الاثنين ١٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم
حضور السـيدة البابليـة
من واحةِ ذاكرتي المهجورةِتولدُ سيدة الأقمارِ الخضروتُشرقُ مُزهرةً في أحلامي.تتماسكُ كالغيم المتأججِ،تبرقُ في جسديتمتدُّ سريعاحتى آخرَ رعشةَ حُبٍّ:تقطُرُ في غاباتِ وجوديثمّ تُعاودني كالحمّى.أنصتُ مشـدوها:أتَحسَّسُها تتَحرّك،تجرحُ جلدي بالعطرِ المتصاعدِمن لهَبِ العينينوتخرقُ رأسي بالنغمِ الشرقيِّ،وبالشِّعرِ المهووس بايقاعِ الحركاتوأنفاس الكلمات.عيناها شمسٌ من ذهبٍ مجدولٍ،والشفتينِ حدائق وردٍ مشـتعلبالرغبةِ والحبّ المجنون.قالت:- إتبعني دون سؤال:حُبّي عنقاء تولدُ منكَوتُفنى في قلبي.- إتبعني دون كلام،وادخل مملكة القلب المسكونِبماءِ الذّكرىوالحزنِ الموروث.في المدخلِصارت نَحتا محفوراًبأنين عذاباتِ الزّمنِ الممزّقِ،صارت قُربانا يَتحوّرُتحتَ بخورِ معابدَ بابلَوالصّلَوات...أشعلتُ شموعا من همّي،ودَنوتُ،رأيتُ قوانينَ الأحزانِوغِبتُ طويلا في جَذبِ التّهويمِوطقسِ العشقِ الصّامِت.في آخرِ أعوامِ الفيض الأبديّأفَقتُ،فكانَ على جسدي عُشبٌ مرٌّورسومٌ تعنيها.كالمِسكِ يموعُ الخَصرِويلتَهِبُ الجسدُ العاريفي طَلسمِ كلِّ عناقٍ محمومٍ.ألقاني أسكنها،أتملّكُ لونَ صِباهامُنتحلا شكل المعشوقِوسيف العاشق.قالت باكيةً:- كن في جسدي شكلا لعذابٍ آخركن نهريوصهيل دمي.من عالمِ غيبتِها تأتي:تتمطّى كالطيرِ المعتوقِ؛تغنّي،ترقُصُ حولَ النّارِ:كأسرابٍ من مَرجانٍ ورديّتلمعُثمّ تعاودُ رحلتها.مجنونا أبحثُ عنها في آلامِ العشّاقِوأركضُ بينَ غياهِبِ أوجاعي،أتحرّقُ تحتَ صقيعِ الغربةِفي طرقِ الليلِ المهجورةِ،أصرخُ ثورة حبّي في قلبِ الفجرِ الغافي،أبكي سـنوات الوحدةِ،والتّرحال.حبّي كالريحِ يمزّق صدريمثل البحرِ ينازعُ فيَّوينخرُ روحي حتى العَظمَ...أضيعُ وحيداً في غاباتِ الخوف،وأسرحُ خلفَ غزالَةَ عشقيأمنحها أسرار وجوديوالدمعَ المتفتّح في أحشائي...أتقرّبُ منها مرتعشا،أتلمّسُ وجنتها،شفتيها...تضحكُ،تهرُبُ،ثمَّ تغيبُ وراءَ سهول الصمت...