الاثنين ٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
بقلم حميد طولست

شغيلة فاس في عيدها الأممي

" باركا من الغلى جيب الشعب راه خوى "، " ياوزير يامسؤول هادشي ماشي معقول"، " هذا عار هذا عار المواطن في خطر "، " التعليم الطبقي ولاد الشعب في الزناقي "،" سوى اليوم سوى غدا الحقوق ولابدا "، هذه الشعارات ومثلها رددتها الطبقة الشغيلة الفاسية وهي تجوب الشوارع المخصصة لاحتفالها بعيدها الأممي لسنة 2008.

وتميز خطاب النقابات المؤطرة للعمال بحمل هموم وآلام المواطن المكتوي بنار غلاء المعيشة والإجهاز على قوته اليومي، وكانت التظاهرة مناسبة لطرح مطالب القطاعات العمالية ومشاكلهم الاجتماعية والصحية والخدماتية

وبالمناسبة تهنئ جريدة منتدى سايس الإلكترونية والورقية عاملات وعمال فاس على نضالهم الجاد من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة، التي نأمل أن يستجاب لها من قبل المسؤولين في القريب العاجل. كما نتقدم بالمناسبة إلى أسر ضحايا حريق معمل الأفرشة الذي دهب صحته العشرات، نتقدم لكافة عائلاتهم بالعزاء الخالص والمواسات الصادقة..

لماذا نتظاهر يوم فاتح ماي؟ لماذا نسميه "عيد الشغل"؟ من أين أتى هذا التاريخ؟ ماذا يريدون ان ننسى وهم يطوفون بنا؟ يشرح هذا النص المنشأ التاريخي لفاتح ماي.

كان انتزاع مطلب يوم عمل من 8 ساعات على رأس المطالب التي قرر عمال الولايات المتحدة الأمريكية النضال من أجل تحقيقها إلى حد خوض إضراب عام للضغط على أرباب العمل

والحكومة. هكذا أعلنت نقابة فرسان العمل (1) فاتح ماي يوما أمميا للتضامن الطبقي، وللمطالبة بيوم عمل من ثماني ساعات. وفي ربيع 1886، ركز عمال جميع القطاعات نضالهم حول هذا الهدف ونجحوا أحيانا في ذلك المجال.
قرر أرباب العمل، بوجه إصرار العمال واتساع الحركة النقابية، اتخاذ إجراءات قمع أسرع. فكانت مسألة هايماركت الشهيرة بشيكاغو، وهي حدث مأساوي طبع الحركة العمالية العالمية، فاتحة مرحلة قمع ومقاومة جديدة.

كانت التعبئة في فاتح ماي 1886 نجاحا باهرا. وبالرغم مما روجته الصحافة البرجوازية من تهديدات مبغضة وتوقعات مخوفة، لم تندلع أي أعمال تمرد، ولم تصب الملكية بأي ضرر، ولم تتحول مظاهرة العمال السلمية إطلاقا إلى ثورة. وفي هذا اليوم الجميل المشمس، أخليت المصانع والمشاغل والمخازن. جاب آلاف عمال شيكاغو، في ابهى الثياب، الشوارع رفقة أسرهم، أمام إنذهال البوليس والجيش والحرس الخاص المستعدين للتدخل عند أدنى حركة. مرت مظاهرة التضامن بنجاح وتوقفت على ضفاف بحيرة ميشيغان، حيث تحدث أمام الجمهور أبرز الخطباء، من بينهم ألبير بارسونس وأغوست شبيس،. شارك في المظاهرة 80000 عامل بمدينة شيكاغو وحدها. وكان ليوم فاتح ماي، في البلد برمته، نفس الصدى وتوبع بنفس الحماس.

تواصلت حركة الإضراب، يوم الاثنين 3 ماي، وانضم عدد كبير من العمال الى مضربي فاتح ماي، مصيبين على هذا النحو إقتصاد مدينة شيكاغو بالشلل. وسينفجر عنف قوى الأمن المستمر طيلة يوم السبت، أمام حواجز مصنع آلات وأدوات زراعية، يسمى آنذاك، وحاليا.

وردا على إضراب يوم فاتح ماي، أغلق رب العمل هذا المصنع في وجه العمال، وعوضهم بـ 300 كاسر إضراب. لكن عن خروج هؤلاء تعرض المضربون سبيلهم. وفجأة سددت عناصر البوليس أسلحتها. حاول المضربون التشتت، لكن البوليس، وقد خاب واغتاظ، بلا شك، بفعل الطابع السلمي لتظاهرة فاتح ماي، أطلق النار على الحشد، وقتل ستة رجال بينما هم فارون. ورأى منظمو يوم فاتح ماي في هذه المذبحة فعلا مخزيا وغير مقبول يستلزم الإدانة علانية.

فتقرر تنظيم مظاهرة مساء اليوم الموالي بساحة هايمركت، غير بعيد عن إحدى مقرات بوليس شيكاغو. انقضت أمسية الإحتجاج ضد فظاظة البوليس بلا صدامات، تعاقب خلالها الخطباء أمام جمهور هادئ. لكن في نهاية المظاهرة، وقد غادر أبرز الخطباء الساحة، اقتحم 180 شرطيا الساحة بهراواتهم وأمروا المتظاهرين بالانسحاب فورا، وهذا مارد عليه سام فيلدن أحد المنظمين، بأن الجمهور هادئ. بعد ذلك انفجرت قنبلة وسط رجال البوليس، وكانت بداية الهلع. أطلق رجال البوليس، الذين قتل أحدهم وأصيب ستة بجروح، النار واندفع الجمهور نحو جميع الجهات هروبا من وابل الرصاص. وكانت الحصيلة بين المتظاهرين ثقيلة كذلك، قتيل وعدد كبير جدا من الجرحى. ولم يُعثر أبدا العثور على ملقي القنبلة، وقد يكون عميلا مستفزا.
غير أن السلطات لم تصدق بتاتا رواية الأحداث هذه. لم يكن الوضع بنظرها منطويا على أي غموض، فالمسؤولون معروفون: اللاسلطويون الذين لم يرضيهم كفاية التحريض على إضرابات الأيام السابقة، وخلق الفوضى بدفع العمال للتظاهر بساحة هايمركت، فهاجموا قوات الأمن. يجب على السلطات اذن التدخل بسرعة و ضرب رأس الحركة لمنع قيام انتفاضة تعرض النظام برمته للخطر.

جرى اعتقال ممثلي الحركة العمالية بشيكاغو، وهم ألبير بارسونس وأغوست شبيس وميشيل شواب وجورج أنجيل وأدولف فيشير وسامويل فيلدن ولويس لينغ، وحوكموا بالإعدام شنقا، بدون أي حجة تثبت إدانتهم. نفذ حكم الإعدام في حق بارسونس وشبيس وفيشير وإنجل، وخفضت عقوبة الإعدام إلى السجن مدى الحياة في حق فيلدن وشواب بعدما طلبوا العفو. أما لينغ، الذي ظلت وفاته غامضة ولم يتم الكشف عنها أبدا، فربما انتحر في زنزانته. لقد إفتتحت محاكمة شهداء شيكاغو عهد الرعب ضد الحركة العمالية في أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية. كان فاتح ماي 1886، ومعه الأحداث المأساوية التي هزت الحركة العمالية الأمريكية، منشأ الاحتفاء بعيد الشغل، يوم التوقف عن العمل المخصص لمظاهرات العمال. وعلى غرار حالة ساكو وفانزيتي ومسألة روزنبورغ فيما بعد، تظل محاكمة شهداء شيكاغو مثالا للعدالة المدافعة عن مصالح المالكين بأمريكا الرأسمالية. كانت كلمات أغوست شبيس، بهذا الصدد، تنبؤية:

«ستأتي يوم يكون فيه صمتنا أقوى من الأصوات التي تخنقون حاليا»

لقد اعجبني حديث المتقاعد السككي العابر عن التعليم في بلادنا..!ووجهة نطره حول قضية من أهم قضايانا الوطنية..

لحظة مع التعليم

تشغلني كثيرا وضعية التعليم ببلادنا كما تشغل بال جميع المغاربة لعدة اعتبارات منها، أولا: كوني رجل تعليم متقاعد قضى زهرة عمره يزاول هاته المهنة التي أحببتها دون غيرها. وثانيا كوني مواطنا يحمل الجنسية المغربية. وثالثاا: لكوني أساهم بدفع الضرائب المقتطعة بانتظام من راتبي لتأكيد مواطنتي بالمساهمة في تمويل هذا القطاع. رابعا: بصفتي أبا لأطفال أري أن مستقبلهم قد يصبح في مهب الريح مثلهم مثل باقي أبناء المغاربة.لذا لن أكون متطاولا على هذا الميدان الغامض، إذا طرحت وجهة نظري حول قضية من أهم قضايانا الوطنية وأنبلها ببلادنا، وخاصة بعد الاعتراف الرسمي والمعلن صراحة من قبل الذين أوكل إليهم مهمة السهر علي التخطيط لمستقبل شبيبتنا ورجال مستقبل وطننا، والذين تحدثوا بكل أسف عن المرحلة المأساوية التي وصل إليها هذا القطاع، بل أصبح موضوعه حديث الخاص والعام عبر المنتديات الالكترونية، وعلي صفحات الجرائد الوطنية بكل ألوانها وتوجهاتها.

وحسب تتبعي ومعايشتي لهذا الملف الشائك الذي تحدث عنه جميع الفاعلين التربويين والسياسيين بما فيه الكفاية وذكرونا بالأسباب الجوهرية التي يعتقدون في نظرهم بأنها أوصلت هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر العمود الفقري لكل الأمم التي تطمح إلي الرقي والتقدم بجهود وتضحيات كافة أطرها ومسيريها بإخلاص وعزيمة من أجل الوصول إلي مصاف الدول المؤثرة والفاعلة دوليا، سواء علي مستوي السياسة أوعلي مستوي الإقتصاد، لقد أدرك المسؤولون المغاربة متأخرين خطأ تنبآ تهم التي نبهناهم في مجالسنا التعليمية إلى زيغانها وبعدها عن الواقعيىة و مخالفتها للواقع الذي أظهر بالملموس حجم الاستهتار الذي أضر بسمعة شعب عظيم تتجلي مهمة المسؤولين عنه في نسج الكلام الفارغ والتنظير العشوائي والمخططات الفاشلة وكثرة المراسلات التي تنعدم فيها المصداقية، وعدم الإلمام بالمشاكل العميقة التي يتخبط فيها القطاع والعاملين به، زيادة علي إصابتهم بالكسل الوظيفي الذي يمنعهم من ممارسة المهام الموكولة إليهم، فتجدهم قاعدين لا يتركون كراسي مكاتبهم الفاخرة قيد أنملة قصد متابعة وتطبيق نظرياتهم،ولكي يقفوا بأنفسهم على فشل نتائج ثرثرتهم، وصعوبة تنفيذ قراراتهم علي أرض الواقع.
وللحقيقة وللتاريخ فأن المغرب اليوم بهذا الاعتراف الصريح بفشل أهم مرفق من مرافقه هو خطوة إيجابية نحو المسار الصحيح للمستقبل، ولا يهمنا في ذلك إن ضاعت من حياة المغرب خمسين سنة، والتي ظل الشعب المغربي يبحث دوما عمن يخبره بالحقيقة، ويضع مشاكله علي الطاولة، وينشر ثقافة الشفافية والاعتراف بالخطأ من طرف المسؤولين، وكم سنكون سعداء لو انتشر هذا السلوك، وتعلم المسؤولون في كل القطاعات إخبار الشعب بكل حقائق الفشل كما في النجاح دون خوف أو نكران، ونشترك بذلك جميعا في حمل هموم الوطن.

كذلك نريد من صناع القرار في هذا القطاع الحيوي، عدم التسرع في إصلاح الخطإ المرحلي بخطإ أعمق منه تتكبد خسائره أجيالنا المقبلة التي ستدفع الثمن كما ندفعه نحن اليوم. إن إصلاح مجال التعليم يتطلب مشاركة الفاعلين الحقيقيين فيه وأصحاب الخبرة والتجربة، ممن دَرَّسُوا في قمم الجبال وقصور الصحراء وعبر متاهات الوطن، إلي من أدمت أقدامهم الصخور، فأدوا واجبهم كما تمليه عليهم روح المواطنة، وإلى كل من جربت بواسطتهم الوزارات المتعاقبة كل إصلاحاتها فأصبحت لديهم الخبرة لتقديم مقترحاتهم التي قد تؤدي إلي بعض الحلول. وأن لا نعتمد فقط علي استنتاجات منظرين بيروقراطيين لم يسبق لأغلبهم أن مارس هذه المهنة المحتقرة لديهم، حيث يضعون مجموعة من الاحتمالات التي تجعلهم وكأنهم يقامرون بمستقبل الوطن وبطموح أجيال كاملة وينتظرون النتيجة التي قد تأتي وقد لا تأتي.

إن قطاع التعليم هو وحدة متكاملة كجسم الإنسان إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى. فمشاكل التعليم الابتدائي تظهر بجلاء نتائجها في مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي، هذه النتائج التي تتراكم وتتعاظم لتصل إلي مرحلة التعليم الثانوي التأهيلي كقنابل موقوته تنفجر فجأة عند بلوغ المرحلة النهائية من هذا التعليم، ولعل جامعاتنا المغربية هي من تجمع حصيلة هذا التعليم المنحط، ورغم ذلك فهي تكابر لتصنع لنا جيلا من الأطر التي يتحمل معظمها المسؤولية في هذا البلد. فمجال التعليم الابتدائي، هذا المجال المنسي والذي يعتبر العمود الفقري في قطاع التعليم، كما يعتبر الركيزة الأساسية في بناء شخصية الطفل التعليمية، فهل فكر أحد المسؤولين الكبار يوما زيارته للاضطلاع عن ظروف عمل هذا المعلم و ما هي المشاكل التي تعترضه في عمله؟ وهل وفرت له الوزارة إمكانية تبليغ رسالته؟

وبعيدا عن المزايدة لن أتحدث عن البنايات المدرسية العمومية رغم قلتها والتي أصبح أغلبها غير صالح لاستقبال التلاميذ، وعن تجهيزاتها الصحية المنعدمة بالمرة، من مراحيض تدمي القلوب، وأقسام لا تليق حتى بزربات للحيوانات، وكثيرا ما تنعدم السبورة في كثير من الأقسام مع أبسط وسائل الإيضاح التي تلزم المعلم لأداء مهامه. أما الاكتظاظ والذي أصبح سمة تميز التعليم العمومي بكل مستوياته ببلادنا والذي وصل في بعض المؤسسات التعليمة المغربية إلى أكثر من 55 تلميذ.
إن السادة أعضاء المجلس الأعلى للتعليم، أو اللجنة الملكية للتربية والتكوين التي كلفها جلالة الملك محمد السادس بالسهر علي إحياء التعليم في المغرب، وجعله يواكب التطور الحاصل في كل المجالات، لا يمكن أن يحقق أحد منهم شيئا مما طلب منهم تحقيقه لعدة اعتبارات.منها أن اللجنة تؤسس عملها بناء علي تقارير خاطئة والتي تكون في معظمها مجرد تقارير روتينية قصد مجاملة الوزراء بأسلوب( العام زين). ولا تطرح المعيقات الحقيقية التي يعيشها التعليم في بلادنا والعاملين به.
فإذا كانت هناك رغبة حقيقية ممزوجة بوطنية صادقة فلابد من مشاركة القواعد التعليمية العريضة والتي وحدها من تعايشت وتعايش واقع فشل التعليم بمرارة بل وَتلمسَ بعض الحلول الجاهزة، فبدون إسماع صوت رجل التعليم علي مستوي التعليم الإبتدائي، والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي ،لن تستطع

مجتمع بلا شهادات أفضل

الشهادات الجامعية اليوم تحولت إلى نوع من الهوس الاجتماعي،‮ ‬حيث‮ ‬يتم تقدير صاحب الشهادة الجامعية أكثر من حملة الدبلوم،‮ ‬علماً‮ ‬بأن شهادات الدبلوم أكثر نفعاً‮ ‬للمجتمع من الشهادة الجامعية في‮ ‬العلوم الاجتماعية والآداب،‮ ‬وفي‮ ‬بعض البلدان العربية حتى الشهادات العلمية كالطب والهندسة لا‮ ‬يجد حاملها عملاً‮. ‬ولا شك أن مجانية التعليم التي‮ ‬دعا إليها المرحوم عميد الأدب العربي‮ ‬د‮. ‬طه حسين،‮ ‬حين قال إن التعليم كالهواء والماء‮ ‬يجب توفيره للجميع،‮ ‬يعد أمراً‮ ‬جميلاً،‮ ‬لكن اليوم‮ ‬يدفع المجتمع العربي‮ ‬ثمناً‮ ‬باهظاً‮ ‬لهذه المقولة الإنسانية الرائعة،‮ ‬لأن العرب أساؤوا فهمها،‮ ‬حيث أعتقد أن طه حسين كان‮ ‬يقصد حق الإنسان في‮ ‬فرصة متساوية مع الآخرين للحصول على تعليم جيد‮ ‬يتيح له القراءة والكتابة بصورة جيدة تساعده على المضي‮ ‬في‮ ‬طريق الحياة،‮ ‬ولا شك أنه لم‮ ‬يقصد إتاحة التعليم الجامعي‮ ‬لكل من هبّ‮ ‬ودبّ‮. ‬فالشهادة الجامعية للعلم وليست للتعليم‮. ‬لكن جاءت الريح بما لا تشتهي‮ ‬السَفن‮ »‬الربابنة‮«‬،‮ ‬أصبح التعليم الجامعي‮ ‬اليوم عبئاً‮ ‬مكلفاً‮ ‬مادياً،‮ ‬ومستنزفاً‮ ‬للثروة المادية للدولة‮. ‬ولم‮ ‬يتعلم العرب الدرس إلى اليوم‮.‬

التعليم حق للجميع لا شك في‮ ‬ذلك،‮ ‬ولكن لأي‮ ‬مرحلة؟ لقد دار نقاش طويل في‮ ‬المجلس التأسيسي‮ ‬الكويتي‮ ‬عند وضع الدستور عام ‮١٦٩١‬،‮ ‬حول هذا الموضوع،‮ ‬واتفق الجميع على إلزام الدولة والأفراد على توفير التعليم حتى المرحلة المتوسطة حيث‮ ‬يتخرج الطالب مجيدا للقراءة والكتابة وعلى قدر لا بأس به من المعلومات اللازمة‮. ‬لكن الدولة العربية الحديثة أبت إلا متابعة الموضوع بتوفير التعليم الثانوي‮ ‬عموماً،‮ ‬وبشروط مخففة للتعليم الجامعي،‮ ‬وحين تبين أن المجتمع قد تحول إلى مجتمع شهادات بلا فائدة عملية،‮ ‬بدأ العمل على تقديم شهادات الدبلوم لمن لا تتوافر فيه شروط الانتساب للتعليم الجامعي،‮ ‬وكان الأمر أقرب ما‮ ‬يكون للعقاب للذين لم‮ ‬يحصلوا على النسبة المطلوبة للانتساب للجامعة‮. ‬واليوم تحصد الدولة العربية الحنظل من خلال البطالة المقنعة في‮ ‬الوزارات،‮ ‬إضافة إلى البطالة السافرة حيث أصبحت الدولة عاجزة عن توفير وظائف للجميع‮.‬

للعلم ان نسبة المنتسبين للجامعة في‮ ‬أوروبا وأمريكا بالكاد تصل إلى ‮٥١‬٪‮ ‬من طلبة الثانوية،‮ ‬والبقية الباقية تتجه لسوق التدريب والعمل حتى‮ ‬يصبحوا مهنيين،‮ ‬وهو ما‮ ‬يحتاجه المجتمع حقا‮. ‬والدول الخليجية اليوم تعاني‮ ‬من اختلال الوضع السكاني،‮ ‬حيث أصبح المواطنون أقلية في‮ ‬بلدانهم،‮ ‬نظرا لحاجتهم المتزايدة للمهنيين من الأجانب من حملة الشهادات المتوسطة والثانوية والدبلوم الذين تلقوا تدريبات عملية على مختلف المهن‮.‬

المؤلم في‮ ‬الأمر أننا إلى اليوم لم نتعلم الدرس،‮ ‬وهو أن الشهادات الجامعية النظرية لا فائدة منها إلا في‮ ‬أضيق نطاق‮ »‬اللغات مثلا‮«‬،‮ ‬في‮ ‬حين نعاني‮ ‬نقصا فادحا في‮ ‬التخصصات العلمية والمهنية‮. ‬ألم‮ ‬يحن الوقت لكي‮ ‬تتفق الدول الخليجية مجتمعة على البدء ببرنامج خليجي‮ ‬لتدريب الشباب على مثل هذه المهن ومساعدتهم بعد التخرج مالياً‮ ‬لإقامة مؤسساتهم المهنية الصغيرة؟ فاستيراد العمالة الوافدة سيشكل تهديدا للتغيرات السكانية بما‮ ‬يحمله ذلك من تغيير للواقع الاجتماعي‮ ‬وارتفاع نسبة الجريمة لمجتمعات‮ - ‬برغم كل الأموال المتوافرة‮ - ‬عجزت عن توفير عمالة وطنية‮.. ‬فمتى ننتبه إلى هذا الخطر؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى