الاثنين ٢٨ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم
مدينة لا تشبه الأوطان في شيء
حزينة هي حياة المدن الكبيرة، وقاتمةالليل فيها كالنهار، كالصباح، كالغسقالأسود هو الأبيض.. ليس لدينا اعتباراتالنوافذ تحجبها الستائر البلاستيكيةوالعيون تخفيها النظارات السوداء، والبراقعصيفاً وشتاءً تعمل مكيفات الهواء، بصمت المغتربينفلا ربيع يمر بك، ولا خريف يلذعك بردهالفرح، كالبكاء، كالعويل كالصراخ.. صدقني لا فارقهو كنظرة عمياء، إلى فتاة لافتة الجمالمثل القبح .. ولكن أقل حدة بكثيريضيق صدري بالمراكز التجارية، خصوصا مايسمى بالهايبر ماركتوالتي تعتبر المتنفس الأكبر لهؤلاء الموتىوبتخفيضات تصل إلى خمس وسبعون في المئةولمدة ملعونةالمشترون بكروش تتدلى وتتصارع بمرونة، وبرخواة هذا الزمان الضحللكنك لا تستشعر الحجوم حقيقةكون كل شيء يحيط بك هائل، فاتح اللون، ضخم، كبيروأشباه الرجال والنساء يتزاحمون كضباع، على بقايا حمار وحشيبعدما نال منه الليوث مانالوا، ونهشوا ما استطاعواوهم امتلاء الذات كاذبلا ملاذ من الاكتئاب، وانتحار الروح قبل انتحار الجسدكلنا هنا بأحدث التقنياتفي الهواتف الجوالة، والحواسيب المحمولة،والآي بود، الآي باد، والبلاك بيري، والجلاكسيكلنا هنا أشباه .. إخوة في الموتأمام الموت كلنا سواء، داخل الحفرة وأمام الناسكلنا هنا بأفخم العطور الفواحة، التي لا تراعي اختلاف الأذواقولا تشي ببشر.. أين البشر؟ككرهي لكرة القدم، وانزعاجي الشديد من الهتافاتالتي تفسرها مسامعي إلى ضجيج فقطلا صوت للسعادة الحقيقية، إنها صرخات احتضاروالرغبة في نسيان المادية، وقبح الحياة بكل نظافتهاالنظافة الظاهرية، التي تجعلك تسخر من الميكروباتبنقاء عال جدا في الجو، و" الرسيليوشن" في التلافز المسطحةوإن غرق الجسد في عهره، والعقل في التسطيح أيضاوسائل المواصلات الرسمية، هي السياراتلو اقتطعت قدميك وطبختهما، لما شعرت بفارق يذكروإن كنت سوف تعوضهما ببدال كثيرةوبضع كبسولات ملونةوربما وصلتهما بألاقمار الإصطناعية أيضابينما الشوارع تلتمع بحزن دفينلا قدم توضع عليها، أكثر من ثوانلا أحد يؤنس وحدتهاولا حتى القمر الشاحبما الذي دها القمر، هو الآخر؟وأنا تغتالني الأرصفة بوحشتها، ووحدتيوترمقني ناطحات السحاب بضجر، وتثاؤب حالحتى العمال البسطاء ليسوا بعربوإن تحدثوا بضع كلمات مهشمين قواعد العربية إلى أشلاء أمام عينيكلعبة أطفال سحقتها سيارة جديدة إنتاج العالم القادمقبل أن تصل حتى إلى أبناء وطنهاأما عن الحريات.. فحدث وبكل الحرجلك مطلق الحرية في الأكل حتى الموتفي العهر حد الصمتولكن عن نقطة الشرطة ضع حزام الأمان، وابتسمابتسم لغبائك، وضياعكابتسم للحمق الساكن في قلبكلو شئت ارم أوراق النقد في الهواء الحار و قهقةوأسفر عن أسنانك الصفراء وقهقهولمن عند رجال الحسبة أخف شعر زوجتك، ووجهها،وكفيها، وكعبيهاأخف النقش على أطراف الأكماموضع لحيتك المستعارة، واصطنع التقوىوصل عشر صلواتولكن حذاري كل الحذر من الإبتسامةأيها الآثم، الكافر، اللعينوبعد ذلك عد إلى قهرك وموتك السريري القائموابتعد عن السياسية أرجوكفآلهة الأوليمب عندما انتقلت، أصبحت سريعة الغضبولا تحب إلا القرابين شعراُ، ونثرا،ً وحدثا،ً وحديثوإلافالعصا لمن عصا، ولمن مال عن ذلك، أو اعتدل واعترضأو شردأو ثار بالطبع