الأحد ١٢ أيار (مايو) ٢٠٢٤
بقلم حسن لمين

صدى الماضي

ذات ليلة من ليالي شهر دجنبر الممطرة والباردة، تلقت "هند" مكالمة غريبة من رقم هاتفي مجهول على هاتفها، وأثناء ردها سمعت صوتا ذكوريا أجش يصرخ بغضب: أعلم أنك وحدك في البيت يا حبيبتي!!

ارتجف قلب "هند" من شدة الخوف، وتملكها شعور غريب من الرهبة. لم تتعرف على الصوت، ولم تذكر أنها سمعته من قبل. حاولت التماسك وسألته: "من أنت؟ وماذا تريد؟".

ازداد غضب المتصل، وارتفع صوته قائلاً: "ألا تعرفين صوتي يا "هند"؟ لقد نسيتني سريعاً بعد كل ما مرّ بنا؟ !".

ازداد ارتباك "هند"، وتناولت هاتفها لفحص الرقم مرة أخرى. لم يكن هناك أي اسم مسجل، فقط أرقام غريبة. ازداد إصرارها على معرفة هوية المتصل، فسألته مرة أخرى: "من فضلك، أخبرني من أنت وماذا تريد؟".

صمت المتصل للحظة، ثم قال بصوت هادئ ممزوج بالحزن: "فؤاد" يا "هند"، "فؤاد" خطيبك القديم. هل نسيتني حقاً؟".

هزّت "هند" رأسها بنفي، مُنكرةً ما تسمعه، لم يخطر ببالها أبداً أن يكون "فؤاد" هو المتصل. لقد انفصلت عنه منذ سنوات، ولم تسمع عنه أي خبر منذ ذلك الحين.

"لا يمكن أن تكون أنت يا "فؤاد"، لقد مرّ على انفصالنا سنوات طويلة!"، قالت "هند" بنبرةٍ ممزوجة بالدهشة والارتباك.
"أعرف يا هند، أعرف. لكن لم أتمكن من نسيانكِ. لقد حاولتُ كثيراً، لكنّ صورتكِ تظل تطاردني في كل مكان. اشتقت إليكِ كثيراً، أردتُ فقط أن أسمع صوتكِ".

غلبت الدموع "هند"، وتذكرت كلّ الذكريات الجميلة التي جمعتها ب"فؤاد". لقد أحبّته حقاً، لكنّ ظروفاً قاسية أجبرتها على الانفصال عنه.

"فؤاد، أنا..."، حاولت "هند" التحدث، لكنّ الكلمات خانتها.

"أعلم أنّ الأمور انتهت بيننا يا "هند"، ولا أطلب منكِ المستحيل. لكن أرجوكِ، اسمحِى لي فقط بسماع صوتكِ من حين لآخر. اشتقت إليكِ كثيراً".

تأثرت "هند" بمشاعر "فؤاد" الصادقة، وشعرت بالندم على قسوتها معه. لم ترغب أن تُؤلمه أكثر، فوافقت على طلبه على مضض.

منذ ذلك اليوم، بدأت "هند" تتلقى اتصالات منتظمة من "فؤاد". في البداية، كانت المكالمات قصيرة وحذرة، لكن مع مرور الوقت، بدأت مشاعرهما القديمة تعود من جديد.

أدركت "هند" أنّها لم تنسَ "فؤادا" حقاً، وأنّ حبّها له ما زال حياً في قلبها. قررت أن تمنحه فرصةً أخرى، وبدأت علاقة جديدة معه مبنية على الثقة والتفاهم.

مع مرور الوقت، نسي "فؤاد" غضبه وألمه، وعادت علاقتهما أقوى من أي وقت مضى. لقد أدركا أنّ الحب الحقيقي لا يعرف المستحيل، وأنّه يمكن أن يغلب أيّ عقبة مهما كانت صعبة.

وهكذا، تحوّل ذلك الاتصال الغريب في ليلة باردة من شهر نونبر إلى بداية قصة حب جديدة مليئة بالأمل والسعادة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى