الثلاثاء ١١ شباط (فبراير) ٢٠١٤
بقلم
جلجامشُ ... ونيلُ الغياب
عامانِ مِن ألَقِي سريعاً مَرَّا | والآنَ هاأنذا لِحُزنيَ أقرَا |
يا نيلُ يا نهرَ الغيابِ لطفلةٍ | جَعَلَتْكَ لي نحو الخلودِ مَمَرّا |
ماذا سأحكِي الآنَ ؟ قلبي واقِفٌ | في أضْلُعي ،للصمتِ يعصِرُ خمْرَا |
وأنا ككُلِّ المُنهكينَ قصيدةٌ | مُكتَظّةٌ بالخوفِ تُشْبِهُ مِصْرَا |
تركوا إلَهي خلفَهم وأتوا بلا | ربٍّ إليَّ يُحَمّلوني الوِزْرَا |
قومي. صقيعُ الذُلِ في أنفاسِهم | يجري وهم يسعَونَ نحو المَجْرَى |
ويدي تَهُزُّ الريحَ .أين سحابتي؟ | إن كنتُ لا أدري فمنْ ذا أدري؟ |
رأسُ الفراعنةِ اسْتدارَ بخيبةٍ | ما مثلَها شَهِدَتْ حروفي طُرّا |
سبحانَ من أرسى الحقيقةَ في دمي | فخرجتُ مِن رَحِمِ المواجِعِ حُرَّا |
يا صاحِبيَّ السجنِ شهقةُ يوسفٍ | عَلِقَتْ بحنجَرتي فصبراً .. صبرا |
هذا اليبابُ مدائِنٌ تبتَزُّني | أنّى اتّجهتُ ولستُ أمْلِكُ أمرَا |
عادتْ فلولُ الجوعِ، دَوّنَ (شاوَرٌ) | أعمالَه .. تبّاً لها مِن ذِكرى |
يا نيلُ يا دمعَ النخيلِ سُلافَتي | ما خُمّرَتْ إلا لتُنتِجَ تمْرَا |
فاقْبِضْ على المنفى الذي يمْتَصُّ مِن | عينيكَ لي وطَناً فأصبحَ مُرَّا |
هذي عصاي .. لها مآرِبُها التي | حين الْتَقَتْ بالسِحْرِ ليست أُخْرَى |
هُم جَيّشوا المأساةَ ضدّكَ فاختَفتْ | في أوجِهِ الميدانِ عنكَ البُشْرى |
ما زلتُ في نصفِ الطريقِ إلى فمي | لأقولَ شيئاً .. والمشانِقُ تَتْرَى |
مِن أيِّ ويلٍ أحتمي يا بسمتي | بكِ إن عليَّ ( العسكَرِيُ) أصَرَّا ؟ |
عُدْ بي إليَّ ولو قليلاً أيّها الـ | تأريخُ كي أنسى هنا مَن فرَّا |
جِلْجَامشُ القومِيُ يخلعُ ظِلَّهُ | لِحُداءِ عصفورٍ يُشَقشِقُ فجْرَا |
والثائِرُ الـ ضَجّتْ بِغُربَتِهِ الدُنا | ما زالَ فوقَ الماءِ يتبعُ خِضْرَا |
صُبحُ اتّقَادِكَ كيف أغمَسَتِ المُنى | قندِيلَهُ في زيتِ ليلٍ مَرَّا ؟؟؟ |
عامانِ وانكشفَ الغِطاءُ عنِ التي | أحْرَى بها بلعُ الحقيقةِ أحْرَى |
واستَيقَظَ المعنى وملءَ حروفِه | دمُ أبرياءٍ يحتمونَ بأسْرَى |
وإذا الخليجُ الهامِشيُّ بنفطِهِ | بحذاءِ أمْرِيْكا يُباعُ ويُشْرَى |
كمصيرِ أرمَلةٍ تحنّى وجهُها | بالنارِ يوماً فاشْتَكتْهُ لِكِسْرى |
قلقٌ اضافيٌّ يُحاصِرُ نيلَنا | والسندِبادُ يسيرُ عكسَ المجرَى |
وتشاؤمٌ مَلَكيُّ ينتهِزُ الأسى | لِيَشدَّ أزرَ محاولاتٍ سَكرَى |
إن كان ذنباً أصْغرَاً حُكمُ الذي | ولّى ،فماذا عن ذنوبٍ كُبْرَى ؟ |
أُصغي إلى الحرمين والدنيا كما | لو أنها لهمَا استحالتْ قبْرَا |
ويكادُ دِينُ الناسِ أن يصحو بِلا | دِينٍ بلا ناسٍ .. وربِّ الشَعْرَى |
وأنا وعامٌ مرَّ نفتَرِشُ المدى | لِنُدحْرجَ التأريخَ شهرَاً ..شهرَا |
نحكي ولا نحكي، ومِن أنفاسِنِا | نستَلُّ مظلوماً تحدّى القهْرَا |
يُوْمِيْ كمنْتَجَعٍ إلى مَن أوغَلوا | تَيْهَاً ..هنا ما زلتُ رغمَ الصَحْرَا |
إني ارتشَفتُ الضوءَ من شفةِ الدُجى | إن كانَ مِن بُشرى فإني البُشرى |