الأربعاء ٢٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم رشا السرميطي

ورقة في الغياب 2012

الرُّوح مكسوَّة بالغبار الذي اختبئ في شقوق الذكريات، تعزف ألحان الحيرة، في معركة أضرمها القلم، على ورقة الانتظار، وغادر. صمت موحش لموسيقى رعشة الأنامل بإحساس الخوف من ملامسة تحدث خطأ بين الورق والقلم، في لحظة من الوحدة.

قلوب مشتاقة، وأبطال حائرون يتبادلون الأدوار، أمام حقيقة قصة بلا قاصٍّ يحكيها، وصداقة تختفي، تنحدر نحو سراب العمر، والثَّواني الخائنة، تميل بنا في مشاهد ملتوية، ولا أحد يدرك إلى أين نتَّجه، والآخرة بأهوالها تصل على مقربة من أحلامنا، وستارة المشهد الأخير، بلا مسرح ولا حاضرون. نستيقظ من غيبوبة الأمنية، وننفض عنَّا عوالق الحكاية، ثمَّ نغادر كل من ناحية، وإلى حيث لا نعرف، نمضي بألم، ونخلِّف الزَّمان والمكان في ثورة حاسمة، نعلن فيها عاصفة الحنين لروحين لمّا تجسد القلب أمام القدر فخوراً، يتحدَّى جور البشر، والوجد ينازل؛ بعزم النُّسور ولن يكفي أن أقول: مناضلون، بل فائزون.
لمسة تجلي الزِّيف عن مكابرة، وارتحال نحو الماضي، وتلك الجراح التي يدفنها كل منَّا في أغوار نفسه، ويواري مقبرة الذِّكريات، نائياً عن الآخر، لكلِّ منَّا عالمه الافتراضيِّ، ولا واقع يلزمنا بقياس الأشياء من حولنا بمنظور غير شخصيِّ.

كم مضى من السنين، ومازال العازفون يغازلون، شفاه الآلات الموسيقيَّة، ويتلذَّذون بأداء نوتة العاشق المنتظر، بذات اللحن، وذات الأنين، لأكثر من أحجية. يحمل فيها ذاك المجهول وردة حمراء، ويقف في أزقة العابرين والمسافرين، يبحث عن نصفه الضائع. جميعهم ينظرون على وجوه بعضهم، وزفراتهم ملآى بالشَّوق. مقطوعة الصَّمت الملَّون وقت الرَّحيل، على طبقات من الخيبة، وغياب الحظ تهبط بالعالي، وهمس للحضور يتداخل في مقامات الشهقات الماطرة، بغزارة الحزن إذا بكى.

حروف تائهة عن السُّطور، تورق لحناً يكتب الكلمات المعذورة، جسور ترمَّم الكسور، والبعض منها تفتتُّ النُّذور والعهود، التي صارت مع الأمس هباء منثوراً، وفي أقاصيصهم: الخلود.

بلا منطق، تتخندق في اللاشعور، وتغريدة عصفورة عذراء، تقاوم على غصن غضّ وتغنِّي للبقاء، فيجتمع حولها تسعة وعشرون عصفوراً. أوهام لمقطوعة تهوَّرنا في التَّنقل بين أوتارها، على سلَّم بترت درجاته، وأصبحت الموسيقى منه مقطوعة، عقيمة، وسقيم عازفها. فسحقاً للجوى، وإنتظار يعزي الفراق، لقدر رب السماء، وحلم آخر، ولقاء جديد.

دندنةُ المطرقة – المحكمة – الدُّنيا.. طق .. طق يرتَّد الصدى لسؤالي ! متى وكيف؟ والنَّدى حبرٌ لعباراتي، ممنوع البكاء على وتر الوجع: براءة. يحطُّ كلانا في بؤرة لا نستطيع العمل بها، كنفسٍ يقتادها الضَّجر إلى طريق خطر.لا صوت يعلو صوت الوفاء، إن غاب عمراً أو حضر، هو الإخلاص، حفيف لأوراق الشجر، وطريق مظلم يعجُّ بأصوات المتألِّمين، وسط آهات متكلِّمة، ومدينة العشق مهجورة، إلاَّ من الظِّلال. تبخس مشاعراً ثمينة على جدران التوَّجع، لرحَّالةٍ عمَّروا قصور العذاب، وانتهى بهم الموت إلى مأساة الفراق، هو الموت رغم الحياة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى