

انتحار قمر صناعي
ا
نَـبَـأٌ عَجِيْبٌ ذَاعَ وَانْتَشَرَا وَبِصِدْقِ فَحْـواهُ قَدِ اشْتَهَرَا
قَالَتْ مَصَادِرُ أَهْلُهَا ثِـقَـةٌ قَـمَـرٌ صِـنَاعِيٌّ قَدِ انْتَحَرَا
قَدْ كانََ جاسُـوساً يُرَاقِـبُنُا وَيُصَـوِّرُ الأَحْـلامَ وَالْفِكَرَا
زَرَعُوا بِهِ شَـتَّـى بَدائِعِهِمْ لِيُطَالِعَ الأَسْـرارَ مُقْـتَـدِرَا
فَيَكَادُ يَرْصُدُ مِنْ بَرَاعَـتِـهِ ما فِي الضَّمائِـرِ كانَ مُسْتَتِرَا
وَيَدُورُ فِي الْغُرُفَاتِ يَفْحَصُهَا فِي كُلِّ جُـزْءٍ يُمْعِنُ النَّظَرَا
وَيُـعِـدُّ أَخْـباراً مُصَـوَّرَةً لِلشَّيْءِ مَهْمَا حَجْـمُهُ صَغُرَا
فَرَأَى عَجَائِبَ مِنْ سَـخَافَتِنَا مَلأَتْ خُطُوطَ مَدَارِهِ ضَجَرَا
لَمْ يَسْـأَلُوهُ عَنْ مُهِـمَّـتِهِ إِلاَّ انْبَرَى يَتَـقَـيَّـأُ الْكَدَرَا
وَيَشِيطُ غَيْظاً مِنْ تَفَاهَـتِـنَا حَتَّى يَكَادَ يَـخِـرُّ مُنْصَهِرَا
كَمْ غَاصَ فِي أَعْمَاقِ خَيْبَتِنَا بَحْـثاً عَنِ الْقَاعِ الَّذِي انْدَثَرَا
هَتَفَتْ بِهِ الْعَدْوَى تُحَـذِّرُهُ فَإِذَا بِهِ يَرْتَـدُّ مُـنْـذَعِـرَا
أَلْقَـى إِلَيْهِمْ بِاسْـتِقَالَـتِـهِ وَعَنِ الْمَنَاصِبِ كُلِّهَا اعْتَذَرَا
أَضْـرَتْ مَـهَازِلُنَا تَقَـزُّزَهُ حَتَّى تَجَـنَّبَ أَنْ يَرَى بَشَرَا
فَأُعِـيْدَ وَالأَسْـوَاطُ تَجْلِدُهُ لِيُنَفِّذَ الأَمْـرَ الَّذِي صَـدَرَا
لَمْ تَدْحَرِ الْبَطَرَ انْتِفَاضَـتُـهُ رَأْيُ الْعَصَا الْمَجْنُونَةِ انْتَصَرَا
لَمْ تُوقِظِ الْعَطْفَ اسْـتِغَاثَتُهُ لِلضَّعْفِ صَوتٌ ضَائِـعٌ هَدَرَا
لَمْ يَبْقَ إِلاَّ الدَّمْـعُ يَسْـكُبُهُ كَالسَّيْلِ فَوقَ رُؤُوسِنَا انْهَمَرَا
قَالَتْ مَرَاصِدُنَا تُبَـشِّـرُنَا : مَطَـرٌ يَشُـقُّ بِأَرْضِـنَا نَهَرَا
لَوْ لَمْ تَكُنْ أَحْـوَالُنَا صَلَحَتْ مَا كانَ رَبُّـكَ أَنْزَلَ الْمَطَرَا
لَمْ تُسْعِفِ الْقَمَرَ ابْتِسَـامَـتُهُ كَيْفَ السَّبِيْلُ وَقَلْبُهُ انْكَسَـرَا
ما أَبْصَرَ الْمِسْكِيْنُ سِـحْنَتَنَا حَتَّى اسْتَسَاغَ الْمَوتَ مُنْتَحِرَا
فِي كُلِّ عَيْنٍ صَحَّ ناظِـرُهَا كانَ انْتِحاراً مُفْعَماًً عِـبَـرَا
لَمْ تَنْهَضِ الدُّنْـيَا لِتُعْـلِنَـهُ إِلاَّ وَكَانُوا زَيَّـفُوا الْخَـبَرَا
فَتَوَالَـتِ الأَنْـبَاءُ قَائِلَـةً : قَـمَـرٌ صِـنَاعِيٌّ قَدِ انْفَجَرَا