الأربعاء ٩ أيار (مايو) ٢٠١٨
في ذكرى ولادته الثامنة والثمانين
بقلم رواء الجصاني

محطات في سيرة فرات الجواهري.. وحياته

وفرات الجواهري، هو النجل الأول للشاعر الخالد محمد مهدي الجواهري، بعد ابنته البكر أميرة.. ولد ببغداد بتاريخ 1930.5.8 وتعلم وأقام، وعمل فيها، كما رحل، عام 1996..

وعُـرف عن فرات شغفه في الادب والثقافة والصحافة، وكان مبرزا في الاخيرة، ومارس الكتابة في وسائل اعلام عديدة وآخرها جريدة (الجمهورية) البغدادية وعلى مدى اعوام، ولنقل حتى رحيله، بتاريخ 1996.12.23. كما لفرات ترجمات من اللغة البلغارية، حيث كان قد درس في صوفيا خلال الستينات الماضية: تاريخ الادب والفلسفة الشرقية، وعمل هناك في مجالات الصحافة والاعلام، وحتى عودته للعراق عام 1976..

ومن الطبيعي ان يتأثر فرات بوالده، في سياقات الصحافة والادب والشؤون والهموم الثقافية، والوطنية وغيرها. كما في السياسة المباشرة، وقد أعتقل فترات مختلفة، وخاصة في العهد الملكي، اواخر الاربعينات، بسبب انتمائه للحزب الشيوعي العراقي، وله العشرات من الكتابات والاعمدة الصحفية، التي تناولت وتوقفت عند شؤون عامة ومختلفة..

ومن المحطات الجديرة بالذكر في حياة المؤرخ له، انه التحق، مع أخته أميرة، وأخيه فلاح بمدارس، ومعاهد القاهرة التعليمية، مطلع الخمسينات الماضية، ولنحو عام، بضيافة د. طه حسين، وزير التعليم المصري آنذاك، أكراما للجواهري الخالد، الذي كان قد لجأ لمصر، غضباً على سلطات النظام الملكي في العراق، وسياساته، ومجمل الاوضاع في العراق..

والمتابع لحياة الجواهري الخالد سيعرف كم هو اهتمامه بنجله الاول، فرات – المكنى به، بل وسمّى جريدته الاولى "الفرات" على اسمه اوائل الثلاثينات الماضية. وكذلك اعتماده عليه في الكثير من الشؤون العائلية، والعملية وغيرها، وممثلاً، ومرافقا له في العديد من المجالات والفعاليات الثقافية والادبية وغيرها.. ومما نشير اليه بهذا الخصوص، مصاحبته - اي فرات- للجواهري الكبير في زيارته للامارات العربية المتحدة عام 1979 تلبية لدعوات رسمية وثقافية.

واذا يغادر الشاعر الكبير الى مغتربه الاخير، في براغ، ودمشق منذ عام 1981 يبقى فرات في بغداد، ثم يلتقيان لفترة قصيرة، بعد اثني عشر عاما، وذلك في العاصمة الاردنية – عمان، عام 1993.. اما آخر لقاء بينهما فكان، في دمشق الشام، عام 1996 التي بقي فيها فرات بضعة اشهر، للعلاج، ليعود الى بغداد، ويتوفى فيها بتاريخ 1996.12.23..

وبحسب معرفتنا فهناك العديد من المراسلات بين الجواهري الكبير ونجله – معتمده- فرات، في شؤون عديدة، والاهم فيها ما يتعلق بشؤون وطنية وثقافية. ومن الضروري بزعمنا التوقف عندها بتفاصيل، لما فيها من مؤشرات ومواقف جديرة بالتوثيق والتأرخة وسواهما، وذلك ما نتمنى انجازه لو توفرت الظروف المناسبة..

وما دام الحديث سالكاً بشأن التوثيق والتأرخة، نشير الى ان مذكرات الجواهري الكبير، ذات الجزأين، الصادرة في دمشق خلال الفترة 1989-1991 قد ضمت العديد من الأشارات لأحداث ووقائع كان لفرات دور فيها، بهذا القدر او ذاك.

اما في الديوان الجواهري العامر فقد رصدنا قصيدتين يَـرد فيها عن فرات، وله، بشكل مباشر. الاولى في قصيدة (المآسي في حياة الشعراء) المنظومة عام 1936 ومن ابياتها: -

حباني العراقُ السمحُ أحسنَ ما حبا، به شاعراً للحقِ والعدلِ داعيا!!

وواعدني بعد المماتِ أحتفاءةً، يجودُ فيها المنشدون المراثيا
وحفلاً ترى فيه أكفاً تعجلتْ، ظمائيّ تستسقي عليّ الغواديا
وتلك "يــدٌ" أعيا لساني وفاءها، فأوصيت أولادي بها وعيّاليا!!
وإن "فراتـاً " للكفئ بشكرها،إذا مـتّ فليرددْ علي الغواديا !!

أما القصيدة الثانية، المعنية، فهي عينية (الى الشباب السوري) وقد نظمها الشاعر الخالد عام 1938 وجاء في خواتم ابياتها، مخاطباُ دمشق الشام:

دمَشقُ إنّ معي قلباً أضيقُ به، يكادُ من خلجاتِ الشوقِ ينخلعُ
جمّ التّنـزّي.. إلى مغنـاكِ مُـتّـجهٌ، كأنه من رُبـاكِ الخُضْـرِ مُنتزَعُ
ناغى خيالُكِ أطفالي فيقظتُهم، ذكرى، وطيفُكِ مغناهم إذا هجعوا
"فراتُ" أشبهُ كل الناس بي ولعاً، في ما أحبُ، بكِ ولِــعُ..

أخيرا بقي ان نقول ان المؤرخ له، فرات محمد مهدي الجواهري، موصوفٌ ومعروفٌ عائلياً، كما من الأقربين والأبعدين، بالموهبة، ودماثة الخلق، وغزارة المعرفة والثقافة، وخصال التسامح والود، وحب الحياة والناس.. وكان قد تزوج اواخر الخمسينات الماضية، من الفاضلة: ساجدة زكي حسن، ولهما ابنة وولد: بان، ومحسد، وهما مقيمان اليوم في مدينة والديهما، بغداد.

* الصورة للجواهري ونجله قرات، في بغداد أواسط السبعينات الماضية


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى