الأحد ٢٣ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم يوسف الشرقاوي

ريم بنّا الجليليّة بصوتها تحاصر الحصار

في ليلة من ليالي شهر آذار ومطره الدّافئ، ومن بين زهر اللوز وأشجار الزّيتون المقدّسة في مدينة الناصرة الجليلية، إتّسع حلم ريم بنّا، وطفح قلبها حباّ وعشقاّ وحناناّ لأهلها العرب في دمشق، إعتلت ريم قلبها كقنطرة لتطلّ على دمشق، عبر نظام مصغّر لفيديو كونفرنس، الّتي تبعد لمحة عين عن ناصرة الجليل الشّامخة، واستهلّت أمسيتها بمقدّمة مؤثّرة أدمت قلوب الحاضرين، ثمّ بدأت بالتّهليلة الفلسطينيّة.

على مدى تسعين دقيقة، غنّت فلسطين لدمشق من جبال الجليل الشّامخة بإيقاع لاينحني، وكانت تسمو لتوازي شموخ قمّة قاسيون، إذ يكفيها هذا السّموّ، تألّقت ونزف قلبها.. ونزف مع قلبها قلب جمهورها الدّمشقيّ في باب توما العريق العابق بأصالة الشّام العتيقة، لتثبت للعالم أنّ مقاومة الرّوح باقية ما دام فينا عرق ينبض، لأنّ المقاومة هي نبض الأرض.. وعلى هذه الأرض ما يستحقّ الحياة.

طوال تسعين دقيقة، إختلطت القصّة بالغصّة، كانت تنثر البنفسج وزهر الليمون على قمّة قاسيون وعلى بيوت دمشق العتيقة، وعلى حارات بردى. وكان قلبها يطفح أملاً وألما وإيمانا.. صدح صوتها المجبول بملح الأرض وغرسها الطّيّب، وكأنّها تعيد مشاهد ملاحم الإغريق وتقول للغزاة: لن يدوم إحتلالكم وهذا الليل لن يطول. وبعد الليل سيكون فجر ونصر لأنّ قلوبنا أقوى من إحتلالكم وجنازير دبّاباتكم وقيودكم ومعازلكم العنصريّة. ولن يكون مصير إحتلالكم أفضل من باقي الإحتلالات في هذا الكون فالوطن باق والإحتلال إلى زوال.

غنّت فلسطين للأمّ سوريا شمال فلسطين المغتصبة "أحكي للعالم أحكيله"، و"يا ليل ما أطولك" بصوتها الشّامخ في زمن الإنحناء. غنّت وتمايلت كنخلة باسقة، غنّت وجع الشّعب المحاصر والمصلوب، غنّت فلسطين وأهلها الطيب لدمشق أجمل المدن، ولأهلها الطّيبين. طوال تسعين دقيقة من التّواصل الإنسانيّ الرّائع لتثبت بأنّ هذا الشّعب المحاصر والمظلوم أقوى من الظّلم والحصار، وبأنّ صوتها القويّ باستطاعته إختراق ومحاصرة الحصار


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى