الخميس ٢٥ آذار (مارس) ٢٠١٠
شعراء بريطانيا يكتبون
بقلم عمر يوسف سليمان

عن حربي العراق وأفغانستان

(أفغانستان: إنها تُظلِم...لكن ليس كفاية لتمنع رؤية الجروح النازفة الراحلة..كهذه الاستراتيجية الراحلة...) (باول بولدون)

نشرت صحيفة الغارديان البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 25/6/2009 سبع عشرة قصيدة لسبعة عشر شاعراً يتحدثون فيها عن الحرب في كل من أفغانستان والعراق،قامت باختيار الشعراء شاعرة البلاط البريطاني(كارول آن دوفي) وقد كتبت الشاعرة مقدمة لهذه القصائد بعنوان مقتبس من المقطع أعلاه.

رحيل الجروح

كارول آن دوفي

كتب الشعراء عن الحرب منذ قديم الزمن،فالحرب تُلزمهم بطريقة ما بالكتابة عنها،كتب أفلاطون عن معاني الشهادة في وقت مبكر من التاريخ،الجنود الشبان الذين عاشوا فترة الرعب في الحرب العالمية الأولى والذين قُتلوا داخل الخنادق بالملايين،تحولوا عن طريق الشعر إلى معنى جديد لا يقتصر على مجرد قتلهم،ومعظمنا عندما يفكر في كلمتي(حرب-شعر) سوف تتخاطر على شفتيه أسماء عديدة مثل (ويلفريد وون) و(سيغفريد ساسون) الذَين يأتيان في المرتبة الأولى بالإضافة إلى (آيفور جورني) و(إسحق روسينبيرج) و(روبرت بروك)...إلخ.

ما الذي يجعل النواقيس تدق لأجل الذين يموتون كالماشية؟...هناك زاوية غريبة في ساحة القتال،إنها مثل الخطوط التي تظهر كجزء منغرز في (DNA) قراء الشعر الإنجليزي،هذا الجزء حُقن فيهم منذ أيام المدرسة كلقاح*.

غير أن هناك قصائد أخرى-لم تُكتب من قبل جنود-تحضر في ذاكرتنا أيضاً: قصائد والت ويتمان عن الحرب الأهلية،الشعر الذي كتبته كلٌّ من آنَّّا آخماتوفا و أوسبِن ماندلسِن خلال فترة الرعب الستاليني،قصائد لوركا عن الحرب الأهلية الإسبانية،قصائد كيث دوغلاس الشاب الرائع الذي قُتل في الحرب العالمية،شعر زبيغنيو هيربيرت من شرق أوروبا ومحمود درويش من الشرق الأوسط،وسيموس هيني ومايكل لانغلي من آيرلندا الشمالية.

لم يعش شعراء بريطانيا في القرن الحادي والعشرين الحرب،مثل كيث دوغلاس ومن قبله إدوارد ثوماس،ولكن هناك شعراء بريطانيون عاشوا وعملوا كمراسلين في بلدان أخرى تجري فيها الحروب مثل جيمس فينتون،المراسل الأجنبي الأخير في فيتنام الذي دفعته إصابته إلى العودة عام 1975،هناك شعراء يندفعون كالكهرباء ضد الحرب،كالراحل أندريان ميتشيل،أو الرائعون الذين أعادوا كتابة ملحمة هوميروس، مثل كريستوفر لاغ.

الحرب تصنع من الشعراء جنوداً ولا تصنع من الجنود شعراء،واليوم -كأكثر ما يمكننا فعله- أن يواجه الشعراء تجربة الحرب-حيثما اشتعلت-عبر الرسائل الالكترونية أو تناقل النصوص بين الأصدقاء أو الزملاء في مناطق الحرب،أو عبر الراديو أو الصحف المطبوعة أو التلفاز،أو من خلال المدونات على النت أو المقابلات.

التحقيق الرسمي في العراق والحرب في أفغانستان سببا سقوط ضحايا مراهقين في الشوارع،لهذا دعوت مجموعة من زملائي الشعراء للشهادة،كل بطريقته الخاصة،على تفاصيل هذه الحرب.


*تقصد الشاعرة بهذه العبارة أن ما يكتبه الشعراء الانجليز عن الحرب مرتبط بطفولة الشعب الانجليزي منذ أيام المدرسة،لطبيعة ما اعتادت ذائقتهم عليه من الشعر منذ ذلك الوقت،وفي هذا خصوصية للقارئ الانجليزي دون غيره برأيها.

قصائد مختارة

في أوقاتِ السلام

جون آغرِد
 

ذلك الإصبع-الطريق-
يُعبِّدُ اعتياد الإنسان على دفء الزناد
الزناد الذي سيبدأ بالتعامل مع الجلدِ
على أنه معانقٌ له. 
هذه الأقدام حين تهاجم البيت
وتدبُّ باالأحذية الثقيلة
وتدوس أجسام ساكنيها
من سوف يحتمل فقاعاتِ الحمام
عندما يضعون كمين المتفجرات حتى في رغوة الصابون؟ 
كيف سيكونُ القلبُ حين يحلُّ السلام؟
ثمة حروب باليةٌ ستنمو ببطءِ ذبولِ أزهارِ الفالنتاين
ولن تحتاج إلى هرمون الأدرينالين
الذي يسرع اختراق الرصاصة في الدم. 
حينَ يستتبُّ غبارُ السلامِ على الشعب
من سينتزع الأسلحةَ التي نزعتْ أسلحةَ الموت؟
وماذا عن الآذان التي دُوزِنت حسب صفارات الإنذار
والتي ستهتز أغشيتها وتفقد سمعها بإيقاف تلك الصفارات؟. 
كذلك الأعين
هل ستكون جاهزة
للرقص بخفة فراشة
حينَ تزول جزماتُ الاحتلال الثقيلة؟. 
الحرب على الإرهاب
فريد داغيير
 
كثيراً ما تكون النهايات كوابيساً
وكثيراً ما يكون الطلاء مختبئاً خلف الجفون. 
إذا كانت سلامة الحبل السري
قد قُطعَت من سرةٍ مدفونة تحت شجرة تمر هندي. 
إذا كان اتصال الراداد
قد قطعَ من شدة صراخ حوت ومن بكاء طفلتي في نومها. 
لن تمر فترة طويلة
لتجرفَ الليالي الطويلةُ الطلاء من العيون. 
لن تكون أطول من سلامة الحبل
المربوط إلى السرة.
إنها فترة أقصر من هذه الحرب في هذا الوقت
في ظل هذه الحكومة التي تجعل أطفالنا غرقى نومهم. 
بالطبع سوف أساعد -إن كنتُ قادراً- بأية طريقة
شاون أوبراين
 
هل يمكنُ أن نبدأ؟من فضلكَ أعد ما قلتَه،أوما فعلته،
أو ما رأيت الآخرين يقومون به أو يقولونه،أو ما تراه،
أوما تكتبه،أعد كل ذلك بطريقة أخرى.
إننا في لهفة لنكون واضحين بجميع حقائقنا
لكن لا...أنت تقترح أن نتعقل بدلاً من أن نفعل ذلك
لأنك لا تملك البطولة اليوم!.
كيف نستطيع أن ندركَ مصالحنا الحالية؟
إن الملائكة تُنتزعُ منها شفافية تصرفاتها
هل نتوقع أنك قد تنقلب على الحق؟
لماذا علينا أن نحتاج إلى معرفة ذلك؟
من سنكلم حينَ نحتاج عندما...
حسناً،انظر،هل كان توكيلاً من الله لك لتدرس ما يخطط له؟
تبتسم،تذهب خارجاً من طابور أبقاركَ لتتبول. 
 

حي العرائس

جو شابكِت

هناكَ برجُ ريحٍ طويل،وهناك برج مماثل في مدينة أخرى
برجُ الكنيسة مملوء بالنار من هجماتِ التحالف الحارقة
غير الراغبين بها!!.
تفجرهم وهم في الأسِرَّةِ وتطيح بهم في الشوارع،
الأطفال قابعون ومتمسكونَ بأسلحتهم.
المزاريب امتلأت لهباً،الغبار حالَ إلى ضوء،هل وُلدتُ في هذه المدينة حقاً!. 
لكي تستطيع المجيء والذهاب سالماً عبر القصب،
شارِكْنيْ بتسويقِ أخبار كل صباح،
بصور الجنودِ في الأماكنِ التي لم يفهموا سبب وجودهم فيها!،
بأخبارِ مَن وظف الجهادَ لأجلِ عملياتِ الصرافة،لأجلِ جحيمها،
لأجلِ علبةِ النفط.
إنني أعيشُ هنا...والابتسامة ستبقى مطبوعة في شفتيَّ على الرَّغم من كل شيء،
سأبتسم ورماد الحرائق يعشش في أنفي... 

 
 
 
 
 
 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى