرقات الثلاث التي كتبها الكاتب: سهيل عيساوي، بضمير الراوي العليم حتى يجد لنفسه ملاذًا آمنًا، ليقص علينا ما دار داخل الغابة من أحداث، ربما شارك فيها، وكان شاهدًا على حدوثها.

ورغم أن بداية القصة كانت عادية، حيث وصف الغابة الجميلة الهادئة، والنهر المتدفق وانصياع الحيوانات لأوامر الأسد، وحالة اللبؤة عندما حزنت على زوجها وبكت، وحاولت جاهدة أن تصيد له، غزالة صغيرة ليأكلها وبعد فشله نام.

وبعد أن تأكد للجميع مرض الأسد، تنازعوا على مكانه وبدأ كل مرشح يعرض برنامجه، الانتخابي ويجمع حاشيته، ويوضح إمكانياته من القوة، والجمال لتحقيق السعادة والاستقرار للغابة، التي تبدل حالها وتحولت من غابة جميلة هادئة، كلها خيرات لضوضاء ونزاعات مستمرة وزار بعض الحيوانات عرين الأسد، وطلبوا منه أن يحدد منهم من يكون خليفة له، لينصاعوا لأوامره ولكن الأسد كان ذكيًا، وهنا الاختلاف الذي حول النص إلى اتجاه آخر يحمل الحكمة والدهشة والمتعة.

قال لهم الأسد وهو يتكأ على اللبؤة، وينظر لأشباله وكأنه يودعهم، ويحاول أن يؤمنهم من مكر الحيوانات ودهاء المتربصين به،والصراعات التي حتما ستحدث بعد رحيله: تركت لكم غابة واسعة غنية، و جميلة وألفة فيما بينكم فلا تفرطوا فيها"

ثم كانت رسالة الثانية عن التسامح وهو يشير لأشباله بجملة تعجبية"لو كنتم تعلمون"وكأنه يريد أن يقول لهم آه لو كنتم تعلمون مدى حبي، واشتياقي لكم فأنا راحل عنكم لا محال.

وراح يغط في سبات عميق حتى غاب عن الوعي.

خرجت الحيوانات، وبدأت المكائد، والاختلافات تزداد حتى تفرقوا، وأصبحت الغابة مخيفة، فقيرة ضيقة إلا على الأسد المرض، وزوجته وأشباله، وأشرقت شمس يوم جديد ومازالت اللبؤة تذرف الدموع، بعد أن فارق الأسد الحياة مبتسمًا.

وعبرت ريشة الفنانة : رنا حتاملة، برسومها الجميلة وألوانها المبهجة، منذ بداية من الغلاف الذي جسد صورة أسد يغط في سبات عميق، ولكن ملامحه هادئة جدًا، وكأنه يحلم، حتى الصفحة الثانية التي رسمت فيها أقدام ومخالب الأسد، في كل المساحة البيضاء، وكأنها يقول أن للأسد بصمته الثابتة، على كل شبر في الغابة، وتوالت اللوحات الفنية الجميلة، التي نجحت في تجسيد الحيوانات والنزاعات بشكل حقق للنص متعة أكثر، وجاءت النهاية مكتوبة على مخالب الأسد، الذي لم يفارق الحياة إلا وهو مبتسم.
جاء الكتاب في ثمانية وثلاثون صفحة، من المتعة ما بين المكتوب والمرسوم، وصدر عن دار الهدى، للناشر المثقف أ. دار الهدى - عبد المللك زحالقة

كتاب أدعوكم لقراءته فهو يستحق.

السيد شليل

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى