أغار عليها
أغار عليها!لأنها كانت اغلى ما يملك العربيولأنها كانت جناح حضارته.ولأنها كانت مجلس أنسه.أغار عليها!
لأن علماءنا كانوا يقضون فيها أسعد اوقاتهم ولا يفضلون شيئا على مجالستها. ولأنهم كانوا يقدرون الوقت ويحسبون له حسابا، فيستثمرونه في المطالعة وفي تاليف الكتب، وإغنائها بها.
ولأنها كانت رمزاً للعقاب والمهانة، إذا استولى عليها الأعداء أو دمروها أو أحرقوها، كان ذلك عنواناً للسقوط والمذلة.
كانوا يحافظون عليها كما يحافظون على كريماتهم من الإغتصاب أو السبي والإذلال. فلم ولن ينسى عربي يجري في عروقه دم عربي أصيل، حبر الحضارة العربية وهو يجري في نهر دجلة على يد "هولاكو" أو مكتبة الاسكندرية وقد استحالت رمادا على يد اورليان ، فلم يزل ذلك وصمة للمهانة والعار على جبين العرب والإنسانية الى يومنا هذا.
أغار عليها وأغار!
"المكتبة" لأنها لم تعد ذات أهمية في البيت العربي.
وإن وجدت فإن الغبار اليفها، والإهمال حليفها.
لا أحد يجلس اليها ليقرأ او يكتب، لأن وقت أجيالنا الحاضرة ثمين، فلا يضيعونه بالقراءة والاطلاع أو الكتابة والإبداع. لأن عيونهم معلقة على ما هو اهم واكثر متعة الا وهو الشاشات التي يتابعون عليها ليل نهار اتفه البرامج والحلقات، أو يجلسون امام الشبكة المعلوماتية فيقرؤون ما لا يفيد ويبتعدون عما يفيد. بل انهم يصرفون جل وقتهم اما "التشات" مضيعة الوقت ومضيعة الأخلاق.وتبقى قلوبهم غلف، عن خير جليس في الانام وفي كل الكائنات. لا يقرؤون، رغم ان التكليف الاول للانسان المسلم خاصة كان القراءة، فنزول الوحي الى الرسول الامي (ص) بدأ بكلمة "اقرأ". ولكن هيهات لأمتنا ولأجيالنا أن تمتثل لهذا الأمر الرباني الجليل.