الأحد ١٧ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم عبد القادر ياسين

معين بسيسو

هو الشاعر والمناضل اليسارى الفلسطينى المعروف.

ولد فى مدينة غزة فى 10 /10/ 1926، حيث أنهى دراسته الثانوية فى كلية غزة، بعد الابتدائية، سنة 1948 حيث التحق بكلية الصحافة فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وعندما تخرج، سافر صيف 1952، إلى العراق، وعمل مدرساً هناك، لمدة عام، اعتبرته أجهزة الأمن العراقية، بعده، "غير مرغوب فى بقائه بالعراق" بسبب نشاطه الشيوعى.

عاد إلى غزة،وعمل مدرساً فى مدرسة الشجاعية الإعدادية للبنين، وبعد عدة أسابيع أصبح ناظراً لمدرسة جباليا الإعدادية للبنين (لاجئين).

قاد معين انتفاضة مارس آذار 1955 فى قطاع غزة، فى اليوم التالى للاعتداء العسكرى الإسرائيلي على بير الصفا، بضواحى غزة (28/ 2/ 1955)، وامتدت الانتفاضة لثلاثة أيام بلياليها رغم موافقة عبد الناصر على مطالب الانتفاضة، بإلغاء "مشروع سيناء" لتوطين اللاجئين، وتحصين قطاع غزة، وتسليح أهله، وتدريبهم، فإن الرئيس أمر باعتقال 68 من قادة الانتفاضة ونشطائها، وفى مقدمتهم معين واثنين من أشقائه (أسامة، وسعد).

رغم الإفراج عن كل المعتقلين المصريين، فى يوليو/ تموز 1956، لا أدرى لماذا استثنى المعتقلون الفلسطينيون من تبييض السجن هذا، وبقى منهم فى سجن القناطر، 21 معتقلا، معظمهم من الشيوعيين، مع أخ مسلم واحد، هو فتحى البلعاوى. ولم يتم الإفراج عن أولئك المعتقلين الواحد وعشرين، إلا غداة انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلى من قطاع غزة (7/3/1957)، وعلى ثلاثة أفواج، وفى مطلع كل شهر، ابتداء من يونيو/ حزيران. وكان من الطبيعى أن يأتى دور معين فى الفوج الثالث والأخير مطلع أغسطس/ آب 1957.

أعيد معين إلى عمله، ناظراً لمدرسة صلاح الدين الإعدادية للاجئين فى مدينة غزة، هذه المرة. وعاش معين حياته السياسية بالطول والعرض، حتى آخر العام 1958، حين استفحل الخلاف بين عبد الناصر وبين الرئيس العراقى، عبد الكريم قاسم، حيث ألح الأول على ضرورة تحقيق الوحدة العربية الاندماجية بين العراق والجمهورية العربية المتحدة "مصر وسوريا" فيما أقترح قاسم اتحاد فيدرالى، مراعيا خصوصيات هذه الوحدة. وقد أيد "الشيوعى العراقى" ومعه "الوطنى الديمقراطى العراقى"، وبعض "الاستقلال العراقى" قاسم فى اقتراحه هذا، ما أثار حفيظة عبد الناصر، ومهد لحملة إعلامية بدأ الأمين القطرى لحزب البعث فى العراق، حينذاك، عبد الله الريماوى، والكاتب الصحفى المقرب من عبد الناصر، محمد حسنين هيكل، الذى لم يحتج إلى من يحرضه على الشيوعيين بالذات، وهو ابن مدرسة "أخبار اليوم" المدلل، وهى الدار الصحفية التى سبق وأن أقيمت، سنة 1944، بأموال المخابرات المركزية الأمريكية CIA، ولم ينكشف إلا أمر أحد مؤسسى الدار مصطفى أمين كجاسوس للمخابرات المركزية الأمريكية (1965)!.

تصاعدت الحملات الإعلامية بين القاهرة وبغداد، خاصة بعد فشل انقلاب الشواف (8/ 3/ 1959)، فى الموصل ضد قاسم، وبتحريض من عبد الناصر. الذى كان قد شن حملة اعتقالات واسعة ضد الشيوعيين فى مصر وسوريا، ليلة رأس السنة 1958/ 1959. وبعد فشل الشواف، شن عبد الناصر حملة اعتقالات أخرى، فى 28/ 3/ 1959، طالت هذه المرة الشيوعيين الفلسطينيين فى قطاع غزة (23/ 4/ 1959)، عززها عبد الناصر بحملة أخرى، فى 10/ 8/ 1959، وبها وصل عدد المعتقلين الشيوعيين الفلسطينيين 31 معتقلا، فى مقدمتهم معين، الذى كان ضمن الحملة الأولى.

استمر المعتقلون الفلسطينيون فى السجن الحربى، بإحدى ضواحى العاصمة المصرية، القاهرة، حتى 29/ 8/ 1960، حيث نقلوا - بعد الإفراج عن أربعة منهم، بينهم خطيبة معين، صهباء البربرى - إلى سجن الواحات الخارجة الصحراوى، ومنذ ربيع العام التالى بدأ الإفراج، دفعة، عن المعتقلين، فبراير/ شباط، مايو/ آيار، يوليو/ تموز 1961، مارس/ آذار 1962، ومارس/ آذار 1963. وفى الفوج الأخير كان معين مع خمسة من رفاقه.

عاد ناظراً إلى مدرسة صلاح الدين، التى أعتقل منها، وبقى فيها حتى أواسط يناير/ كانون الثانى 1966، حيث غادر القطاع إلى بيروت، وعمل هناك فى مكتب خدمات إذاعية ليغادرها، مطلع 1967،إلى دمشق، حيث تم تعيينه كاتباً فى يومية "الثورة" الدمشقية، والتى سرعان ما أصبح نائبا لرئيس تحريرها، حتى ربيع 1968، حيث تم تسريحه. فانتقل، فى آخر العام نفسه، إلى القاهرة، ليصبح مشرفاً على صفحة "فكر وفن" فى عدد الجمعة من يومية "الأهرام" القاهرية.

بعد انتقال حركة المقاومة الفلسطينية، وقيادة منظمة التحرير فى الأردن إلى لبنان أواخر 1971، التحق معين بقيادة المنظمة، وأصبح الشاعر المقرب من رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة، ياسر عرفات (أبو عمار).

انتخب معين، فى ثلاث دورات متتالية، عضوا فى الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين (1972/ 1977/ 1980). وتوفى فى لندن، حيث كان يزور ابنه توفيق، الذى كان يدرس هناك، وكانت الوفاة فى 24/ 1/ 1984، ودفن معين فى القاهرة، بعد أن رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلى السماح بدفنه فى مدينة غزة.

ترك لنا معين 16 ديوان شعر، أولها "المعركة" (1952) وقد جمعت كلها فى أعماله الشعرية الكاملة، سنة 1980، كما لمعين ست.مسرحيات.

يبقى السؤال المشروع: لماذا خرج معين عن السياق، ودخل علنا إلى المسرح الشعرى على حين غرة!.

والرد هنا، أن ترك معين لحزبه الشيوعى، سنة 1963، وإفلاته من غزة بعد ثلاث سنوات، وفر لمعين سانحة للافلات من القصيدة التعبوية، كما أزاح عن كاهله المهام الحزبية، فضلا عن أن خروجه من قطاع غزة منحه استقراراً نسبياً، بعد أن أفلت من سيف الاعتقال المصلت على رقبته فى القطاع، المخنوق جغرافياً وعرفياً.

ارتقى شعر معين فنياً، مما خصب الأرض لمرحلة ثالثة فى شعر معين، تجلت فى مسرحه الشعرى اللاحق.

لقد وصل معين إلى مصر، فى ذروة نهوض المسرح المصرى، مما أغراه على الكتابة لهذا المسرح، بينما قطاع غزة خال من أى مسرح، أما فى سوريا ولبنان فالحياة المسرحية فيهما متواضعة.

إلى ذلك قد يكون تصور بأن نهوض العمل الفدائى الفلسطينى (68-1971) يتطلب شكلاً جديداً من الإبداع، يتخطى القصيدة. وربما يكون معين رأى فى المسرح الشعرى فضاءً رحباً، يستطيع معين أن يتميز به عمن عداه من شعراء فلسطين، بعد أن غطى "شعراء المقاومة" المرحلة بقاماتهم.

فيما كان موقع معين فى "الأهرام" قد فتح أمامه الأبواب الموصدة.

بيد أن مغادرة معين العاصمة المصرية، سنة 1972، أفقده الاستقرار، من جديد، وأغرقه فى تفاصيل العمل اليومى، وانشغل بكل ما هو دعائى، من جديد.

معروف أن معين حاز على جائزة "لوتس"، سنة 1980، من اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا كما منح اسمه "وسام القدس للثقافة والفنون" عام 1990، من منظمة التحرير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى