كتاب نقدي جديد لمراد الخطيبي
تعززت السّاحة النقدية، المغربية خاصة والعربية عامة، بصدور كتاب نقدي جديد للباحث والمُترجم المغربي مراد الخطيبي، عن منشورات مكتبة السلام الجديدة بالدار البيضاء (2023)، في 175 صفحة من القطع المتوسط، يحمل عنوان "التعدد الأجناسي في الكتابة الإبداعية المعاصرة دراسة نقدية"، ويأتي هذا الكتاب بعْد كتبه "عبد الكبير الخطيبي الأجنبي المحترف" (2017) "عبد الكبير الخطيبي وصداقاته الإنسانية والفكرية" (2020) "الترجمة الأدبية: الممكن والمأمول" (2021).
يلاحظ قارئ الكتاب أن مراد الخطيبي حالَفَه التّوفيق في اختيار كلمة التعدّد في عنوان كتابه النّقدي هذا الذي يضم متابعات نقدية للعديد من النصوص الأدبية، والتي تبدو بجلاء أنّها كلمة مفتاح لا غنى عنها في قراءته وتمثّل مراميه ورهاناته النقدية من جهة، كما تكشف عن أهم الخصوصيات المميّزة للاشتغال النّقدي فيه؛ أولاً على المستوى المفهومي التصوري في المنطلقات والرؤية النّقدية الحاكمة لمقالات الكتاب، وثانياً على المستوى الإجرائي التطبيقي في تحليل ما اختاره من نماذج نصية، في المقالات الأربعة عشر المكونة للكتاب من جهة أخرى.
تقودُ القراءة المتمعّنة لهذا الكتاب الجديد للناقد المغربي مراد الخطيبي، إلى أن التعدّد، كفمهوم ناظم له على المستويين النظري والتطبيقي من جهة، وبوصلة لا غنى عنها في قراءته وتلقّيه من جهة أخرى، يتحقّق في عدة سمات لافتة يكشف عنها تلقي المقالات المكونة للكتاب، ومن أهم هذه السمات اللافتة نذكر ما يلي:
أولها: تميّز الكتاب بالاشتغال على نصوص إبداعية تنتمي إلى عدة أجناس أدبية منها المكرّس ومنها ما يبحث لنفسه عن مكانة بين الأجناس الأخرى، رغم وجود هيمنة ملحوظة لجنسي الرواية والشعر ببعض أنواعه (خمس روايات مغربية، سبع دواوين شعرية مغربية وديوان إيراني، نص زجلي مغربي واحد، وكتاب يضم نصوصاً وحوارات لسعيد عاهد).
ثانيها: تعدّد في التّيمات التي عالجها الكاتب؛ فيما حلّله من نصوص متعدّدة الانتماءات الأجناسية والتي يروم من خلالها الناقد الكشف عن القيمة الفكرية في تحقق هذه النصوص، انطلاقا مما تثيره وتطرحه من موضوعات للتفكير النقدي، من أهمها نذكر البحر وتمثّلاته، المرأة ومراياها، الأنا والآخر، المدينة ودلالات الانتماء، الضوء والعتمة، الذاكرة بين الوشم والتشظي...
ثالثها: تعدّد الخصوصيات الجمالية المقارَبَة في النّصوص التي اشتغل عليها الناقد، والتي أضفت على الكتاب تنوعاً في التقنيات الفنية المميزة للنّصوص المدروسة وأبعدت العمل النقدي من السقوط في النمطية. وتمثّلت هذه الخصوصيات في: لعبة السرد، نسق الكتابة وتعدّده، التّدفّق الشّعري واستراتيجية الحكمة، لذّة التّعبير وسلاسة اللغة، اختزال اللّغة وعُمق الصّورة، البعد الجمالي...
رابعُها: تعدّد في الهوية اللغوية للنصوص المدروسة في الكتاب. فعلى الرغم من هيمنة واضحة للنصوص المكتوبة بالعربية المتمثلة في وجود إحدى عشر نصا، يحضر نصان باللغة الفرنسية للكاتبين المغربيين عبد الكبير الخطيبي وعبد الغني فنان، كما تحضر ثلاثة نصوص مترجمة، الأول لعبد الكبير الخطيبي والثاني لعبد الغني فنان عن الفرنسية والثالث للشاعرة الإيرانية سانز داودزاده فر عن اللغة الفارسية.
خامسها: يوسعّ مراد الخطيبي اهتمامه النّقدي ليجعل من كتابه موسوماً أيضاً بتعدّد في أجيال الكتّاب المدروسين، إذ لم يكتف الناقد بتحليل نصوص إبداعية للرواد (عبد الكبير الخطيبي، أحمد المديني) أو الجيل الذي لحقه (نور الدين الزويتني، سعيد عاهد...) بل ضم كتابه أيضاً نصوصاً لكتّاب من الجيل الجديد (سامح درويش، محمد يويو، هشام ناجح، فاطمة بلعروبي ...)
هكذا يتحقّق التعدد كبنية ناظمة وأفق للتفكير النقدي في كتاب "التعدد الأجناسي في الكتابة الإبداعية" لمراد الخطيبي على مستوى الخلفية المعرفية الموجهة، وكذلك على مستوى اختيار النصوص المنتمية إلى أجناس أدبية متعددة وهويات لغوية وحساسيات إبداعية متنوعة، وعلى مستوى الفعل النقدي في تناول ما تثيره هذه النصوص من تيمات وخصوصيات فنّية موسومة بالتعدد.
مشاركة منتدى
13 أيلول (سبتمبر), 10:57, بقلم mohamed aymane khfif
مرحباً أستاذ بوشعيب الساوري
أود أن أكتب لك هذه الرسالة لأعبر لك عن امتناني وأخبرك بمدى تأثيرك العميق على مساري. لقد كنت بلا شك الأستاذ الذي أثر في حياتي أكثر من أي شخص آخر، وأعتبرك أستاذي المفضل. بسببك، أصبحت أحب القراءة، وأنت من منحتني أول كتاب لأقرأه. منذ ذلك الحين، أصبحت القراءة شغفاً لدي وأثرت بشكل إيجابي على حياتي.
رغم أنني اتبعت مسارًا مختلفًا عن الفلسفة وأصبحت الآن باحثاً في الفيزياء الطبية، إلا أن أهدافي وشخصيتي تغيرت بفضل منهجيتك في التدريس وطريقتك في التعامل. لازلت أتذكر الحصة الأولى التي جعلتني أحب الفلسفة بفضل شرحك المميز، وكذلك الكتاب الذي منحته لي وأخبرتني أنني بحاجة لقراءته.
كنت طالبك في عام 2015 في ثانوية عمرو بن العاص، وأعلم أنك قد لا تتذكرني، ولكنني دائمًا أشكرك على كل ما فعلته من أجلي. كنت أفضل أستاذ درسني على الإطلاق، وأرى أنك السبب في التغيير الكلي الذي حدث لي. بفضلك أصبحت لدي أهداف وتغيرت شخصيتي لأصبح ما أنا عليه اليوم. أنت من دفعتني لقراءة أول كتاب، ومنذ ذلك الحين أصبحت قارئًا نهمًا، مما أثر إيجابياً على حياتي وأصبحت أكثر قدرة على التعامل مع الحياة. منهجيتك في الدراسة والتعامل كانت مميزة وأثرت فيّ بشكل كبير.
لقد جئت إلى المغرب هذا العام، لكن للأسف لم أتمكن من الوصول إليك. حالياً، أحاول الحصول على معلومات تواصلك، حيث لدي بعض الأسئلة التي أود طرحها عليك.
شكراً جزيلاً لك على كل شيء.
محمد ايمن خفيف