دينامية الحراك نحو (لغات الفردوس)
انتظر كتاب "لغات الفردوس" ثمان عشرة سنة ليُنقَل إلى اللغة العربية، بعد أن اطوِّف مُتَرجَماً في أكثر من اثنتي عشرة لغة.. وكان حري أن تسبق العربية غيرها في نقل الكتاب إليها، فهي هدف أساس له، تنطوي ضمن لغات الفردوس التي يُبدع موريس أولندر تعاطيها. وقد أدركت الأوساط الأكاديمية والبحثية أهمية الكتاب منذ دهشة صدوره الأولى، فنال جائزة الأكاديمية الفرنسية عام 1990. وكان شهوده دهاقنة العصر في الدراسات الفيلولوجية والاجتماعية؛ إمبرتو إيكو، وجاك لوغوف، وجان ستاروبنسكي، فعدوه نقلةً في موضوعه، أدهشتهم روعة التعاطي ودقة الطرح في تاريخ الديانات والأجناس والفيلولوجيا، ومقدرة أولندر كشف الوهم والمنزلق الذي انحدرت له جمهرة من العلماء الثقاة في تناول المسألة ضمن سياقاتها الحضارية والإثنية واللغوية.. فراحوا فريسة أطروحات عنصرية، عرّاها أولندر برشاقة وموضوعية عاليتين.
وأحسب أن الكتاب قد اكتسب بحلته العربية محاسن وتأنقات تمنحه منزلة النص الأصلي سواء بسواء. فقد ارتقت ترجمة جورج سليمان، سلاسة ووضوحا ووعيا، حداً يخال القارئ معه أنه صاحب فكرته الأولى. وقد جاءت عين مُراجِعته، سميرة ريشا، ثاقبة في التقاط درره وإقالته من عثراته التي تنفي الكمال إلا لله. وقد أصدرته هذا العام المنظمة العربية للترجمة في ثلاث مائة وثلاث وثلاثين صفحة، تولى مسؤولية تسويقه وتوزيعه مركز دراسات الوحدة العربية.
يتخير أولندر في كتابه قضايا كبرى، تناولها علماء وباحثون في العلوم الإثنولوجية والثيولوجية والفيلولوجية، ويطرحها عناوين لأبواب الكتاب التسعة. فإذا كان أولندر قد كتب لغات الفردوس هذه، وجعل على عتبات أبوابها العلماء: جان بيار فرنان، وريشار سيمون، ولوث، وهردر، وإرنست رينان، وماكس مولر، وبيكتيه، وغراو وإينياس غولدزيهر. فإننا أمام كتاب لا تُجَوِّزُ لنا مسؤولياتنا الأخلاقية والثقافية التعامي عنه، والمرور عليه فرادى دون طرحه قضية للنقاش والتحليل، وهو الكتاب الذي فيه ما فيه من مسِّ لصيق بأس التكوين الحضاري والثقافي والديني واللغوي في الحضارات الآرية والسامية، والتي ننطوي نحن العرب في التقسيم الإثني واللغوي تحت العنونة الثانية تراتبا ونظرة كما يتبدى من "نفثات!" إرنست رينان وسواه.
تناول جورج سليمان في مقدمة الترجمة العربية الإطار العام للكتاب، وَكَثَّفُه في "مسألة التمايز والتصنيف بين الشعوب والأعراق"، وهي القائمة على المتكآت الثلاثة التالية: تضخم الشعور بالهوية والوعي القومي، وسطوة الإحساس بفكرة العناية الإلهية، وإلحاح الحضور اللغوي ذاكرةً وهويةً.
وفي مسألة الأصول الإنسانية ظل حراك التيارات المختلفة متفاعلا ومتناوبا بين أورقة علماء اللاهوت ودعاة القومية وتيار الفكر التنويري، والذي أعلى شعار الأنوار الفرنسية في حرية الفرد وحقه في الحياة، وشعر الحركة الرومانطيقية في بعث العواطف وتحرير الانفعالات الذاتية، والاجتراء على الموروث، وبعث شرارة الثورة في فرنسا وسائر أوروبا.
هذه البواعث أسست البحث عن المكونات التي تصبغ الكيانات، فقفزت اللغة رأس هذه المقومات، وتطورت أبحاث الدلالة والاشتقاق وفقه اللغة، وعلم اللغة المقارن، والبحث عن السمات المشتركة التي تلتقي عليها اللغات الهندوأوروبية انطلاقا من الشبه بين السنسكريتية واللغات الأوروبية. وفي منحى متصل بدأ الاهتمام بتاريخ اللغة، وفرضيات النشأة، والتي انتاب بعضها الفرض الأسطوري المتكئ على الدين، فاتخذ أصحاب الطرح الرومانطيقي والكنيسة البروتستانتية فرض الأصول الآدمية في لغة التوراة انسحاباً مع المسلمة الأوغسطينية، ثم عودا إلى اكتشاف السنسكريتية، فصار دارسو اللغات الهندوأوروبية إلى رأي التقسيم التوراتي للشعوب وفق نظرية الأعراق، فكان التقسيم بين أبناء نوح، سام وحام ويافث، تناسل من سام الساميون، ومن يافث الهندوأوروبيون، وراق لهم المقاربة بين التوراة العبرية السامية، والفيدا توراة الآريين.
