الحرية لمرشحة نوبل للسلام في أوزبكستان: "معتبر تادجيباييفا"
يأتي خبر اعتقال الناشطة النسوية، معتبر تادجيباييفا، في الثامن من تشرين الثاني 2005، وتقديمها إلى المحاكمة، في شباط 2006؛ في الوقت الذي تتواصل فيه، أخبار قمع الحريات، في شتى بلاد العالم. ويتساوى البشر في تلقي أنواع الإهانات وفنون التعذيب، حتى يظن المرء لوهلة أنه يعيش في القرون الوسطى. وما نكاد نغمض أعيننا ونشيح بوجوهنا، عن سماع ما يحدث في العالم ورؤيته، من انتهاكات لحقوق الإنسان؛ رحمة بما تبقى من آدميتنا؛ حتى نسمع ونرى ما لا يمكننا صمّ آذاننا، أو إشاحة وجوهنا عنه. يدق الألم بابنا مستجيراً، ويقرع نافذتنا حين نغلق الباب؛ فينخر عظامنا.
ومن فتية يضربون دون رحمة، على أيدي جنود بريطانيين، تحجّر فؤادهم، إلى رجال ونساء تهان كرامتهم، على أيدي جنود أمريكيين، توحّشت قلوبهم، إلى بشر يعذَّبون بأحدث أدوات التعذيب، في معتقلات غوانتانامو، وأبو غريب، ومجدو، وبئر السبع، وشطة، وعسقلان، ونفحة، والمسكوبية، دون اعتبار لحقوق إنسان أو أسير، أو اتفاقيات دولية، ودون اعتبار لجنس، أو عرق، أو دين، أو لون.
ومن فلسطين، إلى العراق، إلى أوزبكستان، حيث تأتينا الأخبار عن سجن المدافعة عن حقوق الإنسان، والمرشحة لنيل جائزة نوبل للسلام، ضمن مشروع "ألف امرأة من أجل جائزة نوبل للسلام لعام 2005"، من أوزبكستان: معتبر تادجيباييفا (Mutabar Tadjibayeva) (1962). تلك المرأة الشجاعة، التي دافعت عن حرية التعبير في بلادها، وترأست منظمة الدفاع القانوني، التي أسستها العام 2000م، من أجل الدفاع عن حقوق المرأة الريفية، والدفاع عن النساء، في نضالهن لتحقيق العدالة، وتنظيم النشاطات الشعبية، في مواجهة تعسف الدولة، وفضح انتهاكاتها للقانون.
كرست "معتبر تادجيباييفا" حياتها، لنشر الوعي بحقوق الإنسان، بين مواطنيها، وقد دافعت منظمتها رسمياً عن حقوق 49000 إنسان، وهدفت إلى أمرين: الدفاع عن حقوق الإنسان، ونشر الوعي لحقوق المواطنين. وفي العام 2002، جرت محاولة لاعتقالها، لمحاولتها تنظيم مظاهرة أمام البرلمان، كان هدفها تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان. وكان مقرراً أن تتم المظاهرة في اليوم نفسه، الذي يشهد إعلان الدستور في البلاد: 8 ديسمبر. وفي الرابع من ديسمبر، تلقت "معتبر"، رسالة رسمية تفيد بأن منظمتها غير مسجلة رسمياً، وأنها يمكن أن توقف بسبب نشاطاتها. ولم تعثر السلطات على الناشطة لاعتقالها حتى 8 تشرين الثاني 2005، حيث اعتقلت وقدمت لمحاكمة صورية، ولم يتح لها أو لمحاميها، شرح قضيتها، أو الدفاع عنها؛ الأمر الذي جعلها تتفذ إضراباً عن الطعام، داخل المعتقل.
آمنت "معتبر" بقدرة الناس، في التأثير على حكوماتهم، وفي منع الحروب: "يحتاج الناس إلى معرفة أعمق بالقانون؛ إذ أنهم لا يستطيعون دون سلاح القانون، أن يقاوموا مبادرات بلادهم لشن الحروب، فتتعمق معاناتهم. تحت شرط الحرب، لا توجد حقوق إنسان. الناس يضحون دمى في أيدي حكوماتهم، ولذا يشجعون انتهاك حقوق الآخرين، حتى ضد مواطنيهم".
بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، مرت أوزبكستان بتغيرات اجتماعية، واقتصادية، ورافق هذا التغير مشكلات عديدة في مجالات الحياة المختلفة: وصلت نسبة الفقر إلى 28%، ويعاني قطاع التعليم والصحة إهمالاً شديداً، والمشكلات البيئية تعم البلاد. أما الدستور فمهمل غالباً، حيث تنتهك الحقوق والحريات ويعم الفساد.
ولا شك في أن هذا الواقع قد انعكس على النساء سلباً؛ الأمر الذي حدا بهن إلى النضال من أجل تغيير الواقع، والتركيز على محاربة الفساد، وتطوير ثقافة قانونية، والانخراط في جمعيات ومنظمات، مثل: "منظمة الدفاع القانوني"، ومنظمة "أمهات ضد الموت والتعذيب"، في محاولة شعبية للعمل على تغيير الواقع المظلم الذي يعيشه الشعب، نساء ورجالاً.
يا نساء العالم، ليس أمامنا، سوى أن نتكاتف، لمحاربة الظلم، والظلام، والقهر، والتمييز بسبب النوع، أو الدين، أو العرق، او اللغة، وأن نبحث عما يوحدنا؛ الأمر الذي يساعد على كسر عزلتنا، ويفتح أمامنا إمكانية أوسع مشاركة والتفاف شعبي، لنستطيع ترجمة مطالبنا إلى قوانين منصفة لنا، وملزمة لحكوماتنا.
"معتبر تادجيباييفا"، نناضل نحن النساء الفلسطينيات، منذ عقود: ضد الاحتلال والسجن والتعذيب، وانتهاك حقوق الإنسان، بما فيها حق المعتقل في محاكمة عادلة.
نطلق صرخة مدوية معك: لا مكان لحقوق الإنسان، في حروب العالم المجنونة. أوقفوا الحروب أيها السادة، وكفوا عن العبث بمقدرات الشعوب، ولتنقذوا ما تبقى من آدميتكم قبل فوات الأوان.
الحرية لكِ ولكل سجينات وسجناء الرأي والحرية في العالم.