الأميرة والخاتم المسحور
كانت هناك أميرة جميلة جداً ووحيدة لا إخوة ولا أخوات لها، تعيش قي قصر مع أبيها الملك وأمها الملكة وكان موقع القصر على سفح جبل عالي طلالته تشرف على بحيرة صغيرة تحيط على جوانبها التلال والأشجار، أي إنها كانت في غاية الزهد والثراء، وهذا لا يكفي لأن تكون الأميرة سعيده، حيث إنها كانت تمضي طيلة الوقت وحيدة ولم ترى أحد سوى أباها وأمها والخدم في القصر و صديقة لم تراها الا من وقت لأخر في السنه وقد لا تراها قط بسبب بعد المكان بينهما ، فكانت دائما تقف أمام شرفة غرفتها المطله على البحيرة وتتحدث بينها وبين نفسها لو كان هناك من تتحدث معه وتذهب في نزهة إستجمام مع أحد الأصدقاء، واستمرت في هذا الحال مدة طويله من الزمن. ولكن في أحد الأيام وهي تتمشى على شاطئ البحيرة مستمتعه بجمال الطبيعه قد رأت أحد الاشخاص يمتطي قارب صغير متجة نحوها وإنتظرته حتى أرسى قاربه على الشاطئ وبدأت تتحدث معه عن سبب مجيئه إلى هنا لأن قلة ما يأتي ُأناس الى جهة القصر، فقال لها: أنه يحب دائماً الاسفار عبرهذة البحيرة من أجل الاستجمام، فقد حسدته على ذلك، وقال لها: لماذا أنت تقولي لي هذا الكلام ويبدو على وجهك ِ الحزن والكآبه. فأخبرته انها تقطن في هذا القصر وهي أميرة وحيده لوالديها ولم يكن عندها أيضاً أصدقاء، فانشد ذاك الرجل إلى كلامها وراح يتحدث معها بمودة وقد ظهرعلى وجهه التأثر رغم إنه كان يعلم عنها كل شئ، وبدأ يخاطبها بأنه سوف يخفف عنها روعة هذا الحزن ويجعل من قلبها المنكسر قلب يغمرة الفرح والحب والسعادة، وقال لها: لم تكوني حزينه منذ اليوم، فقالت له: كيف ذلك، فأخبرها سوف أُعطي لك ِ هذا الخاتم فتضعينة في إصبع يدك الأيمن فيكون لك ِ كل شئ تريدينه عندما تأخبريه بماذا تريده أو إلى أين تذهبين، و نظرت إليه والحيرة في عيناها لم تصدق كلامة، لكن هو أعطى لها الخاتم وفجأة إختفى ولم تعد تراه فبحثت عنة و لم تجدة. ومن تلك الوقت فعلت ما قاله لها الرجل فوضعت الخاتم في اصبعها الأيمن، وبدأت تملي عليه ما تريد فأمرته أن يكون لها أصدقاء من أجل أن تتخلص من وحدتها، ففي غمدة عين أصبحت بين مجموعة من الأصدقاء وغمر الأميرة الفرح الذي لايوصف و قضت وقت جميل مع تلك الاصدقاء، ولكن بقي عندها شك أن الخاتم لم يحقق لها كل شئ تريدة. و بينما كانت مجتمعة على طاولة المائدة تتناول وجبة العشاء قد جاءت الخادمة التي تعمل في القصروتخبر بأنها قد أنهت عملها وتريد أن تذهب إلى بيتها لانها قد تزوجت منذ فترة قصيرة وسكنت في بيت صغيرمع زوجها، فأصبحت الأميرة تحلم كأي فتاة أن تكون لديها عائلة صغيرة في بيت صغير تعيش به هي وزوجها وأبنائها مليئ في الاشجار والورود ولا تطمح أن تبقى في القصر ، وكل هذا الخيال الذي راودها كان في داخلها. وبعد تفكير عميق وبعيد الأمد في الأنتظار حتى يأتي لها شاب مناسب لها ووسيم من أجل الزواج منه دون أن تقول لأحد ولا إلى الخاتم أيضاً، ولكن قد طال عليها هذا الأمر وتقدمت في السن فلم يجرء أحد أن يتقدم لها خوفاً من والدها الملك لانه سوف يقابل أي شاب يتقدم لها للزواج في الرفض إذ أنه لم يرى أحد يناسب ابنته الأميرة في كل المنطقة التي يقطن بها، فأصبح لم يكن عندها حل الا أن تقل إلى الخاتم المسحور، وراحت تملي عليه بخجل وبصوت منخفض خوفاً من أحد يسمعها، وتقول: أنني أريد شاب من أجل الزواج به رغم أن هذا الطلب ليس من شيم الفتاة ولكن أريد ذلك من أجل أن يكون لدي عائلة بسيطه، وبقيت تنتظر طيلة اليوم فحل المساء ومالت الشمس إلى المغيب، وبعد أن سئمت الانتظار ذهبت إلى شرفة غرفتها ونظرت إلى الأسفل ولم تجد شئ وقد نامت والحزن بعينها وفي أثناء نومها جاء اليها حلم بأنها تمتطي جواد وتمشي في طريق مليئ في الربيع الأخضر والزهور والأشجار ، ونهضت في اليوم التالي والأبتسامة تملئ وجهها مسرعة في لهفة إلى شرفة غرفتها ونظرت إلى إتجاه البحيرة، ألا وهي قد رأت الفرس الأبيض يمتطيه شاب وسيم وذهبت مسرعة إليه والخجل في عيناها فلحق بها الحرس خوفاً منه عليها وبقى ينظرمن بعيد، وبدأ يخاطبها الشاب: إذا كانت هي الاميرة ، فأجابته بكل سرور أنا هي، ففرح تلك الشاب انها هي لأنه كان يتمنى ذلك بسبب جمالها الذي فتن سكان مملكة ابيها ، فأخبرها عن سبب مجيئه إلى جهة القصر إنه كان في محض الصدفة فلا يعلم إنها تقطن هنا ولكنه قد سمع عن جمالها وأدبها الذي لا يوصف، وإنه يعلم انها تعيش في بلاد اخرى ولم تأتي الا زيارة عند أهلها، فأجابته: لم تغادر المنطقة منذ أن جاءت الى الدنيا ولا تخرج من القصر الا مع الحرس. وبعد حديث مقتضب مع بعضهما أمطرت السماء ليس قطرات الماء فقط بل أمطر الحب في قلبهما وأبى الرحيل كلاً منهم الا رغماً عنه، فعادة الأميرة إلى القصر وذهب الشاب أيضاً ولم يتفقا على شئ البته، وباتت الحيرة على وجه الأميرة هل يعود الشاب مرة أخرى؟. فرعشات الحب في قلبهما وإيمئاته تجعل سنفونية الحب تعود إلى اللحن الاول، وطوى الزمن يومين على العاشقين ليعودوا بخطوات الحنين لنفس المكان، ولم يكن للحديث التعارف من أنا ومن أنت بل حديث الحب والاتفاق على الزواج، لتشرق الشمس وتغرب ليس للفراق بل للبقاء. وبعد أن تفقا على الزواج ذهبا فأخبر كل منهما أهله عن الزواج فقد تمت موافقة أهل الشاب بسرعة وبدون تردد، فعندما أخبرت أهلها تفاجئا لعدم معرفة الشاب ومن الصعب بسهوله الموافقة عليه ورفضا الأمر، لانه لم يكن من ذوي عائله مرموقه، ومع اصرار الأميرة عليه وحزنها الشديد قد وافقوا عليه بعد التقصي عليه ومعرفة كل شئ عنه.
وأقاموا لها حفل زفاف عريق في القصر وذهبت هي وزوجها الى بيتها الصغير كما تحلم رغم أن أهلها ارادوا أن تسكن معهم في نفس القصر فرفضت ذلك، وهكذا أصبحت الاميرة في غاية السعادة، لكن السعادة لم تدم طويلاً ففي حياتنا فيجب أن نكتفي في القليل لنحصل على الكثير ونصبرونتحمل على ماهو صعب فالأنسان يصعد بهدوء على مكان مرتفع خوفاً من الأنزلاق من أعلى إلى أسفل وهكذا نعيش حياتنا في خطوات متلاحقة ويكون بينها الأمل ليكون لنا ما نريد ففي الأمل فرح يسكن القلوب، لكن سرعان ما ملئ الحزن قلب الأميرة بعد أن مضى على زواجها فترة طويله ولم يكن عندها أطفال وبقيت تنظرإلى الأطفال الصغار وتتمنى أن يكون عندها طفل صغير. ففي تلك يوم وهي ذاهبه إلى السوق رأت إمرأة تحمل بين أحضانها طفل جميل وبقيت تنظر إليه وتتمنى لو كان هذا الطفل أبنها ، وعادت إلى البيت والدموع في عينها ودون تردد والغصة في قلبها خاطبت الخاتم المسحور بأن يحضر لها ذلك الطفل الذي رأته في السوق فلم يلبي لها الخاتم طلبها وفجأه وقف أمامها الرجل الذي أعطى لها الخاتم في حلته الجديدة لم تعد تعرفة فيها، فدهشت الأميرة في خوف من يكون هذا وقالت له: من أنت أيها الرجل، قال لها: لم تعرفيني أيها الأميرة أنا الذي أعطى لك الخاتم المسحور، ولكن لم أعطي لك الخاتم لتأخذي ما لغيرك، فأن أحضر لك الخاتم هذا الطفل أنت تفرحي وأمه سوف تبكي بألم شديد على خطف طفلها، وبقيت الأميرة تبكي على ما كادت تفعله، والرجل أخذ منها الخاتم المسحور، وقال لها: سيكون لك طفل منك انت وليس لغيرك وفجأه إختفى الرجل، فرفعت الأميرة رأسها ولم تجد الرجل ودهشت من الذي قاله لها الرجل ولم تصدق ذلك الا بعد أن أصبحت حامل في طفلها وإنجابه بعد تسعة شهور وهو جميل جداً مثل الطفل الذي رأته في السوق لا بل أجمل منه وهو لها ولم يكن لاحد غيرها، وهكذا عاد الفرح ليغمر الأميرة ووالديها وزوجها وأهله كثيراً بهذا الطفل وحققت كل ما تريد من حياة سعيدة دون أن تأخذ ما لغيرها.