الخميس ١١ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم
هواجس الشاب القتيل
«إنني حقاً من كوكبٍ شرير»أرثر رامبو«عرفت أني قد قُتِلت»لوركا«حين كان طرفة بن العبد الفقير لله تعالى بين الفصد و السّكر انتابته هذه الهواجس»أصحوتُ الآن أم ...؟حين أفتحُ أوراقَ الرؤياتصير في شوارعي قبائلَتغتسل بماء الواحات و الرمادأصحوتُ الآن أم ...؟أركضُ كما الخيلعطشى وراءَ الليلو على أسرابِ الغيمِأفتحُ القراءاتِ ، و أتمتم السَّواد(2)هنا البوارُو الصوتُ المشَّردُ يرقصُ كالإفريقيعلى إيقاعِ الانتظارِهنا مواسم ليست للشِّحِو أطيارٌ تنادي الصرخاتدمعٌ في القلبِو طلقاتٌ في الصدى لا تعرفُ الارتدادأصحوتُ الآن أم ...؟جئتُ في مواسمَ لا فصول لأمطارهاجئتُ ..شربتُ صحوَ الصمتِهل أحملُ آخرَ ما تبقى في الكأسِ و أمضي ؟!هل أمرغُ وجهي بماءِ البيوتِ و أمضي ؟!«إذا ما جاءَ ما لا بدَّ منه»(1)انهضي يا قرى الجرادعاودي التفتحَ على مساماتِ الجلدِطريقاً ...لبقاً نحو الإغتسالهو العريُّ ..واجهَ الوقتَهو العريُّ ... ينثرنا على مساحةِ البلادْكالخنجر غادرني الغمدُتوسَّطَ الجسدَ«فلما رأى أنَّ لا قرار يقرُّهُ»أحرزَ القلبُ شهادةَ طعنٍو عبرنا .. عبرنا ..القلقَ ، الهلعَكالسّيلِ خرجتُ من سمائكِ إلى الأرضِكالدمعِ غافلتُ عينيكِ و نهضتُ صوبَ الشمسِ«و إذا القوم قالوا من فتى»أعديني لقوافل تأمر عليها الرملأعديني لأمواج ما صادفها بحرأعديني لمواسمَ لا ماءَ ،لا زرعَ ، إلا الجرادْأعديني للموتِ و العشقِ ، و لحظات الارتدادْو ما زلت أتعمَّدُ برملِ الوحشةِ و الصحراءِو مازلت أُسيِّرُ دميَ فيكِ كلَّ مساءْأنت ما تحتَ جلديما فيَّما بينَ أصابعيعلى خلايا دمي تركعينْكالطفلةِ الطلقةِ ..تبكينْ(3)(( أصحوتِ اليوم ..أم ..؟))ما الذي حولَ في عينيك الخوفَ رمادْ ؟ما الذي حولَ حنجرتكِ طقسَ جمادْ ؟أعديني للمواقفِ الآتية ..أعديني للشوارعِ الآتية ..أعديني للمقاصلِ الآتية ..أعديني لموانئ لا ترحلُ خلفَ موتهاأجلسُ فيكِترتعدينَ فيَّأحدقُ فيكِتقتليني فيَّو ما زلتُ أعاودُ الحضورَ كلَّ حينْالسنونُ التي شرَّقتْ خلفَ ارتحالكِالطيورُ التي لاحقتْ الماءَالأكفُّ التي زرعتْ جسمَكِ بالطلقاتْأعرفها ...هي البلادُ حين يغرقُ فيها الماءُهي النارُ حين يبتلعُها الرمادُضمديني بكلِّ الجراح ...و الآه ..العالمُ على شفةٍ قتيلٍينهضُ ليموتَ كلَّ صباحْ(4)«عدَدْنا لهُ ...»اقرأْ باسمِ الشوارعِ الممددةِ خلفَ الخطوِمناديلَ خنقٍ و لحظةَ مماةاقرأ باسمِ القوافلِ ..وجهَ الواحةِ ... و آيةَ الرحلاتْاقرأ باسمِ المسافرِ خلفَ القلقِسفينةً أشرعتُها سرابُ شتاءْحين تفتحٌ جبهةُ الصباحِ فنجانَ قهرٍسيكارةَ عدوٍ لا ينتهي صوبَ الماءْاقرأ شاهدةَ موتِكَحين يغلفُكَ الرمادْ(5)أيتها الأرضُ.. لا تقبريني ..أيتها الأرضُ ... لا تأتيني ... اقتلينيأيتها المرأةُ الرائحةُ صوبَ دمي و قيديلا تقربينيهنا مكانُ العينِ اتجاهٌ صوبَ الخوفِهنا مكانُ الكفِّ بصماتٌ للخنجرِهنا مكانُ القلبِ بقايا للطعنِفاخرجي مني ..و على حجرٍٍ لا تستقرُاسندي ما تبقى من الجمرِ في الرأسِ و ادفنينيحين السنين تقفُ فيكِعليَّ ألا أكونَ أناعليَّ ألا أكونَ هناو كلُّ ما هنا كالعالمِ حولي يدورْتمرُّ الغاباتُتمرُّ الشهواتُتمرُّ الطيورُو مساحاتٌ ما بيننا تأتي و تذهبُكلُّ ما فيكِ ...لديَّقتلةٌ ..أدعياءٌ ... قياصرةٌكلٌّ ما فيكِ ...لديَّشجرٌ .. رعبٌ ..رمادٌعلى حدودِ جسمكِ أسكرونيو صلبوني .. و فصدونيهي الروحُ آخرُ ما تبقى في واحةِ الجسدِ من ماءْ(6)يا عابقاً بالوقتِ و الأشعارِ البائدةاخرجْ من نهوضكَتعمَّدْ بماءِ الوحشةِركِّزْ آخرَ ما تبقى من سهامكَ في القلبِانتشرْ في ماءِ القتلِاخرُجْ من نهوضكَتوِّجْ الشجرَ في جسمكَملكاً للتوهمِ و البقايا الرجسةْهي الحياةُ لا زالتْ بخسةً .. بخسةْاخرج من تعمّدكَو اركضْ خلفَ الفيافي كالغبارِكي تصلَ الانتظارْو ألتقيكَ فاراً صوبَ الشمسِعلى كفّيكَ بقايا نهوضٍ و قصيدة خمرْ(7)هي القبائلُ ..تعتمرُ الأحذيةَ ... و تقتلُ الروحَهي القبائلُ ...تشربُ المبادئ كالأنهرِ العفنةِهي القبائلُ .. تغمِّسُ الروحَ بالدمِو تطفئُ ما تبقى في الجمرِهي القبائلُ ..تلاحقُ القوافلَ حدَّ الفناءِهي القبائلُ ..غَطِسْها في القلبِحينَ لا قلب في الرمادِو اشربْ ما تبقى من الدمعِهو الحزنُ ...مفتاحُ الشرقِ و أغنيةُ البهاءِهو الحزنُ ..يمشي حين يقفُ في حلقنا الوقتُهو الحزنُ .. ما يأخذُكِ منيحين يطأُ القيصرُ سفنَ السماءِ(8)(( أصحوت أم ...))لا .. لا ..لكلِّ طفلٍ في الحرفِ تاريخلكلِّ طيرٍ في الدمعِ جدوللكلِّ شجرةٍ في القلبِ دماءلكلِّ خنجرٍ في الظهرِ مكانكفكفْ دموعكَانتصلها حينَ يغطي العالمَ الجرادُكفكفْ دموعكَسيِّلها في الخدودِ ..طوفانَ نوحٍ يمحو البلادْهو الموتُ آخرُ الحصادِ ، و أولُ الحياةِ(( و إن كنتَ لا تستطيعَ دفعَ منيتيفدعني أبادرُها ...بما ملكتْ يدي ))(9)(( أسلمني قومي ))أرسلوني خلفَ خطوِ الدمعِ و الموتِ قصيدةو عدوني بوجهك يلفحُنيكرائحةِ الهيل في دلاتنا البائدةِأرسلوني ...أحملُ شهادةَ موتي ... بقايا صوتيخَجِلَتْ دمائي من الطعنِ ... و طعنتُ في الظهرِخجلتْ خلاياي من الخمرِ ... و سكرتُ حتى القبرِخجلتْ جثثُكم من القتلِ ... و قتلتمْ حتى القتلْ(10)(أصحوت الآن ..أم !!)لا ...لا ..لن أتوقفَ كما الملح في الحلقِو سأقرأ باسم السٌّمِ العالقِ بالدمِأطياراً تتناسلُ في هجرةِ التاريخِ ... على دمعنا الصحراويقافلةً تأكلُ خمرَنا .. رحيقاً في عسلِ القلبِنمشي ..يداً تتوسَّدُ الدَّمَو أخرى تمسحُ العتمةَلا قلب إلا المناديللا يد إلا التوابيتلا سماء تعطي مطراً بل أشباهَ شتاءهنا قائمة تأتي من جفر(2) الإماءتقرأُ الغيبَفاقرأ فتراتٍ لا تأتيوقرناتٍ(3) تمضي حلماً أشعثَيخرج من أظلافِ الوقتِهذا الكون شارعٌ مصطخبٌ بكِهذا الدمعُ قافلةٌ تتوجهُ منكِيا جلديَ المتخمرِ حين تهرمُ الصحارىو ينتحرُ المحلُهل عرفَ (بن هندٍ ) كيفَ يشربُ الألوانَو تتشرَّدُ المفرداتُ في حبرِ الطلقِهنا خنجرٌ في الحلقِهنا قلبٌ راكضٌ في ثوبِ الأفولأماهُ .. هنا تموتُ العينُ خلفَ الرؤياو الشمسُ تتعلقُ بعصفورِ الروحِ و تمضي(( و لا أدري بعيداً غداًما أقرب اليوم من غدِ ))أرى الموتَ ..أعرفُ أنَّ الدربَ موطئُ الرياحِ على دميأعرفُ أن الخوفَ فاتحةُ الآياتِ و بقايا الأحزانِأرى الموتَ ...أفتتحُ العالمَ نافذةً لبلاديأشتهي الموتَ أولا ... لبلاديأطلقُ دمي حادياً لبلاديفي كلِّ كرمٍ يُعْتصرُ .. تمشي الأفئدةُ و الرصاصُفي كلِّ بنفسجةٍ تتفتحُ فوقَ قبرٍتأتي أمي ... و أسافريأتي قلبي .. و أسافرتأتي بلادي ... و أسافرُ عاصفةً صوبَ النارِيا صوتاً أول النهارو خمراً آخر النهارحَمَلوني آخرَ ما تبقى من الموتِ ... لأمضي ..بلا صدى(11)أخبرتني الخمورُ التي سكرتْ من دميأخبرني الملحُ العالقُ في الجرحِأخبرتني بلادي .. و أنا الهاربُ صوبَ الموتِأنَّ الانتظارَ ... قتلٌأنَّ الانتحارَ ... قتلٌ(( و لكنَّ مولاي امرؤٌ هو قاتلي ..))و أنتِ لا زلتِ تكبرينَ كلما أقتلُتبدأُ بلاديتجرُّني القصائدُ حين الليل ، تجاهُ الخمرِهو الشِّعرُ لحظةُ عشقٍ و جرحْو هل يُقْتَلُ الحرفُ حين (( احضروا الرأسَ ..