الماسونية، نشأتها وأهدافها - قسم 7 من 10
إن مستجدات سياسية عالمية وإقليمية دفعت بموضوع الماسونية الى الواجهة، من ذلك سقوط الاتحاد السوفياتي السابق، والسعي الأمريكي للإمساك بقرار الشعوب ومصائرها تحت غطاء النظام العالمي الجديد أو العولمة، وفي المنطقة العربية كان المستجد الأبرز اتفاقات أو علاقات أو مفاوضات مع العدو الإسرائيلي بهدف ما زُعم أنه مساع للتطبيع، هذه المعطيات أبرزت الى العلن، ولأول مرة، في الأمة العربية وفي لبنان خاصة، بعض الماسون في محاولة لإظهار الماسونية بثوب الحملان بعد أن كان المنتمون اليها بتخفون ولا يجاهرون بعضويتهم، وذلك بسبب الموقف العام الإسلامي والمسيحي والعربي، الذي سبق ذكره، وكله يدين الماسونية ويحظرها، ويبيِّن كيف أنها موظفة في خدمة الأطماع الإسرائيلية.
إن هذا الظهور شبه العلني أخذ اتجاهين: اتجاه مجادلات حادة على شاشات التلفزة، واتجاهاً آخر كتبوه بأنفسهم فزاد أمرهم افتضاحاً.
ولأن مؤلف هذا الكتاب كان طرفاً في هذه المجادلات، مدافعاً عن الدين والأمة في مواجهة مخاطر الماسونية. والشاشات التي كانت فيها برامج حول الماسونية، أو قل مواجهات بيننا وبين الماسون هي: L.B.C. – M. T.V. – المنار – الجزيرة – Telelumiere؛ ومن تابع من الغيورين على الدين والوطن لا بد أنه يذكر كيف كانت المواجهات متوترة وهذا أمر طبيعي، لأن الإنسان منا عندما يجابه من ينحازون الى صف العدو، على حساب حقوق الأمة وكرامتها ودينها، لا يستطيع واحدنا، في مثل هذا الجو، إلا أن يكون غاضباً من مثل هؤلاء. ويذكر القائمون على إدارة تلفزيون المنار أننا عندما حضرنا المناظرة في شهر تشرين الثاني / نوفمبر 1999م، ودخلت ووجدت بعض الماسون مع مدير المحطة لم أصافح أحداً منهم وجلست، فبادر أحد الماسون قائلاً: لماذا لا تسلّم علينا يا دكتور سحمراني، فقط وبشكل حاسم: إنني لا أصافح صهاينة أو يخدمون الصهاينة، فأنا جندي في صف المقاومة من أجل أمتي.
ولكي يكون القارئ الكريم في جو ما خلّفته مواجهتنا لهذه الحركة الهدامة وأتباعها – وكان ذلك بتوفيق الله تعالى – أترك لأقلامهم تحدثه عن ذلك.
ففي نهار الثلاثاء 11/8/1998م ظهر ماسوني في الصفحة 9 من جريدة "الديار" البيروتية اليومية، هو، كما حدد شخصيته: القطب الأعظم للشرق الوطني اللبناني الإفريقي الأكبر عبداللطيف سنو؛ وقد قال: "وعلى الرغم من ممانعتي واعتراضي لأي ظهور إعلامي للبنائين الأحرار، إلا أن السيف كان قد سبق العزل، فكانت المقابلات التلفزيونية المخيبة لآمال البنائين وحتى لآمال المناظرين منهم أنفسهم. وبصراحة كلية أقول: إن من حق جريدة "الديار" الغرّاء، بل من واجبها أن تكتب عن الموضوع الذي تريد وفق قناعتها وحريتها، ولكن ليس من حق أحد من البنائي الأحرار أن يقبل بالظهور في أي وسيلة إعلامية لأسباب لا يجهلها حتى المبتدئ، ولكن ما كتب كان قد كتب".
كلام المدعو عبد اللطيف سنو لا أظنه يحتاج لتعليق، ونحمدالله أن وفقنا لننزل بهم هذه الصفعة، ولكنني أتوقف عند عبارته الأخيرة التي يصرح فيها بأنه ليس من حق أي ماسوني أن يظهر من خلال وسيلة إعلامية، وهذه إدانة لهذه الماسونية، لأن الإنسان يستتر بما يمارسه ولا يجهر به عندما يكون تآمرياً أو رذيلة أو أو معادياً للمجتمع، ولو كان غير ذلك لما استحى بإعلانه.
ونترك لتصريح آخر للماسون يخبرنا بما عانوه بعد مجابهتنا لهم، والتصريح الآخر هو مقالة في مجلة "صوت النخبة" التي تصدر في بيروت وتوزع توزيعاً محدوداً، وهي تنطق باسم الماسون مديرها العام نقولا الهريري ماسوني قديم.
لقد جاء بتوقيع "صوت النخبة" في الصفحة الرابعة من عدد شهر نيسان / أبريل 2000 العدد 145، يقول المقال تحت عنوان "يا ماسون لبنان اتحدوا": "بعد المآسي التي عاشها ماسون لبنان، لا بسبب انشقاقاتهم، ولا بسبب نزاعاتهم على المراتب والمناصب والمكاسب، بل بسبب ما خلّفته الحلقات التلفزيونية منذ وقت ليس ببعيد عبر برامج "الشاطر يحكي" الذي بثته الـ L.B.C. على حلقتين، وبرامج "سجل موقف" الذي بثته الـ M.T.V.، وبعدها محطة "المنار" وبعدها محطة الجزيرة الفضائية، والآثار السيئة التي حصدها الماسون، كل الماسون، وفي لبنان تحديداً، من أقاويل وأراجيف أصابت كل ماسوني بالصميم، وجعلته يفكر أكثر من مرة، هل يستمر في هكذا مؤسسة لا يحسن رجالاتها، حسب ما يدّعون، الدفاع عنها، ومع تعليل الأسباب والمسببات منها ندرة الثقافة، قلة التعليم، تغلُّب التجارة على ما عداها. . .الخ".
هكذا، وبحمد الله تعالى، أوصلنا الماسون الى حالة إحباط وفقدان الثقة بالنفس لأن كلمة الحق أقوى، وهل من إدانة لهم أكثر من هذا، وأن يصرِّحوا بأنهم قليلو الثقافة والتعليم، وأن بعضهم بدأ يعيد النظر بانتمائه للماسونية بعد المقابلات التلفزيونية؟
إن حالة ضياع وتشتت تحكم هؤلاء الماسون أو البنائين، في أيامنا هذه، مع إرباك كبير، وقد لاحظ ذلك المتتبعون للحلقات التلفزيونية، خاصة حلقة "سجل موقف" على شاشة M.T.V. في شهر أيار 1998م، حيث وقع كيدهم في نحرهم، وتبارزوا أمام الشاشة وتبادلوا التهم.
ومما يظهر حالتهم هذه مقالات برزت الى العلن، من خلال مطبوعات، وكل ذلك بأقلامهم. في عدد "صوت النخبة" لشهر أيار / مايو 1994م، يقول نقولا الهريري تحت عنوان: وقفة تأمل؛ ما يلي: "وبغض النظر عن الصواب والخطأ في موقف هذا أو ذاك، نرى بهذه الدعوة الالتفاف حول رأي موحد للعشيرة، وحصر الصراع في نطاق الخلاف على الأصلح وليس لمصالح ذاتية وشخصية.
فمسكينة بنائيتنا، بنائية الألوان والأشكال والأجناس . . . مسكينة هي بعد أن سلّمت مقدرتها لحفنة من الأميين والوصوليين والانتهازيين الذين لا يهمهم سوى المكاسب الآنية الزائلة والقنزحة (1).
مسكينة هي، ومساكين من يدّعون القيادة عليها، بعد أن أشبعونا تفاخراً وزهواً بإنجازات وهمية عبر خطب وتصاريح رنّانة طنّانة .. . ووعود أقلها عرقوبية، هي أحبار على ورق".
لا أظن كلام الهريري عن الماسون يحتاج لشرح وتحليل وتعليق، حيث نسب لهم كل أنواع الرذائل، من الكذب الى الغرور الى الأنانية والانتهازية، الى غير ذلك من الأمراض الاجتماعية، وكل ذلك يفضح حقيقتهم ويظهر مدى تهافت مزاعمهم؛ إذ كيف يدّعون أنهم يبنون وهذه الأوصاف تهدم كل مبني، وكيف يدّعون المعرفة والآداب وهم، كما يصفهم، جهلة وأراذل؟
ومن خلال صفحات المجلة نفسها "صوت النخبة"، في عدد نيسان / أبريل 1994م في الصفحة (34)، نجد ماسونياً آخر وقع مقاله باسم سمير أنطون يقول: "القادة .. قادة البنائية اللبنانية، أو من بقي منهم على الأقل، في إجازة مفتوحة. منذ سنوات وهم في إجازة، يجلسون في منازلهم، يدخنون، يشربون القهوة، وينتظرون عودة الأمور الى نصابها، ليعودوا الى تصدُّر الحفلات والجلسات، والنفش والكنفشة، فيطلقون الشعارات الجوفاء، وتتصدر صورهم الصحف والمجلات.
ولا مرة، منذ الأحداث، اجتمعوا من أجل قضية مصيرية. . . لقد شغلوا أنفسهم بكل شيء . . بالشماتة . . بالترقب، بالانطواء، بالانزواء وبأمور كثيرة، والمطلوب كان وما زال واحداً، هو النظر للبعيد، الى الإخوان المشرذمين بلا قيادة جامعة، وعدم ارتباطهم مع محيطهم والعالم".
إذا كانوا لم يجتمعوا مرة لقضية مهمة، فمن البديهي أن تكون اجتماعاتهم للّغو والمفاسد والتقوقع على أنفسهم، يجترون مفاهيم جوفاء وبواسطتها ينعزلون عن الواقع، كما يصرح هذا الكاتب الماسوني، بعد كل هذا أيحق لماسوني أن يدّعي بأنهم يفعلون ويقدمون؟
أما موضوع الانشغال بالألقاب الجوفاء التي يستخدمونها لإرضاء مرض الغرور أو الشعور بالدونية والنقص، فقد تحدث عنه أحدهم، عبداللطيف سنو، لجريدة "الديار" في عدد نهار الأربعاء 29 تموز / يوليو 1998م، حيث جاء: "يعلِّق القطب الأعظم، وحسب الكلام الذي أورده الهريري يكون هذا الشخص قد اعتمد الكنفشة والقنزحة في وقت يعيبها على سواه.
والماسونية، بكثير من أسرارها، باتت على عربات كالخضار إبان الحرب الأهلةي في لبنان، وإذا كان بعض الماسون قد أنكر ذلك أثناء المقابلة التلفزيونية، رغم أن المتوافر من الوثائق بين أيدي الباحثين يؤكد ذلك، فإن سنو – السابق الذكر – يؤكد هذا الأمر فيقول في أجوبته لجريدة "الديار" ما يلي: "مع الأسف أن الحرب اللبنانية دمرت جميع محافلنا في المنطقة الغربية، كما كانت تسمى آنذاك، في بيروت، وكنت أرى بأمالعين مع الأسف بعض الأوسمة والمسروقات والمطبوعات للشرق على عربات المتجولين".
أما عن التخبط والتعمية والتضليل فحدِّث عن الماسونية ولا حرج، خاصة في موقفهم من الدين. فبعضهم يقول إنه مؤمن متدين، هذا ما قالوه حين واجهناهم من خلال الحلقات التلفزيونية، وقلنا لهم بأنكم تأخذون من اليهودية، وبعدها تعتمدون مفاهيم بعيدة عن الدين الحق، ولذلك حكم المسلمون كما المسيحيون، بمروقكم من الدين.
ها هو أنطوان صعب، من المحفل الأكبر اللبناني، يقول في كلمة له، نشرتها جريدة "الديار" نهار الإثنين في 10/8/1998م، عن الماسونية، بأنها: "أمة تدين بكتاب واحد وتصلي صلاة واحدة وتنطق بلغة الإخاء الكوني". وأنطوان صعب، الذي قال في برنامج "سجل موقف"، من خلال شاشة تلفزيون M.T.V.، بأن الماسونية لا تتدخل في الإيمان الديني لأتباعها، وأنه ماروني يمارس شعائره الدينية، وكذلك يفعل المسلم من بدعتهم، لم يقل لنا في تصريحه، الآنف الذكر، ما هو الكتاب الواحد الذي يعتمده الماسون، وما هي الصلاة الواحدة، وهل هذا الكتاب سوى التوراة أو العهد القديم، وهل طقوسهم سوى اليهودية؟ ولكن الأمر غير ذلك، ولذا أخفوا الحقيقة.
وأنه لمفيد، لمزيد من فضح الماسون، أن نبين من نصوصهم مقدار ما يمارسون من تضليل وتمويه، خاصة في موضوع الالتزام الديني، وما ذلك إلا ليهودية ما يلتزمونه، ولو كان موقفهم سليماً لما خجلوا من إعلانه.
في عدد لمجلة اسمها: "العشيرة الحرة"، رقمة (36)، صادر في شهر شباط / فبراير من العام 1971م، يقولون في الصفحة الثالثة: "الماسونية تعلِّم الإنسان أن يتمرن على إحسان وفعل الخير . . . ويعمل بموجب مبادئ الدين ويحترم سننه وشرائعه".
وفي الصفحة نفسها يقولون، في موقع آخر، ما يلي: "الماسونية لا تتقيد بدين، ولا تتحيز لأحد. . . فكل ماسوني، يعتبر الكتب المقدسة وخلود النفس أساساً لعقيدته، وهو حر، لا يتقيد غلا بضميره ومبدئه، الذي هو في الواقع دينه وعقيدته".
ثلاثة مواقف في صفحة واحدة، أولها: أن الماسوني يعمل بموجب مبادئ الدين ويحترم شرائعه، وثانيها: أن الماسونية لا تتقيد بدين، وثالثها: أن ضمير الماسوني ومبادئه الماسونية هي دينه وعقيدته. ومثل هذا التردد في المواقف ليس سوى تعبير عن انحراف الماسون والتزامهم بما لا يجرؤون على التصريح به، وإلا لم يكن ثمة داعٍ لمثل هذا.
ولأنهم اعتمدوا في محافلهم تصميمها كأوصاف الهيكل المزعوم في العهد القديم، واعتمدوا فيها الكتابات العبرية والرموز اليهودية، وما أعلنوه كان غير صريح، كما تبين من العرض السابق، فإن ماسونيتهم ليست سوى مؤسسة رديفة لليهودية – الصهيونية التي تهدف الى تحقيق الأطماع الإسرائيلية بالقدس من خلال الهيكل المزعوم، والى نشر الأدبيات العبرية؛ وما يدعم وجهة النظر هذه وثيقة بخط اليد من محفل ماسوني تحدد كلمات السر المعتمدة من أجل دخول الأعضاء، وكلها أسماء يهودية – عبرية، ولأن من استخدموها من أعضاء المحافل هم مسلمون ومسيحيون، وما استخدامها إلا لأن ماسونيتهم يهودية المذهب صهيونية الهوى، وسنضع صورة لهذه الوثيقة في متن النص هنا لتنطق هي نفسها بانتماء الماسون الحقيقي.
وللتحديد فإن هذه الوثيقة كانت في منزل ماسوني من المحفل الأكبر الوطني المصري، مع وثائق أخرى، منها شهادات، ولن أورد الاسم حرصاً على عائلة الشخص لأنه قد توفي منذ مدة.
• الأستاذ السري:
– كلمة المرور: زيكزاك
– كلمة السر: آدوناي
– العمر : 3×21
• الأستاذ الكامل:
– كلمة المرور: سنط
– كلمة السر: يهوفاه
– العمر: 8 واحدة في ابتداء العمل وسبعة في ختامه
• كاتب السر الأمين:
– كلمة المرور: جوهاين 1، زومالب 2
– كلمة السر: يهوة
• القاضي والحاكم والأستاذ الإيرلندي:
– كلمة المرور: عليتو
– كلمة السر: جاكنباي، حزقيل يهوفاه، حيرام شوكيس
– العمر: مهندسون بنائون
– القرعات: [الكلمة العظمى]
• مدير المباني:
– كلمة المرور: جاكنباي
– كلمة السر: يهوذا
• الأستاذ المنتخب من تسعة:
– كلمة المرور: استوكلين
– كلمة السر: جويرت
• الأستاذ المنتخب من خمسة عشر:
– كلمة المرور: الميكام
– كلمة السر: زريال
– العمر: [جوابها] فيليلاه
• الفارس المنتخب والسامي رئيس الاثني عشر قبيلة:
– كلمة المرور: ستويكس
– كلمة السر: أدوناي
• الأستاذ البناء الأعظم:
– كلمة المرور: بري بناين
– كلمة السر: أدوناي
• أسكوتلندي
– كلمة المرور: جايولوم1
– العمر: شبولت
– القرعات: كلمة المرور الأولى
• الشعبة المقدسة:
– كلمة المرور: حاكوبيم 2
– كلمة السر: الكلمة المستورة
– العمر: الحنان
– القرعات: كلمة المرور الأولى
– كلمة المرور: آدوناي 3
– العمر: بيكاماكه يامكاواه
– القرعات: الكلمة العظمى
– العمر: يهوفاه
– القرعات: الكلمة المقدسة
• فارس الشرق:
– كلمة المرور: مايدر حمايك
– العمر: دافدروم
– القرعات: كلمة مقدسة
– العمر: شالال شالوم أبي
– القرعات: الكلمة العظمى
• أمير أورشليم:
– كلمة المرور: تبليت ج اسريم
– العمر: ادار ثلاى امريم
– القرعات: الكلمة المقدسة
• فارس الشرق والغرب:
– كلمة السر: جالوم
– العمر: ايادوق
– القرعات: الكلمة المقدسة
• فارس الصليب الوردي:
– كلمة المرور: أمري
– كلمة السر: باكس فويس 2
– العمر: عمانويل 1
– القرعات: العمر 33
هذه الوثيقة، التي تبين ارتباط الماسون باليهودية، لا تزال سارية المفعول لجهة توظيف طاقات الماسون في خدمة العدو الإسرائيلي المغتصب لفلسطين وأراض عربية أخرى. ومن هذا القبيل كان ما تناقلته الصحف التركية من معلومات في تقرير جاء فيه ما حرفيته:
"يرتبط اسم الماسونية في تركيا، بأحداث هامة في أواخر العهد العثماني، عندما اتُّهم قادة "الاتحاد والترقي" بالانتماء اليها والمشاركة في خلع السلطان عبد الحميد الثاني العام 1909م.
وكان اسم الماسونية ملازماً لليهودية ومن ثم "لإسرائيل" عند قيامها في العام 1948م، وهذا التلازم ما زال شائعاً ومنتشراً الى اليوم في تركيا، بل وغالباً ما تنشر الصحافة التركية أخباراً ووقائع عن ارتباط الماسونية بالحركة اليهودية العالمية وبإسرائيل.
وتعود الماسونية في تركيا، الى العام 1738م، عندما تأسس محفل باللغة الفرنسية في إسطنبول، وفي العام 1773م تأسس محفل آخر في مدينة إزمير، لكن أول جمعية ماسونية فعلية تعود الى العام 1816م، وقد أسسها حاكم مصر حليم باشا، غير أن هذه الجمعية، وبسبب خلافات السلطنة العثمانية مع خديوات مصر، أغلقت بعد قليل من تأسيسها. وفي العام 1935م كانت تعمل في تركيا 35 جمعية ماسونية، بعدما تغيّر اسمها من محفل "مشرقي أعظمي عثماني" الى "الجمعية التركية العليا" في العام 1926م؛ أي الفترة التي بدأ فيها أتاتورك استلام البلاد.
ويكشف ماسوني تركي جانباً من العلاقة بين الماسونيين والأتراك وإسرائيل، إذ يقول يوجيه قاطرجي أوغلو، العامل في وزارة الصحة التركية، وسابقاً في التلفزيون والإذاعة التركيين؛ إن الماسونيين الأتراك هم في الوقت نفسه أعضاء في محافل إسرائيل الماسونية. ويعتقد قاطرجي، الذي أتمّ عامه العشرين في الماسونية، ودرجته هي الرابعة عشرة، مستنداً الى إحدى الصور أن جاك قمحي، زعيم يهود تركيا، البالغ عددهم حوالي 26 ألفاً، والذي تعرّش في كانون الثاني / يناير 1993م الى محاولة تصفية في إسطنبول هو رئيس لمحفل نور في تل أبيب، وهو بهذه الصفة يقسم يمين الولاء لدولة إسرائيل وفي ذلك مخالفة لقانون الجمعيات التركية.
ويحظى أتاتورك بتمجيد يصل الى درجة التقديس لدى الماسونيين الأتراك، فهو بنظرهم "عظيم عظمائنا"، ويواظبون على زيارة ضريحه في أنقرة في 29 تشرين الثاني / نوفمبر (العيد الوطني التركي)، وفي العاشر من تشرين الثاني / نوفمبر، ذكرى وفاة أتاتورك.
وإذا انتقلنا غرباً الى فرنسا، حيث يمارس الماسون تأثيرهم لصالح العدو الإسرائيلي، وكان من أبرز القضايا قضية محاكمة المفكر روجيه غارودي متسترين بتهمة العداء للسامية، وقد جاءت الفضيحة من الجسم القضائي الفرنسي، الذي ضاق ذرعاً بما يجري من ضغوط ماسونية على القضاء في فرنسا، وقد نقلت صحيفة "لانوفيل أوبسرفاتور" ذلك، حيث ورد فيها في أوائل تشرين الأول / أكتوبر من العام 1999م ما يلي: لقد خرج مونغو لفييه، وهو من كبار القضاة الفرنسيين، عن صمته متهماً محفل الشرق الأكبر في الحركة الماسونية بفرنسا بالتأثير على مسار القضاء في فرنسا، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها قاض علناً عن أزمة من هذا النوع، وكان مونغو لفييه قد حكم في قضايا مثيرة للجدل في المجتمع الفرنسي، وكانت آخر القضايا التي حكم فيها قضية الفيلسوف روجيه غارودي بشأن كتابه: "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية". وقد صرح هذا القاضي بعد أن تم نقله الى محكمة نيس في جنوب فرنسا: إني متعب ومفاجأ في مواجهة شبكات منظمة، ولقد لاحظت وجود عوائق وعثرات غير مفهومة.. لقد صادفت مثل هذه الشبكة الماسونية في مسائل أخرى لكني هنا وجدت تأثيرها على القضاء.
هذه الوقائع تبين لنا مدى ما تقدمه الماسونية من خدمات للعدو الإسرائيلي، ومقدار الخدمات التي تقدمها للصهيونية، إضافة لمعاداتها للعدل وحقوق الإنسان والدين من خلال دعم علمانية أتاتورك أو عنصرية الصهيونية، ومصادرة حرية الفكر، كما حصل مع المفكر غارودي. وهل بعد هذا يستطيع الماسون القول بأنهم ليسوا في خدمة الصهيونية؟
(1) كلمة بالعامية يتداولها اللبنانيون، ويُقصد بها من كان مغروراً ومدّعياً.