ودخلت الأبحاث في نشأة اللغة والتقسيم التوراتي المُتَبنى للأجناس على أساس عرقي دائرة المفاضلة وتميز الجنس الآري على الجنس السامي، استجابة للعناية الإلهية. وهو أمر أدخلها في شرك الانتساب العرقي للآريين والروحي التوراتي للعبرانيين، وفي حرج أفرز رغبة إقصاء اليهودي الغريب من أوروبا بحثا عن التوازن. وقد تصاعد الصوت الألماني أكثر من غيره "جراء افتقارهم لعنصرين من عناصر الكيان القومي هما: الأرض واللغة" وهو أمر أشعرهم بضرورة الاعتداد القومي والاستعلاء على الأوروبيين لغة وعرقاً.
ومضى أمر البحث في الدرجات القرابية عرقيا بين الأوروبيين والأصل الهندي المحتمل عند العلماء الفرنسيين، وفي صراع مع الكنيسة الكاثوليكية التي تعتبر لغة التوراة اللغة الأم للأصول الآدمية. وقد جاء كتاب لغات الفردوس لموريس أولندر ليحلل كل هذه الاتجاهات الإثنية والفيلولوجية، منطلقا من أطروحات الباحثين الأوروبيين بين القرنين الثامن عشر والعشرين.
لقد جعل موريس أولندر توطئة كتابة لجان بيار فرنان، وهو ذات المفتتح لكتابه "مطاردة البديهيات". بدأ فرنان توطئته، على أية حال، بجملة من الأسئلة الحائرة والمحيرة؛ فأين يقع الفردوس؟ وما لغة أهله؟ أهي العبرية أم الشيتية؟ لغة الفردوس بدء لحظة الكلام، ونقل التعبير في السماء والأرض، وهي عند اليونانيين اليونانية بداهة. وهكذا فإن تقديس كل أمة لغتها عمن سواها، وجعلها لغة الفردوس، وأصلا لألسن البشر، وبدءا للكلام، جعل الألسنيين وعلماء والأنسنة يعزفون عن البحث في لحظة الخلق تلك إلى ما تلاها. وهي خطوة تتبعها أولندر في درس المسائل عند أصحابها من زوايا الفيولولجيا واللسانيات الهندوأوروبية وعلوم التاريخ والأساطير والحضارات المقارن.
ينبثق جهد تأليف هذا الكتاب تحقيقا لتقديم المعرفة، بيد أن تناول الفكرة يدخل صاحبها في شرائك التساؤلات اللاذعة حول الهوية والفكر الديني والأصول والتمايزات. ويطرح فرنان في أتون تناوله الدؤوب لهذه المسألة ثنائيات الأسطورة والعقل، والأسطورة والكلمة، والعقل من جهة والأسطوري والخرافي والديني من جهة أخرى، وهي ثنيويات لم تصمد طويلا، لا في ذهن القارئ، ولا في ذهن صاحبها، ولا في ذهن أولندر، فجاء كتابه لغات الفردوس "مطالعة منزهة عن المغالطات لمؤلفات كل من ج.غ. هردر وإرنست رينان وف. ماكس مولر وأ. بيكنيه ور.ف. غراو"، وهو رصد لعجز كثير من علماء القرن التاسع عشر "عن إحكام الربط بين البنى اللغوية من جهة، والأشكال الفكرية والملامح الحضارية من جهة أخرى".
ويدخل فرنان فجأة في نوبة لاهوتية يرقب فيها تلك اللحظة من الصفاء في الوحي المسيحي، وبداية الدراسات اللغوية التي تخيرت العناية الإلهية فيها النموذج السامي والنموذج الهندوأوروبي، وهما يُختزلان بطبيعة الحال في النموذجين العبري والآري، ليعلن عن مجموعتي اللغات الأكثر قداسة وعراقة في نشدان الأصول، وليوطد فرض تكافؤ أصحابها في اكتساء حلة شرف السيطرة والتمايز والحظوة عمن سواهم في العالم كافة. وكأنما جاء التكافؤ في تميز هذين العنصرين ليقسم الصورة إلى وجهين، تفوق النموذج العبري روحيا ودينيا (مع انغلاق وجمود على التطور الثقافي والمعرفي)، وتفوق النموذج الآري بفضائل تؤهله للتحكم بدينامية التاريخ، والعقل والعلم والسياسة والفنون والخيال.
