

حوار مع الشاعرة السورية انتصاربحري
هواياتها متعددة، مواهبها متنوعة،. انتصاربحري فنانة: اتبعت دورات خارج القطر في إخراج المسرح الإيحائي التعبيري، ولها عدد من المسرحيات: (عندما تنطلق الحجارة ـ طريق العنبرـ إلخ) من إخراج المهرجانا ت الرياضية، ونالت شهرة واسعة في هذا الميدان، تهوى لعبة (التـنس)، وهي من بطلات سورية مدة عشرين عاماً في المنتخب الوطني، وكا نت آخر مشاركاتها(دورة البحرالأبيض المتوسط)، وتعمل في ميدان الديكورات وتصميم الأزياء، وهي شاعرة،جابت أصقاع الدنيا سفيرة لبلدها سورية، رفعت اسمها عالياً في كل ميدان فازت فيه. تغربت، وتنقـلت من بلد إلى آخر، وذاقت مرارة الغربة، فهي، كما تصف نفسها، من سكان الأرض، تقيم حالياً بين ألمانيا ودبي وسورية، ولدت في مدينة حمص، وتلقت تعليمها في مدارسها، حصلت على د بلوم في التربية الرياضية. وهي خليقة أن يجرى معها حوار، أو يفتح لها ملف في كل ميدان أبدعت فيه ، ومن بين ميادينها المتعددة التي تفوّ قت فيها أختار ميدان الشعر، فهي مهجوسة به، يسري في عروقها، وأنا لم أسمع بهذاالاسم إلا حين أسهمت انتصار في الأمسية الشعرية بالمركز الثقافي في مد ينتنا الحسكة خلال شهر أيارالحالي، وأي إسهام؟ كان متميزاً، له نكهته الخاصة. تذوّ ق جمهور مدينة الحسكة في هذا الصوت الأنثوي القادم إليه من مدينة ابن الوليد وديك الجن جمال الشعروروعته بعد أن نفرته منه الأصوات المتعاقبة على مركزه الثقافي، وأغلبها من محافظة الحسكة. إطلالة محببة إلى النفس وحضور آسر، استبد صوتها الرخيم العذ ب بامتلاك أسماع جمهورالحاضرين وقلوبهم، وتحول إلقاؤها إلى معزوفة موسيقية، أطربت الحاضرين في إنشادها بل غنائها القصائد التالية:(وسافرنصف الكلام، ضماد من حريرالغناء، رباعيات)، تظافرت في هذه المعزوفة موهبة الشعر وتزاحم الصوروالرمزوالإيحاء وجمال الأسلوب وتغريد الإلقاء، خطفت من غيرها أضواء لا تهرول إليها، وأحرج تألقها في هذه الأمسية غيرها من المشاركين، فأربكت بعضهم حتى تمنى لو أنه لم يشارك. كان لي الحوار التالي مع الشاعرة انتصاربحري:
س 1: نتعرف إلى بداياتك في كتابة الشعر، من دفعك إليه؟
– البدايا ت في كتابة الشعركانت منذ المرحلة الإعدادية، مد رّساتي في اللغة العربية أول من شجعنني على الكتابة، ثم الدكتورحسام الخطيب والشاعـرشوقي بغدادي وعبد القادرالحصني، وأنا أعتـز أنني تتلمذت على أيديهم.
س2: بمن تأثرت من الشعراء القدامي والمحدثين؟
– تأثرت بالشاعرالمتنبي وأحمد شوقي ـ بدرشاكرالسياب ـ عبد القادرالحصني وكذلك أدونيس.
س3:ما الدواوين الشعرية التي قرأتها؟
– قرأت الكثير من الدواوين، ولازلت.
س4:كيف ترين مستويات الشعراء السوريين؟
– يتأرجح الشعـرعلى مستويين: الجيد والرديء، مثله مثل كل المساحات الشعرية في الوطن.
س5: بماذا تفسرالشاعرة السورية انتصاربحري إعراض النا س عن حضور الأنشطة الثقافية في المراكزالثقافية، لا سيما الأمسيات الشعرية؟
– أسباب إعراض الناس عن حضورالأنشطة، تبدأ بالتقصيرالإعلاني أولاً، وثانياً الشعرالرديء، لا يستقطب المثقفين.
س6: ما الشروط الضرورية التي ينبغي توفرها بنظرك في الشاعـر الناجح؟
– الشروط التي أراها ضرورية في شخصية الشاعـر الناجح، هي:
أ ـ النص الشعري الجيد.
ب ـ المقدرة على الإلقاء.
ت ـ الحضور المحبب والقدرة على التواصل مابين أجواء القصيدة والجمهور.
ث ـ الدخول إلى عالم القصيدة بعمق والانصهار بالنص شكلاً ومضموناً.
س7: نتعرف إلى نشاطك الشعري ، إن في مدينتك حمص أو في سائر المحافظات السورية، وقد كان لإسهامك المتميز في الأمسية الشعرية التي أقيمت في المركز الثقافي بمدينة الحسكة أثر طيب في جمهور الحاضرين.
– منذ شهرين كا نت لي أمسية في ألمانيا ـ ميونخ (رابطة المغتربين العرب) ـ اتحاد الكتاب العرب.
وعند العودة للوطن، أقمت أكثر من أمسية في محافظة حمص ـ تدمرـ صد د(احتفا لية أبي فراس الحمداني)، كان مهرجاناً جميلاً وموفقاً، ثم مشاركتي في مهرجان الشعراء الرابع في مد ينة القامشلي، ثم الأمسية الأخيرة التي لها وقع جميل في نفسي بمدينة الحسكة، حينها كـنت أحلق في عالم القصيدة بلا تحفظ، بلا تردد. كان جمهور مدينة الحسكة جمهوراً رائعاً مثقفاً منصتاً بتعمق، أتاح لي فرصة الفوز باجتيا ح منا خ القصيدة دون خجل، تحد ثت عن الحب بطلاقة وعلوـ تحدثت عن الوطن بحزن وحنين ـ دخلت محراب القصيدة:
بخفـين من مخمل كي لا يفيق القمرتذكرت وقع الكلاموكان بيني وبينهم نحليلم رحيق الشفاهويغـرق في فضة من أمانوأعلم أنّ في هذه البلاد التي هي بلادي جمهوراً مستمعاً مثقفاً.يتأرجح ما بين النقد والكتابة، وأعلمأني آتية من الملح والرمل كي أقص عليهمفصول عذابي، وأمضي بهذا الحنين إليهم
س8:ما الموضوعات التي أخذت حيزاً واسعاً في قصائدك الشعرية أكثر من سواها، ولماذا؟
– الحب والبوح ـ الوطن ـ الاغتراب. تحد ثت عن العاصي مطوّ لاً:
س 9: هل لك أن تسمعينا شيئاً مما قلته عن مد ينتك حمص وأنت في ديار الغربة؟
– نعم!
أحجارك السود بالهدبين أمسحهارفقاً، وأخشى عليها اللمس يجرحهامرمية في دروب النا س مهملةيا ليت تعلم أن القلب مطرحها
تحدثت عن آلام البلاد( الوطن)، وكا نت لي قصيدة بل ملحمة جديدة(ليلة الحنّاء)، سكبت فيها عصارة تجربتي الشعرية، هي أحب القصائد إلى قلبي، وبها أعتز، فقد زاوجت بين بعض الأشكال الأد بية، ووظفت فيها السرد والنجوى والحوار والرمزفي عمل درامي ، آلفت في مقاطعها من حيث الشكل بين شعر التفعيلة والشعر العمودي، أرجو أن تأخذ حقها من اهتمام النقاد بها دراسة وتحليلاً. القصيدة تحكي ليلة اغتصاب بغداد، فكم من فتاة وفتاة اغتصبتها شهوات نتنة ، حقيرة، ورمتها ممزقة على جسد التراب، أقول في بعض مقاطعها:
لماذا نصحوبين فؤوس الحطابين؟أعود إلى مطلع الشعرهذا المساءوأذكرتلك العروسوليلتها البكـرأذكرأنهارهاأتذ كرحجارهاأتأمل تارخ أيامهاوهي تغزل أقمارهاللشهوروأسرارها للعصوروأسأل: من أين جاء السواد؟وكيف اعتراها الحداد؟يانازف الجرح في " مدن الملح"أيامن في الخليج لن تستعادفي زمن الرماد****إذا الماء لم يسق واحات نخلوقصّـرنهرالفـرا توأوغـل (دجلة) في الحزنحتى النحيبفكيف نسيغ الطعام؟وكيف نسيغ الشرا ب؟****الجند الأغرابيقتحمون الأبوابيعلو الذعر، وتذوي أغصان النسرينوالأطفال حيارىمن ذعر يبكون، ويبتهلونفيا ربّاه متى ستعود البسمة للأولاد؟ويشمخ نخل بغدادمتى سيعود صلاح الدين؟
س10:ألديك أعمال مطبوعة؟
– لدي مجموعتا ن شعريتا ن:
1ـ حروف وأحجار كريمة
2ـ وسافرنصف الكلام(صادرعن اتحاد الكتاب العرب)
3ـ الراعية والليل ـ قيد الطبع.
وحتى الآن مازلت في عالم ومناخات الشعـرفقط.
س 11:هـل ترين لغياب حركة النقد أثراً في ركود الشعر بسورية؟
ـ نحن في حاجة إلى أقلام حرة وعقـولنا ضجة ممتلئة بالوعي والعلم والإلمام بالنقد، لأننا أما م أكداس من الأدب المزيّـف والقصائد الخا لية من الشاعـرية، التي لا إحسا س فيها، ولا روح، وما أكثر خريجي اللغة العربية في البلاد! وما أكثر المرتزقة! وما أكثر المقلدين! إنّ غياب النقاد عن ساحة الشعر والأدب بشكل عام، هو الذي أدى إلى هذه الفوضى من الحواس.