ماذا زرعنا كي نحصد الزؤان؟
ماذا زرعنا كي نحصد الزؤان؟ وأين الثمر الطيب كي نجمعه ونخفيه لأيام الضيق والعوز؟ أين إنسانيتنا المتفرجة على
بشاعة الوضع الراهن وماذا نسمّي هذا الواقع غير الإنساني ولا حتى حيواني؟ أين الضمير الذي يجب أن يرتجّ صحواًَ
نظراً لفجور هذا العالم؟ أنائمٌ هو أم مخدَّرٌ، أم بات معتاداً على السقم والآثام؟
ما كانت تلك البذرة التي دفناها في الأرض حتى تنبت لنا القتل والحرق والذبح؟ أترانا زرعنا البغضاء والحقد؟ أم الفقر
والجوع؟ لو أننا نشرنا المحبة والأخلاق لكنا حصدنا التسامح والكرامة . لوأننا أطعمنا الجياع وأكفينا المعوزين لكنا اليوم
في إخاءٍ وسلام. لو أننا كفكفنا دموع الحزانى لكنا ملأنا الدنيا فرحاً وبهجة.
لقد زرعنا الموت فحصدناه، المقتول ميت والقاتل ميت، أهل الفقيد أمواتٌ وأهل الجاني أموات، والمتأرجحون بينهؤلاء
وأولئك أموات. كلنا أمواتٌ في هذا المكان المدعو حياة. كلنا آثمون وعلى كاهلنا آلاف الآهات المتصاعدة من صدور
المتألمين، كلنا فاسدون بتغاضينا عن الحقيقة وهروبنا للنجاة بأنفسنا . كلنا قتلة بصمتنا وتعالينا وانحدارنا إلى الحضيض
المقيت . وكلنا هالكون، إذا ما حركنا ما تبقى لنا من الوجدان الساكن كالرماد في خبايانا، إذا ما استبعدنا الانا وأخضعنا
عقولنا لصوت الحق المجلجل في أعماقنا.
لقد زرعنا الشر فحصدنا الشر المستشرس المتفشي منّا وإلينا . فهلمّ نزرع الخير، فطيب الثمر يكفي جميع الناس وينقذ
البشرية أجمع من حتمية الفناء .