ويذهب فرنان في مختتم التوطئة إلى رسم ملامح صورة اليهودي الإشكالية في أوروبا خلال القرن التاسع عشر، وهذا النفور المقلق للشخصية الدينية اليهودية، والتي استحكمت أوصافها شعبا محظيا متخيرا من الله على الأرض، فأوجدوا في صورة الأنا المستحكمة دواخلهم صورة الآخر النافر المبغض والنابذ، فتجلت صورة الكراهية والصدامية المادية بين النموذجين، صورةً عنصريةً قامت على أوهام شكّلت تاريخها.
وفي باب "سجلات الفردوس" نلج تئدين عالم أولندر الفذ الذي يرتقي بالطرح حداً نتوق لمثله في الدراسات الاستشراقية، غير أنه ينحاز لحرية الفكر وحق المعرفة درجة تجاوز الأعراف في تناول الأديان ذات العلاقة؛ اليهودية والمسيحية والإسلام، وسوف ننوه لها في مواضعها، مستدركين عليه.
لغة الفردوس العبرية أم سواها؟ جنة عدن على ضفاف الفرات أم نهر الغانج؟ أهي العبرية لغة الأصول الإنسانية انسياقا مع دعوة القديس أوغسطين؟ أم السريانية وفق رأي اليوناني ثيودوروس الصوري؟ أم ندخل بكل هذه الأسئلة وفضاءاتها مع أندرياس كمبيه دائرة السخرية والمحاكاة الهزلية لهذا السباق المحموم، الذي دخلته الشعوب في البحث عن لسان أجدادها في جنة عدن؟ يُعدُّ لايبنتز من علماء القرن السابع عشر المؤسسين لعلم اللغة المقارن، والذي ركب التطام الموج في هذا السياق، لكنه انحاز متطرفا إلى انطلاقة اللغات الأوروبية من القارة الشيتية، وعلى سماتها الظاهرة في فرعها الجرماني التي تغلب العبرية في نسب البداءة وأصل اللغات إليها. وهو انسياق على أية حال وراء آراء فان غروب من القرن السادس عشر في الاشتقاق اللغوي، والذي لم تغب عنه فيه مسألة نشوء الوعي القومي في أوروبا، فبدأ بالفلامنكية أساسا للغة الآدمية، ثم اتسعت الدائرة نحو اللغات الأوروبية، ثم الهندو أوروبية. وهم على أية حال لا يفتأون يعاودون الربط بين العبرية وجنة عدن، إذ يطرح كتاب التاريخ النقدي للعهد القديم لريتشارد سيمون العبرية لغة للطوباويين في السماء. إن هذا الخداع وهذا الهذر الهائل لم يكن لينشأ عن جهل وعن غياب أدوات البحث المعرفي، وإنما عن تعصب قومي وصراع سياسي واشتداد درجة التعنصر العرقي، ففي مجموعة اللغات السامية تتفوق اللغة العبرية، وفق أطروحاتهم، على العربية والكلدانية في السلاسة والبساطة، وهي أقوى مما هي عليه في اليونانية واللاتينية، ولذا فهي الأجدر بآدم وأهل الفردوس.
وقد بدا هردر توفيقيا في طرحه الخطاب الآيرو-سامي في العلوم الإنسانية، بدءا من القرن الثامن عشر والذي تكرس في القرن التاسع عشر. وهو من الباحثين الذين ركبوا موج الربط بين فقه اللغة وجغرافية الفردوس عند تناولهم الكتاب المقدس، فراح يُجَدِّف فوق نهر الغانج مقربا نهر الفردوس منه، وقد أبقى في هذا كله على العبرية واحدة من "الوليدات البكر" في مملكة النطق البشري. ولم يسلم هردر، مثل غيره ممن سبقوه أيضا، من سقطات التمظهر القومي في هذا الخطاب، رغم تناقضه وهو يحذر من تناول الأمر على نحو لاهوتي سياسي: "كل أمة عريقة تتوق إلى اعتبار نفسها بكر الأمم واعتبار موطنها مهد الإنسانية جمعاء".
إن تكثيف ما يذهب إليه لوث وهردر ورينان وميكايليس يمضي بنا إلى أن اللغة تحمل في حصانها مسوغات تخيلية فائقة الشاعرية، ومرآة تعكس وجدان الشعب، وهي ذاتها شبكة تنظم الفكر، وتصقل طبائع الأمم، وشاهده على نمو الفكر البشري ومستودع الكشوفات الحضارية، ففي مقالة ميكايليس "تأثير الآراء في اللغة واللغة في الآراء" نقرأ منذ عام 1759: "اللغة هي... نوع من المدونات التي تحفظ الاكتشافات البشرية بمنأى عن طوارئ الدهر المفجعة. مدونات لا يقوى عليها اللهب ولا تزول إلا بزوال الأمة"، وأحسب أنها تبقى بعد ذلك رسالة لغيرها من الأم. فاللغة حسب كوندياك تعبر عن طبيعة الشعب الناطق بها، وتعكس عبقريته. وهي عند دو سوسير صورة عاكسة لخصائص الأمة النفسية أيضا.
