من هو جحا صاحب النوادر والنكت؟
هناك أكثر من جحا من العرب. وهناك أيضا جحا الفارسي وجحا الرومي. أما جحا العربي صاحب النكت والمزح والنوادر، إسمه دجين بن ثابت. وكنيته أبو الغصن. ذكر الزركلي في الأعلام: (في مخطوطة حديثة سميت "قطعة من تراجم أعيان الدنيا الحسان" في المكتبة الشرقية اليسوعية ببيروت: كان أبو الغصن جحا البغدادي صاحب مداعبة ومزاح ونوادر توفي في خلافة المهدي العباسي حوالى 130 هجرية 747 ميلادية). وذكر أيضا، أن الجاحظ هو أول من كتب عن جحا قبل إبن النديم. عاش جحا في جنوب العراق (البصرة خاصة والكوفة). قال الزمخشريّ: (والحكايات عنه لا تضبط من كثرتها). فقد زاد الناس وبالغوا لأن جحا أصبح أسطورة مثل عنتر في الفروسية وحاتم في الكرم. وكتب عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء: (جحا، أبو الغصن، واسمه دجين بن ثابت اليربوعي البصري. وما أظنه صاحب المجون فإن ذاك متأخر عن هذا، روى أن مكي بن إبراهيم قال: رأيت جحا فالذي يقال فيه مكذوب عليه، وكان فتى ظريفاً، وقال عباد بن حبيب: حدثني أبو الغصن جحا وما رأيت أعقل منه).
كان جحا مسافرا هو وولده من مدينة الى أخرى. فلما شعرا بالتعب، أرادا أن يستريحا في قرية قدما إليها. فسمع جحا بعض الناس من القرية تقول: أنظروا الى هذين الغريبين ليس في قلبيهما رحمة. الإثنان فوق الحمار! فلما إستعدا لإكمال الرحلة قال جحا لإبنه لنسمع كلام الناس. فركب جحا فوق الحمار وظل إبنه ماشيا. فلما وصلا القرية التالية، قررا التوقف للطعام والزاد والراحة. عند الوصول سمع جحا بعض الناس تقول: أنظروا هذا الرجل قاسى القلب، يركب ويترك الولد ماشيا! وعند المغادرة قال جحا لإبنه إركب أنت وأمشى أنا. فلما حان موعد الطعام والشراب والراحة، عرجا على قرية. فلما توقفا نظر إليهما بتعجب أهل هذه القرية وقالوا: هذا الولد قليل الأدب يركب ويترك الكبير ماشيا! بعد الإستراحة والشبع والرواه، استأنفا رحلتهما من غير ركوب. فلما إقتربا من مدخل سوق أول قرية وصلوها، سمعا ضحك بعض الناس وقولهم بإستغراب: أنظروا هذين المجنونين تاركين الحمار ويمشيان! نظر جحا الى إبنه قائلا: لم يبقى إلا أن نحمل الحمار!! مجنون من يسمع ويتبع كلام الناس، فإرضائهم جميعا غاية لا تدرك.