

توبة راقصة
أَفْنَتْ حَيَاتَهَا فِي الرَّقْصِ، وَأَسْرَفَتْ فِي ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي، حَتَّى ظَنَّتْ أَنَّ اللَّهَ لَنْ يَغْفِرَ لَهَا، وَجَاءتْ تَسْتَفْتِي فِي أَمْرِهَا، فَكَانَتْ هَذِه.
قَطَعَتْ عَلَيَّ تَهَجُّدِي وَصَـلاتِي | بِنَحِيْبِهَا الْمَمْزُوْجِ بِالأَنَّـاتِ |
قَالَتْ: أَتَيْتُكَ وَالْحَيَـاةُ كَأَنَّـهَا | فِي أَعْيُـنِي بَحْرٌ مِنَ الظُّلُمَاتِ |
مَا عَادَ شَيْءٌ فِي الْحَيَـاةِ يُرِيْحُنِي | بَلْ كُلُّ شَيْءٍ بَاعِثٌ لِشَكَاتِي |
أَقْصَى الأَمَانِي فِي الْوُجُوْدِ لِمُهْجَتِي | هُوَ أَنْ يُعَجِّـلَ خَالِقِي بِوَفَاتِي |
فَلَعَلَّ رُوْحِي بَعْدَ طُوْلِ شَقَائِهَا | تَحْظَى بِرَاحَتِهَـا مَعَ الأَمْوَاتِ |
فَلَقَدْ دَرَجْتُ عَلَى الْغِوَايَةِ وَالْهَوَى | وَتَخِذْتُ مِنْ أَهْلِ الضَّلالِ هُدَاتِي |
أَنْفَقْتُ فِي سُوْقِ الْبِغَاءِ شَبِيْبَتِي | وَأَضَعْتُ بَاقِي الْعُمْرِ فِي الْحَانَاتِ |
سَخَّرْتَ لِلشَّيْطَانِ كُلَّ مَوَاهِبِي | وَعَلَى غِوَايَتِـهِ قَصَرْتُ حَيَـاتِي |
فَنَهِلْتُ مِنْ كُلِّ الْمَعَاصِي فِي الدُّنَا | وَطَفِقْتُ أُثْرِيْـهَا بِـمُخْتَرَعَاتِـي |
كَمْ مِنْ غُـلامٍ يَافِعٍ عَلَّمْتُـهُ | حُـبَّ الْخَنَا وَعِبَادَةَ الشَّهَوَاتِ! |
قُـلْ لِي بِرَبِّكَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ | أَيُقِيْلُـنِي الرَّحْمَنُ مِنْ عَثَرَاتِـي؟ |
وَإِذَا أَنَا صَلَّيْتُ خَاشِعَـةً لَهُ | هَلْ أَرْتَجِي أَنْ يَقْبَلَ الصَّلَوَاتِ؟ |
أَنَا لاَ أَظُـنُّ خَطِيْئَتِي سَتُزِيْلُهَا | يَـوْماً مَلايِـيْنٌ مِنَ السَّجَدَاتِ |
قُلْتُ : اهْدَئِي لاَ يُفْزِعَنَّكِ مَا مَضَى | لَيْسَ الْعُصَاةُ إِذَا اهْتَـدَوا بِعُصَاةِ |
وَدَعِي التَّشَاؤُمَ وَالأَسَى وَتَدَبَّرِي | مَـا أَنْزَلَ الرَّحْـمَنُ مِنْ آيَـاتِ |
فاَللَّـهُ قَالَ لِخَلْقِـهِ لاَ تَيْأَسُوا | إِنِّي غَفُـورٌ وَاسِـعُ الرَّحَمَـاتِ |
وَالتَّائِبُوْنَ مِنَ الذُّنُوْبِ وَعَدْتُهُمْ | دَرَجَ الْجِنَـانِ وَأَطْيَبَ الْغُرُفَـاتِ |
كَمْ مِنْ عُصَاةٍ بَعْدَ أَنْ عَرَفُوا الْهُدَى | سَعِدُوا وَنَـالُوا أَرْفَعَ الدَّرَجَاتِ! |
لَنْ يَخْذِلَ الرَّحْمَنُ عَبْداً تَائِباً | يَرْجُـو نَـدَاهُ سَاعَـةَ الأَزَمَاتِ |
هَيَّا اطْرُقِي أَبْوَابَـهُ مَصْحُوْبَةً | بِـمَوَدَّتِي وبِخَـالِصِ الدَّعَـوَاتِ |
وَسَأَسْأَلُ الرَّحْمَنَ أَنْ يُعْطِيْكِ مَا | تَرْجِيْنَ عِنْدَ تَـهَجُّدِي وَصَـلاتِي |