لقد شهد النصف الثاني من القرن الثامن عشر والأول من القرن التاسع عشر تحولات كبرى في العلوم الإنسانية؛ التاريخ والأساطير والسلالات البشرية، وعلوم البيولوجيا والباليونتولوجيا والجيولوجيا، وشهد علم اللسانيات التحول من أفضلية العبرية إلى السنسكريتية، وقد اشتد التحول نحو اللغات الهندو أوروبية والبحث فيه على يدي وليام جونز عام 1786م. وقد كثر مريدو هذا التوجه في القرن التاسع عشر (منهم فون شليغل وفرانس بوب) والذين أسهموا بجدية في البحث عن اللغة الأم المشتركة والمفقودة بين اللغات الأوروبية.
إن هذا التجديد في علم اللسانيات واللغة دفع بموللر وغيرهم ممن يهتمون بتشكيل صورة عن المجتمعات في عصور ما قبل التاريخ، عن طريق علم الإحاثة اللغوي في استحضار أقوال أجدادهم مقارنة بالجذور اللغوية الهندو أوروبية، تكريساً لفكرة الفردوس الآري خلفا لفكرة عدن التوراتية.
وفي مقابل هذه الجهود كانت دراسات سوسير ورايناخ ودارمستيتر تتركز على رفض الجدل الآراي في فردوسهم الجديد القائم، كما يعبر عنه رايناخ، على ما اكتشف تحت ما تحجر من الطبقات اللغوية.. فالفيدا التي سحرت "المتهنودين" ليست إلا "شعرا بدائيا لرعاة موهوبين"، وأن من ركبوا هذا الموج أضحوا دون دراية منهم ألعوبة الوهم المثيولوجي الهندي، الذي جعل الفيدا توراة الآريين، وكأنما غدا الكتاب المقدس تبعا للسلالات فيما ينتقد دارمستيتر. وقد بدأت العبرية، بعد أن أدار لها علماء أوروبا ظهورهم، تفقد حضورها المحوري، غير أنها تطفو على السطح من جديد كلما دعت ضرورات البحث في تاريخ الأنساب الذي يسلسل الأجناس في حلقات محكمة وصولا إلى جنة الأصول.
ومع "فلسفة التاريخ" لهيغل تهب عواصف في وجه تلك الدراسات والفرضيات والمعتقدات، ويرى أن ما لازم هبوط آدم من الجنة من خطيئة حمل معه أيضا إمكانية حصول المعرفة على أنواعها. ويمضي هيغل في كتابه "العقل في التاريخ" الرد على أصحاب الانهيار الحضاري، منطلقين من "شهادة فوقية"، فمرة تكون العبرية لغة الجنة ومرة لغة غيرها بما يتلاءم وأحوالهم، ويستنكر عليهم الركون إلى فتافيت تاريخية مقتضبة تحيد الرواية التوراتية" التي ينبغي الاحتكام إليها في هذا الشأن"، ويسخر من نظريتهم في تصوير الأرض شفافة واضحة، تعكس مرآة العالم المخلوق لنظرة الإنسان النيرة، فقد كرّس هيجل في كل أبحاثه، وخلافا لنظرتهم، فكرة المرجعية التوراتية.
وفي "حيل تقنية" يتناول أولندر فرضيات المنشغلين بقضايا وأسئلة تبقى إجاباتها حائرة في الأذهان! فمَنْ هم الأسلاف الجدد في قارة الأصول؟ الآريون، أم الهندو-جرمانيون، أم الهندو-أوروبيون؟ أم اليافثيون؟ أم الجذع السنسكريتي؟ أم الهندو-كلاسيكيون، والهندو-سالتيون والقوقازيون؟! لا يتفق علماء الأنسنة واللسانيون على تسمية واحدة، فمنهم من يمنحها تسميتين أو أكثر. وفي مقابل هذه المجموعة تبرز مجموعة اللغات السامية، نسبة لسام بن نوح في التقسيم التوراتي، والتي كانت تعرف بالآرامية أو الشرقية. وكان شلوتسير وهردر أول من أطلقا هذه التسمية على هذه المجموعة.
عاش إرنست رينان سبعين عاما من سني القرن التاسع عشر، فقد الأب مبكراً فيها، فتلقفته أسنة الفقر والجوع والوضاعة طفلاً، وغادر الكنيسة واللاهوت إلى حياة العلم واللغة والحضارة في سن مبكرة، وشغف مُذ ذاك بدراسة اللغات السامية عن طريق التبحر والتبصر العميقين باللغة العبرية. وقد كشفت سني الدراسة والبحث المتقدمة عند رينان تناقض الفكرة في الانتساب التوافقي بين عشقه الفيلولوجيا وميوله الدينية في جهة، فيقول: "هذا ما كنت أسعى إليه بالضبط: أن أوفّق بين الروح النقدية والفكر الديني الرفيع"، ونكرانه لها والتمرد عليها تلميحا أو تصريحا في جهة أخرى، "غير أني كنت آسف أحيانا لعدم كوني بروتستانتيا، وذلك من باب الرغبة في أن أكون فيلسوفا دون أن أفقد مسيحيتي". وفي صيغة وقائية تستجيب لرغبة داخلية في نقض الملفوظ تُقية، يبرر رينان فكرة الحيرة أعلاه بقوله: "لقد دفعتني إلى ذلك (أي تطبيق الفيلولوجيا النقدية على النصوص المقدسة) أسباب محض فيلولوجية ونقدية، ولم يكن بينها واحد قط ماورائي ولا سياسي ولا خلقي".
إن أطروحات رينان وشروحه عن الشعوب السامية تناقض بين جلال يرتقي إلى عليائه فردا لا يدانى، ووضاعة مستهجنة يفوح من مستنقعها الأسن العنصري، ونزعة الفوقية العرقية. فقد رأى أن الشعوب السامية عايشت عصورا من الانغلاق الاجتماعي والجمود الفكري، حرمها من الانبعاث الحضاري المتفاعل تأثرا وتأثيراً مع اليونانية والفارسية. وظلت أسيرة السطوة الدينية في بيداء مسطحة نمطية، تولدت فيها بحكم عقيدة التوحيد بدءاً باليهودية عقلية التقوقع على المعتقد والجمود عند حدِّه، رغبة في احتكاره، وزهدا في أي حراك حضاري أو فكري أو الغوي.
يستند رينان في طرح قضية ما للنقاش إلى زخم معرفي هائل وقدرة تحليلية فذة، يجمل فيها الفكرة ويقدمها بأسلوب واضح، ينطلق في تحليلها على أسس معرفية يمتلك نواصيها، وفي ضوء ذلك نتوقع منه نتائجاً موضوعية سليمة، غير أنه يلوي قسرا إلى فكرته القائمة على تفوق الجنس الآري ودونية الجنس السامي، فتظهر النهايات لدية غيرية مع منطق المقدمات والنتائج، مكرسة أزمته الروحية وصراعه المرير بين ضرورات العقل والمعتقد.
ولأن دراسات رينان الفيلولوجية لم تبتعد عن الكتاب المقدس، فقد وقع في شرك التناقض في غيرما موقع في مسيرته العلمية، فضل يتأرجح بين اللاهوت والعلمانية، وهي بذور أزمة روحية بدأت في مقالته "دراسة نفسية ليسوع المسيح" في معهد القديس سوليبس، واستمرت في تعمق دراساته للغة العبرية والعبرانيين، وهم في نظره أنموذجاً أسقط من خلاله مزاياهم على الشعوب السامية كافة، وهي من أكبر زلاته التي سنتناول.
لقد ربط رينان في درسه الشعوب السامية بين الجغرافيا والدين واللغة، وعدّها مقومات شكلت الذهنية السامية المنكفئة على ذاتها. إن الصحراء جغرافيا اللهاث وراء وهج السراب، وانبهار الأنظار، والبياض الباهت الممتد، وموطن أمجاد العقائد، ففي سيناء تجلى فن "الواضح – المبهم" وخصوصية العجب والخزي عند اللاهوتيين والعلماء الذين تناولوا سيرة العبرانيين، "لأن من احتكر المعتقد التوحيدي ردحا طويلا من الزمن كان شعبا صغيراً، مغمورا، يهيم على وجهه في رقعة صغيرة من الأرض الأسيوية"، ينتمي إلى حضارة تبرز شواهدها الفظاظة والغلظة، والشظف وقسوة العيش، والتقوقع العاجز عن الحراك والتطور. هذا الشعب الذي حباه الله كنز الوحدانية، فلم يقتف نورها ولم يتركها مشعةًً ساطعةً عمن سواهم، وقد توالى عليهم الأنبياء هداة ومعلمين ومنقذين لهم من العجز دون جدوى، "لولا أن عهداً آخر أطل مع هذا الاعتلان (يقصد العهد الجديد وظهور المسيح)، عهداً كان ولا يزال وسيبقى "جديدا"، وإن يكن سيظل يبحث عن جذوره في سلالة الأسلاف الصالحين". إن نظرة رينان هذه تعكس ظلامية نظرته وغيره من أبناء جيله تجاه الشرق الأدنى والساميين، وتوضح العلاقة القائمة بين العهدين القديم والجديد من الكتاب المقدس، والقائمة على النور والتجدد في عهده الجديد، والذي ينتسب قرابياً إلى العهد القديم، في كونه سفر النسب الذي يسلسل توالي الأسلاف حتى بدايات الخلق!
لقد كان الأوروبيون غزاة جابوا الكرة من بلاد الهند حتى أطراف أوروبا الغربية، مما منحهم تعددا ألسنيا، ودينامية تتسم بالتعددية والتشاركية. أما الساميون فقد شدتهم الجغرافيا وارتبطوا بها بكل مقوماتها اللغوية والثقافية والدينية، وقد صبغهم هذا بصبغة الجمود التي جعلتهم قاصرين عن الإسهام في تقدم التاريخ البشري، وهما كما نرى نقائض دينامية في جهة، وراكدة في أخرى يغلب عليها الطابع التوحيدي.
لا يمثل العبرانيون الساميين جميعهم، غير أن اللغة والدين عندهم تماهيا معاً، على غير ما في العربية التي عدت اللغة غير الإسلام، ولكن ما يعيب هو انسياق اللغويين وذوي الاختصاص وراء التعميم في الخصائص والمزايا على كل شعوب ولغات المجموعتين، العبرانية على الساميين، واليونانية على اللغات الهندو جرمانية، أو الهندو أوروبية. ولم يتخلص المعنيون من سطوة القومية على اللغة، والثانية على الأولى مما ولد شعورا بالاستعداء والتمايز والفوقية، ومنه ما عرف بالعداء للسامية (على اليهود من نسل العبرانيين)، وهو ما دفع بعض الباحثين إلى دعوات الفصل بين اللغة والقومية، ولكنها لم تلق آذانا صاغية عند كثيرين أمثال دوميزيل.
يرى هردر أن في نشأة الحضارة شقيقين توأمين، الجنس الآري، والجنس السامي، أحكم الأول سيطرته على مقدرات الطبيعة، في الزمان والمكان، وأوجد المثيولوجيا والفنون والعلوم، واستحوذ الثاني على سر الوحدانية. وكان الشقيقان يمثلان لعبة الإخوة الأعداء، بدءا من التعارض الذي نشأ بين التقليد العبراني وتلامذة المسيح إلى اتساع دائرته في القرن التاسع عشر في الخطاب الأريو-سامي، والقائم على مفهوم العناية الإلهية في تفوق العرق والدور التاريخي المنوط بهما في حالة مزدوجة ثنائية، وقد تعاقبت الدراسات في هذا الجانب، فنرى فون رانكه المعاصر لمدرسة التاريخ الألمانية يعتقد بدور المشيئة الإلهية في المنحى الايجابي للعصور دونما استثناء، وبينما طابق هردر بين "السببية التاريخية الإلهية والغائية الكفيلة وحدها بأن تمده بالمعنى"، وهو مخطط إلهي يقبض على أحداث التاريخ كما يعتقد كينيه. يجيء كل هذا في المحصلة ليبدي شراكة العلم والدين خلال القرن التاسع عشر في تفسير الماضي والعلاقة اللغوية الإثنية وتفسير الأحداث التاريخية. وهو أمر تحول فيما بعد إلى حالة صراع بين الديانات الثلاث، والصراع المذهبي والعقدي والتفكيري داخل الدين الواحد، فنشأ ما يعرف فيها بالعلوم العلمانية، وكان الفيلولوجيا أول هذه العلوم، حيث بدأ نشاطه في اللغات الهندوأوروبية، ثم في العلوم اللسانية العامة، وقد منحه هذا دخول عالم المقارنة بدل النهج التاريخي.
لقد شغل رينان بعد هجره الكنيسة بالتوفيق بين العناصر السامية والهندوأوروبية، بذيك النهرين العظيمين المتحدرين من "منابع تاريخ التمدن البشري"، والذي فاق فيهما العنصر الآري العنصر السامي، واتسع الشرخ بينهما حداً تخطى "ألفة المناخ العائلي"، وقد تجلى التفرع والتنوع في ألسنة العائلة الهندو أوروبية ما يوازي أصناف الشعوب التي تتألف منها، "وهي تتمثل في الهنود والإيرانيين، واليونان، والجرمان". وبصورة مغيرة لزمن اللغات السامية حال الركود واللون الواحد دونما خطوة واحدة نحو التطور مما "طبعها لطفولة أبدية"، وكأنما خلقت موصفة مكتملة "وقد أدركها بعجز تكويني أقعدها عن النمو وحال دون بلوغها طور الشيخوخة". فاللغات السامية، كما ينقل اولندر، معدنية مصفاة ذات ذاكرة أحادية، لا أمل يرجى في سلوكها درب التطور، فقد وقفت عند حدود الهوية. فاللغة، عند رينان، تكون على ما هي عليه ثم تتحول إلى قالب يقولب فكر الشعب الناطق بها، سوى السامية اللغة السكونية الحَصَان أمام التأثر والتأثير، وابنتها العبرية لغة العقم والتقى، وهو ما وسم أصحابها أيضا من الانكفاء على الذات، والحفاظ على التراث الديني مما أعطى "الشعب العبراني هوية لا تاريخ لها، مما يخوله مواصلة دوره التقليدي المزدوج حيال المسيحية". أنه شعب حُمِّل في أولى مراحله "رسالة جليلة"، ثم أدت التفاعلات التاريخية إلى التهوين من دوره الذي تحقق في غفلة منه، فكأنما تجرع حمل تلك ""الأمانة البائسة" التي حالت دون اعترافه بالمسيحية".
إن نظام اللغة ونظام الدين في تطابق تام، فاللغة التي عكست الوحدانية الأولى مقدودة من الصخر "لا تعرف التبدل ولا تحتمل تسربا لأي عنصر طارئ غريب". وهي ابنة الصحراء الشاسعة، الموحدة بمهابتها وجلالها، مفازة من يجتازها، لأنها يسلك فيها درب المجهول والضياع والهلاك، ففيها يعجز المرء عن الاستدلال في المكان والزمان، وهي الفراغ واليباب والقفار، عتاد أصحابها شعائر ووصايا دينية صنعت له مجدا تحنيطيا ولغاتاً فولاذية وعقلية مقولبةً لا تتأثر بتجارب التاريخ، فقد اعتبرها رينان "مكرسة للجمود.. لا يُنْجِع فيها أي مسعىً تطوري"، سوى "غريزة متفوقة"، وهي غريزة التدين، فالفكر السامي توحيدي في العمق، يربط بين روح الشعب ونظامه اللغوي وشاج متين، وبتعبير أوضح: "فإن اللغة هي قضية عرق محدد تفرض على الناطقين بها قالبا لا يقل حتمية وإلزاما عن شكل الجمجمة في نظر جماعة الأنثروبولوحيا الفيزيائية". وفي مقابل ذلك كانت اللغات الهندو أوروبية خاضعة لحراك دؤوب تبعا لعوامل التاريخ، فنمت وتكاثرت، وأبدعت مولدة علم الألسنية.
إن نظرية الأعراق التي ينطلق منها إرنست رينان تلك، تضع ماضي الشعوب مقدراتها في الإبداع وتخطي عتبات الواقع إلى رسم خطى المستقبل السياسي واللغوي والاجتماعي رهين "الرسوم العرقية"، التي يسهم فيها عنصر الدم في خلود المؤسسات وعادات التربية، فهي أطر ثابتة مستديمة. رسم مخطط أعراقها على متلاحقات ثلاث؛ تبدأ بالواقع العرقي الذي يؤسس تنظيم العلاقات الإنسانية، وعلى أساسه نفهم ونتفهم "سر كل الأحداث الحاصلة في التاريخ البشري". وقد تضاءلت وطأة العصبيات العرقية أمام الديانات الكبرى من بوذية ومسيحية وإسلام، وأمام الفتوحات العظيمة، والأحداث التاريخية المفصلية، فحلت اللغة محل العرق في تصنيف المجموعات البشرية مثل السامية والحامية والهندوأوروبية. إن الروح الساميّة موجودة في أسيا وأفريقيا رغم غياب الساميين الأقحاح، وذلك يكرس قرابة "الأعراق اللغوية" أكثر من قرابة "الأعراق الأنثروبولوجية"، فالعرق اللغوي وفق هذا الخطاب أقوى وأكثر أهمية من التركيب الجسدي، ولنا في مقاربة الساميين مع الآريين جسديا ومقابلتهم مع الحاميين لغويا ما يبين قوة نشأة فكرة الأعراق اللغوية بديلا عن الأعراق الأنثروبولوجية. غير أن رينان في شرحه للماضي لا يتخلى عن فكرة العرق، والأنثروبولوجيا الحضارية، فالتاريخ عنده "هو المعيار الأهم لتمييز الأعراق"، فالشعوب المتحضر من آريين وسامين لم تعرف "الحالة البربرية"، فإنه "لمن رابع المستحيلات أن نتصور عرقا متوحشا ينطق بالسامية والهندوأوروبية". غير أن متمديني البشرية متمايزون، فالغرب الآري عظيم متقدم، الشرق السامي صورة النقيض.
ويتقدم رينان في هاته المسائل خطوة نحو مفهوم الأمة، مشددا على بواعث الإنسان الحيوانية التي تسبق اللغة والعصور الحضارية. فالأعراق اللغوية وفق مفاهيم الحرية الإنسانية التي لم تفتأ تنبثق في أوروبا آنذاك تقزمت ولم تعد سوى تشكيلات حضارية لا تنم عن خصائص الدم، ولا تقيد الحرية الإنسانية، فالإنسان أساس العقل والأخلاق وما سواه أدوات في يديه اللغة والانتساب العرقي والفعل الحضاري.
ويبقى رينان أسير فكرة التمايز العرقي، فالحرية الإنسانية التي يتغنى بها حق للأعراق العليا، سيان أكانت "أعراقا لغوية" أم "أعراقا أنثروبولوجية"، أو هي بين "أسلاف بحسب اللغة"، أو "أسلاف بحسب الدم"، وهو في هذا يمارس خطابا سياسيا يُوَطِّئُ لفكرة الاستعمار في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وهو ما أسهم في تغير أسلوبه النثري، تحولاً من اللغة الوجدانية إلى التقريرية الجازمة، وقد مثل كتابه "الإصلاح الفكري والخلقي" هذا خير تمثيل. لم يظهر هذا الكتاب تغير لهجة الخطاب النثري فقط، بل وفي تشريع الاستعمار، فلا "ضير في أن تعمد البلدان ذوات الأعراق المتفوقة إلى إخضاع تلك التي تنتمي شعوبها إلى الأعراق الدنيا"، غير أن هذا مشجوب بين "الأعراق المتساوية"، فهي تتسم بالتفوق الإنساني، واحتضان أفكار الحضارة المشتركة والمساواة بين الأفراد.
ويرى رينان إن مبدأ المساواة بين البشر والأعراق مرفوض، وهو خطأ فادح، وهو يعتقد اعتقادا يقينيا بضرورة تحكم الأقسام البشرية العليا بأقسامها الدنيا. "إن المجتمع الإنساني عمارة متعددة الطبقات ينبغي أن تعمها الرأفة (حتى تجاه الحيوان) وتسودها المودة لا المساواة". إن هذا الترتيب الهرمي تدبير إلهي، ونظام دنيوي تمليه الأحوال الطبيعية للأعراق، وإسهامات الشعوب في تطور المدنية.. ومن هنا تأتي مشروعية الاستعمار في التنسيق السياسي والاقتصادي وتحقيق التدبير الإلهي، فلكل شعب وعرق دور تاريخي لا يشاطره فيه غيرهم، فالحرفية حكر على الصينيين، والعمالة والفلاحة على الزنوج، والجندية والسيادة تفرد أوروبي.
أما في نظام الجملة فقد ظلت اللغات السامية عاجزة عن إحكام الروابط بين أجزائها، وعن التفنن في سياقها، من تقديم وتأخير وما تقتضيه أهمية ذلك. ويرى رينان أن اللغات السامية لم ترق إلى مستوى اللغات الآرية في بناء الجملة، فهي عاجزة في الصياغة والتصريف وصيغ الكثرة، لا صور فيها، وتتمتع بضحالة حرمتها من التجريد الذهني والفكر الماورائي والإبداع، وأن جُل ما أجاده أصحابها الساميين التعبير عن الطابع الانفعالي، فكان الشعر منبرهم الذي لا يدانى، وقد برعوا في موسيقاها لإنها والشعر وليدة اللحظة والوجدانية الذاتية.
إن الساميين يشكون من نقص متجذر يحرمهم من قابلية الإتقان والكمال، فالوحدانية التي حملتها هذه الشعوب أوقعتهم ولغاتهم في "شرك المراحل الإنسانية ولزمت وضعية التشبث الطفلي بطور النمو الأولي". فالوحدانية لم تكن ابتكارا تأثر فيه العبرانيون بالمصريين، ولم تتأت بفضل نضوج فلسفي، وإنما خاصية خص بها الله الشعب اليهودي السامي حصرا، فتفوق الساميون على غيرهم في النواحي الدينية، وظلت الوحدانية تسيطر على كل منحى من مناحي الفكر التعددي والتعبير الرمزي والارتقاء بالأشياء إلى مثالها وكمالها، ولذا فإن أقصى ما استطاعه أصحاب اللغات السامية السجع والأمثال والحكم، فلا ترقى لغاتهم بحال إلى توليد النفس الملحمي، فقد أثرت الطبيعة الصحراوية في تكريس هذه الحالة، فالنمطية وقسوة المناخ عاملان قتلا احتمالات نضوج فكر سياسي أو إداري مدني أو حربي.
هذه إضاءة على جانب أولي من كتاب موريس أولندر، تعلن عن حراك في تطور علم اللغة بدأ تصنيفيا يقوم على الأعراق وتفوقها، ومضى وقفيا يتناوب بين العبرية والسنسكريتية استجابة لمفهوم العناية الإلهية إلى أن انعتق من كل تلك الهرطقات والتراهات إلى عالم الدراسات اللغوية المقارنة التي تحررت من قيود المثيولوجيا والإثنولوجيا تأسيسا لعلم الفيلولوجيا.
مشاركة منتدى
6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023, 10:57
فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ٢٤