الجمعة ١ نيسان (أبريل) ٢٠٠٥
بقلم إدريس ولد القابلة

تازمامارت آكل البشر ـ حلقة 1 من 2

إن ما حصل في جحيم تازمامارت، من شرور وآلام وتجاوزات وعذاب وانتهاكات جسيمة وأهوال وجرائم وفظاعات على امتداد أكثر من 6600 ليلة ونهار يتجاوز بكثير ما يمكن أن يتصوره عقل بشري.

إن جحيم تازمامارت كان يقتل المرء، ليس مرّة واحدة، ولكن عدّة مرّات، كان يقتله في كل يوم، وفي كل لحظة وحين مرّة. لأن موت تازمامارت لم يكن موتاً واحد وانتهى الأمر كما هو معروف، وإنّما موته كان موتاً مستديماً إن صح التعبير. إنه موت دام بالنسبة للناجين من الجحيم 18 سنة و19 يوماً، 6619 يوماً 158 ألف و 856 ساعة، 9 ملايين و531 ألف و360 دقيقة، في كل دقيقة موت جديد.

تازمامارت كان الفضاء الذي يتكرر فيه الموت إلى ما لا نهاية. لذلك كان تازمامارت فضاء الموت البطيء الممنهج، إنه آكل البشر بامتياز.

معركة رجل من أجل الحياة و نضال امرأة من أجل كشف الحقيقة

حديث مع السيدة عايدة زوجة صلاح حشاد [1] الناجي من جحيم تازمامارت

رغم أن التنقيب في الذكريات، ذكريات السنوات الرصاص [2] من شأنه إعادة إبراز المواجع والآلام قبلت السيدة عايدة حشاد، صاحبة صيدلية الرياض التي ساهمت بامتياز في إنقاذ الناجين من جحيم تازمامارت، إجراء لقاء معي جريدة حول مسار مجهول معلوم لأحد ضيوف تازمامارت ولعائلته التي لم تيأس يوماً وظلت ماسكة بخيط الأمل الرقيق إلى أن انكشفت الحقيقة، كل الحقيقة للعالم. إنه مسار يختزل ويعكس في ذات الآن الظروف التي عاشها المغرب على امتداد أكثر من عقدين من الزمن، وعبر هذا المسار يمكن للمرء تلمس معاناة المغاربة، فرادى وجماعات، أفراد وتنظيمات وهيئات، وتكوين فكرة عامة عن سيادة الخوفقراطية ببلادنا.

لم نضع عليها أسئلة كما هي العادة بالنسبة لأي لقاء صحفي، فالموضوع كله لا يمكن تجزيئه، إنها محنة مترابطة بدأت في 1972 وظلت حتى بعد 1991، لذلك أعطينا الكلمة للسيدة عايدة حشاد.

بداية البدايات

أولاً لا مناص من التعرف على الموضوع عموماً. لما وقع الانقلاب في 16 غشت 1972 [3]، أُعتقِل رجال وقدموا للمحاكمة في نفس السنة وصدرت عليهم أحكام في نوفمبر1972. كانت محاكمة عسكرية بمقر المحكمة الابتدائية للقنيطرة [4] سابقا (مقر الاستئناف حاليا قرب العمالة)، وكان ذلك إبان شهر رمضان، وكانت الأحكام قاسية جداً، 11 إعداماً 5 أو6 السجن 20 عاماً. وكان من ضمن المحكومين شباب حوكموا بعشر أو خمس سنوات وكلهم لم يقوموا إلا بعملهم اليومي المعتاد تنفيذاً للتعليمات والأوامر الواردة من رؤسائهم، وهؤلاء لم يفهموا قط لماذا قدموا للمحاكمة ولماذا هم رهن الاعتقال ولماذا تمت إدانتهم؟ وبعد نهاية المحاكمة كانت جميع العائلات تنتظر التمكن من زيارة المعتقلين بعد تنقيلهم إلى السجن المركزي بالقنيطرة. وبعد نقض الأحكام وبعد إتمام مسلسل المسطرة القضائية في هذا الشأن نُفِذت الإعدامات يوم 13 يناير1973، وكان ذلك اليوم قد زامن وقفة عرفات بالديار المقدسة عن بعد يوم من حلول عيد الأضحى، فساد حزن رهيب وفظيع.

بعد ذلك طالبت العائلات بحقها الأكيد والمشروع في زيارة المعتقلين [5]، ورغم اللجوء إلى النيابة العامة بالمحكمة العسكرية وإلى وزارة العدل لطلب زيارة الأزواج والأبناء لم يسمح لها بذلك. وهذا أمر همّ المتورطين في انقلاب غشت 1972، لأن أصحاب ملف الصخيرات [6] لم يحرموا من زيارة دويهم.

وفي يوم 7 غشت 1973 فوجئنا باختطاف المعتقلين من السجن المركزي بالقنيطرة. فصباح اليوم الموالي للاختطاف زارني حارس عام بالسجن المركزي بالقنيطرة وأخبرني بترحيل المعتقلين على الساعة الثانية ليلا في كبد الظلام. وعندما سألته عن وجهتهم قال لي أنه لا علم لأحد للمكان الذي نقلوا إليه، وليس هناك أي معلومة أو إجراء رسمي وعلني في هذا الصدد. ولقد اكتفى بالقول أن عناصر من الدرك الملكي جاءوا إلى السجن وأخذوهم على مثن شاحنات عسكرية.

آنذاك كنا نعتقد أنه مجرد نقل من السجن المركزي إلى سجن آخر، لكنه في الواقع اختطاف تحت إشراف الدرك الملكي. وفي نفس اليوم اتصلنا بمدير السجن المركزي بالقنيطرة، فقال لنا وبكل بساطة أنّه لا علم له بأي شيء بهذا الخصوص ولا يوجد أحد بالسجن على علم بأي شيء بهذا الصدد.

وبعد أقل من شهر جاءني شخص يدعى محمد خربوش عسكري (لاجودان شاف) [7] يسأل عنّي بصيدلية الرياض التي أديرها بالقنيطرة. خرجت عنده فبادر ومدّ لي رسالة. تركته بمكانه وأسرعت إلى مكتبي... فتحت الرسالة فوجدت خط زوجي واسمه وإمضاءه، ويقول فيها أنّه معتقل بسجن قرب منطقة الريش [8] في محل أو دوار أو قرية صغيرة اسمها تازمامارت. وكانت هذه هي الرسالة الأولى بعد مدّة ساد فيها إنقطاع الأخبار عن المعتقلين ولم أكن أنا الوحيدة التي توصلت بكتاب من تازمامارت بل هناك عائلات أخرى توصلت هي كذلك برسائل من معتقلي تازمامارت، سواء المعتقلين في إطار ملف الصخيرات أو ملف الطائرة.

كانت بالنسبة لي مفاجأة عظيمة، لاسيما وأنّه عندما تم اختطافهم ظننت أن مصيرهم هو الموت المحقق. وفي ظل انقطاع الأخبار والصمت الرهيب الذي كان يحيط بالقضية كان من السهل للمرء أن يتصور حدوث أي شيء خصوصاً وأنه لم يسمح لنا قط بزيارة المعتقلين ولو مرّة واحدة.

في تلك الرسالة طلب منّي زوجي بعث مع حاملها بعض الأدوية والحاجيات وهذا ما قُمتُ به بدون كثرة تفكير في الأمر.

فكان أول اتصال عبر محمد خربوش في شتنبر 73 ثم لقاء ثانياً في غضون شهر أكتوبر ثم لقاء ثالث بعده. لكن مع الأسف الشديد انكشف أمره وعلم المسؤولون أنه تم ربط الاتصال بين بعض السجناء وعائلاتهم.

من الممكن أن يكون أحد الحراس هو الذي وشى بمحمد خربوش، فتعرضت له الشرطة العسكرية في محطة الريش بعد عودته من سوق الأربعاء [9] حيث كانت تقطن أسرته وبمجرد نزوله من الحافلة ألقي عليه القبض. لكنه في الاستنطاق ظل ينكر جملة وتفصيلا. آنذاك كانت بحوزته رسالة مع صورتين للأبناء كنت قد سلمتها إليه لمدها لزوجي صلاح حشاد، لكن مع حسن الحظ لم يعثر عليها المحققون ولو تم ذلك لكانت بمثابة الدليل القاطع. كيف ذلك؟ لم يعثر المحققون على تلك الرسالة بفضل شهامة وشجاعة حارس آخر تكلف بتفتيشه، عثر عليها بحوزته فأخفاها ولم يكشف الأمر لرؤسائه وظل محتفظاً بها لمدة خمس سنوات. لكن رغم الإنكار أعتقل محمد خربوش وأحتجز بتازمامارت بجوار المعتقلين لمدّة 6 أشهر وفي نفس الظروف والوضع. وبعد ذلك أطلق سراحه وأحيل على التقاعد قبل الأوان.

انقطع الخيط الرابط بيني وبين زوجي، لكن عرفت مكان وجوده. آنذاك اتصلت بالوزير الأول [10] والمحكمة العسكرية لكن بدون جدوى ولم أكن أستطيع التصريح أو الإعلان عن مكان تواجد زوجي وعلمي بتازمامارت تفادياً لما قد لا تحمد عقباه.

الاستمرار في المغامرة رغم المخاطر

انقطع الاتصال لمدّة خمس سنوات ولم يظهر ملاك تازمامارت [11] ثانية إلا في سنة 1978. خلال هذه المدة عانت الأسر الكثير، لاسيما وأن أخباراً بدأت تروج مفادها أنّه تم تصفية المعتقلين... ومرّات عديدة جاءني أشخاص لا أعرفهم... واحد قال لي أن صلاح حشاد قد فقد بصره... والثاني صرح أنه سمع أن زوجي قد توفى... وثالث قال أنه انتحر... آنذاك لم أستطع أن أجزم في شأن هؤلاء الزوار الغرباء؟ لم أكن أعرف هل فِعلاً سمعوا ذلك أم أن هناك يد خفية دفعت بهم إليّ لاستفزازي، ولحد الآن مازالت علامات استفهام كبيرة حول هؤلاء الزوار الغرباء. وكلما كنت أسأل أحدهم عن مصدر الخبر يختفي ولم أعد أراه ثانية. وبقينا على هذا الحال إلى حدود 1978 حيث ولج شخص الصيدلية وسأل عنّي. كنتُ أعتقد أنّه راغب في استشارة حول دواء أو علاج، توجهت نحوه وقال لي: مساء الخير، ثم رددت عليه بالمثل، مدّ لي يده ففعلت مثله معتقدة أنه يريد السلام، لكنه وضع بيدي شيئاً... تمالكت أنفاسي وحرصت على البقاء طبيعية دون انفعال لعدم إثارة الانتباه. خصوصاً وأنني كنت مراقبة من طرف الأجهزة أين ما حللت وارتحلت، وعيون الأجهزة السرية منتشرة في كل مكان الشيء الذي أدى إلى اعتماد الشك في كل شيء وبالتالي اتخاذ جميع الإحتياطات الممكنة.

وبمجرد انفصال يدي عن يده انسحبت بكل هدوء نحو مكتبي... فتحت الرسالة وقرأتها بسرعة فائقة.... ثم خرجت، ولكي لا أثير شكوك المستخدمين افتعلت على التو سيناريو فقلت له: إذن أنت ذلك الرجل الذي يملك أرضاً ببني ملال [12] قرب ضيعتنا... وكان ذكياً حيث فهم قصدي وأجابني تواً وبدون تردد مؤكداً أقوالي وتبعني في الخط، وللمزيد من الوضوح قلت له: هل مازلت راغباً في كراء أرضنا، فأجابني وبثبات: نعم، فأنا مازلت على كلمتي. فعقبت عليه: في الحقيقة هذا الأمر يهم والدتي هي صاحبة الشأن وسأرافقك إليها لحسم الأمر معها.

وهكذا حُبِكت المسرحية لكي لا يعلم مستخدمو وزوار الصيدلية ومختلف العيون المتسترة التي تراقبها بحقيقة الأمر ولإبعاد أي شك محتمل.

توجهنا إلى الدار، ففسر لي الأمر بكل وضوح وشرح لي سبب زيارته تم أعطاني الرسالة الأولى التي ضبطها، بحوزة محمد خربوش عندما قام بتفتيشه منذ خمس سنوات خلت. وهذا كان دليلا قاطعاً إضافياً على مجيئه فِعلا من تازمامارت. وقال لي: لقد فضلت الإتيان بهذه الرسالة لتتيقني.

لكن علاوة على هذا كنت أعرف جيداً خط زوجي صلاح وتوقيعه وأسلوبه في الكتابة. وبعد اضطلاعي من جديد وبترو على فحوى الرسالة تبيّن لي أن معتقلي تازمامارت في حاجة للكثير من الأشياء: دواء، ملابس، مواد غذائية، مقويات... ولم يكن في أمكاني آنذاك الرجوع إلى الصيدلية لأخذ الأدوية والمقويات المطلوبة أمام المستخدمين، وكانت الساعة تشير إلى الرابعة زوالاً.

تركت الضيف بالمنزل ورجعت إلى الصيدلية ومكثت بالمكتب إلى حين وصول موعد الإغلاق. وفِعلا تظاهرت المغادرة مثل كل المستخدمين، لكن في الثامنة مساءاً عدت إلى الصيدلية وجمعت المطلوب وعدت إلى المنزل ثم هيّأت الحاجيات الأخرى وفي الخامسة صباحاً غادر الضيف المكان مخافة أن تأتي الخادمة وتجده هناك.

وبقيت على هذا الحال محافظة بكل ما أوتيت من قوة على ذلك الخيط العنكبوتي الرفيع الذي يربطني عند بعد وفي سرية تامة بعالم جحيم تازمامارت إلى حدود 1980.

ضرورة إحداث شبكة للعائلات

نسيت أن أضيف أن صلاح أخبرني في رسالته عن رفاقه الذين مازالوا على قيد الحياة والذين لقوا حتفهم. وفي المرّة الثانية توصلت برسائل موجهة لعائلات أخرى. وهكذا كان لزاماً عليّ ضبط العملية بدقة مع اتخاذ المزيد من الاحتياطات. وفي البداية لم أخبر كل العائلات وإنما حاولت إشراك بعضها في سرية تامة لأنني كنت أخشى انكشاف الأمر وانقطاع الخيط من جديد. وهذا ما دفعني إلى عدم إخبار حتى بعض أفراد عائلتي، ليس شكاً فيهم، وإنما خوفاً من تسرب أي معلومة لاسيما وأن المراقبة كانت في أوجها والشك هو سيد الموقف.

اذن في البداية أقتصر الأمر على بعض العائلات فقط. وبدأنا في تنظيم العلاقات وتوزيع المهام فيما بيننا في سرية تامة. وهكذا تكلفت السيدة حليمة الوافي، زوجة الوافي المحكوم بعشر سنوات، بالاتصال بعائلات الدار البيضاء. وفي البداية كان الاتصال بالعائلات صعباً جداً اعتباراً للقمع وسيادة الخوف وعدم الثقة.

آنذاك كنتُ أقول أنه لا خيار لي وعليّ أن أغامر، لكن عندما توصلت العائلات برسائل من دويهم بدأ يتأسس جوّ من الثقة، علماً أن بعض العائلات كان قد أخذ منها اليأس مأخذه ولم تعد تقوى على الاستمرار في الأمل. إذن تكلفت حليمة الوافي بالاتصال بعائلات صدقي والزموري بالدار البيضاء، واضطلعت زوجة الرايس [13] بالعائلات بسيدي بطاش والرباط وعائلة بلكبير تكلّفت بالاتصال بعائلة الصفريوي بفاس، كما تم الاتصال بعائلة الماغوتي بباب سبتة.

لكن هناك كذلك مهمة أخرى وهي المرتبطة بالبحث عن تحريك الملف لدى السلطات المعنية.

الاتصال بالمسؤولين... الإحباط تلو الإحباط

آنذاك شرعنا في البحث عن الشخصيات التي في إمكانها التدخل في الموضوع قصد تحريك الملف. علماً أن كل الذين سبق وأن تم الاتصال بهم رفضوا بجميع الوسائل حتى الاستماع إلينا رغم أننا لم نكن نطلب منهم إلا الوقوف بجانبنا من الناحية الإنسانية، أي مساعدتنا على معرفة مكان وجود المعتقلين وتمكين دويهم من زيارتهم و صلة الرحم معهم بعد فراق طويل.

وفي سنة 1981 تم الاتصال بجميع الفرق البرلمانية ورؤسائها (حزب الاستقلال، الإتحاد الاشتراكي، اللامنتمون...) وبرئيس البرلمان وبالوزير الأول، ولم يرض أي واحد من هؤلاء حتى مساءلتنا حول الموضوع وماذا نطلب؟ كما أنه لم تجبنا أي جهة عن كتاباتنا في الموضوع، والله يعلم كم هي كثيرة رسائل الاستعطاف التي وجهناها لمختلف الجهات الرسمية والحكومية، المدنية والعسكرية، والمنظمات والهيئات والشخصيات الوطنية ذات وزن، لكن لم نتوصل بأي جواب. وفي آخر المطاف التجأت إلى الدكتور الخطابي [14] وقلت له أن الأمر ضاق بي ولم أعد أعرف إلى من يجب التوجه.

في نفس الفترة زارني بعض الحقوقيين بحذر كبير، كما اتصلت بالسيد أومليل [15]. وبعد ذلك اتصل بي مبعوث من منظمة العفو الدولية، ومازلت أتذكر، سلمته الرسالة المهربة من جحيم تازمامارت التي تصف أوضاع وظروف المعتقلين، وهي ذات الرسالة التي نشرها المؤلف حيل بيرو في كتابه "صديقنا الملك".

وقد صادفت مشقة كبيرة في محاولة إقناع مبعوث أمنستي لتبني الملف إذ قال لي أن المنظمة تدافع بالأساس على معتقلي الرأي ويصعب عليها الدفاع على من استعملوا السلاح والقوّة للاستيلاء على السلطة وذلك باعتبار أن نظامها الداخلي لا يسمح بذلك. لكن في الأخير أقتنع بالجانب الإنساني المأسوي للقضية ووعدني بالنظر في الملف.

بعد ذلك التجأنا إلى الأحزاب السياسية. في الأول اتصلنا بحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية [16] رفقة السيد عبد الرحمان الصياد والسيد سعيد غلو لطرح المشكل على قيادة الحزب. لكن مع الأسف الشديد رفض مولاي المهدي العلوي [17] استقبالي، وأفهموني أن عبد الرحيم بوعبيد [18] لا يمكن مقابلتي آنذاك وكان لابد من تنظيم موعد في سرية تامة حتى لا يعرف أحد شيئاً عن هذا اللقاء. وكان رد فعلي هو رفض مثل هذه الشروط، لأنني كنت أظن أنني جئت لأقابل رئيس حزب له وزنه وفي العلنية وليس في السر. وكان على هؤلاء، على الأقل من الناحية الإنسانية والأخلاقية استقبالي لمعرفة ماذا أريد أن أقول لهم، وهذا أضعف الإيمان.

أما بخصوص حزب الاستقلال، فقد اتصلنا بالسيد الدويري، وبقينا ساعتين ننتظر أمام باب مكتبه وفي آخر المطاف رفض استقبالنا. ثم التجأنا إلى السيد أحمد عصمان لكن بدون جدوى كذلك. فلم يستطع أي مسؤول عن حزب بالمغرب آنذاك، سواء يميني أو يساري، أن يستمع إلينا أو يسألنا عما نريد.

النجاة تستوجب زوجة أمريكية

بعد ذلك أخبرني زوجي صلاح بأن أحد المعتقلين، مبارك الطويل، زوج نانسي الأمريكية استطاع ربط الاتصال مع زوجته بطريقة رسمية وعلنية وتحت إشراف القائمين على الأمور وبموافقتهم ومباركتهم، وهكذا بدأ يتوصل بالرسائل والطرود. كما تم عزله عن رفاقه في المحنة لتمتيعه بنظام خاص متميز على جميع المستويات: فسحة طول النهار، إستنشاق الهواء النقي، أكل جيد، رعاية طبية، نظافة، فراش، معاملة حسنة...
ولما توصلت بهذه الأخبار ملكتني ثورة عارمة، لأنه ليس لأن زوجة الطويل أمريكية يتم تمييزه عن باقي المعتقلين. وكانت هذه الأخبار بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس وفجرت البركان داخلي. لذلك جمعت كل قواي ولملمت كل أطراف إرادتي وحشدت كل شجاعتي وعزمت الاتصال بجميع المسؤولين والقائمين على الأمور القريبين من رئيس الدولة (الملك الحسن الثاني رحمه الله) مهما كلفني ذلك.

وهكذا بدأت بالجنرال مولاي حفيظ [19]، وحاولت الاتصال به مرتين، ثم السيد كديرة [20] الذي كنت أعتقد عليه آمال كبيرة لمكانته لدى الملك. وفعلا كان طيباً في تعامله معي، وكان يأمرني دوماً بالصبر في انتظار الوقت المناسب لإثارة الملف مع الملك. كما اتصلت بالجنرال حسني بنسليمان [21]، وكان أول لقاء معه في سنة 1974، وفي المرّة الثانية رفض استقبالي بدعوى عدم توفر الوقت لديه أو أنه مسافر إلى أمريكا.

وعندما رجعت إلى القنيطرة ذلك اليوم علمت أن الدرك يبحثون عني. قال لي أحدهم: هل ذهبت عند الجنرال؟ قلت: نعم، وسلمت لهم الرسالة التي كنت قد أعددتها لتسليمها للجنرال وذلك لإبلاغها إليه كما أكدت لهم أن أبنائي قد كبروا الآن ومن حقهم معرفة مصير والدهم وهذا حق طبيعي. وأضفت أن عليهم إبلاغ الجنرال أنه ليس هو الوحيد الذي اتصلت به وإنما اتصلت بجميع المسؤولين القريبين من الملك، وذلك حتى يكون على بيّنة. كما سطرت بوضوح على التمييز في التعامل بين معتقلي تازمامارت باعتبار أنه من العار من الناحية الإنسانية على الأقل أن يتم تجويع أناس وتوفير الأكل الصالح لأحدهم. بهذه اللغة حدثت الدركيين الذين أتوا للاستفسار عن سبب الرغبة في مقابلة الجنرال وهي ذات اللغة التي حدثت الدركيين الذين أتوا للاستفسار عن سبب مقابلة الجنرال وهي ذات اللغة التي حدثت بها مستشار الملك والمسؤولين الذين تمكنت من مقابلتهم لأن بالنسبة لي كان السيل قد وصل الزبى. كما اتصلت بالجنرال القادري [22]، وكان موقفه واضحاً بدون لف ولا دوران، إذ عبّر عن عدم إمكانه بتاتا الحديث في مشكل العسكريين. كما اتصلت بالكولونيل القائم على المكتب الثاني [23] وبغيره، لكن الكل رفض، لا سياسيين ولا عسكريين ولا مسؤولين كبار ولا زعماء الأحزاب سواء اليمينية منها أو اليسارية ولا مؤسسة البرلمان...

اللقاء مع الملك

ومادام الكل تهرب وحاول التنصل فكرت في اللجوء إلى الملك مباشرة. لذلك قمت بمحاولة رفقة ابنتي هدى... ذهبنا إلى الكلف الملكي، وفعلاً تمكنت هدى من الاقتراب من جلالته وقالت له أنا ابنة صلاح حشاد المعتقل في حادثة الطائرة... وبعد ذلك أخذوها إلى القصر الملكي، التحقت بها وجاء عندي رجال الأمن لأخذ مختلف المعلومات، إضافة إلى الهوية طلبوا مني معلومات مستفيضة عن حياتي بكاملها وعن أصلي وفصلي والناس الذين أعرفهم ومن يتصل بي وهلم جرا... خرجت هدى من القصر الملكي رفقة الكاتب الخاص الذي أخبرني أن جلالة الملك سينظر في القضية وما عليّ إلا الرجوع إلى حال سبيلي، وقد حدث هذا في غضون سنة 1986.

وبعد هذا اللقاء أضحت عائلتي كلها مراقبة عن قرب، صغيرها وكبير ها، مراقبة لصيقة أين ما حلت وارتحلت وفي كل لحظة وحين.

بعض انتظار طويل كان لزاماً التوجه إلى الخارج

وبعد انتظار طويل بدون جدوى اضطررت مع بعض العائلات وبعض المتعاطفين مع قضيتنا الإنسانية لطرح الملف بالخارج، لاسيما وأن نانسي، زوجة مبارك الطويل، تحركت كثيراً وأثارت ضجة في مجلس الشيوخ بأمريكا، كما بدأت عدّة فعاليات تتحرك، السيدة متيران، السيدة السرفاتي، الكاتب جيل بيرو، جمعية ASDHOM وغيرها. وهكذا تم إحداث شبكة بباريس حاولت الضغط على الصعيد الدولي (الأمم المتحدة، لجنة حقوق الإنسان، الهيئات والمنظمات الدولية...)، وبهذه الطريقة انكشف بجلاء أمر تازمامارت.

وطبعاً لا يمكن نكران مساندة ودعم جملة من الأشخاص من داخل المغرب، من الصعب عليّ ذكر أسماءهم كلهم الآن، لكن أكتفي بالإشارة لبعضهم. فمن القنيطرة هناك الأستاذ جواد العراقي، وهو الذي آزر جملة من المعتقلين في المحاكمة، وكذلك الأستاذ بنعمرو والسيد آيت سعيد يدر الذي كانت له الشجاعة لطرح، لأول مرّة بالبرلمان، سؤال على وزير العدل عن مصير العسكريين المختفين، وكان ذلك سنة 1990.

وعموماً منذ 1990-1989 كان الكثير من الأشخاص يساندوننا سواء بالدخل أو بالخارج، وأستسمج إن لم أذكر أسماءهم كلهم.

لكن الأكيد هو أن الضغط الدولي ساهم بشكل جوهري في فرض حلّ المشكل. علماً أن الفضل الأول والأصلي في بعث الأمل يرجع إلى ملائكة تازمامارت وعلى رأسهم محمد الشربادوي [24].

ملاك جحيم تازمامارت

شكل محمد الشربادوي الخيط العنكبوتي الرفيع الذي كرس التواصل بين ضيوف جحيم تازمامارت ودويهم حسب الظروف والفجوات. فكان أحياناً كثيرة يأتي في الصباح ويرجع حال القيام بالمهمة. وللحقيقة والتاريخ بفضله تمكّن ضيوف تازمامارت من ميلاد جديد. وهذا الرجل يرجع إليه الفضل في بقاء الكثير من نزلاء حي "أ"، في حين هلك أغلب حي "ب" الذين لم يكن لهم أي اتصال مع دويهم. حيث لم ينج من حي "ب" إلا 8 معتقلين، الإخوان بوريكات و4 عسكريين.

محمد الشربادوي كان يزود المعتقلين بالأدوية والمقويات وبعض الحاجيات الأخرى ويأتينا بأخبارهم وطلباتهم لتلبيتها. ودوره هذا كان من الأسباب الجوهرية التي مكّنت المعتقلين من تجديد قواهم المتهالكة للتصدي لليأس ومواجهة الموت البطيء المنهج، وبالتالي فتح أبواب بصيص الأمل وحتّم عليهم التشبث بالحياة تشبثا كانت تعاكسه كل الظروف السائدة بفضاء تازمامارت إلى أن دقت أجراس الفرج.

وبالرغم من الصعوبات الجامة على جميع الأصعدة، المراقبة المشددة، سيادة الرعب والترهيب، الشك السائد، فقدان الثقة، وعدم توفر وسائل النقل بين الريش والقنيطرة، تحمل محمد الشربادوي كل هذا وظل يساعد ضيوف جحيم تازمامارت وحافظ على التواصل بينهم وبين دويهم. آنذاك كان يأتي في الصباح ويعود في المساء.

وأخيراً دقت أجراس الفرج

قلت، كانت هناك ضغوطات كبيرة بالخارج، وكنا آنذاك نسمع ونقرأ الكثير عن تازمامارت، مقالات، مقابلات، برامج إذاعية على طول النهار، صباح مساء. وهكذا لم يعد أمام القائمين على الأمور بالمغرب أي اختيار، لاسيما وأن سمعة البلاد أضحت محل تساؤلات.

آنذاك كان من المقرر سفر الملك إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد رفض مجلس الشيوخ الأمريكي استقباله إن لم يتم فك مشكل العسكريين.

وفي هذا الصدد لا مناص من الإشارة أن نانسي الطويل تحركت بقوّة هناك.

