السبت ١ شباط (فبراير) ٢٠٠٣
بقلم علاء بيومي

التخطيط للحوار مع الشعب الأمريكي

يحتاج المسلمون في أمريكا وخارجها إلى النظر إلى عملية الحوار مع الشعب الأمريكي من خلال منظور جديد يجمع بين الجوانب الفكرية والعملية في آن واحد، ونقصد بالجوانب الفكرية هنا الاهتمام بالتأصيل للحوار من حيث ضوابطه وأهدافه انطلاقا من الضوابط الإسلامية بخصوص هذه المسألة، وانطلاقا من النتائج التي يمكن التوصل لها بعد دراسة نماذج الحوار بين أبناء الحضارات والثقافات المختلفة وموقف الإسلام والمسلمين من هذه النماذج ومن أبناء الأديان والحضارات المختلفة عنهم.

ولا شك أن الاهتمام بالبعد النظري والفكري للحوار هو أمر على مستوى عال من الأهمية، ولإنجاح هذا الاهتمام ينبغي إقرانه باهتمام موازي له في الأهمية بالبعد العملي الواقعي للحوار، ويكون ذلك من خلال أن يعيش القائمون على الكتابة والتنظير لعملية الحوار بين الحضارات عملية الحوار نفسها وأن يشاركوا في شتى جوانبها وأبعادها وخطواتها داخل أو خارج الولايات المتحدة.
ومن خلال متابعتنا لنشاطات بعض المؤسسات والمراكز الإسلامية المهتمة بدعم وتنشيط الحوار بين المسلمين وغير المسلمين في الولايات المتحدة يمكن القول أن الأبعاد العملية الواقعية تمتلك أهمية قصوى عند التفكير في – أو ممارسة - عملية الحوار بين أبناء الأديان والحضارات المختلفة في أمريكا.
الجوهر العملي لعملية الحوار بين أبناء الأديان المختلفة في أمريكا
ويقودنا هذا إلى صلب الحديث عما نعتقد أنه الجوهر العملي لعملية الحوار بين أبناء الأديان المختلفة في أمريكا، وهو أن هذه العملية في الولايات المتحدة وفي كثير من بلدان العالم تحولت إلى قضية علاقات عامة وإعلام ونشاط سياسي بالأساس، أي أن عملية الحوار بين أبناء الأديان المختلفة في الولايات المتحدة باتت تعتمد بشكل متزايد يوما بعد يوم على أساليب عمل منظمات العلاقات العامة ومناهجها المستخدمة في حملات الاتصال والضغط السياسي والجماهيري والإعلامي.
ويعني ذلك أن يتم النظر إلى عملية الحوار بين أبناء الأديان المختلفة في أمريكا من خلال الأفكار والمفاهيم التالية:
 أن عملية الحوار بين أبناء الأديان المختلفة ليست عملية بحث عن الحقيقة بمفهوم مثالي بقدر ما هي عملية نشر لرسالة إعلامية محددة، وأن العبرة هي بقدرة طرف معين على ترويج رسالته بشكل منظم وقوي.
 أن الحوار بين أبناء الأديان المختلفة يتأثر بقدرة المنظمات القائمة عليه على التعامل مع دوائر الإعلام والسياسة في الولايات المتحدة، وبموقع هذه المنظمات داخل دوائر النفوذ والقوة السياسية والإعلامية والجماهيرية الأمريكية.
 هذا لا يفرض أن تتعمد المنظمات القائمة على الحوار بين أبناء الأديان المختلفة الغش أو الخداع أو الكذب، فالصدق والوضوح والتمسك بالمبادئ الواضحة والحقائق يعدون بعض أهم مقومات الحوار الناجح بين أبناء الأديان المختلفة، ولكن يجب أن يتم هذا من خلال تعامل أعم وأشمل يتحلى بالذكاء وبفهم قواعد لعبة العلاقات العامة في أمريكا.
 أضف إلى ذلك أن حملات العلاقات العامة هي بطبيعتها حملات مستمرة تقع على مدى زمني طويل وممتد ويصعب الغش فيها خاصة على المدى الطويل، وأن أفضل أسلوب للدعوة والموعظة هو الدعوة من خلال الممارسة وليس من خلال الكلمات.
بمعنى أخر أن وجود المسلمين في أمريكا في حد ذاته هو نوع من الحوار بين أبناء الأديان وأن المسلمين في أمريكا يشاركون في عملية الحوار بين المسلمين وغير المسلين سواء رضوا ذلك أو لم يرضوه، كما أنهم يشاركون فيها من خلال أهم أساليبها وهو أسلوب الحوار من خلال الممارسة، بمعنى أن المواطن الأمريكي العادي يراقب ويلاحظ سلوك المسلمين في أمريكا وخارجها بصفة يومية طبيعية ويتأثر بما يعرفه من معلومات عنهم، كما أنه يتأثر أكثر بالمسلمين في أمريكا لأنه يراهم ويلاحظهم بالصوت والصورة الحية.
التخطيط لحوار الحضارات من منظور عملي واقعي
ويفرض هذا على المهتمين بالتخطيط لعملية الحوار بين المسلمين وغير المسلمين في الولايات المتحدة أن يقوموا بالتخطيط لها على مستويين، أولهما مستوى واسع شامل طويل المدى يهدف إلى تقليل قضايا الخلاف بين المسلمين وغير المسلمين والقضاء على نقاط النزاع بينهما حتى يتم القضاء على الأسباب المادية للمعلومات السلبية التي تصل إلى المواطن الأمريكي عن الإسلام والمسلمين.
كما يتطلب هذا المستوى توعية الفرد المسلم العادي في الولايات المتحدة بدوره الطبيعي في عملية الحوار بين المسلمين وغير المسلمين، وبالمهارات التي ينبغي عليه اكتسابها لكي يدعم دوره كسفير للحضارة الإسلامية في أمريكا.
كما يتضمن أيضا تقوية المسلمين في أمريكا على مختلف الأصعدة، ومن الواضح هنا أن عملية التقوية هذه مستمرة، فعلى سبيل المثال يتميز المسلمون في أمريكا بأدائهم الأكاديمي والعلمي المرتفع، كما يعملون حاليا على بناء قوتهم الاقتصادية وعلى زيادة مشاركتهم في العملية السياسية وقدرتهم على التعامل مع وسائل الإعلام الأمريكية.
على المدى العاجل والقريب يجب التخطيط لعملية الحوار بين الحضارات من منظور وبأساليب حملات العلاقات العامة وحملات الضغط السياسي والجماهيري. ويعني ذلك ما يلي:
أ - صياغة مجموعة من "الرسائل الإعلامية" (Media Messages & Talking Points) الأساسية والهامة التي يرغب العالم الإسلامي في توعية الشعب الأمريكي بها.
ب - التخطيط لتوصيل أكبر عدد من هذه الرسائل إلى أكبر عدد من فئات الشعب الأمريكي، وعلى رأسها الفئات المؤثرة في دوائر الإعلام والسياسة الأمريكية والكونجرس والقائمين على وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى وأساتذة الجامعات، وذلك على المستويات الجغرافية المختلفة من ولايات ومدن ومقاطعات.
ج - اعتماد أكبر عدد من أدوات العمل الإعلامي والجماهيري وتدريب القائمين عليها، مثل الندوات والمحاضرات، وعقد اللقاءات الإعلامية، والمشاركة في منتديات الحوار بين الأديان، والمشاركة في المنتديات العامة والفعاليات الجماهيرية والسياسية.
والواضح هنا أن لقاءات ومنتديات الحوار بين الأديان بشكلها التقليدي المعروف لا تمثل على الرغم من أهميتها إلا إحدى أدوات ووسائل الحوار الحضاري التي يمكن استخدامها مع وسائل أخرى، ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة إذا نظرنا إلى عملية الحوار بين الحضارات من منظور واقعي عملي.
د - أن تشمل الحملة تنشيط قواعد جماهيرية ضخمة من خلال حملات الضغط الإعلامي والسياسي الجماهيرية، ويحقق ذلك عدة أهداف وفوائد على رأسها توضيح أن الحملة يساندها أعداد كبيرة من الجماهير مما يعطيها مشروعية من منظور سياسي أمريكي، كما تساعد حملات الاتصال الجماهيرية في الضغط على الجهات غير الراغبة في الحوار وإقناعها بالدخول فيه.
هـ - يجب أن يتصف أية جهد من هذا النوع بالاستمرارية والتخطيط على مدى لا يقل عن 5-10 سنوات حتى يأتي مفعوله.


مشاركة منتدى

  • بسم الله الرحمن الرحيم
    وبعد ...
    جزيت خيرا عن اهتمامك بما يصلح المسلمين ويرز الصورة الحقيقية للإسلام، فقد جاء في الحديث "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"(مع مراجع الحديث من حيث الثبوت أو الرد).
    غير أنه على الدعي إلى الهدى أن يتحرى نهج الأنبياء في الدعوة إلى الله على مراد الله تعالى بغض النظر عن عدد المستجيبين إلى هذه الدعوة، والاهتمام الزائد حول دعوة علية القوم -المتكبرين على هذه الدعوة- على حساب من هم دونهم في الرتبة من الوجاهة والسمعة، أمر مذموم في الإسلام، فقد عنف الله سبحانه وتعالى نبيه محدما صلى الله عليه وآله وسلم بتوجهه إلى الكبراء من قومه وتخليه عن من جاء يطلب الهدى، واقرأ إن شئت قوله تعالى: "عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى كلا إنه تذكرة ....".
    والدعوة إلى الله تعالى هي للعالمين لا لزيد من الناس أوعمرو، قال تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
    وعلى الداعية إلى الله تعالى أن تتجرد دعوته له سبحانه وتعالى إخلاصا ويقينا، وترك نتيجة م بعد الدوة له سبحانه قال تعالى: "إنك لا تهدي ن أحببت ولكن الله يهدي من يشاء"، وقال الله تعالى أيضا: "فلعلك باخع نفسك على آثارم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا"، وقال في سورة الغاشية: "لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر ..."، وكذا في سورة البقة: "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء".
    والمقام يطول لسرد كل الآيات فضلا عن الاحاديث النبوية لصحيحة الصريحة.
    لذا على الداعية إلى الله تعالى أن يتقي الله في نفسه أولا ويصلح نيته في الدعوة إليه سبحانه حتى يفتح الله على يديه بالاستجابة من الخلق، قال تعالى: "إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا"، وقال أيضا: "... إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا ما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم ...".
    ولايغتر الداعية إلى الله بالكثرة، فما ذكرت الكثرة في كتاب الله تعالى حول تعداد الخلق إلا ذمت، ولنا العبرة بما جرى في غزوة حنين وقد وردت القصة فيها مجملة في سورة التوبة قال تعالى: "ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ...."، وكذا ما جاء في آيات متفرق من كتاب الله تعلى تذم الكثرة كذلك منها قوله تعالى: "كم من قئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين"، وعلى نقيضهانفقد مدح الله تعالى القلةفي عدة مواضع من القرآن فقال عن نبيه داوود علي السلام: "إعملوا آل داوود شكرا، وقليل من عبادي الشكور"، وقال أيضا عن القائمين له ركعا وسجدا: "كانوا قليلا، من اليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ....".
    لذا فعلى الداعية إلى الله تعالى ألا يهمل الهدف الأسمى من وراء هذه الدعوة وهو نيل رضى الله تعالى بالدرجة الأولى لأنه في مقام العبادة بل هو العبادة ذاتها، وليعلم أن رضى الله تعالى لا ينال إلا باتباع ما أمر به في الدعوة إليه، وأن الدعوة إليه قامت ن طريقرسل اولا، ثم أمرنا باتاع الأنبياء والرسل في طريقة دعوتهم إليه بأمره، وأن الخارج عن هذا المهنج إبتداءا نا منه أنه يدعوا إلى الله الى بطريقة أفضل من الطريقة التي أمر بها الانبياء في إبلاغ رسالة الله تعالى إلى الخلق فهو واهم لن يبلغ القصد مهما فعل وأن فله هذا مردود عليه كما قالى صلى الله عليه وآله وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنافهو رد" وقال صلى الله عليه وآله وسلم ايضا: "عليكم بسنتي وسنة لخلفاء الراشدين المهديين من بعدجي عضوا ليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأممور فإن كل بدعة ضلالة".
    هذا ونسال الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفع بهذه الكلمات ويرفع بها كاتبها وقارئها الدرجات العلى من الجنة، وأن يغفر ما وقع فيها من السهو أو الخطإ فسبحان الكامل المتعال.
    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى