دائماً جزء من النص مفقود
دائماً جزء من النص مفقود
"لو كان لي القدرة على الصراخ لأيقظت المدينة، لكنت أيقظت العالم كله...ولكن صوتي مات في داخلي"
ليونيد أندرييف
مضت اللحظة كالبرق، بين سؤال ونظرة خارقة، مخترقة، صارخة- ست والدي متوفي، نطق صاحبه من مكانه مع إبتسامة ساخرة، أساساً لم يرى والده قط. بينهما؛ شدني صراخه مزقني أشلاء، كأنه تصطك اسنانه، ويزمجر صوتٌ بداخله.
أصمت من حق لك أن تتكلم عني، هل أعذره لإنه صغير لا يزال، أم أطبطب على كتف الصارخ، وأقول له: أعذره مازال صغيراً لايعِ شيءً مما قال، فينظر لي بعين ثاقبةٌ أحشاء قلبي، وأنا ألستُ طفلاً جردوني من أبي...
هنا أو هناك؛ طفلاً يتيماً لم يرى والدهُ، ولم يلعب في حجرته، يمسك أصابع يديه لمحل حلويات أبو محمد، ولا رافعاً إياه عالياً فيقذفه بالهواء، أو يضعه فوق كتفه ليرى العالم أوسع.
أخاً وأبن البكر لأمهُ، ينتظره مستقبل حاملاً محملاً بالمعرقلات، أم تحلم به ذا شأن، صدمت لحظة سؤالي عن خوف أباه إذا عاد متأخراً، لم أرى أبي قط، تعكر حالي أقلت أسفة أم الله يرحمه، أو غرقت في بحر خجلي من هذا العالم السفاح.
وأجل- مما هو يخاف فأن الذي يرقد تحت التراب والده...
وليس ببعيد؛ مطلقة بعد حب دام أكثر من ثلاثة عقود ولت وسعادة عاشتها بكل تفاصيلها بما تحملها السعادة من معنى، هل لي بسؤال ماهي السعادة؟، ماهو الحب؟، ماهو القدر؟.
في تيه حقيقي بدوامة أسئلة، عاشت، ماذا تقصد بعاشت!!، أهي ميتة الآن!، لم أجد بين كلماتي عزاء لها، فقد خرج من بين أناملي هل ترككِ وحدكِ؟.
ماهذا السؤال برب الكعبة.فقد طلقها، بسبب إلحاح من أهله، أولاً، وسبب آخر أكثر إقناعاً لا تنجب لك أطفال، ولك عهداً منا نزوجك من هي أفضل حسناً وجمالاً وتنجب لك ولي العهد.
سؤال آخر لم يكن في محلهُ، هل أنجب؟.
ماذا أنجبت لنا الحرب؟.
ماذا فعلت بنا الطائفية؟.
"إن القذارة الحقيقة تقبع في الداخل، أما القذارة ألآخرى فهي تزول بغسلها، ويوجد نوع واحد من القذارة لا يمكن تطهيرها بالماء النقي، وهي لوثة الكراهية والغضب التي تلوث الروح، نستطيع أن نطهر أجسامنا بالزهد والصيام، لكن الحب وحده هو الذي يطهر قلوبنا".
جلال الدين الرومي
هاوية ليس لها قرار، دفنت أهل، أحباب، عشاق، ونفت قلوب إلى أرض ميتة.
بسبب الحرب يُتم طفلاً، بسبب الطائفية تفرق عاشقان، وبسبب كلاهما شُردتُ أنا.
فأنا الجزء المفقود دائما.....