و لو في كأسْ ))لبستُ جلدَ الخمرِ و الحنينِ القاتلِشوكٌ عالقٌ في القلبِ و الصباحِهنا النارٌ ثلجْهنا كتابٌ يقرأُ سرَّ الماءِقاومتُ .. قاومتُ و القهرُ احتضارٌيا قلبُ ...هذي خيامُنا ترفعُ محاريثها و تذهبُ للاشيءهذي بلادُنا نكونُ و لا تكونُ(( احضروا الرأسَ ..و لو في كأسْ ))معاً ..تاريخُ القصائدِ صرخةٌ و آه ..و شيءٌ ييبسُ في الفمِ كالريقِكنا مع النورِ نسكرُ كلَّ صباحٍنكتبُ تاريخَ الحجرِ و النارِو كانوا يعدُّونَ الرماحَما كلّ يومٍ تُقَدَمُ البلادُ تحتَ الظلِّما كلّ يوم نحملُ جثثنا و نذهبُ إلى الموتِ بخطى واثقة ...و أشعارٍ حقةما كلّ يومٍ نطرقُ أبوابَ الكونِ كالشمسِ(( حسامٌ إذا ما قمتُ منتصراً بهِ ))من قال : قُتِلْتُ أو قُتلوامن قال : سُكِّتُ أو سُكِّتواو ها هو الرأسُ في قاعِ الكأسِ يبدأُ تاريخَ المواسمِ(12)لا عناوين تطالُ الحبرَلا خناجر تؤرخُ لوجهكِ الطفلِبل وجهيَّ المقتولِهو الوعدُ : (( إن متُّ فانعيني بما أنا أهله ))و افتحي يا عذراءَ القلبِ عينيك نبضاً كالبرقِ ..يخرجُ من ماءِ الحقولِهو من يقرأُباسمِ الرمزِ ..دمعَ التاريخِباسمِ الضبابِ .. رائحةَ الماءِباسم القراءةِ ...طعمَ النارِلا يعرفُ الرمادَ ... لا يعرف الرمادَسكنَ سهمَ الشِّعرِ و انطلقَ صوب الامتدادِ(13)راقبني الأصدقاءُكيف تخلخلَ جلدي و ذابَ في الملحِشالوني و بكوارحلوا أو رُحِلواحين أورقَ السُّمُ في دمي طعمَ الشبقِ(( وقوفاً بي صحبي))و الماءُ يدخلُ جزيرتي نهرَ صباحْوقفتُ على شرفةِ الموتِكان الوقتُ عصراً ..أو ظهراً ...أو مساءًخمرٌ من حوليخمرٌ في دميخمرٌ في رؤايكالضوءِ انسللتُ من زجاجِ بلادي نحو القتلِهنا في جزيرتكم أو شبهها تركني الأصدقاءُلا ماء في اليدِلا دم في القلبِخمرٌ في الدمِخمرٌ في القلبِخمرٌ و ملحٌ مكانَ الفصدِلا أصدقاء ... لا شجر ...لا واحاتيولدُ الشاعرُ و في دمهِ الزُّعافُوقفت و الموتُيعيشُ الشاعرُ و في دمهِ الزُّعافُوقفتُ و الموت ..يموتُ الشاعرُ و في كأسهِ الزُّعافِشجرٌ على جلدي يتخمرُهذه الصحراءُ تدخلُ جروحيو أنتِ انتظارٌ لا ينتهيواقفٌ و الموتُصاخبٌ حضورُك و غيابيوردةٌ في القلبِواحةٌ في الدمعِ(( تلوحُ كباقي الوشمِ في ظاهرِ اليدِ ))أمشي ... كلّي مقتولٌ إلا عيونيأمشي شجراً في الفصولِأمشي حلماً يأتي كلَّ حينأمشي ... وقتَ يحضرُ الماءُأمشي ... و أمشي إلى الموتِحين يخبو الجمرُ و ينطفئُ العناقُأمشي و في القلبِ تركعُ البلادُو أبقى معكِ و الموتُ ... مساحةٌ تتذكرُ ...انسياحَ الماءِ