الأحد ٣٠ حزيران (يونيو) ٢٠٢٤
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

ياللعار!!

يوم 7 أكتوبر عام 2023 قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بحرب مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء وتسببت الحرب بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل نحو 2.3 مليون في غزة بحسب بيانات فلسطينية وأممية وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور التدابير المؤقتة من محكمة العدل الدولية وكذلك رغم إصدار مجلس الأمن الدولي لاحقا قرار بوقف إطلاق النار فورا ولكن لم تزعن وتهتم إسرائيل بذلك ومازالت ترتكب جرائم إنسانية بشعة مخالفة لكل القوانين الدولية والتعاليم الدينية والقيم الإنسانية وتحولت مساحات شاسعة من غزة إلى أنقاض وسط حصار خانق على الغذاء والمياه النظيفة والدواء.

في أواخر شهر يونيو 2024 واصلت القوات الإسرائيلية جرائمها وشهد العالم عبر وسائل الإعلام المختلفة وشبكة الإنترنت المشهد المأساوي حيث أطلقت القوات الإسرائيلية كلبا بوليسيا شرسا على دولت الطناني السيدة الفلسطينية البالغة من العمر 68 عاماً وهذا الكلبٍ شرسٍ نهش ذراعها الأيمن وغرس أنيابه في لحمها وهشم عظامها وحاولت جاهدة تخليص نفسها من بين أنيابه دون جدوى ثم سحبها إلى الخارج وهو لا يزال متشبثاً بذراعها حتى اصطدمت بباب الغرفة فحاولت ضربه في أنفه وعينيه حتى استطاعت الإفلات منه وأسرعت إلى داخل الغرفة وأقفلت الباب الخشبي الضعيف وكانت السيدة تسمع بوضوح أصوات قهقهة جنود قوات الاحتلال الإسرائيلي وأوامرهم للكلب بمواصلة الهجوم.

حاولت السيدة المسنة الفلسطينية دولت الطناني التحدث من وراء الباب وإبلاغ جنود الاحتلال بأنها مدنية عجوز لا تملك سلاحاً ولا تقوى على تشكيل أي خطر إلا أنها لم تفهم ما يدور بينهم من حديث فكل كلامهم كان بلغتهم العبرية وأما الكلب فقد لازم باب غرفتها حتى ساعات الصباح مطلقاً عواءه المستمر.

جروح السيدة الفلسطينية كانت تنزف الدم وذراعها يوشك على الانفصال عن جسدها ولكنها تمسكت بالبقاء في البيت ولم تخشَ الموت وقالت : أُفضل أن أُدفن تحت ركام وحجارة مأواي الذي عشت به طيلة حياتي على أن أخوض تجربة أهلي السابقة في اللجوء إبان النكبة فمن يخرج من بيته يترك روحه بداخله ويبقى جسداً أجوفاً لا معنى لحياته وأنا بعد هذا العمر الطويل لا أبحث عن عيش بطعم الحسرة ومرارة الانكسار.

السيدة الفلسطينية المسنة البطلة دولت الطناني ربطت ذراعها الممزقة بقطعة قماش في محاولة لحبس الدم والحد من نزيف جروحها الغائرة وأفقدتها شدة الألم الوعي لتفيق في اليوم التالي وقد أغرقت الدماء ثوبها وفراشها فربطت جروحها بقطع أخرى من القماش نظراً لعدم وجود أي وسيلة إسعاف أخرى وتأخر وصول أي إغاثة طبية نتيجة استمرار الاجتياح الإسرائيلي وبعد 4 أيام من النزف ومحاولة مداواة نفسها بنفسها وبما يقع في يدها من قطع قماش استخدمتها كضمادات للجروح استطاعت استغلال لحظات من هدوء وتيرة القصف والاشتباكات في محيط منزلها وخرجت إلى الشارع وقابلت طواقم إسعاف فقدمت لها الرعاية الأولية العاجلة ثم نقلتها إلى المستشفى اليمن السعيد ولخطورة حالتها وصعوبة التعامل مع جروحها الملتهبة الغائرة وعظامها المُهشمة تم تحويلها إلى مستشفى كمال عدوان ثم إلى مستشفى العودة دون أن يتمكن أي منهما من تقديم الحد الأدنى من الرعاية الطبية المطلوبة نتيجة نفاد المواد والمستلزمات الطبية بالكامل واقتصر التدخل الطبي على تعليق محلول ملحي وتنظيف الجروح قبل تحويلها إلى مستشفيات مدينة غزة أملاً في وجود أي من العلاجات الضرورية اللازمة لإنقاذ حياتها.

ماتعرضت له السيدة الفسطينية المسنة دولت الطناني لم تكن الوحيدة التي تعرضت لهذه الوحشية فأمثالها كثيرون وأذكر على سبيل المثال أنه في عام 2010 هاجمت الكلاب البوليسية الإسرائيلية مسناً فلسطينياً هو السيد سالم بني عودة البالغ من العمر 105 سنة عندما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدته طمون قرب نابلس وفي عام 2019 حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي برفقة كلاب بوليسية ضخمة ومرعبة منزل أحد الفلسطينين في مخيم قلنديا وعندما دخلوا المنزل وتأكدوا من أن هذا الفسلطيني هو الذي يبحثون عنه سمحوا لكلبين بمهاجمته وعضّه ولم تتمكن عائلة الفلسطيني من التدخل حيث قام جنود الاحتلال بحجز أفراد عائلته في زاوية أخرى من المنزل تحت التهديد بالسلاح وظلت الكلاب تعض الفلسطيني لمدة 15 دقيقة مما أدى إلى إصابته بجروح وكدمات عديدة في جميع أنحاء جسده بعد ذلك قام جنود الاحتلال الإسرائيلي بتكبيل يده وعصب عينيه وأجبروه على المشي وهو ينزف.

لقد وثق الأورومتوسطي واقعة قيام جندي إسرائيلي بإعطاء إشارة للكلب المرافق له بالاعتداء على الشاب الفلسطيني أحمد اشتيوي البالغ من العمر 24 عاما واعتدى الكلب بشكل وحشي عليه مما أدى إلى نزيف في فخذه ويديه وعندما حاول عمه إنقاذه قام جنود الاحتلال برش الغاز المسيل للدموع على وجهه.

أكد الأورومتوسطي إن الاعتداء الوحشي للكلاب البوليسية الإسرائيلية أحدثت آثارا نفسية على الضحايا كما في حالة الطفلين محمد نجم ( 14 عاما ) ومحمد قاسم ( 16 عاما ) مما استدعى علاجهما نفسيا.

لقد قال الكاتب الإسرائيلي إيمانويل جروس في مقال له : إن قتل الكلاب للبشر هو وسيلة اعتقال قاسية وغير مناسبة ولا يوجد أي مبرر قانوني أو إنساني لوضع الكلاب على البشر وإن مثل هذا السلوك ينتمي إلى أنظمة الماضي المظلمة.. إن المجتمع الذي لا يحترم كرامة الإنسان والذي يرغب في استخدام الحيوانات ضد الإنسان هو مجتمع غير صالح يفقد بوصلته وضميره ومن الأفضل للجيش والشرطة أن يقوما بمراجعة بروتوكولاتهما المتعلقة باستخدام الحيوانات لتنفيذ الاعتقالات وتفريق الحشود ودون تأخير.

في الختام نؤكد لكل المعمورة أن استخدام الكلاب البوليسية ضد الأفراد محظور ويعتبر شكلاً من أشكال التعذيب كما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب عام 1984 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كما يعتبر إهانة لكرامة الإنسان لأنه يسبب الخوف والترهيب خاصة للأطفال وكبار السن.

قبل أن نفترق أقول لكل العالم:

غزة تحترق.. غزة تختنق
والعالم فى صمت.. مغرق
ففى أي زمان نحن نعيش؟
فى أي زمان؟
ياضمير الإنسانية..
يادعاة السلام والحرية..
يا أبواق الديمقراطية ..
والحقوق الإنسانية..
حقراء نحن..
وأكثر من حقراء..
أن ندع الذئب يغتال الضحية..
ويعلو صوت الهمجية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى