الجمعة ٢٦ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤
بقلم حسن لمين

جماليات السرد النسائي في الرواية المغربية المعاصرة

شهدت الساحة الأدبية المغربية خلال السنوات الأخيرة ازدهارًا ملحوظًا في الكتابة النسائية، وخاصة في مجال الرواية. وقد برزت كاتبات مغربيات موهوبات نسجن من خيوط السرد حكايات آسرة، تجسّد الواقع المغربي بكل تناقضاته وتعقيداته، وتُعبّر عن هموم المرأة المغربية وتطلعاتها.

وتتميز الرواية النسائية المغربية المعاصرة بجماليات سردية فريدة، تُضفي عليها سحرًا خاصًا وتميزها عن غيرها من الروايات. وتتجلى هذه الجماليات في مختلف عناصر السرد، من الشخصيات والأحداث إلى اللغة والبناء السردي. هذه العناصر الجمالية التي سنحاول مقاربتها من خلال ثلاثة نماذج روائية هي على التوالي: "لا أتنفس" لزهوركرام، و"بيتنا الكبر" لربيعة ريحان، و"بيني وبين إستير" لبديعة الراضي رواية لا أتنفس لزهور كرام: صرخة أدبية من قلب المعاناة
من خلال هذا المنجز السردي تنسج الكاتبة المغربية زهور كرام أكاليل سردية رثاءً لضحايا وباء كورونا، حاملةً عنواناً شاعرياً مأساوياً يكشف عن عمق المعاناة الإنسانية في زمن الجائحة حيث تأتي الرواية كقراءة تفاعلية مع قضايا الواقع، لتؤكد قدرة الأدب على استباق الأحداث وفهمها بشكل غير مباشر، وفضح عيوب المجتمع وتحفيز عقول أهل العلوم الإنسانية على التفسير والتحليل.، لتُشكّل إضافة هامة للنتاج الأدبي المغربي المعاصر، وتُخلّد ذاكرة ضحايا الوباء عبر لغة إبداعية مؤثّرة.

تغوص رواية "لا أتنفس" للكاتبة زهور كرام في أعماق الأزمات الإنسانية التي فجّرها وباء "كورونا"، لتُقدم لنا حكايات مؤثّرة لشخصيات تعاني من أزمات هوية وذاكرة، وعدالة اجتماعية ومعنى وجودي. تُجبر هذه الشخصيات، وهي في خضمّ هذه المعاناة، على "البحث عن هويتها وذاكرتها" وسط صراعات قاسية مع الفقر والتشرد والهجرة السرية والحدود، والغربة، والعنف، والانتقام.

وتتداخل حكايات هذه الشخصيات مع حكاية جائحة "كورونا" التي تنسج خيطاً موازياً في الرواية، لتُشكل لوحة مُتكاملة عن معاناة الإنسان في زمن الجائحة.و تُظهر الرواية كيف فاقمت الجائحة من حدة الأزمات الموجودة، وكشفت عن الظلم والقهر الذي يعاني منه الكثيرون، وتتجلى لنا الأزمة قبل الخوض في غمار هذا النص الروائي، حيث يستوقفنا العنوان الذي يحمل دلالات عميقة، فهو يُجسّد معاناة الإنسان المُختنق، سواءً على الصعيد الجسدي بسبب وباء كورونا، أو على الصعيد النفسي نتيجة ضغوطات الحياة اليومية. كما يُشير العنوان إلى شعور الشخصيات بالاختناق داخل العالم الافتراضي، حيثُ تُصبح هوياتهم مُزيّفة وعلاقاتهم سطحية. فقد أبدعت الكاتبة لوحة فنية قاتمة للفضاء العام للحكاية، تمزج فيها بين الواقع والخيال، مُحطّمةً الحدود الوهمية بين الفنون حيث تلاحق آلام البشر وتُخلّد لحظات مآسيهم، سواء تلك التي ظهرت على السطح أو تلك التي دفنت تحت طبقات من الصمت، لذلك تلفت انتباهنا جملة قاسية لا هوادة فيها: "يزداد مولود قبل أوانه، وتعثر الشرطة على جثة بمحاذاة النهر". تُجسّد هذه الجملة صورة المسخ والتشوه، وتضع القارئ مباشرةً أمام عالم روائي قاتم، تُصرّ صانعته على كشف كل شيءٍ دون مواربة، حيث تنفجر مدينة بكاملها، وتغرق في بحر من الفوضى واليأس. يجد القارئ نفسه محاصرًا وسط مدينةٍ موبوءة باليأس، مدينة فقدت بريقها وفُقدت فيها هبة البصر. "كل نساء المدينة أصبن بالعمى". إنه زمن المسوخ، زمن انهيار القيم وضيق التنفس، كما تُعبّر إحدى الشخصيات الروائية: "أنا الآن أختنق، لا أتنفس، وهناك بعد قليل أو ساعةٍ قد أتلاشى في صمتٍ". لا تقتصر الرواية على تناول زمن كورونا، فهي تخوض في عصر كامل من الفساد والأمراض الاجتماعية والسياسيّة، عابرة أمكنة وأزمنة، عبر الحوارات والتأمّلات في الذات والآخرين، وبلوغ الخلاصات فيما يتعلّق بالعلاقات بين الكائنات.

من خلال المؤشرات السابقة، يمكن اعتبار رواية "لا أتنفس" بمثابة رحلةٍ غنيةٍ في دهاليز المجتمع المتشظي في زمننا الحديث. حيثُ تغوص الكاتبة ببراعةٍ في عمقِ التناقضات والصراعات التي تُميّز هذا المجتمع، مُفتّحةً المجال أمام تأويلاتٍ مُتعدّدةٍ تجعلُ المتلقّي شريكًا في بناء النصّ وتشكيلِ تصوراتهِ الخاصّة.

تُجسّدُ الروايةُ فضاءً واسعًا مُتشعّبًا تتناسلُ فيه الحكايات، لتُصبحَ مرآةً تعكسُ إشكالاتِ الواقعِ بكلّ تعقيداتهِ وتناقضاتهِ. وبذلك تُؤكّدُ على قدرتها على التجدّدِ والتكيّفِ مع مُستجدّاتِ العصرِ، لتصبحَ بمثابةِ أداةٍ فاعلةٍ لفهمِ العالمِ والتفاعلِ معه، وبالتالي تُقدّمُ "لا أتنفس" مساهمةً هامّةً في مجالِ التأريخِ الاجتماعيّ للأدبِ، من خلالِ رصدِها الدقيقِ للتحولاتِ التي طرأتْ على المجتمعِ، ولكنْ، لا تكتفي الروايةُ بوصفِ الواقعِ، بل تُحاولُ أيضًا طرحَ بعضِ التساؤلاتِ الجوهريةِ حولَ مستقبلِ هذا المجتمعِ، تاركةً المجالَ مفتوحًا أمامَ القارئِ للتأملِ والتفكيرِ.

أما إذا انتقلنا إلى الجانب الأسلوبي، فإننا نجد أن رواية زهور كرام تميزت بأسلوبها الفريد الذي يخالف المألوف، حيث اعتمدت على الأسلوب التشعبي المتفرع القائم على الاحتمال. هذا الأسلوب يكسر خطية السرد ويضفي عليه نوعاً من الإرباك على القارئ، مما يضعه في متاهة من الأحداث والشخصيات، كما أن تعدد الساردين في الرواية وتنوع ضمائر السرد وتبدل المنظورات بشكل سريع ساهم في تعزيز هذا الإحساس بالارتباك، لذلك يواجه القارئ صعوبة في البداية في تمييز خيوط الحكاية وتحديد معالم الشخصيات والتفريق بينها، خاصة مع كثرة الفراغات التي لا تملأ إلا من خلال القراءة المتقطعة التي تتطلب الرجوع إلى ما سبق للتأكد من عودة السرد إلى شخصية معينة.

يتجلى الأسلوب التشعبي بشكل واضح في الرواية من خلال مداخل رئيسية تفرعت عنها المحكيات وتشعبت، تاركة للقارئ مهمة ملء الفراغات التي خلفتها.

تتكون الشخصيات في الرواية تدريجياً من خلال الوقائع والأحداث التي يرويها الساردون، ومن خلال تعرية عالمها الداخلي أثناء تعريفها بنفسها.

رواية "بيتنا الكبير" لربيعة ريحان: رحلة عبر الذاكرة، وكشف لخبايا أجيال تستكشف رواية "بيتنا الكبير" للكاتبة ربيعة ريحان مسارًا زمنيًا، يمتد من الربع الأول من القرن العشرين إلى ستينيات القرن الماضي، من خلال سرد حكايات أفراد عائلة متعددة الأجيال، حيث تُقدم الرواية شخصية الجد كنموذج فريد مُغاير عن أعراف المجتمع، فقد اختار طريقًا غير مألوف، مُمهدًا الطريق للأجيال القادمة..

تروى القصة من منظور "فريدة"، الطفلة التي تمّ فصلها عن حضن أمها "عقيدة" للعيش مع والدها وزوجته في "البيت الكبير". يحدث هذا الانفصال زلزالًا في حياة فريدة، ويترك أثرًا عميقًا في ذاكرتها، مما يُحفّزها على استكشاف حكايات أفراد عائلتها، بدءًا من الجد الأكبر إلى الأب والأم وزوجة الأب، وهكذا تُقدم الرواية تحليلًا دقيقًا لعلاقات أفراد العائلة وتفاعلاتهم، مع تسليط الضوء على الاختلافات والتناقضات بين الأجيال.

من خلال اختيار الكاتبة لعنوان "بيتنا الكبير"، يتضح للقارئ أهمية حضور "العائلة" في حياة البطلة. إنها ليست مجرد كلمة تعني المكان الذي نعيش فيه، بل هي تنبيه مهم يشير إلى تجمعات الأحبة والأقارب، الجدات والأجداد، العمات والخالات، الصغار والكبار، والبراعم، كلهم يشكلون جزءاً لا يتجزأ من هذه القبيلة الممتدة. تتفرع الأسرة كشجرة كبيرة، تمتد فروعها في كل اتجاه، وتشكل أفرادها قصصًا حية مليئة بالماضي والحاضر، وبذلك تكشف الرواية ببطء عن هذا العالم، مستمدة قصتها وأحداثها من تجارب أفرادها المختلفة. إنه عالم يتكون من ذكريات الجد الأكبر "كبور"، بروحه القديمة، وخبرته الثرة، وكفاحه المستمر، ونزقه الفريد، وصندوق أرشيفه الذي يحتفظ بكنوز الزمن الماضي. الراوية تقدم هبة القدرة على جمع هذا الماضي، وتتبعه بدقة، لتختزل حياة كاملة بأفراحها وأتراحها، تعقيداتها وخفاياها، أخطاءها وتضحياتها، وبذلك تترك بصمتها العميقة على أجيال نسل هذا الجد، محتفظة بتاريخهم وإرثهم بكل جوانبه.

رغم التحولات التي شهدتها قصة "بيتنا الكبير" عبر الزمن، إلا أن إحدى أبرزها كانت قدرة المرأة على بناء هويتها الخاصة بعيدًا عن قيود المؤسسات التقليدية، خاصة المؤسسة الزواجية التي غالبًا ما تكبح طموحاتها. ترتبط هذه القدرة بفهمها لأهمية التعليم في تحقيق ذلك، حيث يُمكنها من توسيع آفاقها وتجسيد آمالها في مجتمع يعترف بحقوقها واختياراتها. ومع ذلك، كانت الرحلة المؤلمة لفريدة تحت سقف المهنية تجعلها تعاني من الإحباط والعزلة، وتبتعد عن تحقيق طموحاتها الشخصية والمهنية.

ورغم ذلك، استطاعت فريدة أن تنتصر على تلك الصعاب بفضل الكتابة، فأصبحت لها وسيلة للتعبير عن ذاتها واستكشاف مسارات جديدة. بواسطة الكلمات، تستطيع أن تخوض رحلة داخلية محورها البحث عن الذات وتحقيق النضج الشخصي. ومع ذلك، لم تكن هذه الرحلة خالية من التحديات، فقد واجهت فريدة عقبات عديدة على طريق التغيير وتشكيل هويتها الجديدة، ولكنها استمرت في السعي نحو تحقيق حريتها واستقلاليتها في اتخاذ القرارات وتحديد مسار حياتها.

أما إذا انتقلنا إلى جانب البناء الروائي، فإننا نجد أن رواية "بيتنا الكبير" تتصف بلغة سردية مميزة تُضفي عليها سحرًا خاصًا وجاذبية للقارئ، وتتسم هذه اللغة بالعديد من الخصائص التي تجعلها سهلة التناول ومُقربة من الواقع، مما يُساهم في إيصال الرسالة الروائية بشكل فعّال حيث إن الكاتبة تعتمد على تركيبات لغوية سلسة بعيدة عن التعقيد، مما يجعل النص سهل الفهم على القارئ العادي. وتبتعد عن استخدام المصطلحات المعقدة أو الألفاظ الغامضة، وتُفضل استخدام لغة واضحة ومباشرة تُوصِل المعنى ببساطة ويسر، هذه اللغة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالواقع، وتُجسّد الأحداث والمشاهد بشكل حيوي وملموس، وتستخدم الكاتبة العديد من الأوصاف الدقيقة والتراكيب التشبيهية التي تُضفي على النص واقعية ملموسة وتُقرب القارئ من الأحداث وكأنّه يعيشها بنفسه.وقد عتمدت الكاتبة في بناء الرواية على تقسيم النص إلى 30 فصلًا قصيرًا مرقمًا، مما يُساعد على تنظيم السرد وتسهيل عملية القراءة على المتلقي. وتُتيح هذه الفصول للقارئ فرصة أخذ قسط من الراحة بين كل فصل وآخر، ممّا يُساعده على التركيز على الأحداث والاستمتاع بقراءة الرواية.

وفي الختام، تضفي الكاتبة على روايتها ديناميكية خاصة من خلال تداخل الأزمنة بين الماضي والحاضر. وتتنقل بسلاسة بين سيرة الجد وحياة حفيدته فريدة، مما يُثري السرد ويُضفي عليه عمقًا تاريخيًا واجتماعيًا. وتُساهم هذه التقنية في ربط الأحداث ببعضها البعض وتوضيح تأثير الماضي على الحاضر.

رواية "بيني وبين إستير" لبديعة الراضي: وطن مسلوب..وأرض مغتصبة

تتكون هذه الرواية من 190 صفحة، تتضمن واحدا وعشرين فصلا معنونا، أولهاب“انزياحات نحو الخيال” وآخرها ب “تحديد المسافة”، ويمكن اعتبارها من أحدث الإصدارات الأدبية التي تناولت القضية الفلسطينية من منظور إبداعي فريد.

إن أول عتبة يمكن الوقوف عندها قبل خوض غمار النص، والنبش في مكنوناته الابداعية والجمالية، هوالعنوان الذي نجد أنه يعكس تعدد الأبعاد الثقافية والسياسية والاجتماعية التي تتناولها القصة، والتي تتراوح بين الصراعات الوجودية والتاريخية والشخصية. يظهر في العنوان استخدام الحوار الصريح كأداة أساسية لاستكشاف هذه الأبعاد، حيث تتبادل الشخصيات آراءها وتوجهاتها بشكل مباشر، مما يعكس التعقيدات الفكرية والعاطفية التي تحيط بالقضايا المطروحة في الرواية.

بالإضافة إلى ذلك، يعكس العنوان التشابك الأدبي الذي يتجلى في تنوع الرؤى الوجودية والاجتماعية، والتي تندرج ضمن إطار حبكة أدبية معقدة. وبينما تتباين الرؤى والمواقف بين الشخصيات، يتكشف الصراع الداخلي والخارجي الذي يعتري العلاقات الإنسانية والسياسية في الرواية.

من خلال تعاملها مع القضايا التاريخية والسياسية، تبرز الرواية كمعالجة مميزة لمسألة ذات أهمية قومية وثقافية، وهي قضية تاريخية سياسية تمثل الأم الروحية للبلاد الإسلامية ألا وهي القضية الفلسطينية، ومن اللافت في الرواية هو مزجها بين شخصيات مختلفة، مثل المرأة الفلسطينية والإسرائيلية والمؤلفة الضمنية المغربية، والتي تعتبر رموزاً للثقافات والهويات المتنوعة في المنطقة. يتم تناول هذه الشخصيات بطريقة معقدة تمزج بين الماضي الأليم، والحاضر المستبد، والمستقبل المجهول، مما يضفي على الرواية عمقاً وتعقيداً فريداً.

تغوص بنا الرواية في نقاش محتدم واضح الهوية، حول قضية فلسطين من خلال حوارات متعددة الأصوات لشخصيات مختلفة. ويظهر النص الروائي التباين في وجهات النظر حول القضية الفلسطينية، بدءًا من أولئك الذين يرون أن الشعب الفلسطيني قد ضحى بأرضه وباع قضيته، إلى أولئك الذين يرون أن المقاومة هي الحل الوحيد، إلى أولئك الذين يدافعون عن الحوار والسلام كوسيلة لإنهاء الصراع.

في هذا السياق الجدلي الملحمي، ينطلق حديث إستير، تارة بأنغام لغة الحوار العميق وتارة بصورة ملموسة تفتح أبواب التصوير الروحي. تتحدث إستير عن الدولة التي تحلم بها،وعن تلك البقعة الأرضية التي يتجسّد فيها حلم المساواة بين الجنسين، حيث تستطيع النساء أن يلتقطن شموع المساواة ليضئن طريقهن إلى قمة الإنجاز. تترنم كلماتها بنغمات العدالة الإنسانية، تنادي بالمساواة بين البشر بغض النظر عن العرق أو الجنس، أو اللون. ومع هذا الترنيم الجميل، يظل الواقع القاسي حاضرًا بشدة، حيث ينشغل فادي وسليمان وأكرم ونور بمعركتهم اليومية ضد لهيب الاحتلال وجراح الاستيطان المتفاقمة. إنهم ينطقون بصوت واحد، يتلفظون بلغة واحدة، تلك التي تحمل في طياتها تحديات فلسطين والقدس العظيمة.

مع تصاعد حدة الجدال بين الشخصيتين اللتين تشتركان في قضية ملحة محملة بالجراح والتضحية، تختار الروائية أن يطلق طيف رأيها في ساحة الحوار، حيث تتخذ موقفاً لائما ثم تتدخل بذلك في المحاورة بين دلال وإستير هذه الأخيرة التي تتحمل مسؤولية اللجوء إلى العنف اللفظي والتلاعب بالحقائق، فقد تجاوزت حدود النقاش الهادئ لتتحول إلى جلادة ترتدي قناع الدفاع عن الإنسانية.

بتصريحاتها المعادية للسلام، أصبحت إستير كالقنبلة الموقوتة التي تنذر بالانفجار في أي لحظة، فتصبح صانعة للحرب تحت غطاء السلام. بشكل مفاجئ، تظهر هي نفسها كالكيان الصهيوني، بعد أن كانت تختبئ خلف أقنعة وهمية، وتمتلك ورقة الاعتراف بكونها جزءًا من واقع آخر. وبذلك، تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الحقيقة، تكشف عن جانبها الظالم وشراستها، وتظهر قدرتها الفائقة على ممارسة الظلم دون تردد.

تُعدّ رواية "بيني وبين إستير" عملًا روائيًا هامًا يُقدّم رؤية إنسانية مُتوازنة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. كما تُؤكّد الرواية على أهمية الحوار والتواصل بين الطرفين كسبيل لتحقيق السلام. تُعدّ الرواية دعوةً للتفكير في قضايا الهوية والذاكرة، ودورها في تشكيل الصراعات الإنساني.

وختاما لهذا المقال المتواضع، الذي سلطنا فيه بعض الضوء على ثلاثة نماذج لمنجزات روائية لمبدعات مغربيات معاصرات، نقول: إن الرواية النسائية المغربية المعاصرة ظاهرة أدبية هامة تتميز بالجرأة في طرح الأفكار وتناول المواضيع، وكسر النمطية السردية، والتعبير عن الذات بكل انفتاح، وتجديد الخطاب الروائي، والدفاع عن حقوق المرأة في الوجود والإبداع، ولا غرابة في ذلك لأن كاتباتنا ارتقين في مدارج الثقافة، ونهلن من منابيع الخلق والإبداع.

حسن لمين

 زهوركرام، لا أتنفس، دار فضاءات للنشر والتوزيع، عمان، ط1\2021

-ربيعة ريحان، بيتنا الكبير دار العين للنشر، ط1،/2022

 بديعة الراضي،بيني وبين إستير، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، 2022


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى