الأسماء التي هزت أميركا والعالم
«الأسماء» قصيدة ألقاها الشاعر الأميركي بيللي كولنس عام 2002 في الكونغرس الأميركي بمناسبة ذكرى ضحايا تفجيرات (11 أيلول).
على الرغم من أن كولنس استخدم الصور الشعرية بكثرة في قصيدته، والرموز أيضاً،إلا أنني لم أجد النص-بعد ترجمته إلى العربية-غامضاً،إنه نص يحوي خصوصية لغته الأصلية،إلا أن الدفق الإنساني حوله إلى نص عالمي واضح لقارئ أية لغة بعد ترجمته إليها،وكأنه وهو مشحون بذلك القلق الإنساني والوجودي اتحد بلغة كونية بعد التفجيرات العالمية... فزالت الخصوصية ولم يزل الإدهاش، واحتوت القصيدة على البلاغة حتى بعد نقلها إلى العربية.
الأسماء في قصيدة كولنس ليست تلك الحروف التي يحملها شخص أو شيء، بل إنها الشخص أو الشيء نفسه، إنها الهواء والماء والتراب التي يحيا بها الإنسان، والتي تكونه،وبالتالي فاسم الإنسان عنده رديف لهذه الأشياء، الاسمأعمق من حروفٍ أبجدية بل (قطرات تتدلى من أعماقِ الظلام)، وقد تناول الكثير من الأسماء التي قد لا تعني لنا شيئاً، ولكنها تعني لمن فقدوا أصحابها الحياة المفقودة.
ثمة أمراً مثيراً في القصيدة:
يستخدم الأميركيون الحرف (x) كرمز لمنظمة غامضة،يعدونها وراء الأحداث الكبيرة التي تقع في بلادهم، وتبقى أسرارها وأسبابها الحقيقية غير واضحة ومجهولة، وتتعدد فيها الأقوال والآراء دون دليل مُقنع، مثل اغتيال الرئيس كينيدي، وتفجيرات 11 أيلول، وقد تناول كولنس بذكاء هذا الرمز حين طالبه على بالنهوض والتوضيح لكي تعودَ الأسماء التي فُقدت،ليس بالمعنى التجريدي، وإنما قصد ما وراء ذلك، عودة الحقيقة والسلام المفقودين.
حقيقة مرعبة، كيف اختفى آلاف الأشخاص وبقيت أسماؤهم التي يذكرها أحباؤهم ؟.
الأسماء لم تُفقد، ولو فرضنا أنَّ من قضوا في الحدث الرهيب أشخاص بلا أسماء،
أو أن المباني التي فُجرت بلا أسماء،فما معنى الحادثة بالنسبة للعالم؟.
وما الأسماء ؟.
بيللي كولنس شاعر البلاط الأميركي بينَ عامي2001-2003، ولِدَ في نيويورك عام 1941، وانتسبَ إلى كُلية الصليب المُقدس عام 1963، تابع دراسته العُليا حتى عام 1968 حيث بدأ ممارسة التعليم في كلية برونِكس ليهمان لثلاثين عاماً للدراسات الإيرلندية الأميركية، وهو من أصل انجليزي ويقيم حالياً في الولايات المتحدة.
بالأمس تمددتُ مستيقظاً تحتَ نخلةِ الليلرذاذ خفيف يهطل،دونَ عونٍ من أية نسمةوحينَ رأيتُ الجليدَ الفضي الرقيق على النافذةبدأت بإكرمان،هكذا حدثثم بكِاستر و كالاربوثم ديفيس وإيبيرلينغإنَّ الأسماءَ تتدلى على المكان كالقطرات من أعماق الظلامالأسماءُ مطبوعةٌ على سقفِ الليلالأسماءُ تنزلقُ حولَ قوسِ الماءهناكَ ستٌ وعشرونَ صفصافةً على منحدرِ الجدول.حين حلَّ الصباحِ خرجتُ حافياً بينَ آلافِ الورود الممتلئة بالندىكالعيون الممتلئة دموعاًوكلُّ وردةٍ امتلكتْ اسماًكُتِبَ اسمُ (فيوري) على وريقةِ تويجةٍ صفراءثم غونزاليز و هان،إيشيكاوا و جيكنز.كُتبتِ الأسماءُ في الهواءوخيِطَت على قماشِ اليوم.مونوغرام* خُط على قميصٍ مُمزقرأيتكِ تهجِّينه عند نوافذ المخزن الأماميةرأيته في مظلات المدينةِ اللامعة المُشرعةقرأتُ بعضَ مقاطعِ الأسماءِ وكأنني أدورُ في زاويةكيلي و ليمادينا،نارديللا و كونورحينما ظهرتُ في الغابةكان هناك تشابك كثيف وجدتُ الرسائل مختفيةً في صندوقكما لو أنها لغزٌ أعِدَّ ليحله الأطفال.اسما باركر و كويغلي نُقِشا في أغصانٍ رماديةريزو،سكابيرت،تورِّيس،و آبتونأسماء قديمة في غصن قبقبٍ قديمأسماء كُتبت في حظيرة السماءأسماء ترتفع وتُخطُّ وسط البنايات كأنها على مِسودةأسماء صامتةٌ في الحجارةأو صارخةٌ وراء الأبوابأسماء تخرج من البحر وتتفتح على اليابسة.في المساء لاح ضوء خافت،جرعات أخيرة منهطفل البحيرة يرفع مجاديفهالمرأة في النافذة تضعُ زوجاً من الشموعوقد لُخِّصت كل الأسماء على الغيوم الوردية.فاناكور و ووالاس يقولان:(دع x تنهض،إذا استطاعت،لأجل أناسٍ لم يُعثر عليهم)الأسماءُ حُفرت على رأس دبوسواحد منها تمدد على الجسر،آخر مرَّ بالنفق.الاسم الأزرق ثُقب في الجلدأسماء مواطنين،عمال،أمهات وآباءالابنة ذات العيون اللامعة،الابن الذكي.إن ثلاثة أضعاف أبجدية علم الأسماء هناك في الحقل الأخضر.الأسماءُ في المسارات الصغيرة التي تحلق فيها الطيورالأسماءُ رفعتِ القُبَّعةأو هُجِّيت على رأسِ اللسانالأسماءُ تحركت بشكلٍ مدولبٍ إلى المخزنِ الخافتِ من الذاكرةكثير من الأسماء بقي بالكاد على حيطان غرفة من القلب.