الثلاثاء ٢٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٢
بقلم علي بدوان

رقص كأنك النون ... رواية الحرب ... واليرموك

"رقص كأنك النون"، عمل واجتهاد، وتشغيل لمجالات الإبداع (العقل والخيال الملامس للواقع وتقديمه بطريقة سحرية) في صياغة أحداث ماوقع خلال سنوات المحنة الأخيرة في سورية، وفي مخيم اليرموك، المخيم المؤقت والطريق العابر بنا نحو فلسطين.

"رقص كأنك النون"، نتاج جديد الكاتبة والروائية الفلسطينية، سوزان الصعبي، ابنة مخيم اليرموك، وابنة بلدة فلسطينية تقع على شاطىء مدينة حيفا المحتلة عام 1948. حيث تعود جذور عائلتها إلى قرية (عين غزال) قضاء حيفا هي كاتبة وقاصة فلسطينية مقيمة في سورية، درست الإعلام في جامعة دمشق، عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وجمعية القصة. وشاركت بها ضمن مسابقة (حنا مينه) للرواية العربية التي نظمتها وزارة الثقافة السورية، للكتّاب العرب السوريين والمقيمين في سورية، تشجيعاً للتنافس على تقديم أفضل النصوص الروائية من قبل كُتّاب الرواية. في حين ذهب المركز الثاني لإيناس العقلة عن روايتها (مصاريع زرقاء)، ونال المركز الثالث نزار مزهر عن روايته (تفاح الحرام).

في جديدها، "رقص كأنك النون" طغت الإستعارات، والتشبيهات، والمقاربات، والنتائج والمخرجات، التي ابدعت الكاتبة في تقديمها عبر روايتها، لتكون سلسلة، ومحببة، وجذابة للقارىء، ولمن يريد أن يرى الأمور وكما حصلت دون الغوص السياسي.

إنها رواية تتحدث عن الحرب، عن تفاصيل الحياة اليومية تحت نيرانها، عن الخوف من القذائف التي سقطت، وكانت تتاساقط، في أي لحظة فوق رؤوسنا (الحديث الجمعي)، عن التهجير والضياع والمحنة التي كانت أقسى وأمرّ من النكبة الكبرى عام 1948.

رواية تتحدث، بطريقة درامية، ملفتة، عن الحزن الذي سطا على قلوب الجميع في أيام وسنوات "جردتنا شيئاً فشيئاً من كل ما كنّا نملك".

شخصيات الرواية أنا، وهي، وهو، شخصيات تعيش بيننا، لديها احلامها وهمومها، وتحلم بالحياة الآمنة. وإحدى الشخصيات هي كتاب حي، كتاب يُفكّر ويشعر ويرى ويحاكم ويحزن ويشتاق، بقي وحيداً في بيت خرج أهله منه هرباً من الموت المجاني الذي لايعرف أحد، كتاب ظل سنوات حبيس الرفوف مع كتب أخرى إلى أن أتت قذيفة ملعونة ولئيمة، وغادرة، وأسقطتهم جميعاً، فمنهم من تمزق ومنهم من امتزج بالركام وبالوحل. تعود بطلة الرواية أخيراً إلى بيتها وحيّها المدمر، وتبحث بين الركام عن كتب ناجية...

شكرا، سوزان الصعبي، رواية تُقرأ، وتضاف الى سجّل المرحلة، ليست كرواية فقط، بل كوثيقة، لمسيرة ومسار، وحياة شعبنا، في محنته، الأخيرة، محنة لاجئ فلسطين في سورية.

(الصورة : وزيرة الثقافة السورية الدكتورة لبانة مشوّح أثناء تكريم سوزان الصعبي، تشرين الثاني/نوفمبر 2022)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى