نقد مقال أزمة المثقف السوري
يستهل صديقنا الأستاذ حسين عيسو مقاله (أزمة المثقف السوري) برأي هنري مورغنتاو في علاقة الإنسان التركي بالآخرالوارد في كتابه (قتل أمة)حيث يرى مؤلف الكتاب أنّ الإنسان التركي لم تتغيرعلاقته بالآخرحتى بعد احتكاكه بالحضارة الغربية خمسمئة عام، كانت علاقته بالآخر داخل تركيا وخارجها علاقة وجود أو نفي، لايريد أن يفهم الآخر، بل يريد فرض مايريده عليه، فكانت علاقته مع الآخرالخارجي حروباً مستمرة، وفي مكان آخرمن الكتاب يقول المؤلف:"إن الحقيقة الأساسية في العقلية التركية هي الاحتقار المطلق لجميع الأعراق البشرية الأخرى.....كما يرى أنّ هذه النظرة الاستعلائية هي تعبيرعن غرورالإنسان التركي المشوب بالخبل، ويعكس نفسية هذا الجنس البشري الغريب....."
ويرى كاتب المقال أنّ الإنسان التركي حين انفتح على العالم الخارجي والأوربي حضاريا , خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، واستفاد مما وصل اليه العقل الغربي الخلاق من تطور وحضارة, توصل الى نتيجة مفادها أن العلاقة بين الأنا والآخر ليست بالتأكيد علاقة وجود أو نفي بل هي علاقة تفاهم وتكامل حضاري وثقافي, ولهذا يرى صديقنا الأستاذ حسين عيسو أنّ مقولة مورغنتاو في الإنسان التركي لم تعد معقولة اليوم. فالإنسان التركي برأيه يطالب اليوم بالإعتراف بالمذابح ضد الأرمن، والانفتاح على القضية الكردية والمساواة مع الكرد، ويستعرض في هذا السياق قول الكاتب التركي أحمد آلتان: "ان سبب خروج القضية الكردية الى الوجود هو إنكار الأتراك وجود الكرد كشعب."
وفي هذا المقال يلتمس الكاتب لكمال أتاتورك وللمثقف التركي من بعده المسوّغات في حربهما على الإسلام وسعيهما لاستئصال تراث تركيا الإسلامي وفصل تركيا عن جذورها، فهو لايرى الإسلام منهجاً في الحياة وعقيدة سماوية، وإنما يراه وسيلة لتحقيق مصلحة دنيوية، لا أكثر، ولا أقل. وفي رأيه أنّ المثقف التركي كان أوعى من أن يربطه الموروث عند نقطة محددة، وذكاؤه الفطري جعله يتحول إلى الإسلام مصلحيا حين وصل الى هذه المنطقة منذ حوالي سبعة القرون , وأدرك أن هذا الدين يخدمه في سبيل فتوحاته , لكن كمال أتاتورك في القرن العشرين رفض أن يعيش في الماضي لأنه رأى الإسلام أصبح جزأ من التاريخ, وبعد أن استفاد منه فيما مضى , تركه ليتجه الى حيث العلم والمعارف, الى أوربا.
ويخلص كاتب المقال من مقدمته الطويلة إلى تقريرالنتيجة الآتية: إنّ الإنسان التركي ماكان لينفتح على الآخر، ويتخلى عن نظرته الاستعلائية عليه خاصة الآخرالمختلف معه في الداخل لولا اتصاله بالغرب والاستفادة من عقله المبدع، ولولا تخليه عن الإسلام وموروثه التأريخي. وقرّركاتب المقال هذه النتيجة ليتكىء عليها في حديثه عن علاقة الإنسان السوري بالآخر، الإنسان الذي يراه متقدماً على الإنسان التركي حضارياً في عهد الاحتلال العثماني للبلاد العربية.
أمّا اليوم فيجد المثقف العربي السوري الذي هونخبة الشعب السوري، ويمثل طليعته قد رجع إلى الوراء بسبب تكبّله بالموروث القومي الإسلامي الذي طغى على سلوكه وعلاقته بالآخر، فتعالى عليه، ونظرإليه نظرة عداء، هذا المثقف يرى أنّ وجوده ينفي وجود الآخرالمختلف عنه، وإذا تنازل قليلاً، وقبل به، فعلى أساس انّ الآخرأقلية، وعليه قبول مايقدم له كمنّة. وهو في نظرته اليوم إلى الآخربالداخل يشبه الإنسان التركي قبل انفتاحه على العالم الخارجي، واستفادته من العقل الغربي المبدع في تطوره وحضارته. فالفكرالقومي ودعوته إلى تحقيق الوحدة العربية والموروث الإسلامي اللذين يرتكز عليهما المشروع العربي النهضوي الحضاري هما بنظركاتب المقال عقبة بوجه التحضروالتطوّر، ويحولان دون انفتاح المثقف العربي السوري على الآخربالداخل والاعتراف بوجوده، وهما السبب في استعلائه عليه، واحتقاره له. فالمثقف العربي السوري بنظركاتب المقال يشبه اليوم الإنسان التركي الذي وصفه هنري مورغنتاو بالإنسان المغرورالمخبول، يريد كاتب المقال أن يقول: إذا أراد المثقف العربي السوري أن يتجاوز تخلفه وتراجعه، وأن ينفي عن نفسه الغروروالخبل الذي اتصف به الإنسان التركي، فعليه ان يستفيد من تجربة الإنسان التركي، فيتخلى عن فكره القومي وتراثه، أي يتخلى عن مشروعه العربي النهضوي الحضاري، وينسلخ عن هويته، حينئذ ينفتح على الآخرالوطني المختلف عنه، وتصير علاقته به صحيحة قائمة على المساواة، ولايريد كاتب المقال أن تكون هذه المساواة قائمة على الأخوة، ويقرّرأنّ الكرد لايريدون الأخوة التي تربطهم بأشقائهم العرب عبرتأريخهم المشترك الطويل، فيقول: علينا الكف عن ترديد مقولة "الكرد أخوة لنا" بل التأقلم مع تعبير"الكرد متساوون معنا" ويقول متحدثاً باسم الكرد جميعهم: "الكرد لا يريدون"الأخوة" بل يريدون" المساواة". الأخوة لا تأتي بالمساواة, بينما المساواة تؤدي الى الأخوة" ويتضح لنا مما تقدم ذكره أنّ حلّ القضية الكردية في تركيا وسوريا برأي كاتب المقال يكون بتخلي كل من الدولتين عن فكرهما القومي وتراثهما الإسلامي الذي يعني فيما يعنيه إلغاء وجود الإنسان التركي والإنسان السوري ذلك أنّ وجود الإنسان الكردي على هذا الرأي ينفي وجود الإنسان التركي والإنسان السوري، ولاسبيل أن يعيش الاثنان في وطن واحد. فماذا تختلف عقلية الإنسان الكردي في هذه الحال عن عقلية الإنسان التركي المشوب بالغروروالخبل ذات النزعة العنصرية الاستعلائية التي تحتقرالأعراق البشرية الأخرى؟ ألا تنطوي هذه العقلية على نزعة عرقية عنصرية بغيضة معاكسة، لاترضى حل مشكلة مكونات المجتمع بتوفيرمناخ التفاهم والمحبة والأخوة لها للمساواة فيما بينها، وهل بالعنف يحصل على المساواة هذا المكوّن أو ذاك؟ ثم أيستطيع هذا المكوّن الاجتماعي أو ذاك الحصول على حقوقه دون مؤازرة العرب، وهم الأغلبية الساحقة لأبناء هذا البلد الذين ينتمون إلى أمة عربية واحدة؟ وما قيمة المساواة في أجواء التوتروانعدام الثقة؟ بل ماقيمة هذه المساواة إزاء عقلية ترفض الاعتراف بوجود الآخروتحتقرهوية البلد وتراثه؟ أبهذه العقلية تحل المسألة الكردية؟ ثم يتحدث كاتب المقال عن أزمة المثقف الكردي السوري، فيراها مزدوجة، فهو إضافة الى معاناته من اضطهاد سلطة الاستبداد كما باقي السوريين فإنه يعاني من اضطهاد إضافي هي سلطة بعض الأحزاب الكردية وأزلامها, إذن السبب في عدم اعتراف الإنسان التركي والإنسان السوري بالآخرالوطني ناجم عن عدم اتصالهما بالحضارة الغربية والاستفادة من العقل الغربي المتطورالمبدع بفعل تكبّلهما بالفكرالقومي والتراث الإسلامي!! وهنا يثورفي هذا الصدد سؤال يقول:مامدى سلامة الأساس النظري الذي بنى عليه الأستاذ مقاله في حديثه عن أزمة المثقف السوري؟ أو بعبارة أخرى: هل التمسك بالتراث والفكرالقومي هما السبب في فصل الأنا عن الآخروإنكاروجوده؟
1ـ مايلفت النظرفي مقدمة المقال الطويلة التي طغت على حجم المقال الرؤية المرتبكة في فهم العلاقة بين الأنا والآخرالتي تبلغ أحياناً درجة التناقض. ففي مكان تقول المقدمة إنّ علاقة الإنسان التركي بالآخر هي علاقة وجود أو نفي رغم احتكاكه بالحضارة الغربية أكثرمن خمسمئة عام، وفي مكان آخرتقول إنّ علاقته بالآخر قائمة على الاعتراف بوجوده بسبب انفتاحه على الحضارة الأوربية والعالم الخارجي، ونحن لانجد تفسيراً مقنعاً عن سبب عجز الحضارة الأوربية في التأثيرعلى علاقة الإنسان التركي بالآخرأكثرمن خمسة قرون، ثم تأثيرها فجأة في سلوكه، وإحداثها تغييراً في علاقته بالآخر بعد الحرب العالمية الثانية، فكيف لا تؤثر الحضارة الغربية على علاقة الإنسان التركي بالآخرخلال مايزيد على خمسة القرون ثم تؤثرفيها بعد ذلك خلال فترة أقل من قرن؟ أنا لا أرى في الانفتاح على الحضارة الغربية على ضرورة هذا الانفتاح وأهميته سبباً رئيساً في الاعتراف بالآخروالإقراربوجوده. صحيح أنّ المبادىء والنظريات السياسية التي نادت بها الحضارة الغربية أيقظت بها وعي الشعوب إلى مطالبتها بالحرية والديمقراطية وحقوق المواطنة والاعتراف بالآخر إلاّ أنّ الحضارة الغربية في وجهها السلبي انتجت في الوقت نفسه قوى الاستغلال والاحتكار، انتجت الاستعمارالحديث للشعوب، كما انتجت النازية والعنصرية، وتسبّبت في دمارالعالم بالحربين العالميتين الأولى والثانية، ومازالت الهوة بين الأنا والآخرقائمة إلى اليوم في المجتمعات الأوروبية والمجتمعات الأمريكية على أساس العرق أو اللون أو الدين أو المذهب أو اللسان، فالإنسان العربي أو المسلم أوالأفريقي يعامل في الدول الغربية مواطناً من الدرجة الثانية والثالثة وربما الأخيرة، ويعيش مهمّشاً في ضواحي بعض مدنها، وحقوق المواطنة فيها مازالت منتهكة. وخلافاً لما يزعمه كاتب المقال فإن تياراً من المثقفين الأتراك المتشددين قومياً المتصلين بالحضارة الغربية اتصالاً وثيقاً مازال إلى اليوم لا يعترف بوجود الآخرالوطني، وإنما يتجاهله، أو يتعالى عليه. وينكرالاعتراف بمجازرالأرمن.. وبحقوق الأقليات القومية الأخرى. أمّا المثقف العربي السوري الذي يرى الكاتب عقليته في علاقته بالآخرالوطني لا تختلف عن عقلية الإنسان التركي قبل انفتاحه، ولا يرى أنّه دخل مرحلة الحداثة بعد لأنه لم يتصل بالحضارة الغربية اتصالاً يجعله يقطف ثمراتها، ويستفيد من عقولها المبدعة الخلاقة، بسبب مايراه كاتب المقال من تمسّكه بفكره القومي وعدم تحرّره من تراثه العربي الإسلامي، وأنّه لوتحرّرمنهما لتغيّرت عقليته في تعامله مع الآخر، ولكان اعترف بوجوده وصارمثل الإنسان التركي بعد انفتاحه على الغرب، وأنا لا أعلم المصدر الذي بنى عليه الأستاذ حكمه من أنّ المثقف العربي السوري لم يتصل بالحضارة الغربية، ولم يستفد من إنجازاتها؟ هذا غيرصحيح، فالمثقف السوري اتصل بعد الحرب العالمية بالغرب، واطلع على منجزاته، وتجلى هذا الاتصال بأشكال مختلفة عبردراسته في الغرب أواطلاعه على إنجازاته وثقافته وتراثه في جامعاته داخل بلده، أو من خلال وسائل الإعلام لاسيما بعد ثورة الاتصالات التي قرّبت كل بعيد، وجعلت العالم قرية واحدة، والمشكلة عند الأستاذ حسين عيسو تكمن في رؤيته إلى الظاهرة التي يتحدّث عنها، فهو لاينظرإليها نظرة تشمل جوانبها كافة، وإنما ينظرإليها من جانب أحادي بما يخدم وجهة نظره متجاهلاً التناقضات والخلافات والتعارضات التي تمورداخل أجزاء هذه الظاهرة، فهو ينظرإلى المثقفين السوريين على أنهم حالة واحدة، وفات الأستاذ حسين أنّ المثقفين العرب في سوريا كحال المثقفين في أي بلد من بلدان العالم ينتمون إلى تيارات فكرية مختلفة وأحزاب سياسية متعددة، فمنهم القومي، ومنهم الإسلامي، ومنهم الماركسي والشيوعي والليبرالي، ومن هؤلاء من اتصل بالغرب، واطلع على منجزاته، ومنهم من التصق بتراثه، واقتصرعليه، منهم الكتاب والشعراء والأدباء والفنانون، ومنهم مثقفوالسلطة، ومنهم معارضوها، وأنّ الفكرالقومي الذي ينادي بوحدة الأمة العربية يؤكد على أنّ الحضارة العربية الإسلامية التي يرتكز عليها بناء المشروع النهضوي العربي الحضاري صاغتها عبرالتأريخ كل الأعراق والأديان والألسنة والملل والنحل التي عاشت على الأرض العربية من المحيط إلى الخليج، وامتزجت دماؤهم وقلوبهم وعقولهم مع بعضها بعضاً في بناء هذه الحضارة..الفكرالقومي فكرمشروع، يعبّرعن هوية أمة تتطلع إلى بناء كيانها على أرضها الممتدة من المحيط إلى الخليج. وعروبة شعوب الأمة وحدودها الجغرافية لم تنطلقا من فراغ، وإنماهما تعبيرعن حقائق التأريخ والجغرافيا أقرّتها دساتيرأنظمتها، واعترفت بها دول العالم ومنظماتها العالمية وإنّ الوحدة العربية التي تسعى إليها الشعوب العربية إنماهي لجميع أبنائها،الأكثرية والأقلية، تعترف بخصائصهم العرقية والدينية، وتحترم حق الاختلاف والتنوع، وتعترف بوجود الأخر، ولم تكن الدعوة إلى قيام الوحدة العربية قائمة على العرق أو الدين أو المذهب في أي يوم من الأيام إلاّ في عهود الاستبداد والاستعمارالتي أثارت الفتن العرقية والطائفية والمذهبية فجزأت الأمة، ومزقت أوصال المجتمع الواحد، وعمّقت الهوّة بين الأنا والاخرلأنّ سياسة هذه العهود انطلقت من مبدأ (فرّق تسد)..وإذا تبيّن للأستاذ حسين عيسوبعض المغالين، أو مايسميه هو الشوفينيين في الفكرالقومي العربي، فعليه أن لا يأسرنفسه في فهم الفكرالقومي من هذا الجانب الضيق، وإنما عليه أن يطلع على هذا الفكرمن فضائه الأرحب، وأن يحرّرنفسه من أحكام جاهزة مسبقة، يطلقها على هذا الفكر، ويعمّمها عليه، فوجود بعض المتطرفين أو المتشددين قومياً، لايعبرعن حقيقة الفكرالقومي العربي، ولا عن إنسانيته، وهؤلاء قلة، لايخلو منهم أي فكرقومي آخر، ولا تخلو منهم أي أمة في العالم. ويعلم الأستاذعلم اليقين أنّ تياراً واسعاً من المثقفين العرب، وفي طليعتهم دعاة الفكرالقومي يطالبون إلى الاعتراف بوجود الآخرالوطني، ويؤمنون بحق الاختلاف معه، ويرون وجوب إقامة علاقة صحيحة معه، ولصديقنا الأستاذ نفسه علاقات شخصية مع كثيرمن هؤلاء. فلماذا تجاهلهم؟
2ـ وليس صحيحاً أنّ التمسك بالموروث الإسلامي حال دون انفتاح الإنسان التركي على الآخرالوطني، وأن الهوة لم تجسرفي العلاقة بين الأنا والآخرإلا بعد أن تخلى الإنسان التركي عن تراثه وفكره القومي، ومن يطلع على واقع تركيا يرَاتساع ظاهرة نموالوعي الإسلامي لدى الشعب التركي الذي تبيّن له أنّ انسلاخه عن تراثه وإسلامه والاستعاضة عنهما بالتصاقه في الحضارة الغربية أفقده هوّيته، فعاد اليوم بتياراته وتنظيماته وأحزابه المتعددة إلى هويته المتمثلة في تأريخه العثماني ودينه الإسلامي اللذين فصله عنهما كمال أتاتورك، وهو لم ينظرإلى الإسلام على أنه مصلحة له، إذا تحققت له، تحوّل عنه، وانقلب عليه، وإنما نظرإليه على أنه عقيدة سماوية، تأمربالعدل والمساواة بين جميع أفراد البشربغض النظرعن أعراقهم وألسنتهم ومللهم ونحلهم، وقد آمن الإنسان التركي بهذه العقيدة، ودافع عنها، وضحّى من أجلها، ويرى أن مصحلة تركيا هي في توثيق صلاتها بالعالم الإسلامي اقتصادياً وثقافياً وسياسياً. وأنّ عودته إلى تراثه الإسلامي هي عودة واعية، استفادت كثيرا من المتغيرات التي اجتاحت العالم، هذه العودة لم تدفع المثقف التركي إلى ضرورة الاعتراف بوجود الإنسان التركي الآخر الذي ينتمي إلى قوميات وأعراق وأديان مختلفة فحسب، وإنما دفعت إلى ذلك أحزابه أيضاً، كحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ذي الجذور الإسلامية، والأستاذ حسين عيسويعرف ذلك جيداً، وقد ذكرفي مقاله أنّ البرلمان التركي الذي يهيمن عليه هذا الحزب عقد أول جلسة له بتاريخ 10 نوفمبر 2009 لمناقشة مشروع الانفتاح على القضية الكردية , بعد أكثر من ثمانين عاما على محاولة إنكار وجود هذه القضية !. كما ذكرفي مقاله أيضاً عزم مسؤوليْ هذا الحزب غول وأردوغان على حل المشكلة الكردية حلاً عادلاً.
إذن أزمة المثقف العربي السوري، أوكما يسميها الأستاذ أزمة المثقف السوري التي يراها تتمثل في عدم انفتاحه على الآخرالوطني، وتجاهله، ومحاولته إلغاءه ليس سببها كما يحسب عدم انفتاحه على الغرب الحضاري، وليس سببها تمسكه بإرثه الإسلامي أوبفكره القومي، ولا باضطهاد سلطة بعض أحزابه له، وهو قادران يتحرّر من قيودها متى شاء. وإنّما الأزمة تكمن في الحرية والديمقراطية، فحين يتوفرللإنسان أوللمثقف المناخ الضروري من الحرية والديمقراطية تنجسرالفجوة بينه وبين الآخرالوطني، وتقوم بينهما علاقة صحيحة قائمة على العدل والمساواة واحترام حرية التعبير والاعتراف بوجود الآخر وحرية حق الاختلاف ضمن إطاروحدة البلد وهويته وانتمائه إلى أمته واعتزازه بتراثه، أمّا حين تنسد آفاق الحرية والديمقراطية في أجواء سلطة القمع والاستبداد، فإنّ انعدامهما في هذه الحال هو الذي يفرزليس أزمة مثقفين فحسب، وإنما أزمة ثقافة أيضاً.