

" وجدان"
" وجدان"
"إلى أم شيماء : الصديقة، الرفيقة، الحبيبة ، والزوجة"
ذُهِلَ البهاءُ ... فقال : ما أبهاكِ ! | |
وَتَسَمَّرَتْ عينايَ فوقَ لُمـاكِ | |
خرساءُ تجهلُ ما تقولُ لِذُهْلِها | |
شفتي .. ولكنَّ العيونَ حواكي | |
فَهَمَسْتُ في سِرّي وقد بلغَ الزُّبى | |
عَطَشي لكأسٍ من رحيقِ نَداكِ | |
لا تَنْصبي شَركاً ...فإني قادمٌ | |
طوعاً أُباركُ في هواكِ هلاكي | |
أدريكِ آسرتي ...وأدري أنني | |
سأكونُ بين الناسِ رَجْعَ صداكِ | |
العشقُ أودى بالذين قلوبُهم | |
حَجَرٌ ... فكيفَ بخافقِ المتشاكي؟(1) | |
صامت عن النَظَرِ العيونُ وأَفْطَرَتْ | |
بجمالِ وجهِكِ فانْتهى إمساكي | |
فَشَرِبتُ أَعْذَبَ ما تمنى ظامئٌ: | |
نَغَمٌ تزخُّ لحونَه شفتاكِ | |
عَصَرَ القَرُنْفُلُ فوق ثَغْرِكِ دمعَهُ | |
واسْتأْثرا بجفونِهِ خَدّاكِ | |
وَتَعَرَّتِ الأقمارُ ضاحكةَ السنا | |
في مقلتيكِ ..فأنجمي عيناكِ | |
صلّى دمي شوقاً إليكِ وكبَّرَتْ | |
روحٌ تَهَيَّمها نقيُّ هواكِ | |
قَبَّلْتُ كفك– لا الشفاهَ - فأَزْهَرَتْ | |
شفتي ..وسالَ العطرُ من أشواكي | |
خَضَّبْتِ بالحِنّاءِ صَخْرَ رجولتي | |
وَفَرَشْتِ صحرائي بعشبِ صِباكِ | |
أَحْبَبْتُ فيكِ نقائضي ..فأنا فتى | |
نَزِقٌ .. وأنتِ خٌلاصَةُ النُسّاكِ | |
وَتُمَحِّصين الدربَ قبلَ وُلُوجِهِ | |
فكأنما القنديلُ ظِلُّ خُطاكِ | |
وأنا إذا صَهَلَتْ خيولُ عواطفي | |
بعْتُ السلامةَ واشتريتُ هلاكي | |
الحمدُ للرحمنِ زانَ بلطفهِ | |
قلبي فكان شغافُهُ مأواكِ | |
لولاكِ ما رقَصَتْ حروف قصائدي | |
طرباً .. ولا غَنّى دمي لولاكِ | |
ولما حرصْتُ على حثالةِ جدولي | |
لِيَزُفَّ هودجَ مائِهِ لرباكِ | |
شَمَّرْتُ عن قلبي لنافلةِ المنى | |
وَتَيَمَّمَتْ روحي بفوحِ شذاكِ | |
دَثَّرْت بالنبضِ الطهورِ شتاءَهُ | |
وأَضَأْتِ عتمةَ ليلهِ بسناكِ | |
أَرَفيقَةَ العُمْرينِ ما حال الفتى | |
في الغربتين لو استخارَ سواكِ؟ | |
مَرَّتْ عليَ من الحسانِ قوافلٌ | |
أَوْقَفْتُ حول مدارِها أَفلاكي | |
لم يلقَ مثلَ رغيفِ وِدِِّكِ في الهوى | |
وكماءِ نبعكِ في الهجيرِ فتاكِ | |
خَبَرَ الهوى قلبي فكنتِ صديقتي | |
ورفيقتي وحبيبتي وملاكي | |
سَنَدي وعُكّازي يداكِ ..فخيمتي | |
لولاكِ قد كانت بدونِ سَماكِ(2) | |
علَّمْتِني صَبْرَ الرِمالِ على اللظى | |
أَيُلامُ لو هتفَ الفؤادُ فداكِ؟ | |
ما كان نهري يزدهي بنميرِهِ | |
لو لم تَصُنْهُ بطهرِها ضفتاكِ | |
وكفاكِ أني لا أُبادلُ كوثراً | |
بوحولِ دجلةَ والفراتِ ...كفاكِ | |
عَزِفَتْ عن الجاه الحرامِ ترفّعاً | |
نفسي .. وأَثراني نعيمُ تُقاكِ | |
و"جـدان" ما عادَ النخيلُ تميمةً | |
لفتىً .... ولا عادَ العراقُ حِماكِ | |
بتنا – وربِ البيتِ – بين مُخاتلِ | |
لصٍّ ... وغولٍ فاسقٍ أَفّــاكِ | |
دائي عصيٌّ – كالعراقِ - شفاؤُهُ | |
فـأنـا الضحوكُ المستباحُ الباكي | |
الليلُ؟ بابي للصباحِ ...طرقْتُهُ .. | |
أمّا الجراحُ فإنها شُبّاكي | |
حاشا غصوني أنْ تخونَ جذورَها | |
ويخونَ نخلُكِ نهرَهُ ... حاشاكِ |
ــــــــــــ
(1) المتشاكي : من يشتكي الداء أو الوهن.
(2) السماك : ما رفع به الشئ .. وهو من الخيمة: عمودها ترتكز عليه