الأسطورة في شعر السيّاب
ثمّةَ هوامشُ يجبُ أنْ تسبقَ المتنَ نزعُمُ أنَّ إيرادَها قبلَ إيجاز القولِ في الأسطورة في شعر السيّاب يشكّلُ توطئة ً كاشفة ً لأسئلة ٍ قد تُثارُ عندّ عرض ِ المتنِ، وهذه الهوامشُ عديدةٌ، لكنَّ ما يتعلّقُ منها بالأسئلةِ يمكنُ أنْ يُلخّصَ بالآتي:
الهامش الأوّل - روى بلند الحيدري في شهادتِه عن السيّاب قائلا ً: سألني بدر شاكر السيّاب عن سنةِ ولادةِ الفنّانِ الخالدِ جواد سليم؟ فقلتُ مجيبا ً: العام 1926م، فأردفَ سائلاً : ومتى كانت ولادةُ الفنّان خالد الرحّال؟ فأجبته: في العامِ نفسهِ، ثمَّ أومأ لي: ومتى كانت سنةُ ولادتِكَ أنتَ؟ فقلتُ : في العامِ نفسه 1926م، فما كان منهُ إلّا أنْ انتفضَ صائحا ً: وأنا كذلكَ من مواليد العام 1926م، إذا ً..فقد وُلِدتِ العبقريّة ُ الإبداعيّة ُ في هذا العامِ تحديدا ً.ثمَّ يستكملُ بلند روايته قائلاً: وحين ذكّرتُهُ أنَّ عبد الوهاب البياتي أيضاً من مواليدِ سنة 1926م، انبرى رافضا ً متبرّماً مدّعيا ً أنّ ولادة البياتي لم تكن في عام العبقريّة، إنَّما قد تكون في العام 1925م، أو العام 1927م، رغبة ً من السيّاب في إبعادِ صفةِ العبقريّةِ عن البياتي مع سبق الإصرارِ والترصّد.) ولدَ بدر شاكر السيّاب في 1926م، وتوفّاه الله في 24/12/ 1964م، في المستشفى الأميري بالكويت، وحُمِلَ جثمانه إلى البصرة، ودفنَ في مقبرة الحسن البصري)
الهامش الثاني - ذكرَ سعدي يوسف في شهادتِه عن السيّاب (انطباعات رفيق) أنّه كان منتمياً للحزب الشيوعي العراقي في مدينة البصرة في نهاية الأربعينييات، ولأمرٍ ما تمَّ نقلُ ارتباطهِ التنظيمي إلى مكانٍ آخرَ، فأعلمه مسؤولهُ السابقُ أنّ رفيقا ً جديداً سيتّصلُ بهِ ، بعدما يتبادلانِ كلمة َ الارتباطِ (السر) ....إلخ، وحين تمَّ الارتباط ُفعلاً (كما روى سعدي) وجدَ أنّ الرفيقَ الجديدَ كانَ قصيرَ القامةِ، هزيلاً، شاحباً، يميلُ وجهه إلى الاصفرار، وكانت آذانه كذا، وأسنانه كذا، وعيناه كذا، وحينّ تمَّ التعارفُ بينهما، علمَ أنّ اسمَ مسوؤلِهِ الجديد ِ هو بدر شاكر السيّاب.
ومعَ أنّ ما ذكرهُ سعدي من أوصافٍ لشكلِ السيّابِ وهيئتهِ كانت صحيحة ً، فإنّ ما يُلاحظ ُ في هذهِ الشهادةِ أنها غمزَتْ من قناةِ السيّابِ مرّتين: الأولى حينَ ركّزتْ على الشكلِ دون أن تكترثَ لمضمونهِ الإنساني، أو جوهرهِ الداخليّ، أو إبداعهِ التحديثيّ المدهشِ، والثانية حين أشارَ إلى أنَّ المعاجمَ العربيّة َ خلوٌ من معنى كلمة " سيّاب" وهو غمزٌ آخر يُشير إلى أنّ الكلمة ليست عربيّة ً.
ومعَ أنَّ السيّابَ لم يكن وسيما ً، أو مغريا ً للغانياتِ الباحثاتِ عن الفرسانِ الموصوفينَ بالوسامةِ والغنى، إلّا أنّ زميلاتِهِ طالبات دار المعلّمين العالية ببغداد (كنَّ) يتناوبنَ على قراءةِ ديوانِهِ الشعريِّ ليليّا ً، وكانت كلّ ُ واحدةٍ منهنّ تحلمُ أن تكونَ مشروعَ قصيدتِهِ القادمةِ، في حين كانَ هوَ يتمنّى أن يتبادلَ مع ديوانِهِ المنزلةَ والمكانةَ والأدوارَ من غيرِ التواءٍ في التمنّي:
ديوانُ شعر ٍ ملؤهُ غزلُبينَ العذارى راحَ ينتَقِلُأنفاسيَ الحرّى تهيمُ علىصفحاتهِ، والحبّ ُ والأملُوستلتقي أنفاسهنَّ بهاوترفّ ُ في جنَباتِهِ القبَلُ*****يا ليتني قد كنتُ ديوانيلأفرَّ من صدرٍ إلى ثانِقد بتّ ُ من حسدٍ أقولُ له:يا ليتَ من تهواكَ تهوانيألكَ الكؤوسُ ولي ثُمالتُها؟ولكَ الخلودُ، وإنّني فانِ؟
ولعلَّ مشكلةَ الشكلِ هي التي سبّبت إعراضَ من أحبَّ عن الاستجابةِ لنداءِ قلبِهِ الكسيرِ، وقد أوضحت قصيدةُ [ أحبّيني] التي كتبَها لـ "لوك نوران الفرنسيّة من أصلٍ بلجيكي" تلكَ المعاناةَ على نحوٍ صارخ ٍ لم نألفْهُ عند غيرِهِ من الشعراء:
وما من عادتي نكرانُ ماضيَّ الذي كاناولكنْ..كلَّ من أحببتُ قبلكِ ما أحبّونيولا عطفوا عليَّ، عشِقتُ سبعا ً كنَّ أحياناترفّ ُ شعورُهنَّ عليَّ، تحملُني إلى الصينِ...إلخ.
الهامش الثالث – وردت تانِكَ الشهادتانِ في الندوةِ العالميّةِ التي أقيمت في العشرين والحادي والعشرينَ من كانون الثاني(يناير) سنة 1995م، في معهد العالمِ العربيِّ بباريسَ إحياءً للذكرى الثلاثينَ لرحيلِ السيّابِ، وهي الندوةُ التي عزَّ إقامة ُ نظيرِها في وطنهِ، أو في أيّ مكانٍ آخر، وقد شاركَ فيها العشرات من رموزِ الشعرِ والكتابةِ العربيّةِ والفرنسيّة ِأمثال: سلمى الخضراء الجيّوسي، وصلاح استيتيّة، والياس خوري، ومحمّد بنّيس، وأحمد عبد المعطي حجازي، وصبري حافظ، وفاروق مردم بك، وصبحي حديدي، ومحمّد سعيد الصكَار ، وكاظم جهاد، وجبّار ياسين، وشوقي عبد الأمير، وصلاح انيازي ، وبلند الحيدري، وسعدي يوسف، وكاتب هذه السطور، وغيرهم، أمّا الشعراء والكتاب الفرنسيين فقد كان منهم: جاك لاكريير، وميشيل بلتو، وجنفييف كلاتسي، ودومينيك غرانمون، وآلان جوفروا، وبرنار نويل، وسيرج ببّي، وسيرج سوترو، فضلاً عن قراءةِ كلمات لم يستطع كتّابها الحضور إلى باريس، فقُرأت نيابة ً عنهم كما في كلمة محمود درويش الموسومة بـ "ابن تاريخ الشعر العربي ومحوّل مجراه" ورسالة غيلان بدر شاكر السيّاب إلى المشاركين في تكريمِ أبيهِ المعنونة " لو كان أبي بيننا " ورسالة اعتذار لميعة عبّاس عمارة لعدم تمكّنها من الحضورِ، وغيرها من الرسائلِ، إلى جانبِ قيام الإذاعات المحليّة بالاحتفالِ بذكرى السيّابِ، وتغطيتِها فعّاليّات الندوةِ باللغتينِ العربيّةِ والفرنسيّة، وهو دليلٌ آخر على أهميّةِ ما أنجزهُ السيّابُ في حركةِ الحداثةِ الشعريّةِ، فإذا كان السيّابُ حاضرا ً في مدينةِ النورِ عند نهر السين آنذاك، فهو اليوم يحضرُ في مدينةِ الضبابِ عند نهر التايمس بفضلِ مؤسّسةِ الحوار الإنساني الثقافيّة ليذكّرنا بقولِهِ:
ولندنُ ماتَ فيها الليلُ، ماتَ تنفّسُ النور ِ
الهامش الرابع – ذكرَ السيّابُ في رسالتِهِ إلى سهيل إدريس في 7/5/1958م،أنَّ استلهامَهُ للأساطيرِ اليونانيّةِ كانَ بسببِ كونِها أجنبيّة ً لا تحتملُ الجدلَ والنقاشَ في قضيّةِ الوثنيّةِ ، أو الإيمانِ، لأنَّ الرموزَ العربيّة َ قد ارتبطت بالوثنيّةِ، ومعنى هذا أنَّه لو استخدمَها فقد يُتّهمُ بترويجهِ للرموزِ الوثنيّة ِ على حسابِ رموزِ الإيمانِ، فلم يستخدمْ رموزَ "بعل" أو "أنات= اناة" في المرحلةِ الأولى من التوظيف لأنّه خشيَ من التقوّلِ والاتّهام ، إنّما عادَ إلى هذهِ الرموز ِ بعد مرحلة ِ توظيفهِ للرموزِ الإغريقيّةِ وشيوعِ استخدامها، وهو يذكرُ: أنَّ " أدون" يساوي السيّد، وهو أدونيسُ، وقد انتقلَ هذا الاسمُ إلى الإغريقِ عن طريقِ الفينيقيينَ، فهو في الأصلِ رمزٌ عربيٌّ كانَ أهلُ بابلَ يطلقونَ عليهِ "تمّوز" وأنَّ هذا الاسمَ قد انتقلَ إلى البلدانِ العربيّةِ انتقالاً لفظيّا ً بتغييرٍ طفيفٍ، وقد وصلَ اليمنَ، حتّى أنَّ إحدى مدنِ اليمنِ تُسمّى باسمهِ، فـ" تعز" هي مختصر "تاعوز" وتاعوز هو تموز، أمّا في المرحلةِ اللاحقة ِ فقد استخدمَ السيّابُ الرموزَ العربيّة َكـ"إرم ذات العماد" وأسطورةَ " يأجوج ومأجوج"، وَ" عروة وحزام" اللتينِ أضافَ لهما الخيال الشعبي الكثير من الزيادات الغرائبيّة.
الهامش الخامس – لاعلاقة َ لديوانِ السيّابِ الثاني الموسوم بـ" أساطير" المطبوع في مطبعة الغريّ الحديثة بالنجف سنة 1950م بتوظيفِ الأساطير، لأنّه عبارة ٌ عن قصائدَ وجدانيّةٍ غنائيّةٍ موّهَ بدرٌ بتسميتِها" أساطير" كي لا يكشفَ أنّ الكثيرَ من تلكَ القصائدِ قد كتبها في الشاعرة ِ لميعة عبّاس عمارة التي كان يحبّها حبّاً جمّاً، وتكشفُ بعضها أنّها زارته في جيكور حين تمّ فصلهُ من دار المعلمين َ العاليةِ سنة ً دراسيّة ً واحدة لنشاطهِ النضالي، ولعلّ مقدّمة َ القصيدة التي سُميَ الديوان باسمها تكشفُ عن ذلك التمويه، فقد جاء فيها : " وقف اختلافهما في المذهبِ حائلاً بينهما وبينَ السعادة،فآلى هوَ أن يلعنَ الأوثانَ ". ولكي يبعد الشكَّ عنه وعن لميعة أضاف َ بين معقوفتينِ اثنتينِ جملة َ[ قصّة في اليونان القديمة.]
وللوقوف على وجدانيّاتهِ في لميعة تُنظرُ القصائد: أساطير، واتبعيني، وسوف أمضي، وهوىً واحدُ، ولن نفترق، ولا تزيديه لوعة، و ملال، ونهاية. لكنّه في سنواتِه الأخيرةِ ألغى تحفّظه ذاكَ، وأعلن عن بوحهِ بوضوح ٍ لا تمويهَ فيه، لاسيّما في قصيدتيه:" أحبيني" التي كتبها في باريس في 13/3/ 1963م ،و " سفرأيوب المقطع الثامن" التي كتبها في لندن في 2/1/1963م.
قال في الأولى:
وتلكَ، وتلكَ شاعرتي التي كانت ليَ الدنيا ومافيهاشربتُ الشعرَ من أحداقِها ونعَستُ في أفياءْتنشِّرُها قصائدُها عليّ : فكلّ ُ ماضيهاوكلّ ُ شبابِها كانَ انتظارا ً لي على شطّ ٍ يهوّمُ فوقهُ القمرُوتنعَسُ في حِماهُ الطيرُ رشَّ نُعاسَها المطرُفنبّهَها فطارت تملأ ُالآفاقَ بالأصداءِ ناعسة ًتؤجّ ُ النورَ مرتعشا ً قوادمُها وتخفِقُ في خوافيهاظلالُ الليلِ. أينَ أصيلنا الصيفيّ ُ في جيكورْ؟وسارَ بنا يوسوسُ زورقٌ في مائهِ البلّوْرْوأقرأ ُ وهي تُصغي والربى والنخلُ والأعنابُ تحلُمُ في دواليها؟تفرّقتِ الدروبُ بنا نسيرُ لغيرِ ما رجعة ْ،وغيّبَها ظلامُ السجنِ تونسُ ليلَها شمعة ْ.
وقال في الثانية:
ذكرتُكِ يا لميعة ُ والدجى ثلجٌ وأمطارُ،ولندنُ ماتَ فيها الليلُ، ماتَ تنفّسُ النورِرأيتُ شبيهة ً لكِ شعرُها ظُلمٌ وأنهارُ،وعيناها كينبوعينِ في غابٍ من الحور ِمريضا ً كنتُ تُثقلُ كاهلي والظهرَ أحجارُ،أحِنّ ُ لريفِ جيكور ِوأحلمُ بالعراقِ: وراءَ بابٍ سدّتِ الظلماءُبابا ً منهُ والبحرُ المزمجرُ قامَ كالسورِ*****الأسطورة في شعر السيّاب(إيجازٌ مركّز)
أولاً – الفراغ والبديل:
قال بدر: " لم تكنِ الحاجة ُ إلى الرمز،إلى الأسطورة أمَسَّ ممّا هي اليوم، فنحنُ نعيشُ في عالَمٍ لا شعرَ فيهِ، أعني أنَّ القيمَ التي تسودُهُ قيَمٌ لا شعريّة، والكلمة العليا فيه للروحِ، وراحتِ الأشياءُ التي كانَت في وسعِ ِ الشاعرِ أنْ يقولَها، وأن يحوّلَها إلى جزءٍ من نفسِهِ تتحطّمُ واحداً فواحداً، وتنسحبُ إلى هامشِ الحياةِ، إذا ً فالتعبيرُ المباشرُ عن اللاشعر لن يكونَ شعراً، فماذا يفعلُ الشاعرُ إذا ً؟ عادَ إلى الأساطيرِ، إلى الخرافاتِ التي ما تزالُ تحتفظُ بحرارتِها لأنها ليست جزءاً من هذا العالمِ، عاد إليها ليستعملَها رموزاً، وليبنيَ منها عوالمَ يتحدّى بها منطقَ الذهبِ والحديدِ. كما أنّه راحَ، من جهةٍ أخرى يخلقُ له أساطيرَ جديدةً، وإن كانت محاولاتُهُ في خلقِ هذا النوعِ ِ من الأساطيرِ قليلة ً حتّى الان."⁽¹⁾
كان ذلكَ في صيف 1957م، أي بعد مرحلة ِالانفصام ِ الحزبي بأقلّ من ثلاثِ سنوات، وهي مرحلة ٌ تختلفُ في عوالمِها عن مرحلةِ الانتماءِ، لأنَّ الانتماءَ - كما يراه بعضُ نقّادِنا في تلكَ الحقبةِ - " كانَ ملاذاً لطائفةٍ غيرِ قليلةٍ من الشبابِ الذي يُعاني من استلاباتٍ عديدةٍ هي دون شكٍّ ذاتُ جذور ٍ اجتماعيّةٍ؛ ولكنَّ المستلبَ لم ينتمِ انطلاقاً من وعيهِ بهذهِ الجذورِ، إنّما لينسى فيها استلابَهُ، ويمنحُ سخطهُ الفرديَّ تبريراً عادلاً بوصفهِ وجهاً من أوجهِ الانفعالِ بقضيّةٍ عادلةٍ ."⁽²⁾، إلى جانبِ أنّ الانتماءَ إلى حزبٍ معيّنٍ كما يراهُ المنتمي "يجعلُ المرءَ أكثرَ اتّزاناً، وأوفرَ ثقافة ً، وأشدَّ جرأةً، وأقوى شخصيّة ً، وبالتالي فإنّه يحظى باحترامٍ يميّزهُ بين زملائهِ، وبإعجابٍ يطمئنُ عنده حاجته للظهورِ."⁽³⁾
أمّا الانفصامُ فمعناهُ الخيبة ُ السياسيّة ُ التي تجرّ ُ المرءَ للبحثِ عن بديلٍ لحالةِ الفراغ ِ التي تنشأ بالتأكيدِ بعد التعقيدِ الذي يحدث ُ له عند تخلّيهِ عن أفكارهِ وقناعاتِه القديمةِ.إذ " أنّ على الحزبي المنفصلِ عن حزبهِ أن يبحثَ عن أصدقاءَ جددٍ، واهتماماتٍ جديدة، وأفكار ٍ جديدةٍ، متجاوزاً صداقاتِه، واهتماماتِهِ، وذكرياته، وأمجادَه، وفي ذلكَ الكثيرُ من العذابِ." ⁽⁴⁾ ، وهذا البديلُ يختلفُ من إنسانٍ لآخرَ، فقد يراهُ بعضُهم في الدينِ، فتكونُ الرحلة ُ إلى عالمِ التصوّفِ ملاذاً وخلاصاً ممّا يُعانيهِ، وقد يجدُهُ بعضُهم في جسدِ المرأةِ فيتحوّلُ إلى عالمِها بشبقٍ جنسيٍّ، ولهاثٍ لا حدودَ له تعويضاً عن حالةِ الفراغِ ِالتي يُعانيها.
أمّا السيّابُ الإنسانُ والشاعرُ، فقد وجدَهُ في الأسطورةِ، وهو بديلٌ رآهُ تعبيراً عن حالةٍ حضاريّةٍ وقلقٍ نفسيٍّ، وتعويضاً فنيّاً يمكنُ الركونُ إليهِ لأنّه لا يزري بالتجربة أبداً.
لهذا كانتِ الأسطورةُ في شعرهِ تجسّدُ حالة َ الانكسارات، وما يجتاحُ الضميرَ الأنسانيَّ من تناقضاتٍ وأزماتٍ حضاريّةٍ، وتعويضاً، أو بديلاً عن فكرٍ أيديولوجيٍّ مفقودٍ بالخيبةِ (في بداءةِ استخدامها)، لكنّ تواصله مع عالمها السحريِّ جعله يطمئنُ إلى أنّها خيرُ إنجازٍ فنيٍّ تحقّقُهُ القصيدةُ التفعيليّة ُ توظيفاً في التعبيرِ حين َ يحمّلُها المبدعُ الفعلَ الخلّاقَ.
ثانياً – الأصولُ:
تعدّدتِ الأصولُ الأسطوريّة ُ في شعرِ السيّابِ وتنوعتْ بينَ مؤثّراتٍ ثقافيّةٍ لشعراءَ أوربيينَ، ومؤثراتٍ ميثولوجيّةٍ قديمةٍ لكتبٍ وأساليبَ أدبيّة ٍ حوت مضامينُها دلالاتٍ اجتماعيّة ً وإنسانيّة ًكثيرة ً، وقد وجدنا أنَّ تلكَ الأصولَ تتوزّعُ على النحوِ الآتي:
الغصن الذهبي وطقوسُ النماء.أساطيرُ العلمِ القديم.الكتابُ المقدّسُ(بعهديهِ: القديم والجديد)التجربةُ الإليوتيّة (نسبة ً إلى ت.س. إليوت)التجربة الستويليّة( نسبة ً إلى أديث سيتويل)الحكايات الشعبيّة.
ولئلّا تترهّلُ المداخلةُ في الإطالةِ اخترنا أن نقفَ على" الغصنِ الذهبي" لنبيّنَ اهميّتَهُ وأثرَهُ العميقَ في شعرِ السيّاب.
يعالجُ " الغصن الذهبي" – وبخاصّةٍ المجلّدِ الرابعِ منه – "أدونيس"- معنى الطقوسِ التي كان يمارسُها البدائيّون: من بابليين، ومصريين، وفينيقيينَ، وإغريقَ، وكانت تلك الطقوسُ وسيلة ً لهدفٍ جماعيٍّ هو محاولة ُ السيطرةِ على خصوبةِ الطبيعةِ المتجسّدة ِ في النباتِ والحيوانِ والإنسان، وهي محاولة ٌ لتعليلِ موتِ الحياةِ الزراعيّةِ، والحيوانيّةِ، وعودتِها من خلالِ تعاقبِ الفصولِ. وقد ربطَ الإنسانُ البدائيّ ُ بين موتِ الحياةِ وعودتِها من جهةٍ، والآلهةِ التي تتحكّمُ بالطبيعةِ وتخضعُها لسلطانِها من جهةٍ أخرى، وجعلَ الطقوسَ ترتبط ُ بأسماءِ الآلهةِ وتُمارسُ من خلالها، " وإذا كانت المراسيمُ تختلفُ في كلِّ قطرٍ في الأسماءِ والتفاصيلِ، فقد كانت متماثلة ً في جوهرِها." ⁽⁵⁾، فعندَ البابليينَ كانَ إلهُ الخصبِ " تمّوز" وعند المصريينَ كان" أوزوريس"، وعند الفينيقيين والإغريق كان الإله "أدونيس".
وهي كلّها رموزٌ ذاتُ دلالةٍ دوريّةٍ واحدةٍ في النماء، حيثُ يتمُّ بوساطتِها التحكّمُ بدورةِ الحياةِ في الطبيعةِ من تعاقبِ الفصولِ في دورتِها، وما ينجمُ عنها من نموّ الزرع ِ وكثرةِ المحاصيلِ والحيوانات، وكانت هذه "الآلهة" رمزا ً للقوّةِ التي تدفعُ الطبيعة َ لتجدّدَها بعدَ الموتِ.
والإنسانُ البدائيّ ُ يعتقدُ أنّ موتَ الطبيعةِ يعودُ سببُهُ إلى موتِ الإلهِ، وأنّ هذا معناه تهديدُ حياتِهم بالفناءِ، لذا كانوا يعتقدونَ أنّهم بقيامِهم بهذه الطقوسِ إنّما يُعيدونَ الحياةَ للإلهِ الذي تمثّلُ عودتُهُ عودةَ الخصبِ والنّماءِ والتجدّدِ، لأنّه يملكُ القوّةَ التي تتحكّمُ بالحياةِ، " وسواءٌ أكانت هذه القوّةُ التي تدفعُ الحياةَ إلى الاستمرارِ هي أدونيس ،أم تموزَ، أم إيزيسَ، أم أوزوريس، أم كانت ملكاً بالفعلِ، فإنّ نسيجَ القصّةِ واحدٌ، وطقوسَ الاحتفالِ بموتهِ وبعثهِ واحدة.⁽⁶⁾
ويتألّفُ نسيجُ القصّةِ أساساً من النقيضينِ : الموتِ والبعثِ، الجدْبِ والخصب، الحزنِ والبهجة. وهنا وقفَ السيّابُ على بغيته، فـ "تمّوز" بابليّ ُ الاسمِ عالميّ الرمزِ، يموتُ من أجلِ أن يحيا، يشكّلُ موتُهُ موتاً للخصبِ، وتشكّلُ عودتُهُ عودة ًللحياةِ، إذا ً فهو واهبُ الحياةِ للبشريّةِ، ومجدّدُ خِصْبَها، ولابدَّ لهذهِ التضحيةِ التي يقومُ بها "تمّوزُ" من معنى، ولابدَّ للجدْبِ والخرابِ والعقمِ من "تمّوزَ" ينهضُ بعبءِ رسالتِها، لهذا كان اندفاعُ السيّاب وراءَ رمز ِ " تمّوزَ" له ما يُبرّرُه في تجربتِهِ الشعريّةِ ، فهو الرمزُ الذي تتوحّدُ فيهِ كلّ ُ رُموزِ التضحيةِ من أجلِ إعادةِ الحياةِ ودفعِ الموتِ على نحوٍ مأساويٍّ حادٍّ، إذ أنّ مقتلَ "تموزَ" بنابِ خنزيرٍ برّيٍّ، ونُواحَ "عشتار" عليهِ له ما يماثلُهُ في عالمِ اليومِ الذي ينتظرُ تموزَ جديدا ً.
ثالثاً – الوظائفُ:
تعدّدتْ وظائفُ الأسطورةِ عندَ السيّاب تبعاً لتعدّدِ الدلالاتِ الأسطوريّةِ في شعرهِ، وكانت تلك الدلالاتُ أنواعاً من رؤى شعريّة أوجدتْها مواقفُ أو تجاربُ مكّنتهُ من صبِّ طاقاتِهِ الشعريّةِ فيها بانفعالٍ حيٍّ، وقد وجدنا أنَّ تلك الوظائف تنقسمُ إلى قسمينِ اثنينِ تتفرّعُ عنهما محاورُ عديدة، وهذانِ القسمانِ هما:
1 – الوظائف الجماليّة
2 – الوظائف السياسيّة
أمّا محاور الوظائف الجماليّة فيمكنُ حصرُها بالآتي:
التداعيات
المناجاة "المونولوج الدراميّ"
المحاورة "الديالوج"
وخشية ً من الإطالةِ نوجزُ القولَ في التداعياتِ، فنقولُ : التداعي في القصيدةِ الحديثة ِالموظّفةِ للأسطورةِ مهمّة ٌ ليست سهلة ً على الإطلاق، إذ أنّ جماليّاتِ هذا التداعي لابدَّ أنْ تعتمدَ على مخزونٍ ثقافيٍّ واسع ٍ، وخيالٍ خصبٍ مولّدٍ ليأتيَ التداعي التصويريّ ُ غيرَ متكلّفٍ، أو قسريٍّ وهو يؤدّي وظيفتهُ في عمليّة ِالتوليدِ.
إنَّ التداعيَ الذي نقصدُهُ هو عمليّة ُ التوليدِ الفنّيِّ الذي يتشكّلُ تباعاً من خلالِ ما يُشبهُ التداعي المعنويّ اللفظيّ للكلمةِ المفردة، غير أنّنا لا نقصدُ به تداعي الكلماتِ بقدرِ ما نقصدُ بهِ تداعياتِ الإيحاءِ في الصورِ الشعريّةِ المتواليةِ، ففي قصيدة " رؤيا عام 1956م" يقولُ:
أيّها المنقضّ ُ من أولمب َفي صمتِ المساءْرافعاً روحي لأطباقِ السماءْرافعاً روحي "غنيميداً" جريحاصالباً عينيَّ " تموزاً" مسيحاأيُّها الصقرُ الإلهيّ ُ ترفّق ْإنَّ روحي تتمزّق ْإنّها عادتْ هشيماً يومَ أنْ أمسيتُ ريحا.
فكأنّ الرؤيا التي تحطّ ُ على عينيّ بطلِ القصيدةِ صقرٌ من لهيبٍ، فتتولّدُ من هذا الصقرِ صورةُ الصقرِ الإلهيِّ الغريبِ الذي انقضَّ من جبلِ الأولمبِ في الأسطورةِ الإغريقيّةِ ليختطِفَ " غُنيميدَ" الشابَّ اليونانيِّ الجميلِ، ويحملُهُ إلى جبلِ الأولمبِ ليصبِحَ ساقياً للآلهةِ بعدَ أنْ وقعَ "زيوس" كبيرُ الآلهةِ في حبّهِ. غيرَ أنَّ هذهِ الرؤيا/ الصقرَ التي حملتِ السيّابَ جعلتْ منهُ هو الآخرَ غنيميداً جريحاً، إنّه الضحيّة ُ التي تحملُ العذابَ من أجلِ الآخرينَ ، وهنا تتولّدُ من صورةِ التضحيةِ هذهِ صورةُ صلبِ المسيحِ ِ التي تتداخلُ مع تضحيةِ " تموزَ" حينَ مزّقهُ خنزيرٌ بريٍّ بنابهِ فجعلهُ هشيماً.
إنّ الجميعَ (السيّابَ، وغنيميدَ، وتمّوزَ، والمسيحَ ) عادوا أشلاءَ ممزّقة ً يومَ أنْ أمسوا ريحاً لا فائدةَ منها، وكذلكَ الحالُ في قصائدَ عديدةٍ، مثلِ " مرثيّة جيكور" و " الشاعر الرجيم" و "مرحى غيلان" .
رابعا ً- تحوير السيّاب للأسطورةِ وتحميلُها مضامينَ جديدةً :
ويتجلّى ذلكَ في المحاورِ الآتيةِ:
أ – التوحّدُ
ب – قلبُ الأسطورةِ
ج – تعسّرُ الولادة
وتلخيصاً لمحورِ التوحّدِ نقولُ: حينَ يرى السيّابُ أنّ فجيعتَهُ دائمة ُ الحضورِ في حياتِهِ، فإنّه يحاولُ أن يسبِغَ عليها ما يجعلها تشكّلُ عندَ المتلقّي معايشة ً، أو مشاركة ً إنسانيّة ً لمعظمِ ما يُعانيهِ .
ولمّا كانت رموزُ العذابِ كثيرة ً في تاريخِ ِ الإنسانِ، فإنّ السيّابَ قد جعلَها تعبّرُ عن حالتِهِ الفرديّةِ، بأنْ وحّد بينها وعذابه ِ وآلامهِ وصولاً إلى تعميمِ الحالةِ، وتوسيعِ دائرتِها الإنسانيّةِ، لأنَّ الفرديَّ وحدهُ الذي يثيرُ اهتمامَ الفنِّ عندما يكونُ فيهِ شيءٌ يُعبّرُ عن العامِ فيعكسُهُ. " ⁽⁷⁾
ففي قصيدةِ "المسيحُ بعدَ الصلبِ" يوحّدُ السيّابُ بينَ رمزي السيّد المسيح، وتمّوزَ، ثمَّ يتوحّدُ بهما من خلالِ مونولوج درامي ذي وقع ٍ جنائزيٍّ حزينٍ :
بعدَما أنزلوني، سمعتُ الرياحْفي نُواحٍ طويلٍ تسفّ ُ النخيلْوالخطى وهيَ تنأى.إذن فالجراحوالصليبُ الذي سمّروني عليهِ طوالَ الأصيلْلم تُمتْـني. وأنصتّ ُ: كانَ العويلْيعبرُ السهلَ بيني وبين المدينة ْمثلَ حبلٍ يشدّ ُ السفينة ْوهي َ تهوي إلى القاع ِ كان النواحْمثلَ خيطٍ من النورِ بين الصباحْ
في هذه القصيدةِ كانَ السيّابُ يمرّ ُ بأحوالٍ نفسيّةٍ وسياسيّةٍ قاهرة، جعلته يفكّرُ بالموتِ، وعدّهُ خلاصا ً لكلِّ ما فيه من معاناةٍ وقهرٍ، فقد رأى في الموتِ حياةً أخرى ..إنَّ موتَهُ ليس عبثا ً، إنّما هوَ حياةٌ أخرى لأولئكَ الذين سيعيشون من خلالِ فدائهِ وتضحيتِهِ :
مُتّ ُ،كي يُؤكل َ الخبزُ باسمي،لكي يزرعوني مع الموسمِ،كمْ حياةٍ سأحيا، ففي كلِّ حُفرة ْصِرتُ مستقبلاً، صِرتُ بذرةْصِرتُ جيلاً من الناسِ في كلِّ قلبٍ دميقطرةٌ منه أو بعضُ قطرة ْ
كذلكَ الحالُ في قصيدةِ "رحلَ النهار" إذ يوحِّدُ فيها بينَ رمزي "السندباد البحريّ العربيّ" و " عوليس " الإغريقي، ثمَّ يتوحّدُ بهما. ففي هذهِ القصيدة ِ صوّرَ انتظارَ حبيبتِهِ له بما يُشبِهُ انتظار "بنيلوب" لـ "عوليسَ" في الأديسّةِ، ولمّا كان رمزُ السندبادِ يقاربُ من حيثُ الملمحِ ِ الشعريِّ رمزَ "عوليس" فقد آثرَ أن يتبنّاهُ تصريحا ً لكونِهِ عربيّا ً، ولأنّ صورةَ ارتحالهِ الدائمِ ماثلة ٌ أكثرَ من "عوليس" في وجدانِ القارىء العربيّ، غيرَ أنّ المتلقّي الذكيَّ لا يجدُ في رمزِ "السندبادِ" ما يمنعُ من عدِّهِ "عوليسا ً" ، لأنّ جوَّ القصيدةِ يُعبّرُ عن ذلكَ بوضوح ٍ :
رحلَ النهارْها إنّه انطفأتْ ذبالتُهُ على أفقٍ توهّجَ دونَ نارْوجلستِ تنتظرينَ عودةَ سندبادَ من السِّفارْوالبحرُ يصرُخُ من ورائكِ بالعواصفِ والرعودْهوَ لن يعودْأوَ ما علمتِ بأنّهُ أسرتْهُ آلهة ُ البحارْفي قلعةٍ سوداءَ، في جُزُرٍ من الدمِ والمحارْهوَ لن يعودْ،رحلَ النهارْفلترحلي..هوَ لن يعودْ
فالسندبادُ العربيّ ُ لم تكن له زوجةٌ معيّنةٌ تنتظرهُ كما كانت "بنيلوب" تنتظرُ "عوليسَ"، ولأنَّ آلهة َالبحارِ ترتبط ُ بمغامراتِ "عوليسَ"، وبجوِّ أسطورتِهِ تحديدا ًبخلافِ رحلاتِ السندبادِ .
وبعدُ : فإنَّ هذا الإيجازَالقصيرَ لا يُعطي صورةً مثلى عن الأسطورةِ في شعرِ السيّابِ، كما انّهُ لا يُقدّمُ الأنموذجَ الذي مكّنهُ من أن يصلَ في بعضِ ما وظّفَ إلى أعلى مؤشّر ٍ في عمليّةِ الخلقِ والإبداع ِكما في قصيدتيهِ: "المعبدِ الغريقِ" و " إرَم ذات العماد"، فضلاً عن أنهُ لا يرسِمُ خطّا ً بيانيّا ً لتطوّرِ السيّابِ في توظيفِ الأسطورةِ، إنّما يقدّمُ الإطارَ العامَ الذي يساهمُ (على نحوٍ جزئيٍّ) في تحديدِ أبعادِ ذلكَ التوظيفِ ليس غير، راجينَ عفوكم إن أشرنا إلى أنَّ كتابنا " الأسطورة في شعر السيّاب" قد حقّقَ (كما نزعم) هدفهُ في رسمِ الصورةِ كما ينبغي بموضوعيّة ٍ.
ختاما ً:
قالَ "أرشيبولد مكليش" مدافعاً عن نفسِهِ حين اتّهِمَ أنَّ مسرحيّتَهُ " جي بي" افتئاتٌ على إحدى روائع ِالتوراةِ : " لقد بنيتُ مسرحيّة ً حديثة ً داخلَ الجلالِ العريقِ الذي لسفرِ أيّوبَ كما كانَ البدو قبلَ ثلاثين سنة ً مضتْ يبنونَ داخلِ خرائبِ تدمُرَ الشاهقةِ أكواخَهم من صفائح ِ البنزينِ مسقوفة ً بحجارةٍ ساقطةٍ ، كان للبدوِ في ذلك عُذرٌ،هي الضرورةُ، ولن أجدّ أنا عذرا ً أفضلَ من ذلكَ لنفسي . عندما تعالجُ مسائلَ أكبرَ من طاقتِكَ، ولكنّها مع ذلك تلحّ ُعليكَ، فإنّكَ تضطرّ ُ إلى أنْ تؤويها في مكانٍ ما..وإذا وجدتَ جدارا ً قديما ً كانَ فيه عونٌ لك." ⁽⁸⁾
ولعلّكم لن تعذروا السيّابَ لو لم يفعلْ ما فعلَهُ" مكليش" ويؤوي أشياءَهُ الجميلة َ في مساكنَ خاصّةٍ، فعلى المرءِ ألّا ينسى "أنّ في بيتِ الفنِّ مساكنَ عديدةٍ " كما قال وليبرس سكوت.
هوامش:
(*) نصّ ُ المحاضرة التي ألقيت في الذكرى السابعة والأربعين لرحيل السيّاب التي أقامتها مؤسّسة الحوار الإنساني بلندن مساء 11/ 01/ 2012م، وشاركت في فعّاليّاتها الشاعرة ورود الموسوي بمحاضرة عن اللون في شعر السيّاب، فضلاً عن معرضٍ تشكيليّ صاحب الاحتفاليّة، وكان جزءاً حيويّاً منها أقامه جمعٌ من الفنّانين استوحوا لوحاته من بعضِ قصائد السيّاب ، وقد استمع الحضور إلى قصائد عديدة بصوتِ السيّاب، وشاهدوا حلقتينِ من مسلسل(بدر شاكر السيّاب) الذي أ ُنتج سنة 1998م، وغيّبت عرضه(حتّى الآن) دعاوى قضائيّة، وهو من تأليف الراحل سامي محمّد، وتمثيل نخبة من ألمع نجوم التلفزيون العراقي، وقد أدّى دور بدر شاكر السيّاب الفنّان حكيم جاسم.
(1) مجلّة شعر: أخبار وقضايا،ع3: 111- 123، وهذه الآراءُ مجتزأة من مقدّمةِ السيّابِ لمختاراته التي أحيا بها أمسية "خميس مجلّة شعر" صيف 1957م، في بيروت
.
(2) عبد الجبّار عبّاس : السيّاب، 30.
(3) يوسف الصائغ : الشعر الحر في العراق، 162،مطابع رمزي، بغداد،1978م.
(4) نفسه.
(5) جيمس فريزر: أدونيس، ترجمة جبرا ابراهيم جبرا،11، دار الصراع الفكري،بيروت، 1957م.
(6) نبيلة ابراهيم : الإنسان والزمن في التراث الشعبي، مجلّة الأقلام البغداديّة، أيار، 1976م.
(7) أوفسيانيكوف،وز.سمير نوفا : موجز تاريخ النظريّات الجماليّة، تعريب باسم السقّا،446،دار الفارابي، بيروت، 1975م.
(8) جماعة من النقّاد: الأسطورة والرمز، ترجمة جبرا ابراهيم جبرا،105، بغداد، 1973م.