بولا وبوبي
كان هناك في أحد الغابات نسر ونسره اسمائهما بولا وبوبي، فإن النسور من الطيور الجوارح كبيرة الحجم وتؤذي وتأكل اللحوم، ولكن هؤلاء النسرين بولا وبوبي لم يكونا كذلك فكانا يأكلا النباتات والبذور. فقدم فصل الشتاء وجاء موعد وضع البيضة في العش، فقد أخبرت بولا بوبي في ذلك وبدءا بجمع القش ووضعاه على مكان عالي جداً على أغصان أعلى شجرة في الغابة لم يقدر أن يصل إليه أحد من الحيوانات المفترسه، وبعد الأنتهاء من بناء العش قد وضعت بولا البيضة في العش وعلى غير المعتاد وضعت بولا بيضتان بدل بيضة واحتضنتهما، وبقى بوبي يحرس المكان خوفاً من أحد يأتي على العش ولم يذهب الا قليلاً من الوقت من أجل إحضار الطعام الى بولا، وكان يجلس بوبي أيضاً على البيض عندما تشعر بولا في التعب، واستمرا على هذا الوضع الى أن تم تكون الكتاكيت في داخل كل بيضة وبعد مضي خمسه وخمسين يوماً قد جاء موعد فقص البيضتان وخروج الكتاكيت منهما، وصارا بالتناوب أحدهما يحرص الصغار والآخر يحضر الطعام والماء أينما يجدوه ولو كان على مسافات بعيدة يذهبا لإحضاره و إن لم يجدوا الماء من أحد الساقيات يحلقوا إلى مسافات بعيدة جداً يصلوا بها الغيوم للحصول على الماء ويأتوا به الى الصغار، وهكذا استمرت حياة بولا وبوبي تغمرهم السعادة مع صغارهم اللذين أطلقا عليهم إسمان سالو وسامو وصارا يعلمانهما شيئاً فشيئاً على حياة الطياران والاعتماد على النفس وتواجدهم في الغابه. لكن لم تستمر فرحتهما مع مجيئ موعد الصيد فخرج الصيادون إلى الغابه لصيد الحيوانات المختلفه، ففي أحد الأيام كان الجو هادئ ممتع والربيع جميل والشمس مشرقه للاستمتاع به، جاء بوبي عند بولا وقال لها: هيا نخرج الأثنين معاً لنستمتع بعض الوقت كما كنا قبل مجئ الصغار فها هم في أمان لا تقلقي عليهم. فوافقته بولا على ذلك، وقالت له: هيا لنذهب ولكن لم نذهب بعيداً حتى نبقى قربين من سالو وسامو، وبعد أن تركوا صغارهم جاء الصياد يتمشى متخفياً في الغابه وينظر نحو السماء وهو ينظر لفت إنتباه عش كبير في أعلى الشجرة فصوب نحوه الجفت ( البارود ) وأطلق النار عليه فبينما ينزل العش والصغار فيه على الأرض سمعت بولا صوت الرصاص، فعادت مسرعة ورأت الصياد يأخذ صغارها الذي أبقاهم أحياء وذهب مسرعاً فلحقت به وهاجمته لكن هو أطلق عليها النار فلم يصبها وهربت وهو هرب مسرعاً في سيارته. وأصبحت تبكي بولا بكاءً شديداً على صغارها وتريد أن تعيدهم إليها ثانيةً رغم إنها لا تعلم إن كانوا أحياء أم ماتوا. وراحت تفكر هي وبوبي كيف يجعلوا ذلك الصياد أن يعيش نفس الشعور الذي عاشاه هم من حزن شديد، وبقيا يفكران طويلاً، إلى أن راود بولا فكره أن تبقى مقتربه من منطقة الصياد الصغيرة القريبه من الغابه الذي يقطن بها وأخبرت بوبي في ذلك الخطة لكن بوبي لم يوافقها على ذلك، وقال لها: أنا حزين جداً بوله على صغارنا لكن سوف يكون عندنا غيرهم ولم نتركهم ولا برهه بعدين عنهم ولكن بولا أصرت على الخطة، وقالت لبوبي: إنها سوف تستمر في هذة الخطة وتقترب من منطقة الصياد لتفعل أي شئ تحزنه به كما فعل بها. وفي أحد الأيام قد رأت بولا الصياد الذي لم يغب شكله عن ذهنها بالقرب من منزله وراحت تهجم عليه ولكنه هرب وأغلق الباب سريعاً وذهب إلى عند صغارها ليخبئهم خوفاً من أن تراهم، وبقيت بولا على هذا الحال في مراقبة المنزل رغم أن الصياد كان يطلق عليها النار فتختفي سريعاً وتعود تظهر من جديد لتراقبه من خلال شرفات المنزل لترى أي شئ له تأخذه و تحزنه عليه، حتى إنها في مرة من المرات رأت صغارها في داخل غرفه صغيره ففوجئت بهم أنهم ما زالوا أحياء فغمرت فرحاً ولمحها صغارها وفتحت مناقيدهم تغرد الفرح لرؤيتها، فحاولت الدخول اليهم فلم تقدر لكن أعطت لهم علامة في صوتها إنها قد تأتي وتأخذهم، وذهبت لتروي فرحتها إلى عند بوبي وأخبرته أن صغارنا ما زالوا أحياء ففرح بوبي كثيراً وقال لها: كيف لنا إحضارهم، فقالت: إنني لم يصيبني اليأس فسوف أستمر في مراقبة منزل الصياد ليعودوا لنا سالو وسامو. فكانت بوله تغيب فترة طويله حتى تشعر الصياد في الأمان ويخرج صغارها من مكانهم الذي لم تقدر الوصول اليهم لصعوبه المكان. ففي إحدى مرات مجيئها لمراقبة المنزل في وقت الصباح الباكر رأت زوجة الصياد روز واضعه طفلها الصغير جان في عربته الصغيرة أمام حديقة المنزل وهي تنشر الغسيل، وجان صغير جداً لم يقدر على المشي والهروب ممن يقترب منه ليؤذيه مثل صغار بولا تماماً فقد هجمت عليه وأمسكت به بين قدميها وحلقت به فلم تقدر أمه أن تخلصه منها وبدأت تصرخ وتبكي، فخرج زوجها على صوت صرخها وقال لها: ماذا حدث؟ قالت له: قد خطف طفلنا جان من قبل طير كبير. فهي لم تعرف من يكون هذا الطير ولماذا خطف إبنها جان، ولكن الصياد قد علم في داخله من يكون هذا الطير ولم يخبرها شئ عنه. فبقيت بولا تحلق فوق المنطقة ولم تؤذي جان فقط أرادت أن تخيف الصياد وتحزنه كما فعل بها ويعيد لها صغارها. فذهب الصياد مسرعاً وأحضر صغارها ووضع بهم في منطقة حتى تراهم بولا وتترك طفله، ورأته من بعيد يضع لها صغارها واقتربت منه وهي تبتسم وتقول له: قد أحسست الآن في ألمي وحزني، أما هو راح يصرخ عليها: دعي ابني وخذي صغارك، وعادت تقول له: سوف أعطيه لك ولكن أنتظر قليلاً لكي أتأكد أنه لم يكن معك سلاح تطلقه علينا بعد أن تأخذ طفلك وأيضاً ليأتي بوبي ويأخذ هو الصغار وأنا أضع لك طفلك على الأرض خوفاً من غدرك أيها الصياد، فصرخ الصياد يقول لها: انظري لم يكن معي أي شئ أرجوكي دعي طفلي، أما بولا فقالت له: إنتظر سوف أعود ، وتركته وذهبت إلى عند بوبي وقالت له: هيا إنهض وأتي معي لتأخذ أنت سالو وسامو وأنا أضع هذا الطفل إلى الصياد، وفي نظرة إستعجاب قال لها بوبي: من أين أتيت به لهذا الطفل، فأخبرته بولا قائله: من أمام منزل الصياد كان موجود في الحديقة مع أمه فأخذته من هناك من أجل أن يعيد لنا الصغار وأشعره نفس الشعور الذي حدث لنا من ألم على صغارنا ، فذهبا معاً مسرعان إلى عند الصياد فلقياه في نفس المكان ولكن هم لم يثقا به، فقال بوبي إلى بولا: إنتظري قليلاً حتى أكشف المنطقة خوفاً من أن يكون الصياد قد عمل لنا فخ ما، فبدأ بوبي يستكشف المنطقة الا وهي مليئه في الناس والشرطه من أجل البحث عن الطفل جان، فعاد بوبي يصرخ على بولا ويقول لها: لا تقتربي من الصياد فهناك من فخ لنا، ولكن بولا بكل شجاعة ومن خوفها على صغارها إقتربت منه وقالت له: ماذا تريد أن تقتلنا نحن وصغارنا، فلم أترك لك طفلك، ولكن الصياد لم يعلم بهذا الأمر بل زوجته فعلت ذلك وأخبرت الناس والشرطه للبحث عن صغيرها، فقال لها الصياد: أنا لم أعلم في ذلك زوجتي هي من فعلت ذلك. فلم تصدقه بولا وقالت لبوبي: هيا نذهب، وتفقا الأثنين أن يخبرا اسراب النسور عما حدث ويجتمعوا من أجل محاربة تلك الناس التي تجمعت حول الصياد. فعندما رأى الصياد بولا ذهبت ومعها جان بدأ يصرخ عليهم لما أتيتم لي فكنت على وشك أن أجد إبني جان، وصرخ أيضاً على زوجته التي أخبرتهم وأصبح يبكي هو وزوجته ويخبرها عن سبب خطف جان من قبل النسر ه بولا والناس ينظرون عليهم في حزن وحيرة ماذا سوف يفعلون لهم، وفي لحظه الحزن الا و أسراب النسور قد جاءت وبدأت تهاجم الناس والشرطه أيضاً على بغته ولم يعلموا شئ ماذا تفعل هذه الطيور، فخافوا الناس وفرا هرباً والشرطه أصبحت تقاوم وتطلق النار على الأسراب وهي هاربة منها والصياد وزوجته أيضاً تركا صغار النسره وهربا، وبعد أن وجد النسور إنه لم يعد يوجد أحد ذهبت بولا عند صغارها واحضنتهم بين أجنحتها وجاء بوبي وأخذهم وحلق بهم إلى مكانهم الأصلي في الغابه، وأعادت بولا الطفل جان ووضعته في نفس المكان الذي إخذته منه من أمام حديقة المنزل وذهبت مسرعه إلى عند صغارها وهكذا فرحت هي وبوبي وعادا سعيدين مع صغارهم يحلقان في وسط السماء الفسيح. وعمت الفرحة أيضاً قلب الصياد وزوجته من بعد ما فقدى الأمل من عودة طفلهما جان لكن ظنهم خاب وطفلهم عاد من جديد إليهم عند سماع صوته يبكي في الحديقة فخرجا الأثنين مسرعان إلى الحديقة فوجداه فغمرتهم الفرحة العارمة فنهال الاثنين عليه في العناق الشديد والتقبيل،وبعد المعانقه ذهب الصياد إلى البارود ورمى به بعيداً وقطع وعداً على نفسه لم يعد إلى الصيد مرة اخرى.