وهكذا تم الإفراج عن مبارك الطويل في البداية، وكان ذلك في غضون شهر سبتمبر 1991، وكان ذلك اليوم عيد المولد. اتصلت بي نانسي هاتفياً وتكلمت معي تارة بالإنجليزية وأخرى بالفرنسية وأخبرتني بالإفراج عن زوجها وأنّه تكلم معها عبر الهاتف من مكتب عامل إقليم الخميسات في الصباح، ولكن لم أثق بالأمر ومازالت لدي شكوك، لذا عليك أن تذهبي إلى الخميسات وتعايني الأمر بأم عينيك وتخبرنني هل فعلا تمّ الإفراج عن زوجي مبارك الطويل؟
بمجرد انتهاء المكالمة الآتية من أمريكا اتصلت بالأستاذ بناني [25] وطلبت منه مرافقتي وهذا ما كان... وفي مدخل مدينة الخميسات وجدنا عناصر مديرية المحافظة على التراب الوطني (الديسطي) [26]، وقد تعرفت عليهم بسهولة إذ كنت أعرف أغلب العناصر لكثرة ما كانوا يراقبونني وعائلتي عن قرب. بل أحياناً كنت أتبادل السلام معهم، وكان كل طرف عن علم بالآخر. وهذا إن يدل عن شيء فإنه يدل بجلاء أن هاتف منزلي كان مراقبا والديسطي إستطاعت التصنت على مكالمتي سواء مع نانسي أو مع الأستاذ بناني.

المهم وصلنا إلى الخميسات وبحثنا عن دار عائلة الطويل، وفعلاً قابلت مبارك الطويل وقال لي أن كل المعتقلين غادروا تازمامارت، لكنه لم يتمكن من التعرف على المكان الذي نقلوهم إليه لأنه كان معصوب العينين، إلا أنه تمكن من ملاحظة كثرة شجرة الأرز بالمكان.

إذن قد أكّد لي أن جميع ضيوف تازمامارت هم الآن بذلك المكان. وأضاف مبارك قائلا: … أما أنا فقد أتوا بي إلى السجن المركزي بالقنيطرة ثم جاء الدرك ونقلوني إلى الخميسات وأطلق سراحي بمكتب عامل الإقليم.

آنذاك للتعبير عن فرحة العائلة باستعادة ابنها مبارك حيّاً يرزق أراد أخوه بوعزة إقامة خيمة قرب المنزل لاستقبال المهنئين، لكن القايد حضر إلى عين المكان ومنعه منعاً كلياً من إقامة الخيمة، وهذا أمر لم يفهمه بوعزة الذي ثار غضبه. وكان عليّ الاتصال بنانسي لأنها كانت تنتظر مكالمتي على أحر من الجمر. لذلك رجعت مسرعة إلى المنزل وهاتفت إلى نانسي وأخبرتها بالإفراج عن زوجها. سألتني عن باقي المعتقلين فأكدت لها أن زوجها وحده هو المفرج عنه، أما الباقون فقد تم تنقيلهم من تازمامارت إلى مكان آخر مازلت أجهله إلى حدّ الآن.

آنذاك أخبرتني نانسي أن هناك أناس متجمهرون أمام مبنى السينا الأمريكي للمطالبة بالإفراج عن معتقلي تازمامارت ومنع الزيارة الملكية لمقر السينا إلا بعد هذا الإفراج. وقد بدا لي أن ما قالته لي نانسي هو أبهى صورة لصور تأثير المجتمع المدني في البلدان المتحضرة، في وقت كان فيه المجتمع المدني يخضع "للدكاكة" [27] عندنا كما يقال.

وفي الختام قالت لي نانسي: سأذهب تواً إلى مقر مجلس الشيوخ لكي أخبرهم بأن مبارك الطويل قد أطلق سراحه لكن باقي المعتقلين لازال لم يظهر لهم أثر.

وفعلاً هذا ما كان، وصباح يوم الغد بدأت تظهر أخبار باقي المعتقلين، وهذا يبيّن بجلاء وبما لا يدع أي مجال للشك أن الضغط الخارجي كان قوياً وانكشاف مشكل تازمامارت كان مفروضاً فرضاً لا خيار سواه.

وكانت البداية بالمعتقلين الذين قضوا عقوبتهم منذ زمن بعيد (المحكومين ب 3 أو5 أو10 سنوات) مثل الوافي وغلول اللذان زرتهما وقالا لي أن باقي المعتقلين يوجدون بمدرسة "اهرمومو" [28] وأنّه سيتم الإفراج عنهم.

ذهبت إلى الصيدلية قصد العمل، رنّ الهاتف وكان المتكلم كوميسير الاستخبارات العامة. قدم لي نفسه وسألني عن أخبار عن صلاح حشاد، فقلت له: إن كانت هناك أخبار فأنتم الذين ستزودونني بها وليس العكس. فقال لي أنّه أُخبر بأن صلاح حشاد سيُطلق سراحه اليوم ولكن لا علم لهم بالوقت وطلب مني عدم مغادرة المنزل.
وفي العاشرة ليلا جاءني عناصر من الأمن لإخباري بأن صلاح لن يُفرج عنه اليوم ولكن أُرجئ الأمر ليوم الغد، وسألتهم عن مكان وجوده فأجابني أحدهم أنه ليس من حقهم إخباري بذلك. علماً أنّه في ذلك الوقت كان يتواجد بالسجن المركزي بالقنيطرة حيث قضى الليلة.

لكن لماذا هذا الإجراء؟ لأنه كان له رقم اعتقال قبل اختطافه يوم 7 غشت 1973، وكان محكوماً ب 20 سنة، قضى منها بالتمام والكمال 19 سنة و4 أشهر، لهذا أودعوه بالسجن المذكور لمحاولة تبيان لوسائل الإعلام، أنه لم يكن ضيفاً من ضيوف جحيم تازمامارت وإنما كان بالسجن المركزي بالقنيطرة.

قضى صلاح الليلة هناك رفقة الزموري والماغوتي ولم يفرج عليه إلا صباح يوم غد. في ذلك الصباح أتوا به إلى مقر الدائرة الأولى. ومازلت أتذكر أن المقدم جاء يطرق بابي في الساعة السادسة صباحاً لإخباري لإعداد الأبناء لملاقاة أبيهم، علماً أنع يعرف أن أبنائي كبار وكان من الأولى أن يوفر هذا العناء.

حوالي الساعة التاسعة صباحاً اتصل بي القائد العلمي رئيس الدائرة الأولى لإخباري أن زوجي صلاح بمكتبه وأن عليّ الحضور لمرافقته إلى المنزل وعودته إلى دويه.

كفانا تمثيلا ومسرحيات

هناك، بباب الدائرة الأولى وجدت جيشاً عرمرماً من عناصر جميع الأجهزة الأمنية السرية منها والعلنية، الأمن الوطني أصحاب البذلة، الأمن بلباس مدني، الدرك، الديسطي، الاستخبارات العامة... الكل متجمهر بعين المكان.

نزلت من السيارة واتجهت إلى المدخل دون أن أعير أي اهتمام لتلك "الجوقة"، قصدت مكتب القائد، وجدت زوجي... حضنته طويلا والدموع تنساب من عيني.

[ انقطعت السيدة عايدة عن الكلام في هذه اللحظة وانسابت دموع غزيرة من عينيها وشعر جميع الحاضرين بقدسية تلك اللحظة التي جمعتها ثانياً بزوجها المفقود طيلة أكثر من 18 سنة وبعد برهة استأنفت الحديث].

آنذاك نطق القائد قائلا: "صاحب الجلالة تفضل بالعفو على صلاح حشاد"

صمتت ثانية وقالت

أصارحكم، لم أتمالك نفسي، انفجرت في وجه القائد وقلت له بصوت مدو: … لقد قضى زوجي 19 سنة و4 أشهر في ظروف لا يعلم أهوالها إلا الله … ويمكنكم إعادته إلى السجن لقضاء ما تبقى له من العقوبة … وبعد 8 أشهر سآتي لأخذه من السجن …

فِعلاً لقد انفجرت ولم أستطع تمالك نفسي أمام هذا التمثيل، فلماذا كل هذه السينما والأمر يتعلق بقضية إنسانية والكل أضحى يعلم بما كان يجري في تازمامارت. لقد قضى زوجي المحكوم ب 20 سنة، بالتمام والكمال، 19 سنة و4 أشهر، ولم نترك باباً إلا طرقناه ولم نترك جهة أو مسؤول إلا استعطفناه لمعرفة مصيره ومآله والتمكن من زيارته لكن بدون جدوى … لماذا كل هذه السينما … إنه أمر يدفع كل امرئ أبي إلى الانفجار وعدم تمالك نفسه وهذا ما حدث لي في تلك اللحظة.

موقف غير مفهوم بجميع المقاييس

رغم كل الانتهاكات ورغم كل الأهوال التي عرفتها ببلادنا هاهو الدكتور الخطيب يعلن العداء لمسلسل الإنصاف والمصالحة، وهو نفسه اتصلت به وطرحت عليه المشكل من الناحية الإنسانية … وكذلك الأمر بالنسبة للمحجوبي أحرضان [29]... ألم يكف هؤلاء ما عناه المغرب والمغاربة من استبداد وأهوال وانتهاكات جسيمة في حق الإنسان والصفة الإنسانية؟
فماذا يريد هؤلاء؟ هل يريدون أكثر مما عرفته البلاد على امتداد السنوات الرصاصية بل منذ 1956؟

كلمة الختم

وقد ختمت السيدة عايدة حشاد حديثها قائلة: هذه بتركيز شديد هي قصتي، وقد قفزت على الكثير والكثير من القضايا لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال معاناة دامت طوال عقدين من الزمن في حديث مهما طال، وفي الحقيقة محنتي ما هي إلا جزء من المحنة التي عايشها وتعايش معها العديد من أبناء وعائلات هذا البلد، والتي أتمنى صادقة ومن أعماق قلبي أن لا تتكرر يوماً بالمغرب.

محنة عايدة رشدي حشاد جعلتها جلمودا بركانيا

محنة الصيدلية عايدة رشدي حشاد لم تكن مثل محنة زوجات باقي المعتقلين، لقد أمضت سنوات طوال تسأل وتتصل وتطرق الأبواب لم تتوقف عن التحرك إلا عندما قابلت زوجها صلاح حشاد بعد أكثر من 19 سنة من الفراق. وآنذاك شرعت في تحرك جديد، الكشف عن أهوال جحيم تازمامارت حتى يعرفها الجميع لكي لا تتكرر بالمغرب.

منذ أُعتقل زوجها في صيف 1972 وهي تناضل نضالاً مستميتاً من أجل دفع القائمين على الأمور للكشف عن مصير زوجها المختطف ورفاقه في المحنة. مسيرة نضالية لإمرأة دامت أكثر من 7000 يوماً، خلال هذه المدة الطويلة تكلفت بتربية الأبناء وتدبير شؤون الصيدلية ودفع المسؤولين للكشف عن مصير زوجها والذي علمت بمكان وجوده شهوراً قليلة بعد اختطافه.

كانت عايدة رشدي تعلم، علم اليقين، مكان احتجاز زوجها صلاح ورفاقه، لكن كتمت السر واحتفظت به خوفاً على حياتهم. وكان عليها أن تنتظر ما يناهز عقدين كاملين لتتيقن بالمعاينة، وليس بالسماع أو عن بعد، أنه حي يُرزق، ولم يتأتى لها ذلك إلا عندما حضرت لمكتب القائد العلمي، رئيس المقاطعة الحضرية الأولى لتسلم زوجها سنة 1991.

والحديث عن عايدة حشاد هو حوار اختزل أكثر من 19 سنة من الصبر والتحمل والمكابدة والبحث عن المفقود، الحاضر الغائب. شجاعتها الخارقة فرضت عليها عدم الاستسلام لليأس والقبول بالأمر الواقع رغم اضطرارها للصمت وإخفاء ما علمت به منذ البداية.

رغم علمها، علم اليقين، بمكان تواجد زوجها ورفاقه في المحنة ظلت تسأل المسؤولين عن مكانه؟ كانت تسألهم وهي عالمة، والكثير ممن كانت تسأل ربما لم يكونوا على علم.

كانت عايدة رشدي حشاد تعلم ظروف جحيم تازمامارت اللاإنسانية بامتياز في وقت كانت السلطات المغربية تنفي وجود معتقل سري اسمه تازمامارت.

صيدلية الرياض بالقنيطرة ممون ضيوف جحيم تازمامارت

إن كان الناجون من جحيم تازمامارت ينعمون بدفء أشعة شمس بلادهم وحبّ ورعاية دويهم دون حسيب ولا رقيب فإن الفضل الأول يرجع إلى ملائكة تازمامارت وصيدلية الرياض، الكائنة بالحي الشعبي قرب سينما الرياض بمدينة القنيطرة.

ففي غضون سنة 1978 تمكنت صيدلية الرياض من المسك بخيط التواصل السري مع ضيوف جحيم تازمامارت.

لقد اغتنم صلاح حشاد فرصة قبول أحد الحراس توصيل رسالة محمد الرايس إلى أهله، فطلب منه هو كذلك ربط الاتصال بزوجته عايدة رشدي حشاد الصيدلية بالقنيطرة.موت البطيء ودرجة تسارعها بعد أن أصدر أوامره بإطلاق عنانها.

وفعلاً تم الاتصال وتمكنت الزوجة من بعث جملة من الأدوية والمقويات والأدوات العلاجية. لقد ألهمها الله، وهي الصيدلية المحنكة، إرسال جملة من الأدوية والمقويات والمضادات الحيوية. وبشهادة أحد ملائكة جحيم تازمامارت، كانت تلك الأدوية مرصودة لضيوف جحيم تازمامارت، خصوصاً نزلاء الحي "أ"، باعتبار أن المبعوث كان يعمل به في البداية. واستمر خيط التواصل قائماً إلى حدود 1982، إلى أن انكشف أمر محمد خربوش ودامت القطيعة خمس سنوات إلى حين ظهور ملاك آخر لتازمامارت على عتبة صيدلية الرياض بالقنيطرة، وهو محمد شربادوي الذي عمل على استمرار قيام الخيط أطول مدّة ممكنة.

آنذاك لاحظ بعض حراس تازمامارت أن بعض ضيوف الجحيم مرضوا شهوراً عديدة وفجأة استفاقوا واسترجعوا عافيتهم، وكان هذا بفضل دواء صيدلية الرياض. علماً أن كل الرسائل التي كانت تتوصل بها زوجة صلاح حشاد كانت تتضمن طلبيات متعلقة بالأدوية والمقويات والمضادات الحيوية، وكانت عايدة رشدي حشاد تحسن اختيار تلك الطلبيات بفعل تمكنها من مهنتها وعلمها، علم اليقين، بظروف ضيوف جحيم تازمامارت. وعلى امتداد مدّة كانت تزود الملاك المرسول بالأدوية المطلوبة، لكن خوفاً لانكشاف الأمر أضحت تسلم له المال فقط مع إعطائه جملة من التوصيات حول طبيعة الأدوية والمضادات الحيوية والمقويات الواجب اقتناؤها للمعتقلين.

وهكذا استفاد الجناح "أ" من جحيم تازمامارت من خدمات صيدلية الرياض التي تبعد عنه بآلاف الكيلومترات وبفضلها استعاد نزلائه الأمل في الحياة الشيء الذي ساعدهم على عدم الرضوخ لليأس المحقق.

لقد انتصرت صيدلية الرياض والقائمة عليها على نوايا مدير سجن تازمامارت، والذي كان ـ بشهادة جميع المعتقلين الناجين وكل حراس الجحيم ـ في السنوات الأولى يأتي لمراقبة المكان والحراس ولكي يتأكد بأم عينيه أن صحة المحتجزين سائرة نحو التدهور، وكان يمعن النظر ويطيل فترة المعاينة لتقييم فعل آليات الموت البطيء و درجة تسارعها بعد أن أصدر أوامره بإطلاق عنانها.

لحظة الميلاد من جديد

مع اقتراب يوم الفرج اتصل الكولونيل فضول هاتفياً بتازمامارت يسأل عن المدير الذي كعادته، كان قابعاً في إحدى الحانات بمدينة مكناس. وبعد المكالمة حضر الكولونيل إلى تازمامارت على متن هيليكوبتر واختلى بالمدير يوماً كاملاً.

وفي اليوم الموالي جاء الكولونيل فضول للسؤال عن المعتقلين المتوفين والباقين على قيد الحياة. وبعد ذلك طلب لائحة ضيوف تازمامارت الذين لازالوا أحياء يرزقون، وهي اللائحة التي أعدها محمد شربادوي الذي توجه على التو إلى الرباط لتسليمها مباشرة إلى الكولونيل بمكتبه.

يوم 14 دجنبر1991، بعد أن نشر الليل ظلامه ولجت شاحنات عسكرية فارغة إلى فضاء جحيم تازمامارت.

في تلك الليلة فُتحت زنزانة صلاح حشاد، جرد من أسماله ولبس ثياباً أخرى، ثم عصّبت عيناه وكُبّلت يداه بالأصفدة ووُضع بشاحنة رفقة رفاق المحنة، 28 الذين واجهوا الموت على امتداد أكثر من 6600 يوماً بجحيم تازمامارت.

… عبرت الشاحنات طرقاً ومدناً ومداشر في ظلمة الليل الأطلسي الدجنبري... وعندما فتح صلاح حشاد عينيه بعد إزالة العصابة وجد نفسه في عالم غريب عنه لم يعاينه منذ ما يناهز 19 سنة مضت... قاعة نظيفة بها طبيب ببذلته البيضاء النظيفة... همّ بفحصه وجاء آخر لتقديم له الطعام... وبعد حين علم صلاح أنه بالمدرسة العسكرية بأهرمومو.

وقبل هذا... بجحيم تازمامارت حلم صلاح حشاد ذات يوم أنه في نفق مظلم طويل في آخره ضوء لايكاد يبين... سار نحوه متمايلا بصعوبة وعناء... بمخرجه وجد جماعة من رفاق المحنة يرتلون آيات قرآنية بصوت رخيم مسموع...

حكى صلاح حشاد تفاصيل حلمه لرفاق محنته فأوّلها أحدهم قائلاً: إنها علامة من علامات قرب الفرج إن شاء الله وبحوله وقوّته.

بأهرمومو، بعد الفحص الطبي وشيء من العناية الطبية المركزة والغذاء الجيد الذي لم يطعمه ضيوف جحيم تازمامارت منذ أكثر من 6600 يوماً تم تنقيلهم بالتناوب إلى السجن المركزي بالقنيطرة. أعادوهم إلى المكان الذي اختطفوا منه لأنهم قبل تقمص رقم الزنزانة التي وضعوا بها بتازمامارت اسما لهم في السرية التامة، كانوا يحملون رقم الاعتقال العلني المنصوص عليه في سجلات السجن، وبالتالي كان لابد من مسرحية إعادتهم "للشرعية" لتمكين إدارة السجن المركزي من رفع رقم الاعتقال من سجلاتها.

وكان القائم على عملية إعادة المختطفين إلى المكان من حيث اختطفوا يوم 7 غشت 1973 هو الكولونيل فضول الذي سبق وأن كلفه أحمد الدليمي بالقيام على أمور جحيم تازمامارت.

في ذلك اليوم كانت مدينة القنيطرة في عز صيفها، تكابد حرارته الخانقة رغم ضراوة لياليه. في تلك الليلة جاء الكومندار العنكري على رأس مجموعة من الدركيين إلى السجن المركزي لوضع اليد على المعتقلين العسكريين المعتقلين علانية والمحكومين علانية والصادرة في حقهم أحكاماً علانية، وذلك لترحيلهم تحت جناح الليل وفي سرية إلى جهة مجهولة سواء بالنسبة للمعتقلين أو القائمين على إدارة السجن وكل هذا تنفيذاً لمجريات عملية "فلورانسا".

صلاح حشاد أحد أمراء جحيم تازمامارت

مثل رفاقه في المحنة، صلاح حشاد قُذِف به في قلب جحيم تازمامارت حيث قضى أكثر من 6600 يوماً، أيام ربيع عمره التي مرت عليه كلها آلام ومعاناة فاقت كل الحدود. لقد قضى أكثر من 18 سنة و49 يوماً ضيفاً رغماً عنه على فضاء أُقيم وبُرْمِج لتفعيل جميع آليات الموت البطيء.

أحتجز في زنزانة خانقة في الصيف وباردة في الشتاء ـ وما أدراك ما صيف تازمامارت وشتاءه، بدون نور، مأهولة بجميع أنواع الحشرات والزواحف حتى المسمومة منها. وكان فراشه من الاسمنت مع غطاءين متلاشيين، سمكهما يكاد يكون سمك ورقة كارتونية وصحن وكوب وسطل من البلاستيك من النوع الرديء.

من صيف 1973 إلى خريف 1991 وصلاح حشاد يقاوم ويصمد في كل لحظة وحين للبقاء على قيد الحياة.

لقد تعامل مع قدره بدرجة خارقة من الوعي جعلته يتعالى بامتياز على واقعه اليومي المزري. وبذلك تمكن من الانتصار على آليات الموت البطيء الممنهج وصل هذا الانتصار أوجه عندما تمكن من ربط الاتصال بالعالم الخارجي لكن سرعان ما انقطع خيط التواصل العنكبوتي الرفيع. وكان عليه إعادة الكرّة ثانياً بعد سنوات، وتطلب هذا ما يناهز5 سنوات، علماً أن سنة واحدة بجحيم تازمامارت هي بمقدار ألف سنة. وبذلك استطاع مجدداً المسك بخيط عنكبوتي رفيع يربطه بزوجته. وهذا الخيط الوهن، هو الذي، وبشهادة الكثيرين عبر العالم، ساهم في إنقاذ أمراء جحيم تازمامارت 28 وحشاد صلاح أمير منهم.

مسار كله أهوال بدءاً من يوم الاعتقال مروراً من القيادة العامة ومديرية الأمن الوطني والسجن العسكري ثم السجن المركزي بالقنيطرة حيث تم اختطافه بمعية رفاقه واقتيد إلى جحيم تازمامارت وبعد عقدين وراء الشمس كان الترحيل إلى مدرسة اهرمومو تم العودة إلى السجن المركزي بالقنيطرة حيث قضى آخر ليلة اعتقال لاستكمال 19 سنة و4 أشهر بالتمام والكمال ليسلم صباح الغد إلى القائد العلمي، رئيس المقاطعة الحضرية الأولى بالقنيطرة. وهناك كان اللقاء مع زوجته عايدة رشدي حشاد منذ أن ودعها أحد أيام شهر غشت 1972.

وهناك بمكتب القائد كان الميلاد الجديد لصلاح حشاد كإنسان وكان العناق والدموع. وخرج الزوجين منتصبي القامة تحت أنظار عيون جيش عرمرم من عناصر كل الأجهزة الأمنية المتجمهرين بباب المقاطعة، صعد حشاد سيارة زوجته التي انطلقت إلى المنزل لمعانقة الأولاد والأحباب.

شبكة عائلات ضيوف تازمامارت

أمام مواجهة الأبوابالموصدة والتواطؤ بإعتماد الصمت الفظيع، اضطرت عائلات ضيوف آكل البشر تازمامارت الاعتماد على نفسها.

بعد علمها، علم اليقين بمكان تواجد مختطفي فجر7 غشت 1973 من السجن المركزي بالقنيطرة عندما جاء الكومندار العنيكري آنذاك على رأس فرقة من زوار الليل لتنفيذ المهمة التي أطلق عليها عملية فلورانسا التي ستنتهي بإيداع المختطفين بفضاء الموت البطيء المحقق تازمامارت.

لكن رغم أن القائمين اتخذوا جميع الإحتياطات، أنفضح سر تازمامارت بعد شهور قلائل وعلمت بعض العائلات به وتكتمت عليه خوفاً على حياة دويهم..

وإعتباراً لصعوبة الظروف والمراقبة البوليسية اللصيقة، لا سيما بعد إنفضاح محمد خربوش، واعتباراً لسيادة الخوف والرعب وتفادياً لتعريض حياة ضيوف تازمامارت لتسريع آليات الموت البطيء، عملت الأسر على اتخاذ جميع الإحتياطات بصرامة كبيرة حتى لا ينقطع الخيط العنكبوتي بينهم وبين دويهم، ضيوف آكل البشر، تازمامارت. كانت الأسر تنتظر ظهور ملاك تازمامارت لتجديد يقينها أن هذا المعتقل أو ذاك لازال حيا يُرزق.

هكذا اضطرت العائلات إلى تنظيم شبكة محكمة كانت رحاها عايدة حشاد زوجة صلاح حشاد وصاحبة صيدلية الرياض بالقنيطرة. حيث تم توزيع المهام بين العائلات، وبذلك تكلفت زوجة الرايس بالاتصال والتنسيق بين الأسر القريبة منها بالرباط ونواحيه، وتكلفت عايدة حشاد بعائلات القنيطرة ونواحيها ومدن الشمال.

وبذلك تأسست شبكة مضبوطة لتمرير الأخبار والرسائل وجمع ما يطلبه المعتقلون لتسليمه بالتناوب. وكانت مهمة عايدة حشاد ضمن هذه الشبكة صعبة للغاية. فبالإضافة للتنسيق بين مجموعة من العائلات والاتصال بملاك تازمامارت، كانت تضطلع بمهمة أكثر قساوة ولا تكاد تطاق، ولا سيما حينما كان ملاك تازمامارت يحضر ومعه أخبار سيئة عن تدهور الوضع الصحي لبعض المعتقلين أو وفاة بعضهم. وكان كلما سقط خبر وفاة أحدهم يعمّ الخوف والرعب في صفوف العائلات مادام أي ضيف من ضيوف آكل البشر معرض لهذا المصير في أي لحظة وحين.

هذا هو الجحيم الذي نجيت من نيرانه

عائلة صلاح حشاد،... إنها من العائلات الأولى التي علمت بوجود جحيم تازمامارت. فمنذ الرسالة الأولى التي توصلت بها عايدة حشاد، زوجة صلاح، علمت بوجود تازمامارت وموقعه وظروفه. علمت بالسر منذ خريف 1973 لكنها كتمت السر خوفاً على زوجها ورفاقه في المحنة.
ورغم علمها بذلك، اتصلت بجميع الجهات، لكنها لم تكشف يوماً عن عبارة "تازمامارت"... كلما قابلت مسؤول كانت تقول له: أين زوجي؟ فكان الجواب على الدوام: لا أعرف... لا علم لي، وهي السائلة تعلم علم اليقين أين يوجد زوجها وهي تستمع لجواب المسؤول.

… وبعد ثمان سنوات على نجاته من الجحيم قام صلاح حشاد رفقة عائلة، الزوجة عايدة والابنة هدى والابن خليل بزيارة تازمامارت حتى تتمكن العائلة من معاينة المكان الرهيب عن قرب، والذي قضى به ربّها أكثر من 6600 ليلة جحيم.
لقد استعادت عائلة حشاد تشخيص مسار رحلة عملية "فلورانسا"، لكن براً وليس جوّاً، من القنيطرة ـ حيث كانت عملية الاختطاف في 7 غشت 1973ـ وصولا إلى تازمامارت.

وقفت العائلة عن مسافة من بناية جحيم تازمامارت ولسان حال صلاح حشاد يقول: هنا قضيت أكثر من 6600 ليلة سوداء من عمري. أما لسان حال عايدة حشاد، فكان يقول:
هذا هو المكان الذي علمت بوجوده منذ خريف 1973، ومنذ علمت به وأنا أطرق الأبواب وأتصل لكن بدون جدوى.

أما هدى وخليل، فكانا يتساءلان، هل فِعلا احتضنت بلادنا مثل هذه الأهوال؟ أمر فاق قدرتهما على التصديق، لكن الأكيد هو أنه لا يمكن السماح بأن تكرر.

لا وجود لتازمامارت عندنا

لا وجود لتازمامارت بالمغرب، هذا هو جواب المسؤولين والقائمين على الأمور على جميع المستويات على امتداد عقدين من الزمن. لكن سنة 1991، 28 مغربياً أصبحوا شاهدي عيان وبامتياز على وجود آكل البشر تازمامارت ببلادنا.

وفي شهر نوفمبر 1990 أثارت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إشكالية تازمامارت، فانتفض ممثلو المملكة المغربية بها وأكدوا أن لا وجود لأي معتقل أو سجن يحمل اسم تازمامارت بالمغرب قطعاً.

وتلت ذلك تصريحات أخرى من ضمنها تلك القائلة أن تازمامارت هي مجرد نتاج من خيال أشخاص ذوي نيات سيئة يكنون العداء البين للمغرب.

لكن لم يَمر إلا شهر واحد، بالتمام والكمال، حتى ظهر 28 شخصاً نجوا بأعجوبة من أظافر آكل البشر، تازمامارت الذي قيل لا وجود له بالمغرب آنذاك بكل برودة تم الاعتراف، كان تازمامارت ولم يعد.

وحتى عندما أصدر بيرو كتابه "صديقنا الملك"، والذي أثار فيه وجود معتقل تازمامارت، وكان ذلك في غضون سنة 1990، قيل أن تازمامارت هو مجرد اختلاق من طرف أعداء المغرب.
كما أن عائلات ضيوف تازمامارت التجأت إلى كل الجهات ذات النفوذ وطرقت كل الأبواب الممكنة وسلكت مختلف المسالك لإخراج دويهم من فضاء الموت البطيء المحقق لكن بدون جدوى. ولم تكن تواجه إلا الصمت الرهيب والفظيع، مثل الصمت الذي ساد بتازمامارت.

وفِعلاً لقد ساد صمت فظيع حول هذا الملف. ورغم لجوء العائلات إلى جملة من الأحزاب السياسية ورغم أنها طرقت أبواب البرلمان ووزارة العدل والديوان الملكي والمقربين من القصر ومسؤولين كبار، مدنيين وعسكريين، لكن بدون جدوى، لأنه لم يقو أحد أو هيئة أو مؤسسة على إثارة هذا الملف.

ومن الأمثلة نسوق مثال زوجة القبطان عبد اللطيف بلكبير، ربيعة بنونة، توجهت إلى مولاي مصطفى العلوي، آنذاك مدير إدارة السجون والذي سيصبح وزيراً للعدل. وكان جوابه أنه لا علم له بمكان وجود المختطفين من السجن المركزي بالقنيطرة يوم 7 غشت 1973، كما أكد بما لا يدع أي مجال للشك، أنهم لا يوجدون في أي سجن من سجون المملكة ولا أي نقطة من النقط الثابتة (PF)، ولا علم له نهائياً بمكان وجودهم.

كما أن العائلات وجهت رسائل كثيرة إلى كل الجهات الممكنة لكن بدون جدوى.
واتصلت ربيعة بنونة بالجنرال مولاي حفيظ العلوي وقالت له بالحرف: أقسم بالله أنك على علم أين يوجد زوجي وأرجوك إخباري عما ينتظره؟
لكنه نهرها وأمرها بمغادرة المكان تواً لأنها أضاعت له الوقت ويريد أن يتوضأ ليصلي الفريضة. وقبل انصرافها قالت له: "أتركك لضميرك"، قالتها وهي تعلم أين كان يوجد زوجها عبد اللطيف بلكبير.

ونفس السيناريو حدث لعايدة حشاد، زوجة صلاح حشاد التي اتصلت هي كذلك بعدّة جهات وعدة شخصيات ولقت نفس المصير، لكنها كانت على علم أين يوجد زوجها آنذاك.

تحرك المجتمع المدني

لم يبدأ المجتمع المدني يتحرك بالمغرب إلا بعد أن قضى ضيوف تازمامارت أكثر من 6600 ليلة بالجحيم وراء الشمس.

وإلى حدود بداية سنة 1980 دأبت السلطات على نفي وجود مختطفين ومعتقلات سرية. لكن تحت ضغط العائلات والجمعيات غير الحكومية الوطنية والدولية أضحى ملف المختفين مطروحاً بإلحاح.

وقد تأسست مجموعات تحمل هذا الهم، من ضمنها مجموعة تازمامارت ومجموعة بنو هاشم ومجموعة الصحراويين المختفين وغيرها. كما تم تأسيس بالديار الفرنسية جمعية عائلات وأصدقاء المختفين بالمغرب.

وفي 28 نوفمبر1999 ظهر المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، الذي نظم جملة من الأنشطة والتظاهرات العمومية للمطالبة بالكشف عن الحقيقة وعن مآل المختفين. كما نظم رحلات إلى تازمامارت في أكتوبر 2000 وإلى معتقلات سرية أخرى.

كما أن الجمعيات الحقوقية المغربية نشطت كثيراً في هذا المجال، وذلك منذ سنوات.
نعم تحرك المجتمع المدني، لكن حسب الكثيرين لم يتحرك مبكراً.

ملف الاختفاء القسري من الصمت إلى طرح الإشكالية

رغم الإفراج عن معتقلي قلعة مكونة ثم تازمامارت في 1991، ظل ملف الاختفاء القسري مقفلا من طرف السلطات العمومية، ولم يفتح إلا في أكتوبر1998 حيث عُرِضَ على أنظار المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وقد أصدر هذا الأخير تقريراً عرف انتقادات شديدة اللهجة. لاسيما وأنّه لم ينص إلا على 112 حالة، من ضمنها 56 حالة وفاة في ظروف غامضة.

وفي أبريل 1999 أعترف المجلس الاستشاري ب 44 حالة اختطاف قسري من بين لائحة 112 شخصا المعلن عنها، كما خلص إلى كون الملف أُقفل.

وفي غشت 1999 تم الإعلان عن تأسيس هيأة للتحكيم لجبر الضرر بدون مساءلة أو محاسبة.
علماً أنه منذ ستينات القرن الماضي والمغرب يعرف نفس الوثيرة بالأساس فيما بين 1970 و1980. فخلال هذه الفترة آلاف المعارضين اختطفوا من طرف زوار الليل واحتجزوا بمعتقلات سرية وغير شرعية، وظل دويهم بدون أي خبر عنهم يجهلون جهلاً كلياً مآلهم. وأغلب هؤلاء تعرضوا للتعذيب والتنكيل والانتهاكات الجسيمة والتوقيع مكرهين على محاضر وقدموا لمحاكمات غير نزيهة مطبوعة بجملة من الانتهاكات وموجهة بتعليمات. وبعض هؤلاء أخلي سبيلهم بعد مدّة، قد تطول أو تقصر، بدون محاكمة.

لكن إذا كانت هذه الممارسات قد خفت وتيرتها فيما بين 1980 و1990، فإن جملة من المغاربة ظل مصيرهم غامضاً.

فِعلا، عرفت البلاد منذ بداية تسعينات القرن الماضي حدثين دستوريين، الأول في 4 سبتمبر1992، حيث أكد الدستور الجديد على تشبث المغرب، بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دولياً. والحدث الثاني متعلق بالتعديل الدستوري لسنة 1996 والمتعلق بإحداث غرفتين وانتخاب أعضاهما.

وقبل ذلك تم إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في 8 مايو1990 وكانت مهمته تقديم استشارات للملك في مجال حقوق الإنسان، وعُيّن كرئيس له إدريس الضحاك، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للقضاء، وكان يضم 43 عضواً من ضمنهم 5 وزراء وممثلي الأحزاب السياسية وممثلي المنظمة والعصبة المغربيتين لحقوق الإنسان دون أن تكون ممثلة فيه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وقد لعب هذا المجلس الاستشاري دوراً مهماً فيما يخص التعديلات التي عرفها قانون المسطرة الجنائية آنذاك.

وفي سنة 1993 تم إحداث وزارة مكلفة بحقوق الإنسان، وفي ذات السنة صادق المغرب على معاهدة مناهضة التعذيب ومعاهدة مناهضة التمييز ضد المرأة مع بعض التحفظات ومعاهدة المحافظة على حقوق الطفل.

وفي سنة 1996 صادق المغرب على البروتوكولين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. إلا أن السيادة المطلقة ظلت لصالح القوانين الداخلية في هذا المجال عموماً.

وعموماً يمكن القول أن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب عرفت تحسنا وتطوراً نسبياً ملحوظاً، حيث تم التخلي على جملة من المعتقلات السرية التي كانت آلة من آليات أكل البشر والموت البطيء على امتداد ما يناهز أربعة عقود. وأغلب هذه الأماكن لازالت أراضيها تحتضن قبور مجهولة وباطنية لجثمان أناس فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل.
إلا أن منظمة العفو الدولية وجملة من الجمعيات والهيآت الحقوقية سجلت جملة من الخروقات منذ 2002، وهي سنة انطلاق إستراتيجية التصدي للإرهاب، آنذاك برز مكان آخر ذكر البعض بأهوال سنوات الرصاص، إنه مركز الاحتجاز الكائن بتمارة والذي تديره مديرية مراقبة التراب الوطني (الديسطي). وكان هناك أكثر من شاهد عيّان صرّح بتعرضه للتعذيب وللممارسات مثل تلك التي سادت خلال السنوات الرصاصية بعد اختطافه وإيداعه بمركز تمارة.

وحسب مجلة Confluence Méditerranée ( عدد 51، خريف 2004)، تعرض جملة من الأشخاص المحتجزين بمركز تمارة إلى التعذيب وإلى الاستنطاق وهم مكبلي الأيدي ومعصوبي العينين أو معلقين في وضعية غير آدمية.

وعموماً، بالرغم من التطورات التي عرفتها البلاد في مجال حقوق الإنسان لازال ملف الاختفاء القسري مفتوحاً ومازالت كل حقائقه لم تكشف بعد، ولازالت عائلات المختفين تطالب بالحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيء إلا الحقيقة للتمكن من إقفال هذا الملف نهائياً.

سقطت الأقنعة...و انكشف الأمر

في بداية ثمانينات القرن الماضي انكشف سر جحيم تازمامارت. وهناك عدّة جهات وأكثر من شخص تحدث عن تازمامارت وأشار إلى وجوده. وفي هذا الصدد يمكن ذكر كتاب جيل بيرو "صديقنا الملك" والذي منع في المغرب، وكذلك حملة منظمة العفو الدولية (أمنستي) في بداية التسعينات وجملة من الهيآت والجمعيات غير الحكومية الحقوقية.
من الأكيد أن مهندسي جحيم تازمامارت لم يكونوا يتصورون يوماً أن جحيمهم سينكشف، بل ظنوا أن سرّ هذا الجحيم سيظل مخفياً لا يعلمه إلا مبدعيه والقائمين عليه والعاملين به وضيوفه رغماً عنهم. وذلك باعتبار أنه سرّ سيدفن معهم لأنهم كانوا معرضين للموت البطيء الممنهج في انتظار أن يلفظ آخر معتقل أنفاسه لكي تبلع أرض تازمامارت جثمانه.

لكن إرادة الحياة وصمود 28 من ضيوف جحيم تازمامارت كانت لهما الانتصار، وهم الضعفاء الذين لم يكونوا يمتلكون أي شيء حتى التحكم في أجسادهم.

إن مبدعي جحيم تازمامارت فكروا في جريمة كاملة وعملوا أن لا يظهر لها أثر. كانوا يتصورون عدم عودة أي واحد من ضيوف الجحيم إلى النور، وبالتالي سرّه سيدفن مع آخر واحد منهم. كما كان الشأن بالنسبة للأربعة (عقا، شلاط، مريزق، اعبابو) الذين فصلوا عن المجموعة حال وصولهم إلى جحيم تازمامارت، ومادام لم يظهر أثر لأحد منهم يجهل المغاربة كل شيء عنهم وعن عذابهم والطريقة التي تم تصفيتهم بها.

سقطت الأقنعة وانكشف سر تازمامارت بفضل أشخاص، منهم المعروفين ومنهم من ظلوا جنود خفاء. من المعروفين منهم هناك كرستين دور السرفاتي التي سكنتها إشكالية جحيم تازمامارت منذ أن اطلعت على الشهادات الأولى بخصوصه.

وكرستين تعرف المغرب جيداً، درّست به أكثر من 15 سنة، وفي سنة 1986 عقدت القران بأبرهام السرفاتي وهو في حالة اعتقال ومحكوم بالسجن المؤبد. إنها اطلعت على جملة من الرسائل الأولى التي تم تهريبها من قلب جحيم تازمامارت. في تلك الرسائل وصف المعتقلون بدقة متناهية ظروفهم القاسية. وهي ذات الرسائل التي توصلت بها منظمة العفو الدولية وجملة من المنظمات الحقوقية عبر العالم. وهكذا كانت بداية إنفضاح أمر تازمامارت.

والفضل في هذا يرجع إلى ملائكة جحيم تازمامارت وعايدة رشدي حشاد زوجة صلاح حشاد ونانسي زوجة مبارك الطويل وجملة من عائلات ضيوف تازمامارت والمدافعين على احترام الصفة الإنسانية عبر العالم. وهذا في وقت ساد بالمغرب صمت رهيب بخصوص هذه القضية بفعل سيادة الخوفقراطية والذلقراطية.

آنذاك حتى مدير معتقل تازمامارت كان يتوصل بالكثير من الرسائل آتية من مختلف أرجاء العالم تندد بوجود جحيم تازمامارت، وكان يوجهها إلى مقر القيادة العامة بالرباط.

هكذا بدأت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة في الغرب تفضح أسرار جحيم تازمامارت بتفاصيلها. وقد أطلع المعتقلون في قلب تازمامارت على بعض مقالات جريدة لوموند بخصوصها بفضل قيدوم ملائكة تازمامارت، محمد شربادوي، وهو المقال الذي وردت فيه مقتطفات من بعض الرسائل التي وجهوها إلى دويهم.

فتلك الرسائل المهربة من قلب جحيم تازمامارت وصلت إلى زوجة مبارك الطويل، نانسي عندما نصحتها عايدة رشدي حشاد، زوجة صلاح حشاد بضرورة العودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بها لكي تتمكن من خدمة القضية أكثر وهذا ما كان.

وبمجرد صدور أوّل مقال بخصوص تازمامارت على صفحات جريدة لوموند الفرنسية استدعت الأجهزة الأمنية المغربية عائلات المعتقلين في كل أنحاء المغرب واستنطقتهم، وآنذاك كان العد العكسي قد انطلق لأن الأقنعة سقطت وانكشف أمر جحيم تازمامارت.

مبارك الطويل أول الناجين من الجحيم

بقدرة قادر، ومن عشية لضحاها أضحى مبارك الطويل، أحد ضيوف آكل البشر، تازمامارت. ينعم بالشمس وبالأكل الجيد وبالنظافة اليومية وشيئاً من الرعاية الطبية. لماذا؟

لأن زوجته أمريكية، وليست مغربية، لأن أمريكا، بعد صمت مبيت، بدأت تهتم بحالته بجدية، ولم يكن أمام المغرب أي اختيار إلاّ الامتثال لأوامر العم السام. وهذا أمر أسال الكثير من المداد.

في شهر دجنبر 1984 على الساعة 9 صباحاً حطّت طائرة هيليكوبتر بتازمامارت لأخذ مبارك الطويل إلى الرباط ليراه سفير الولايات المتحدة الأمريكية بأم عينه ويعاين أحواله الصحية. هناك، أمام عيون السفير جردوه من ملابسه، ماعدا العصابة التي كانت تحجب نظره، وأمروه بالتحرك أمام ممثل العم السام بالمغرب. وصباح اليوم الموالي أعيد مبارك الطويل من حيث أتى، الزنزانة 15 بجحيم تازمامارت.

ومبارك الطويل هذا، كان محكوماً ب 20 سنة، في حين أن بعض رفاقه في المحنة لم يكونوا محكومين إلا ب 5 سنوات، أكملوها وتجاوزوها، وهم في تلك اللحظة بالضبط في زنازين آكل البشر تازمامارت بجوار زنزانة الطويل قابعين في الظلام وفي وضعية بين الحياة والموت في ظروف لا تليق حتى بالحيوان.

بفضل العم سام وبفضل نانسي زوجته استطاع مبارك الطويل أن يكون أوّل الناجين من فضاء آكل البشر تازمامارت.

لقد أقامت نانسي الأمريكية الأرض وأقعدتها ببلادها إلى أن حققت ما كانت تصبو إليه، إنقاذ حبيبها من أنياب آكل البشر تازمامارت.

وبعملها هذا انتشلت مبارك الطويل من فضاء الموت المحقق. فأضحى يتمتع بنظام خاص دون سواه من الموتى الأحياء، ضيوف تازمامارت.

إذن منذ سنة 1984 والأمريكيون على علم بوجود معتقل تازمامارت. وبذلك كانت قضية مبارك الطويل مناسبة أخرى لانكشاف الوجه الحقيقي للعم سام الذي يتبجح باحترام حقوق الإنسان وكرامة الإنسان وصفته الإنسانية، حيث اهتم بحالة مبارك الطويل لأن زوجته أمريكية، وبالتالي اعتبره إنساناً له حقوق، أما الباقون فلم يرقوا في نظره إلى درجة الصفة الإنسانية.

وهذا ما عبّر عنه ضيوف تازمامارت أنفسهم عندما كانوا يتجاذبون أطراف الحديث بعد مغادرة الحراس للمعتقل.

وفي هذا الصدد قال أحدهم لآخر: لو كنت تزوجت بالأمريكية التي كانت تربطك علاقة بها عندما كنت ببلادها قصد التدريب لنلت ما ناله مبارك الطويل، لأن المرأة المغربية وربما العربية لا قيمة لها تذكر في عرف العم سام.

فِعلاً، إن أمريكا لا تعتبر إلا مصالحها، حتى ولو كانت آنية، لذلك تسترت على عملها بتازمامارت منذ سنة 1984 على الأقل.


[1طيار حكم ب 20 سجنا نافدا في ملف انقلاب غضت 1972 قضية الطائرة الملكية

[2الفترة على امتداد ستينيات و سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي

[3الهجوم على الطائرة الملكية في طريق عودتها من فرنسا بعد زيارة رسمية

[4مدينة شمال الرباط

[5لم تتمكن العائلات من زيارة المعتقلين منذ إلقاء القبض عليهم

[6انقلاب صيف 1971

[7حارس بسجن تازمامارت

[8جنوب المغرب

[9مدينة بضواحي القنيطرة

[10آنذاك أحمد عصمان صهر الملك

[11ساعي البريد السري

[12مدينة بجبال الأطلس

[13صاحب كتاب تازمامارت الزنزانة رقم 10

[14مقاوم قديم وزعيم حزب

[15وزير حقوق الإنسان سابقا سفير حاليا

[16حزب المعارضة سابقا وعصب الحكومة حاليا

[17احد زعماء الحزب

[18الأمين العام للحزب

[19وزير القصور والتشريفات الملكية

[20مستشار الملك الحسن الثاني

[21رئيس الدرك الملكي

[22زعيم أحد الأحزاب الموالية لوزير الداخلية المخلوع إدريس البصري

[23المخابرات العسكرية

[24أحد حراس سجن تازمامارت الذي يحافظ على صفته الإنسانية

[25محامي مغربي ظل يحمل هم حقوق الإنسان بالمغرب في خضم سنوات الرصاص

[26استخبارات مغربية

[27عبارة عامية مغربية تعبر عن سحق وقمع تحرك المجتمع المدني بالمغرب آنذاك

[28مدرسة عسكرية بجبال الأطلس وهي التي انطلق منها المشاركون في انقلاب صيف 1971

[29وزير سابق زعيم حزب يميني صهر الملك


مشاركة منتدى

  • ما هذا
    هذا اكثر من ان يتخيله بشر
    اشكرك على توضيح ذه الصورة للقاريء العربي ولو انني اعلم ان
    هذا الوطن الممتد من البحر الى البحر سجون متلاصقة
    سجان يمسك سجان
    هذا نص جميل اححبته جدا
    مع الحب

    • عندما كانوا الموحديين والمرنيين يحكمون المغرب كان المغرب جنة الدنيا
      وقدم للعالم العلم في الطب والفلك و في كل المجالات
      لم ينسى المغرب بن رشد وطارق بن زباد وغيرهم
      اما العلويين لم قدموا لنا اكبر مجرم في العالم الحسن الثاني
      اتوا لنا الا بالشر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى