

طيور المساء تسافر في الصيف
جسدي كالصيف يسافر في عيينيكويبحر ُ في تيار الماءوالأرض ُ تبيع مفاتيح العشبوتستجدي عري الصحراءتعب المجداف ولا زلتبأمتعة العشاق أسافرأبحث عن وطن ورديلطيور الماء
رحيل ٌ عند مرفأ الذكريات، ترحل ُ أرواحنا محلّقة مع الطيور المسافرة تتقاذفها الرياح لترمي بها في ركن بعيد عن أمانينا.. نبحث ُ عن وطن ٍ نمحو فيه غربة النفس.. وطن ٌ يحتوينا ويحتوي آمالنا وآلامنا.. نتكئ على ألق ٍ يزرع ُنبضا ً ويحمل ُ كل الحقائب لطيور ٍ تعودُ متعبة ً ومنهكة ًمن الغربة ورحلة العودة لتستفيق وترتدي جرح الوطن..
عن دار أمل الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع في سوريا صدر للشاعر قاسم عبدالهادي السواد المجموعة الشعرية بعنوان " طيور المساء تسافر في الصيف " وتتضمن " 44 " قصيدة شعرية، تعبر عن القيمة الجمالية التي تختزل في داخلها تجربة الشاعر ورؤيته لمحن الوطن التي يصيح فينا جرحه، مسافر يحمل في قلبه حدود اللامكان ليجد ذاته..
كتب الدكتور قصي الشيخ عسكر :
" ان الشاعر قاسم السواد يرسم العراق ومنطقته " البصرة " ومحلته " التنومة " في العالم ويرسم العالم في العراق وان قصائده هي لوحات فنية تمتزج فيها الكلمة والرسم والمسرح "..
يرسم لنا الشاعر قاسم السواد الحزن البصري الذي هو جوهر الحزن العراقي في قصائده.. للبصرة حزنا ً خفيا ً عميقا ً وأوجاعا ً تعتلي وتعزف على أوتار القلب، ترويها السنين في صحراء لا يسمع لها صوت ولا صدى..
جرحك معتقل في رأسيوأشجار الخرنوب على نهر الشعيبيمطعونة بوجع الأنينوأنا أكثر اضطرابامن ذي قبلمفتونا بالخطوات الأولىوطالعي يحمله العرافوندون رؤىلأرض لا تسكنها الروحولا تحرسها أقبية الملكوت
تراتيل المساء تغرق في لوعتها مع هواجس الوجع المخضـّب برائحة الشجن.. يقلب صور يلفها الحزن عبر نسمات الليل، كم هو مؤلم الرحيل عندما تغادر الطيور وتمضي برفقة نغمات الأسى وتبتعد معها أشعة الشمس التي أضاءت يوما ً حنايا الروح ليتجرع كأس الحزن المنبعث من أنفاسه..
الدهور تشرب أحزانهاوالنوارس تهجر أعشاشهاولا ينمو عشب فوق الأرضلأن النوافذ مغلقة
يعيش تحت ظلين لا ظل واحد، ظل الأم وظل النخلة.. يشم ّ عطرها ويأوي الى حضنها الدافئ لعله يجد أثار أمه بجوار النخلة.. يحس ّ بحنانها، وتلامس رأسه الصغير، ويركن اليها عند جفوة الأحبة.. تخنقه الذكريات ودعوات أمه تضئ ليله الحزين..
ان التكـوّن حد الرغبةيحمل شكلا تشاطره بقايايعند أفتتاح الفصولوأن الجلوس الى جوار نخلةأوله حزن وآخره وجه أمي
جرح ٌ طوى قلبه الأمل أشرعة ً، حزن ٌ من بين تنهداته ينفلت الوجع، يفجـّر ُ الماضي براكين الذاكرة حين تنام عيون الكون، وتشرق بالمسافات التي تكتب على أوراقها الثكلى حروفا ً تئن ُ في حنايا الضلوع، ويبحث ُ عن لحظة ٍ تخرج ُ من عتمة ٍ تحرق ما تبقـّى من بدايات المسافات..ُ
هل تكفيك حرقة جرحيأم تكتفي باستدارة الأنهارواحتضار الليلة الباردةفي أوج انبهارهالأن الدوامة نامتعلى أحجية المسافات
من ثرثرة الصمت التي تأخذنا بعيدا ً الى ثورة الكلام الصامت.. حروف ٌ وكلمات ٌ تحمل ُ الوانا ً من العذاب.. ما الذي ترتجيه من حرف ٍ يضج ُ بسرد حكايا من العمق، ما عاد لنا سوى الأنتظار على متن جسد مرسوم، وعيون تناجي طيف ٌ يراود حلم يرتل أسطورة من خيال..
لا تجعل من صمتك فاصلةتنادم هذا الاحتداملأنك تدريما سوف يأتيوان أعتصار الحروفيراود ما كان منيأو سيكون
تمتد الفواصل وتستظل بجمرة ٍ تعبر ُ سارية اللهب، ينثر ُ بخورا ً ويشعل ُ شموعا ً معطرا ً بأريج التراب ليطوي ليله الحزين على مشارف الرؤى النازل عند ضفاف النهر.. يحمل ُ جسده الملفوف بالجرح ليحرس خارطة الوطن التي تنبت ُعشقا ً يوقظ رجفة الأبدان..