الاثنين ٢٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٥
بقلم عبد الله النصر

عوامل تأثير النص على المتلقي

ينفعل المستمعون، ربما فرحا، أو حزنا، أو ألما، أو حيرة.. وربما انبهارا كمن يقوم من مجلسه صارخا (الله، كم هذا جميل، أعد، أعد)، وربما انفعالا آنيا بحيث يقول (تبا لقسوتك، أو تبا لما تقول) فيقعد، أو انفعالا يبقى إلى أمد طويل يتداول بحدة وجدل، فيأتي بردة فعل قاتلة.. وإلى جانب هذا وذاك، من يقتعد كرسيه في انصات تام جدا، يلتقط كل ما يرده، وينفعل معها في وعيه، فيلتقط ثيمة ما أساسية، ثم يذهب بنحو محايد، فيتقول على القول، ويكتب على الكتابة.
لكن في الجانب الآخر من أولئك، من تنشأ لديه تساؤلات أخرى هامة، كما سألني أحدهم ذات أمسية لي، بـ(كيف يكون النص مؤثرا؟).

ولكي يستفيد جميع فئات القراء هذه الصحيفة، سأكتب إجابتي مركزة مفصلة، من واقع الخبرة والتجربة والمعرفة، بالآتي:
أولا: المعرفة بماهية النص، أي حصول الكاتب على المعلومة الحقيقية وفهمها لنوع النص، بحيث يستطيع توصيفه، بل حصوله على العلم بخصائصه وبتقنياته وقواعده وأدواته حتى يمكنه أن يميزه ويفرزه عن غيره من النصوص، وتنشأ هذه المعرفة من القراءة في النص المطلوب وعنه.

ثانيا: حصول كاتب النص على الخبرة والمقدرة الفائقة على الكتابة في نوعه، وهذه تنشأ من خلال كثرة الممارسة الفعلية للكتابة، بل وتلقي النصائح والتوجيهات عبر الورش الفردية (صديق أو زميل) أو العامة التي تعطى من خلال مؤسسة ثقافية، وبالطبع لا بد من كلا الطرفين أن تكون جهات خبيرة أيضا.

ثالثا: تفعيل وتقوية المدركات الحسية تجاه ما يكتب عنه، إذ لا يمكن بحال أن يأتي النص هكذا اعتباطيا، بل يأتي بتفعيل الوعي التام تجاه ما يرى أو يسمع، فتتأثر النفس تجاهه، ثم يقوم بعملية اختيار وتفسير وتنظيم المعلومات والتفاصيل المحسوسة بنحو يجعل الآخر يتقبلها تقبلا تاما، الأمر الذي يجعله ينفعل تجاهها.

رابعا: الفكرة: وهي الخاطر الذي يخطر في عقل الكاتب من أشياء أو حلول أو اقتراحات مستحدثة أو تحليلات للوقائع والأحداث يريد الكتابة عنها، وبتعريف آخر هي الموضوع، أي المادة التي يبني عليها المتكلم أو الكاتب كلامه، يكون فكرة رئيسية في العمل الفني، فإذا كانت قوية موفقة مسددة، فضلا عن أنها تلائم حال العصر وتحاكيه وتوافقه، فإنها تكون أكثر أثرا وانفعالا في المتلقي.

خامسا: الخيال: الذي يعتبر عن قدرة الكاتب على أن يكون أو يرى صورا ذهنية وأحاسيس غير التي تأتي بها الحواس من خلال ما تمت مشاهدته أو سماعه، فيستطيع خلق واقع آخر بأفكار جديدة، بل واختراع أساليب مختلفة لقلب الوضع السائد المعروف المعتاد.

سادسا: لغة النص الإبداعي، وتعتبر عموده الفقري، بل لا يمكن النظر إلى أي نص بعيدا عن اللغة التي تشكل لبنات عمارته وتحتل مكانة هامة جدا فيه؛ لذا يجب أن يحرص كاتب النص على أن تكون لغة كتابته لغة تناسب عقل وثقافة المستهدف حتى تحقق التأثير عليه.

سابعا: الأسلوب وهو النمط الذي يختاره الكاتب للكتابة لقارئيه أو مستمعيه. فإذا ما كان قادرا على كشف شخصية الكاتب ورأيه وتصوره، عن طريق تغيير بسيط للكلمات: البناء النحوي، تحليل النثر، إضفاء الأسلوب، وتنظيم عدد من الأفكار في أطر قابلة للاستخدام، فإنه باستطاعته أن ينظم أفكاره ويوصلها بنحو سهل وجميل وجذاب ومؤثر.

ثامنا: مهارة التعبير عن الواقع والبيئة، أي يعبر الكاتب عما يدور من أحداث وقضايا هامة عاشها أو ما زال يعيشها المستهدفون، بل ويعبر عما يجول في نفوسهم، ويجيش في صدورهم.

تاسعا: الصدق والإخلاص، ويكون الصدق بالتعبير البعيد عن التزييف، أي فيما يشبه أو يطابق الواقع دون أدنى كلفة أو تصنع. كما يكون الإخلاص بقصد مصلحة المتلقي ونفعه بالرسالة الموجهة إليه.

عاشرا: قراءة النص بشكل جيد وضبط ألفاظه، ويحبذ أن تكون له طريقة خاصة يختارها ليظهر بها نبرات صوته، إلى جانب هذا توزيع النظر باعتدال وتوازن ما بين الورقة والجمهور، ويتم ذلك بالتمهل والتأني في القراءة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى