كل عيد.. وأنت بخير يا وطني
كل عيد وأنت بخير يا وطني.. يا وطن الجرح المكابر ما نالت من نزيفه العنيد الأيام ولا الأحزان منالا. شامخ الجبين أنت، تحلم بصباحات الحرية، برغم الليالي السود لا تبارح فضاءاتك. كثيرون هم عشاقك، آمنوا بك حتى نهاية المشوار مهما طال حتى الخلاص والتحرير. وكثيرة هي غربان الليل تجتاح مداك، تزرع ربوعك أشواكا ويبابا. لكنك يا وطني الساكن في الحنايا والجوارح، ما زلت تهزأ بالغربان، تتعالى على الجراح، لأنك أقوى من الغربان والجراح.
كل عيد وأنت بخير يا وطني الحبيب.. صباح عيد التضحية والفداء.. لا يغلو عليك غال. فكم مهرك عشاقك أرواحهم وما زالوا فداء لخلاصك. دماء عشاقك ملاحم بطولة يتغنى بها التاريخ أنشودة فخر واعتزاز. هذه الدماء لا يمكن أن تهون. لا يمكن أن تراق سدى في غير مسارات الوصول إليك. هذه الدماء محرمة إلا في سبيلها إليك وحدك، ومن أجل خلاصك. هذه الدماء موعودة لك.
كل عيد وأنت بخير يا وطني.. هذا الدم الطهور مطر أخضر يتوضأ بقطراته ثراك الحالم بصلاة الحرية. هذا الدم الطهور كأس مترعة بالعشق قربانا لمغانيك. لعل شقائق النعمان والنسرين.. لعل الياسمين.. لعل كل الأزاهير تصحو من غفوتها فترسم من جديد خارطة وجودك الحتمي.. لعل الاطيار المهاجرة ترجع الى أفنان أشجارك الواقفة في وجه الريح السوداء.. لعل الشمس تطل على نهاراتك المتمردة على عتمة الليالي السود.. لعل الابتسامة التي غادرت عيون أطفالك ذات يوم تورق مرة أخرى في أحداقهم وتزهر أملا بالحياة.. لعل العيد الذي حلمت به الاجيال يرجع الى احضانك.. وهل عيد غير ظلالك يتفيؤها العاشقون الساهرون انتظارا لصباحاتك السابحة بالسنا.
كل عيد وأنت بخير يا وطن الشهداء.. عاشوا رماحا تشق أسنتها المدى الى صدور طغاة غربان الليل الجاثمين على أنفاس الفجر المنتظر الذي تصلي له عيون الاطفال ليلد شمس الحرية.. ويوم لامست شفاههم ثراك الطهور لتطبع القبلة الاخيرة على جبينك الأشم استحالوا الى مشاعل تضيء فضاءات أجيال خرجوا من رحمك وسيخرجون يرسمون بالنور والنار ملحمة تلون زمانك بالسؤدد وتعطر مكانك بالاباء.
كل عيد وأنت بخير يا وطني. كل عيد وأنت في رحاب الأقصى بخير تتحدى الغاصبين. كل عيد وأنت في جبل النار بخير شعلة تحد وإصرار على الحرية والخلاص. كل عيد وأنت في غزة هاشم الشماء تتحدى نارهم وغطرستهم مهما اشتد أوارها. كل عيد وأنت في كل أرجاء الوطن بخير، وهو ماض إلى الحرية والخلاص. كل عيد وأنت بخير ياوطني الحبيب.
كل عيد وأنت بخير أيها الوطن الساكن في العيون، المحفور على شغاف القلوب. أنت الحب ولا حب الا أنت. ذرات ترابك.. أنسامك.. صيفك شتاؤك.. ربيعك خريفك.. أطيارك أزهارك.. لياليك نهاراتك ملحمة عشق لعشاقك.. بلسم لجراحات المنافي والشتات.. عيد يلون فضاءاتك أعيادا وأكاليل غار..
كل عيد وأنت بخير أيها الوطن المرسوم في عيون الأجيال رؤى خضراء مجنحة بالتحدي والاصرار.. ملونة بالعشق الذي لا يعرف الصمت ولا الرحيل.. مسيجة بالفداء يا سيد الفداء.. يا وطن الجرح المكابر ما أعياك نزيفه المدرار.. تهزأ بالجرح وحربة الجلاد..
كل عيد وأنت بخير يا وطني.. جرحك لعنة تتفجر ارتعاشات قهر في صدر الجلاد.. تفرش له الطريق علقما وجمرا.. جرحك غيمة من دخان الاحباط تظلل احساسه بالكآبة.. تطارد احلامه المتساقطة حلما حلما على قارعة اليباب.. تنآى به الاهواء حائرا يحط رحاله على مدارج السراب.. وتتجدد انت انبعاثا من رحم الرماد.. يا طائرا تسري الحياة في شرايين اجنحته الى الأبد..