كم يلزمنا من الغباء؟
بخطى ثابتة نسير إلى حتف تجرد من ثيابه التنكرية .. ليس احتفاء بنا وانما أملاً في أن تصد حقيقته المفزعة اندفاعنا الأرعن!
رغم احتدام المعركة وسقوط عدد كبير من الأبرياء والضحايا، إلا أن إسقاط الناطور لم يكن يوماً الغاية المنشودة لدى أهالي قرية (السلام) الذين كانوا يتطلعون إلى صيغة ما يستطيعون من خلالها أن يصلوا إلى كرم الزيتون الذي كان يحتكره المختار، دون إراقة قطرة دم واحدة، خصوصاً وأن الكرم هو مصدر رزقهم الوحيد، ولأن رياح التغيير كانت كفيلة بإسقاط الناطور الذي لم يكن سوى قبعة تغطي حزمة من القش، لم يجد أهالي القرية صعوبة تذكر في استعادة الكرم والسيطرة عليه، وما هي إلا أيام حتى بدأ المؤرخون يؤرخون لعصر النصر والحضارة في القرية التي ما لبثت أن تحولت إلى ساحة للمعارك الأيدلوجية تحت وطأة الفتن الطائفية والمذاهب الفكرية البائدة: من يحرس الكرم خلال الفترة التحضيرية لانتخاب ناطور جديد؟ وكيف يتم تحديد حصة الفرد في موسم القطاف؟ هل حبة الزيتون عورة؟ ما الفرق بين الشجرة التي تطرح زيتوناً أخضر والشجرة التي تطرح زيتوناً أسود؟ هل يجوز عصر الزيتون في نهار رمضان؟! أسئلة شائكة .. لم يجد لها فقهاء القرية حلاً، أسئلة سقط ضحيتها أكثر من ثلثي سكان القرية الذين ندموا فيما بعد على ثورتهم المزعومة التي لم تفض إلى قطف حبة زيتون واحدة بعد أن أقدم من تبقى منهم على قيد الحياة على حرق الكرم احتجاجاً على نعمة الحرية!!
تذييل:
رغم حدوث هذه القصة قبل ثلاثة آلاف عام إلا أننا نمر اليوم بذات السيناريو وذات المصير، لذلك وجب أن أنوه أن تشابه المصائر لاعلاقة له بالقدر .. لأن الذكاء وليد غباء مسبق! فكم يلزمنا من الغباء كي نأخذ العبرة؟!