المرأة في إسرائيل ـ القسم الخامس
الزواج المختلط مشكلة عرقية !!
(مشكلة الهوية اليهودية)
يقول المفكر الصهيوني (شاهاك):
(.. إن كل مظاهر الحياة في إسرائيل يمكن تلخيصها بمبدأ بسيط هو أن اليهود وحدهم يعتبرون بشرا، أما غير اليهود فيعتبرون مجرد حيوانات، واليهود ينظرون إليهم على أنهم حيوانات ضارة وخطيرة، ويتصرفون تجاههم بشراسة وعنف وتنكر لمبادئ الرفق بالحيوان..) (49)
.. وانطلاقا من هذه النظرة العنصرية الضيقة للآخر كان الزواج المختلط بين اليهود وغيرهم من أبرز المشاكل التي تواجه المجتمع والحكومة الإسرائيليين وتثير سخطهما مع أن هذا النوع من الزواج أمر وارد جدا بسبب اختلاط اليهود بغيرهم من الأمم التي عاشوا بينها.. وبذلك حرمت المرأة التي تقدم على الزواج من غير اليهودي من حق الاندماج في المجتمع بالإضافة إلى فقدانها الحق في المواطنة والمطالبة بحقوقها،مما أدى إلى اختلاط المفاهيم حول حقوق المرأة وواجباتها في إسرائيل..
.. ومن الناحية الشرعية يحرم على المرأة اليهودية الزواج من غير اليهودي وفي حالة حدوث زواج من هذا النوع تعامل المرأة كالمنبوذين، أما بالنسبة للأبناء فيتم إلحاقهم بدور خاصة تشبه الملاجئ، ويطلق عليهم لقب (غير الخالصين) ويتم التفرقة بينهم وبين أبناء اليهود (الأنقياء) في كافة مجالات الحياة.. إذ أن الدنيا تقوم ولا تقعد في إسرائيل عندما يحصل زواج من هذا النوع هناك.. وتتحول حياة اليهودية أو اليهودي إلى جحيم لا يطاق إذا ارتبط أحدهما بعلاقة زوجية مع المسلم أو المسيحي وخصوصا إن لم يكونا مضطرين لذلك.
أما إذا كان في الأمر مصلحة للشعب اليهودي فلا مانع من ذلك الزواج!
ويعتبر الزواج (فرض على كل يهودي) وواجب ديني على كل إسرائيلي إذ أن:
(على كل يهودي أن يتزوج، وكل من يبقى عازبا يتسبب في أن يتخلى الله عن شعب إسرائيل) (50)
وقد أرقت هذه المشكلة الكثير من الإسرائيليين الذين حذروا من التهديد (الديموغرافي) واقترح بعضهم معالجة تمييزية لهذه المشكلة ومنهم الصحفي (صموئيل شنيتزر) الذي كتب مقالات كثيرة عن تمجيد (إسرائيل الكبرى) التي لن تكون قوية - على حد زعمه - إلا بتشجيع:
(إنشاء عائلات يهودية كبيرة، واتخاذ إجراءات صارمة لتحديد النسل الفلسطيني في الداخل بالإضافة إلى اعتماد سياسة علنية لتشجيع الفلسطينيين على الهجرة إلى بلاد ما وراء البحار)
وصرح نائب وزير الدفاع الإسرائيلي في الثمانينات (ميخائيل ديكل) أن:
(.. ثمة مشكلة مقلقة جدا للصهيونية وهي النمو الطبيعي عند العرب الإسرائيليين داخل الخط الأخضر، والذي هو من أعلى النسب في العالم) (51)
أما زعيم حركة (كاخ) الحاخام (مائير كاهانا) - وكانت هذه المشكلة هاجسه الدائم قبل مقتله أوائل التسعينات - كان قد اقترح سن قوانين تمنع العلاقات (الحميمة) بين العرب واليهود ومن أبرزها قانون (اقتراح المواطنة الإسرائيلية وترحيل السكان العرب) و (اقتراح قانون لمنع الاندماج بين اليهود والغرباء العرب) ليمنع الزواج المختلط بين اليهود والعرب بشكل قانوني، ودعا خلال انتخابات 1981 إلى سجن أي عربي لمدة خمس سنوات يقيم علاقة مع امرأة يهودية..
وفي نفس العام قام عدد من الناشطين في حركته بتعليق لافتات على جدران الجامعة العبرية لتحذير الطالبات اليهوديات من العرب كتب عليها:
– (احذرن العرب الذين يبغون فقط جلب العار والخزي عليكن)
.. وتتميز كتابات كاهانا - كما هو معروف - بالتطرف الشديد والتحريض المثير والإشارات العرقية ضد العرب ومنها:
– (أمة الله المقدسة ستفسد خلقيا بواسطة قباحة الزيجات المختلطة والبغاء والعلاقات بيت العرب والنساء اليهوديات..)
– (يوميا يزيد الإسماعيلي (أي العربي) في تدنيس اسم الله الظاهر في تطوافه النجس في البلد محاولا العثور على نساء يهوديات للزواج منهن أحيانا) (52)
.. إلا أنه بالرغم من تزمت المحاكم الدينية وتشدد القوانين الإسرائيلية في التعامل مع مسألة الزواج المختلط.. لكننا نجد أن هذا النوع من الزواج يفرض نفسه بشكل أو بآخر على المجتمع الصهيوني كنتيجة طبيعية لاحتكاك اليهود بغيرهم من الشعوب.. فهناك عشرات الفلسطينيين والمصريين متزوجين من يهوديات مع أن اليهود ينظرون إلى الفلسطينيين كأقلية معادية في الكيان ويلصقون بهم الكثير من الأحكام السلبية المسبقة مثل: العدو.. الأناني.. المخرب.. وغيرها من الصفات الغير إيجابية..
وحول مشكلة الزواج المختلط في إسرائيل كتب النائب السابق في الكونغرس الأمريكي (ديفيد ديوك) في كتابه (النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة):
( تشير الديانة اليهودية إلى أبناء المتزوجين بغير اليهود بأنهم أولاد زنى، ويتشدد أحبار اليهود في مسألة اعتناق اليهودية ويقولون بضرورة مرور عشرة أجيال أو أكثر على إقامة المعتنق الجديد للديانة اليهودية ضمن المجتمع اليهودي حتى يمكن قبوله، إن الذين يتزوجون من غير اليهود يتعرضون لعداء المجتمع اليهودي إضافة إلى أنهم معرضون للخروج من الدائرة اليهودية،كما أن كتابا يهودا مثل ميشيل مايروس واكسمان يعبران عن رفض ضمني للزواج المختلط، ولكي يحافظوا على بقائهم كأقلية بين الأمم الأخرى، وغالبا ليحافظوا على كونهم قادمين جدد بلا أرض.. كانوا يبتكرون مهارات في مجالات أخرى، فقد برعوا في مجال الربا والمال والإدارة والمشاريع التجارية المشروعة وغير المشروعة.. وبدا لهم جليا أن من مصلحتهم الاحتفاظ بـ (استراتيجية جماعية) من التمركز العرقي، وفي الوقت نفسه إضعاف وحدة غير اليهود، كما ابتكروا استراتيجيات معقدة لإخفاء عدائهم وعدوانيتهم من المضيفين لهم من غير اليهود) (53)..
.. ورغم أن التوراة تبيح زواج اليهودي من ابنة أخيه أو ابنة أخته في بعض الحالات بغية الحفاظ على استمرار ونقاء العرق اليهودي.. لكنها تشدد على زواج اليهود من بعضهم البعض، وزواج اليهودي من المسيحية لا يلقى أي احتفال ديني إذ يعتبر قانون الأحوال الشخصية في إسرائيل أن:
(الدين والمذهب شرط لصحة عقد الزواج، فإذا كان أحد الاثنين من غير دين أو من مذهب آخر فلا يجوز العقد بينهما وإلا كان باطلا، إنما يصح أن يعقد بين اثنين كان أحدهما أجنبيا ثم اعتنق الدين أو المذهب اعتناقا شرعيا) (54)
كما أنها - أي التوراة - لم ترفض زواج اليهوديات من الغرباء لخدمة قومها.. لكن اليهودي الذي يتزوج بغير اليهودية تعتبر امرأته زانية وهو نجس.. واعتبر سليمان في أمثاله كل امرأة غريبة زانية فقال في الإصحاح السادس:
– (لا تشتهين جمالهن بقلبك ولا تأخذك بهدبها لأنه بسبب امرأة زانية يفتقر المرء إلى رغيف الخبز) (55)
.. ويزعم التاريخ اليهودي أن النبي يعقوب كان قد منع الاختلاط بين أبناء عشيرته والمصريين لدرجة أن بني إسرائيل لم يندمجوا بالفعل في المجتمعات الأخرى قط وآثروا العزلة والانزواء لإخفاء أحقادهم التي ظهرت في تصرفات أبناء يعقوب مع زوج أختهم دينا لأنه ليس منهم وفي تصرفات يوسف مع المصريين الذين جوعهم واشتراهم عبيدا مقابل إطعامهم.. حتى يهوذا وهو أحد أنبيائهم أنبه الرب لأنه تزوج غريبة، أما النبي موسى فقد غضب من قومه ولعنهم لأنهم تزوجوا نساء غريبات وطلب أن يكفر الكهنة الذين تزوجوا بغريبات عن ذنبهم بتقديم القرابين والذبائح بل إنه قام بقتل بعض رجاله لأنهم تزوجوا من غير اليهوديات،وجاء ذلك في الإصحاح الثالث عشر من (سفر نحميا) حيث قال موسى:
– (في تلك الأيام رأيت اليهود الذين ساكنوا نساء أشدوديات وعمونيات وموآبيات فخاصمتهم ولعنتهم وضربت منهم)
– (وانتهوا من كل الرجال الذين اتخذوا نساء غريبات) (56)
.. وورد في (سفر الملوك) أن سليمان النبي أحب نساء كثيرات (غريبات) لكن الرب طالبه أن لا يكن له زوجات بل (سريرات)، ويقول النص الحرفي للإصحاح الحادي عشر من سفر الملوك:
– (وأحب سليمان نساء غريبات كثيرة من الأمم الذين قال الرب عنهم لبني إسرائيل: لا تدخلون إليهم، ولا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم) (57)
.. وأصبحت قصة شمشون الشهيرة مثلا بين اليهود لأنه أحب امرأة فلسطينية وتزوجها بالرغم من معارضة والديه لهذا الزواج..
يقول الإصحاح الرابع عشر من (سفر قضاة):
– (قال له أبوه وأمه: أليس في بنات إخوتك وفي كل شعبي امرأة حتى إنك ذاهب لتأخذ امرأة من الفلسطينيين الغلف) (58)
لكن شمشون تنازل عنها بعد ذلك لصاحبه مضطرا وكأنها سلعة تباع وتشترى..
.. وفي قصة اسحق وزوجته رفقة نرى أن هذه الأخيرة تهدد زوجها بالموت إن تزوج ابنها النبي يعقوب من بنات (حث) وتقول له - كما ورد في الإصحاح السابع والعشرين من سفر التكوين:
– (.. مللت حياتي من أجل بنات حث إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث، مثل هؤلاء من بنات الأرض، فلماذا لي حياة ؟)(59)
.. غير أن تحريم الزواج من غير اليهوديات أعطى أنبياء اليهود حق التسري بغير اليهوديات واعتبرت الشريعة اليهودية الزوجة (السرية) زانية.. وقد تفشت ظاهرة (التسري) عند اليهود حتى قرون متأخرة.. وكانت (السرية) تخضع لقوانين خاصة فهي امرأة وضيعة وزوجة غير شرعية وهي ممنوعة من ممارسة الشعائر الدينية..
.. إن التاريخ اليهودي حافل بالعنصرية والوحدة العرقية، ويبدو التفوق العرقي واضح المعالم بين الأسطر والكلمات.. في سفر (التثنية ) تقرأ العبارة التالية:
– (لا تقطع لهم عهدا ولا تشفق عليهم ولا تصاهرهم، بنتك لا تعط لابنه وبنته لا تأخذ لابنك) (60)
.. وفي سفر (عزرا) تقرأ أوامر مماثلة:
– (.. والآن لا تعطوا بناتكم لبنيهم ولا تأخذوا بناتهم لبنيكم ولا تطلبوا سلامتهم وخيرهم إلى الأبد لكي تتشددوا وتأكلوا خير الأرض وتورثوا بنيكم إياها إلى الأبد) (61)
.. لقد اختلط اليهود بشعوب كثيرة لكنهم حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم كأقليات عرقية دون أن يندمجوا تماما مع الآخرين.. ويعتبر الحاخامات والساسة الصهاينة اليوم أن حماية الهوية العرقية لليهود أمر إلهي وواجب مقدس.. وهناك مشاكل أخرى كثيرة تواجه المرأة في إسرائيل ومنها ( مشكلة وثيقة الطلاق) حيث يرفض الزوج - في كثير من الحالات - منح زوجته هذه الشهادة التي تنص على أنها مطلقة شرعا وفي هذه الحالة تصبح المرأة منفصلة عن زوجها دون أن تكون مطلقة، فلا يمكنها الزواج مرة أخرى!. على الرغم من أن التوراة اعتبرت طلاق المرأة غدرا من الرجل وجاء ذلك في (سفر ملاخي) الذي يقول:
– (ولا يغدر أحد بامرأة شبابه لأنه يكره الطلاق قال الرب إله إسرائيل) (62)
لكن نظرة التوراة إلى المرأة لم تكن إيجابية بالمعنى الكامل للكلمة فقد منعت المطلقة من أخذ مهرها مهما كانت مسببات الطلاق، كما حرمت على الكهنة اليهود من الزواج بالأرامل والمطلقات، وجاء هذا الأمر في الإصحاح 21 من (سفر لاويين) الذي نص على أن:
– (الكاهن الأعظم بين إخوته لا يكشف رأسه.. هذا يأخذ امرأة عذراء أما الأرملة والمطلقة والمدنسة والزانية فمن هؤلاء لا يأخذ بل يتخذ عذراء من قومه امرأته) (63)
وقد ظلت مسألة انصهار اليهود الشرقيين في الثقافة الغربية على أرض الواقع صعبة وقاسية على السفارديم والأشكيناز على حد سواء.. فاليهود الغربيون رفضوا تقريبا اندماج الشرقيين بينهم ولم يرغبوا تماما - كما يفترض - في إقامة علاقات اجتماعية معهم كونهم يحملون عنهم أفكارا سلبية مسبقة، حيث يصفونهم بالعدائية والتخلف.. وما زالت علاقات الزواج والصداقة بين الفريقين محدودة إلى حد ما، إلا أن نسبة الزواج المختلط ورغم كل العوائق تشهد ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة حيث ارتفعت من 12% عام 1955 إلى 18% عام 1970 ثم إلى 27% عام 1985(64)..
وتبقى (مشكلة الهوية اليهودية) من أكثر المشاكل صعوبة بالنسبة للمرأة الإسرائيلية التي تتزوج بغير اليهودي وتعامل حسب القانون الإسرائيلي المتزمت في هذه الناحية، حيث يعرف القانون اليهودي بأنه: (من ولد لأم يهودية)، أما من ولد لأب يهودي وأم من الأغيار فليس يهوديا بنظر القانون..
ومن هنا تتأثر جميع حقوقه كمواطن وإنسان في إسرائيل بما فيها حقه في الإقامة والجنسية والزواج وحقوقه المادية والخدمة العسكرية والأحوال الشخصية وحتى مكان دفنه أيضا كما تسقط جميع حقوق أفراد عائلته..
.. وقد أشارت دراسة حديثة حول واقع المرأة هناك بداية عام 2004م عن دار (شوكن) في تل أبيب، إلى أن المرأة اليهودية في إسرائيل تعاني من العنف والتمييز وتتعرض للمهانة خاصة في أوساط الذين لم يحظوا بعد باليهودية الصادقة. وهؤلاء هم من لم يعترف بهم كبار الحاخامات، وأغلبهم من الذين هاجروا من إثيوبيا (يهود الفلاشا). ويشمل ذلك أيضا الذين هاجروا من الدول الشرقية، حيث يقيد (قانون من هو يهودي) الكثير من هذه الحالات، وكذلك التي تتزوج من أوروبي مسيحي تعتبر ليست يهودية..!!
وأمام هذه القيود التي يفرضها حاخامات صهيون على الزواج، بدأت ظاهرة الزواج المدني تتزايد في أوساط الإسرائيليين، وحيث أن هذا الزواج ممنوع في الكيان الصهيوني يقوم الإسرائيليون بالسفر إلى قبرص لعقد قرانهم هناك على الطريقة المدنية مما حدا بالحاخام الإشكنازي يونا متسغير إلى مناشدة الإسرائيليين كي يعودا إلى الشريعة اليهودية خصوصا وأن الحاخامية اليهودية ذكرت في تقريرها الصادر في شهر سبتمبر من عام 2004 أن 1300 من الأزواج الصهاينة عقدوا قرانهم العام الماضي في قبرص..
إنجليكا اليهودية(65)
(مازلت على العهد)!!
كانت إنجليكا ابنة العشرين ربيعا والتي تنحدر من أسرة يهودية مهاجرة من بخارى إحدى مدن الاتحاد السوفيتي السابق - وخلافا لأقرانها اليهود - كانت فتاة مهذبة.. ودودة هادئة.. طيبة القلب لا تكره أحدا ولا تعادي أحدا، لم تنجرف وراء حياة الدعارة والمخدرات السائدة في إسرائيل.. وقد لفتت نظر الشاب الفلسطيني الوسيم زيد الكيلاني - ابن قرية سيريف قضاء جنين - الذي يعمل بائع خضراوات بسوق الكرمل في تل أبيب..
.. كان ذلك الشاب في بداية العشرينيات من العمر، بهي الطلعة، وسيم، ذو عينين زرقاوين تبدو عليه ملامح غربية مما جعل إنجليكا تعجب به وتعتقد أنه يهودي مثلها..
إلا أن المفاجأة غير المتوقعة لم تغير موقفها من زيد حتى بعد معرفتها بحقيقته وقوميته ودينه، وبدوره لم يكن زيد متدينا كي يرفض العلاقة التي تطورت لصداقة وطيدة..
وكان كل من يرى زيدا يظنه شابا مستهترا متهتكا مفصوما عن وطنه وقضاياه، يضرب بعرض الحائط كل القيم والتقاليد وتعاليم دينه، وإلا ماذا يفعل شاب عربي في مثل سنه في تل أبيب، وكيف يجرؤ على إحضار هذه الشابة الإسرائيلية إلى قلب مدينة نابلس العربية والتجول معها في أرجاء المدينة دون حياء أو خجل..؟!!
كل تلك الأسئلة وغيرها كانت تدور في أذهان الناس هناك أما من كان يعرف زيدا جيدا، فقد كان يرى فيه شابا قرويا صنديدا تأبى عليه مروءته أن يكون خائنا لوطنه وأهله.. لكنها الحاجة دفعته إلى هناك ليعمل ويساعد أسرته الكبيرة في سد احتياجاتها..
كان زيد الكيلاني قد تعرف في تل أبيب على عصابة تزوير أوقعته في قبضة الشرطة وسجن سنتين أتقن خلالها اللغة العبرية وفهم خصوصيات المجتمع الإسرائيلي.. بينما كانت (إنجليكا رافي يوسفأوف) الإسرائيلية في هذه الأثناء واقعة حتى أذنيها في غرام الشاب الفلسطيني، ومن أجله عطلت - الطالبة في قسم الرياضيات بجامعة حولون - عقلها وحواسها ومداركها، وانساقت خلفه بقلبها وعواطفها.. رغم موقف أسرتها المعارض لهذه العلاقة الغريبة.. ولم تأبه الفتاة لموقف أمها التي اشتكت للشرطة وألقت بزيد في السجن.. بل سارعت لإخراجه منه ودفع الكفالة عنه، واستمرت الشابة اليهودية في السير وراء حبها لزيد متحدية كل المصاعب والعراقيل التي وضعتها الأسرة والمجتمع أمامها.. وبدأت انتفاضة الأقصى ولم تكن إنجليكا يوما مهتمة بالسياسة، ولعلها لم تستمع في حياتها لنشرة أخبار..
ومع انطلاقة انتفاضة الأقصى نهاية سبتمبر 2000 تغير مجرى حياة إنجليكا كما غيرت منحى حياة زيد بالكامل، فبدأت تتابع نشرات الأخبار وترى صور المذابح والجرائم اليومية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق المدنيين الأبرياء.. وربما خلق هذا صراعا داخل الشابة المثقفة حول قناعاتها الشخصية وجدوى انتمائها القومي..
وتتابعت الأحداث بسرعة، حيث سقط زكريا - الطالب الجامعي - شقيق زيد الأصغر والناشط بحركة حماس شهيدا على يد القوات الإسرائيلية بتاريخ 30/9/2000 واتصلت العائلة الثكلى بزيد المتواجد وقتها بتل أبيب كي تخبره بالفاجعة..
وتشاء الأقدار أن يكون هاتف زيد الخلوي بحوزة إنجليكا، ففهمت الخبر الذي أحزنها كثيرا، واتصلت بزيد - وهي تبكي بحرقة - كي تخبره بالحادث وتطلب منه التوجه بسرعة لقريته..
باستشهاد زكريا تغير مجرى حياة زيد الذي أقسم على الانتقام والثأر، ورغم مطالبته لإنجليكا بقطع علاقتها به فإنها رفضت بشدة وواصلت الاتصال به رغم علمها بتوجهه الجديد..
.. بدأ زيد يبحث عن رفاق شقيقه من أفراد حماس كي يلتحق بهم وينضم لقوافل المقاومين الفلسطينيين، بيد أن كل محاولاته تلك باءت بالفشل نظرا للاحتياطات الأمنية المشددة التي يتبعها أفراد الحركة، فلم يجد زيد بدا من العمل بمفرده، وبمساعدة إنجليكا هذه المرة، فطلب منها استئجار شقة له بتل أبيب، وبدأ لدى عودته بالتخطيط لهجوم وسط سوق الكرمل وبمشاركة إنجليكا..
وبدأ الاثنان بمراقبة السوق حتى تمكنا ذات يوم من اصطياد ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي برتبة عميد يدعى ( يعقوف بن دايان)، واستطاع زيد أن يطعنه بخنجره عدة طعنات حتى ظن أنه مات، ثم غادر إلى نابلس ومكث فيها شهرين تمكن خلالهما من التعرف على الشهيد مهند الطاهر المسؤول البارز في كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، والذي أخبره عن كل شيء حصل معه ولم ينس أن يخبره عن قصته مع الفتاة اليهودية.
.. ونظرا لحساسية الموقف طلبت حماس من زيد الزواج، وبالفعل تم عقد قرانه على إحدى قريباته ومكث معها مدة لا تتجاوز الشهر.. وحتى لا يشعر بأنه ظلمها معه طلب زيد مجددا من إنجليكا أن تقطع علاقتها به إلا أنها رفضت بشدة وواصلت طريقها معه رغم ما طرأ عليه من تغير شامل، حيث أصبح ملتزما.. متدينا يواظب على العبادة والصلاة.
.. وفي ليلة الثلاثين من مارس 2001 انطلق زيد وإنجليكا لتنفيذ أول عملية بتوجيه من حركة حماس التي زودته بعبوتين ناسفتين، حيث قصدا ملهى ليليا للشبان اليهود المقبلين على التجنيد يسمى (الدولفيناريوم) على شاطئ تل أبيب، فدخلا الملهى ووضعا العبوة على إحدى الطاولات وغطياها بمعطف ثم انسحبا بهدوء.. وبعيدا عن المكان شغل زيد العبوة بواسطة الهاتف الخلوي، ولكنها لم تنفجر، فعاد مع إنجليكا وأخذا العبوة وأصر زيد على تنفيذ العملية في مكان آخر، وأخذ العبوة الثانية ووضعها في مطعم آخر بنفس الليلة، وتكر نفس الخلل ولم تنفجر العبوة، لكنهما لم يستطيعا العودة لأخذها، حيث اكتشف صاحب المطعم وجودها واستدعى خبراء المتفجرات الذين فجروها ودمروا المطعم بالكامل.
.. وقرر زيد العودة إلى نابلس لمناقشة الخلل الذي حصل مع خبراء المتفجرات في كتائب القسام، وفي طريق عودته للضفة الغربية حاملا العبوة المتبقية اعترض رجال من الشرطة الحافلة الإسرائيلية التي كان يستقلها زيد قرب وادي عارة بمحاذاة مدينة أم الفحم داخل الخط الأخضر، فقرر لحظتها زيد أن يكون استشهاديا، فأطلق النار من مسدسه على العبوة فانفجرت وأدت لمقتل ضابط أمن إسرائيلي وإصابة البقية.. لكن الشهادة لم تكتب له، بل أصيب إصابة بالغة في بطنه وفقد عينه اليسرى وساعده الأيسر كذلك..
وفور تعرف الشرطة على هوية زيد سارعت في نفس اليوم لاعتقال إنجليكا، وكان موقفها مفاجئا أذهل الجميع، حيث أبدت الفتاة الإسرائيلية اعتزازها بما فعلت ورفضت إبداء الندم والأسف الذي كان حتما سيخفف الحكم القضائي عنها.. كما رفضت أن تبيع زيدا بأي ثمن ومهما كانت النتيجة ولم ترض أن تتحول إلى شاهدة في القضية - كما طلب منها المحققون الإسرائيليون - وما زالت ترسل له الرسائل من زنزانتها إلى زنزانته وتقول له ما كانت تقول في الماضي:
(أنا ما زلت على العهد.. معك على طول الخط)..
.. وقد تعمدت إدارة السجن - وكما تفعل مع الأسيرات الفلسطينيات - وضعها مع سجينات إسرائيليات جنائيات حاولن اغتيالها وقتلها أكثر من مرة، ويواصلن مضايقتها و الاعتداء عليها بالضرب و السباب والشتائم(66)..
أرقام لها معنى
التمييز يطال الإسرائيليات في كل المواقع
.. كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن موضوع العنف والتمييز ضد المرأة في إسرائيل.. وأكدت العديد من المصادر الإسرائيلية المهتمة بشؤون المرأة أنه في عام 2001 قتلت 28 امرأة منهن 13 قتلن على أيدي أزواجهن..
وفتحت الشرطة الإسرائيلية خلال العام الحالي 20,931 ملفاً جنائياً بشأن العنف ضد النساء من بين هذه الملفات 3,554 ملفا غير أخلاقي وتعزو الدكتورة (راشيل عوفر) من مركز دراسات المرأة سبب هذا الارتفاع إلى حالة التوتر النفسي التي يعيشها الرجال، جراء تدهور الأمن والاقتصاد وتفسخ الوضع الاجتماعي فيما تؤكد أن هناك أسبابا أخرى تعود إلى الإفراط في تناول الكحول وكذلك المخدرات..
.. وقبل الخوض أكثر في تفاصيل موضوع العنف والتمييز الذي تعاني منه المرأة الإسرائيلية لا بد من الإشارة سريعا إلى أن الديانة اليهودية (الوضعية) انتقصت من كرامة المرأة وقدرها ومكانتها فيما شدد عليها الإسلام في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عدة مرات..
ومما جاء في التلمود نقرأ ما يلي:
– (الحمد لك يا رب يا ملك الدنيا، يا من لم تخلقني أنثى)
– (وا حسرتاه لمن كانت ذريته إناثا)
– (أصلح النسا مشعوذات)
– (كل من يمشي وراء مشورة امرأة يسقط في جهنم)
– (نزلت إلى العالم عشرة أنصبة من الثرثرة أخذت النساء منها تسعا) (67)
.. وتبلغ نسبة النساء اليهوديات في إسرائيل اليوم نسبة (50.7% من مجموع السكان) .. وحسب إحصائيات عام 2001 بلغ عددهن 3.2 مليون امرأة مقابل 3.2 مليون رجل..
ويحاول الكيان الصهيوني على الدوام الظهور بمظهر الدولة العصرية المتطورة التي تشارك فيها المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل لتحقيق أمن واستقرار (أرض الميعاد).. !
.. لكن دائرة الإحصاءات المركزية الإسرائيلية كشفت في بياناتها مؤخرا صورة مغايرة على أرض الواقع(68).. إذ أنّ معدل الأجر الشهري للمرأة الإسرائيلية في عام 2000 كان أقل بمقدار الثلثين من معدل أجر الرجل على الرغم من كونهما يؤديان نفس العمل في كثير من الأحيان.. ومع ذلك يبلغ أجر الرجل عن ساعة العمل الواحدة 41.7 شيكل، بينما لا يزيد لدى المرأة عن 34.5 شيكل..
.. بل إن تلك البيانات الرسمية أكدت أن الإسرائيليات يتمتعن بمؤهلات أكاديمية أكثر من الإسرائيليين الذكور.. حيث أن نسبة الإناث اللواتي يحملن الشهادة الثانوية العامة في المدارس اليهودية تشكل 57./. مقابل 47./. للذكور.. وتشكل نسبة اللواتي يحملن شهادة جامعية 48% منها 13% يحملن دكتوراه ! وتبلغ نسبة النساء في وظائف الدولة 39% ولكن نسبتهن في المناصب الكبيرة 9% فقط.. أما في مجال التعليم الذي تشتغل فيه معظم النساء فنلاحظ أن هناك 93 % من الوظائف الإدارية بيد الرجال.. وهذا التمييز يطال المرأة الإسرائيلية في مواقع العمل كافة على الرغم من أن نصف الحاصلين على الشهادات الأكاديمية العليا بين الإسرائيليين (اليهود) هن من النساء!
.. فالذكور يسيطرون على المناصب الديبلوماسية والسياسية والعسكرية للكيان الصهيوني سيطرة شبه تامة.. وعلى سبيل المثال يبلغ عدد النساء اللواتي يشغلن اليوم منصب رئيس ممثلية إسرائيلية في دول العالم 11 امرأة فقط من بين 99 ممثلية يرأسها الرجال..!.. وتتباهى إسرائيل أمام العالم بكونها دولة غربية متطورة وعصرية، إلا أنها في الواقع لا زالت قريبة جداً من العالم الثالث بالنسبة لتمثيل النساء في البرلمان، حيث تحتل المرتبة الـ 54 من بين 120 دولة في العالم بالنسبة لتمثيل النساء في البرلمان.. ويشير التقرير الهام الذي أعده اللوبي النسائي في إسرائيل حول وضع المرأة هناك إلى أن نسبة النساء في حكومة شارون هي الأعلى منذ قيام دولة إسرائيل وتتمثل بـ 11% فقط.
.. ومنذ الثمانينات فقط سمح للنساء الإسرائيليات بتقلد المواقع الإدارية الهامة ولكن بنسبة أقل من الرجل (12./. فقط).. أما بالنسبة للجهاز القضائي فالوضع أفضل إذ أن 45./. من القضاة و38./. من المحامين هم من النساء.. وقد شنت وسائل الإعلام الإسرائيلية هجوما عنيفا على حكومة شارون بسبب تلك الإحصائيات وعلى إثرها حاولت إسرائيل تحسين صورتها استجابة للضغوط المحلية والدولية فقامت في مارس/آذار 2000، بإقرار (قانون مساواة المرأة) في الكنيست، والذي ينص على أن من حق كل امرأة أن تحصل على حماية من العنف والتحرش والاستغلال والاتجار في شخصها..
.. وتطالعنا الصحف الإسرائيلية بين الفينة والأخرى بالكثير من الحوادث والقصص التي تنفي المزاعم الإسرائيلية بالمساواة والديمقراطية بين الرجال والنساء في إسرائيل.. ومنها قصة المجندة الإسرائيلية (أليس ميلر) التي انشغلت بها الصحف الإسرائيلية لوقت طويل باعتبارها أول (طيار) امرأة في الجيش الإسرائيلي.. فقد حصلت (ميلر) على ذلك المنصب بحكم قضائي عام 1995 عندما لجأت للقضاء معترضة على التمييز الذي مارسه جنرالات الكيان الصهيوني ضدها لمنعها من الطيران رغم ما تتمتع به من مؤهلات!
وقد قامت (ميلر) بتذكير هيئة المحكمة أنه تم تخريج أول دفعة من النساء (الطيارات) عام 1978 وهن 12 فتاة ولكن لم يسمح لهن بالمشاركة في سلاح الجو الإسرائيلي لعدم ثقة الجنرالات بقدرتهن!
وعندما عينت الدكتورة (أورنا بلوندهايم) العام الماضي في منصب المدير في المركز الطبي (هعيميك) في العفولة أثيرت ضجة إعلامية واسعة في إسرائيل لأنها المرة الأولى ومنذ تأسيس الكيان الصهيوني يتم تعيين امرأة مديرة لمستشفى، حتى أن الدكتورة المذكورة استغربت الأمر حينه وعلقت عليه بالقول:
(.. من دواعي سروري أن ثمة نساء كثيرات اليوم في المجالات الطبية المختلفة، لكن من يجلسون في القمة ما زالوا من الرجال)..
.. وحين أصدر الجيش الإسرائيلي قرارا بتعيين (روت يارون) في منصب الناطقة الرسمية باسمه.. راح الإعلام الصهيوني يعمل على تضخيم صورة ذلك القرار واعتبره قرارا (تاريخيا) يوضح مدى الديمقراطية التي تعيشها حفيدات (إستر) و(سالومي) في إسرائيل !! مع أن الحقيقة والواقع يثبتان عكس هذا الادعاء وبطلانه..
.. ومن المعروف أن اليهود الغربيون (الأشكناز) في إسرائيل يتمتعون بمزايا أفضل بكثير من تلك المتاحة لليهود الشرقيين (السفارديم) على كافة الأصعدة والمجالات فالفئة الأولى تعيش في المدن الهامة والساحلية وتمتاز هذه المجموعة بارتفاع مستواها الثقافي والاجتماعي وبتوليها معظم المناصب والمراكز القيادية الهامة في السلطة والجيش والموساد ومؤسسات الكيان الصهيوني، بينما تعيش الفئة الثانية في المدن الصغيرة والمناطق الريفية غير المتقدمة ويعمل أصحابها بالأعمال الحرفية والزراعية والمهنية المتواضعة، ولا يصل من هذه المجموعة إلا فئة قليلة إلى مقاعد الكنيست والسلك السياسي..
.. وهذه الفجوة بين الأشكناز والسفارديم تنطبق في الواقع على النساء اليهوديات أيضا.. في مواقع العمل والسكن والوضع الاجتماعي والمعيشي.. وحول تلك النقطة تقول البروفيسورة الإسرائيلية من أصل عراقي (إيله شوحاط) في كتابها المترجم عن العبرية (ذكريات ممنوعة):
(.. إن الخوف من التصنيف كعراقية أو يمنية أو مغربية أنتج عرض الشعر الأشقر. وقد كان تشقير الشعر، بالنسبة للمرأة الشرقية، نوعا من الإمحاء الذاتي وبالوقت نفسه نوعا من البقاء في مجتمع يسجد للجمال والبياض والجاذبية كما قررها مرسوم أوربي.. في المفترق العاطفي الإسرائيلي المشحون والمكتظ، بدأ الإشكنازيون في طرح عبء ما يحملونه من مشاعر دونية تجاه أوربا، وبدأ السفارديون - الشرقيون بحملة تجاه أسياد البلد الأورب - إسرائيليين. كثير من الرجال الشرقيين حلقوا شاربهم العربي وتزينوا بسلاسل نجمة داوود لإبراز يهوديتهم التي بدت وكأنها تتعارض مع هيئتهم العربية.. مازال ممنوع علينا التعبير علانية عن الصدمة التي خلفها بنا الاقتلاع المفاجئ. إن العودة التي كان من المفترض أن تكون لماً للشتات، أضحت في واقع الأمر تفتيتا لنسيج الحياة بين اليهود العراقيين وبين المسلمين العراقيين.. إن الشرقيين يعانون طبعا في إسرائيل من مشكلة الفجوة القائمة بينهم وبين يهود أوربا، هذه الفجوة التي وجدت تعبيرها ليس في فروق مستوى المعيشة بينهم وبين اليهود الأوربيين فحسب، بل وأيضا بعدم شملهم بالازدهار والليبرالية الإسرائيلية..) (69)
ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب.. فيهوديات (الفلاشا) مثل رجالهن بدأن يشكين من شيوع أوصاف مشينة لهن في الإعلام الإسرائيلي مثل: (كناسات.. عاهرات.. شغالات.. خادمات..) الخ بينما توصف اليهوديات المنحدرات من أصل أمريكي أو أوربي بسيدات المجتمع والذكاء والمعرفة اللباقة والأناقة والعلم والثقافة!.. وكان شعورهن بالتمييز والمعاملة السيئة سببا مباشرا في إفصاح 26 % منهن برغبتهن في الهجرة من إسرائيل حسب استطلاع للرأي أجري عام 1996.
وقد أثارت تصريحات كرمي غيلون المدير السابق لجهاز (الشاباك) والتي أدلى بها مؤخرا حول ( الفلاشا) حفيظة الجالية الأثيوبية برمتها، فقد قال غليون أن هؤلاء جاءوا إلى الكيان وجلبوا معهم وساختهم وهم يقضون وقتهم في التنبيش عن بقايا الطعام في حاويات القمامة، وأنهم يعتدون على الفتيات اليهوديات.. مما حدا بأحد ممثلي الفلاشا بالرد السريع على تلك التصريحات الاستفزازية، فوصف إسرائيل بدولة (البرابرة) ووصف غيليون بـ (العنصري القذر الذي يثير الاشمئزاز ) (70)..
.. إن الأرقام السابقة في الواقع تشير إلى أن المرأة الإسرائيلية تشعر بالغبن وتعاني من التميز العنصري وواقع الحال يترجم بوضوح ما جاء في التلمود اليهودي من أن النساء عموما:
- (أرواحهن تافهة)
- (النساء لسن حكيمات ولا يعتمد عليهن)
- (لا توجد امرأة إلا لجمال) (71)
شولاميت آلوني نموذجا
.. ولدت شولاميت آلوني في تل أبيب عام 1929، وحصلت على شهادة جامعية في الحقوق من الجامعة العبرية وعملت في مجالات التربية والمحاماة والصحافة..
خدمت آلوني في الجيش الإسرائيلي خلال حرب 1948.. التحقت بحزب مباي سنة 1959 وشغلت منصب عضو كنيست عن هذا الحزب من عام 1965 وحتى العام 1969.. وفي عام 1973 أسست حركة (حقوق المواطن) التي نادت بإصلاح النظام الانتخابي وفصل الدين عن الدولة وسن قانون أساسي لحماية حقوق الإنسان.. انتخبت آلوني منذ عام 1974 حتى عام 1992 عضوا لكنيست عن حركة (حقوق المواطن)، وتولت منصب وزير بلا حقيبة لعدة أشهر من عام 1974.. وعشية انتخابات العام 1992 اتحدت حركة آلوني مع حزبي مبام وشينوي لتشكل معا حزب (ميرتس) الذي انضم إلى الائتلاف برئاسة حزب العمل وتولت آلوني منصب وزيرة الاتصالات والعلوم والتكنولوجيا في حكومة إسحق رابين، وبقيت في المنصب نفسه في الحكومة التي ألفها شمعون بيريز في تشرين الثاني من العام 1995. (72)
.. تمثل قصة الوزيرة الإسرائيلية (شولاميت آلوني) مع الحاخامات نموذجا فريدا للتمييز العنصري في الكيان الصهيوني، فقد أبدى العديد من هؤلاء انزعاجهم واحتجاجهم بسبب وصولها لمنصب الوزارة وطالبوها بالاستقالة الفورية لكونها امرأة! رغم أنها زعيمة حزب ومحامية ونائبة في الكنيست، حيث أن الحاخام (يوسف شالوم إيليشاف) كان قد احتج على وصول آلوني زعيمة حزب (ميرتس) إلى منصب (وزيرة التعليم) في منتصف الثمانينات وأصدر حكما شرعيا يحرم على اليهودي الذي يخاف الرب أن ينضم إلى ائتلاف تعمل فيه آلوني في وظيفة (وزيرة) وكان زميله في حركة (شاس) الحاخام (شاخ) قد اعتبر أن تعيينها في ذاك المنصب:
(يمثل تجاوزا لكل أحكام الشريعة)!
أما نائبها في الحزب الحاخام (موشيه مايا) فكان يلقبها بـ (الضفدعة) لأنها فرضت حظرا على محاضرات الحاخامات في المدارس الحكومية آنذاك(73)!
.. وتعرضت الوزيرة آلوني إلى العديد من المضايقات بسبب موقفها العلنية من القضية الفلسطينية.. فقد اعترفت الوزيرة الإسرائيلية السابقة مؤخرا بأن بعض الوزراء في حكومة شارون (فاشيون) وشبهت إسرائيل بجنوب أفريقيا في ممارساتها العنصرية إزاء الفلسطينيين والعرب.
وأكدت (ألوني) في مقابلة صحفية أن التاريخ يثبت أن الإسرائيليين لا يفهمون إلا(لغة القوة) فلولا القوة العسكرية التي استخدمها حزب الله اللبناني لما هربت إسرائيل في جنوب لبنان كما أن إسرائيل وقعت اتفاقية سلام مع مصر بعد حرب تشرين 1973.
وأشارت الوزيرة الإسرائيلية إلى أن بروتوكولات حكماء صهيون موجودة فعلاً وأن اليهود تمتعوا في أوروبا ودول عديدة بحكم ذاتي ثقافي واجتماعي فيما تنكر إسرائيل على عزمي بشارة حقه في المطالبة بأن يتمتع العرب بنفس الحق في فلسطين.
وسخرت (ألوني) من حقيقة أنه في إسرائيل يستطيع القاتل ومرتكب الجرائم أن يصل إلى مرتبة وزير الدفاع!
وأضافت في حديثها عن القوانين العنصرية الصهيونية:
(إن مصيبة إسرائيل تكمن باحتلالها الأراضي الفلسطينية ضمن حدود عام 1967 وتمارس بحق سكانها أبشع الممارسات والأنكى من ذلك أن هناك قانوناً خاصاً باليهود وآخر خاص بالعرب.. وعلى سبيل المثال امتنعت إسرائيل عن هدم بيت قاتل رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين أو بيت منفذ مذبحة الخليل (باروخ غولدشتاين) لكنها تقوم بهدم بيوت أسر منفذي العمليات الاستشهادية..) (74)
49- المصدر: cjb.et.entifada/ -5/10/2004
50- المصدر: النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة – ديفيد ديوك
51- 52 - المصدر: إسرائيل الكبرى والفلسطينيون.. سياسة التوسع/ تأليف نور الدين المصالحة –
53- 54- المصدر: النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة – ص275
55- المصدر: المرأة في الكتب السماوية – تأليف جبارة البرغوثي..
56-57-58 –59-60-61-62 –63- المصدر السابق..
64- ملاحظة: النسب المذكورة هنا حول الزواج المختلط وردت في كتاب (دليل إسرائيل العام ) – ص 83
65- نشرت القصة بتفاصيلها في موقع إسلام أون لاين الإلكتروني بتاريخ 19/11/2002
66- تعكف إنجليكا اليوم على دراسة الإسلام بمساعدة اثنتين من السجينات المسلمات، وأعلنت أنها ستشهر إسلامها قريبا.. وقد حكمت عليها المحكمة الإسرائيلية بالسجن لمدة 18 عاما، بينما حكم على زيد بالسجن المؤبد بالإضافة إلى أربعين سنة !!
67- المصدر: المرأة اليهودية بين فضائح التوراة وقبضة الحاخامات – ص 99
68- نشر التقرير المذكور في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية والأرقام الواردة هنا مأخوذة من موقع www.arabynet.com
69- المصدر: ذكريات ممنوعة – تأليف إيله شوحاط – ترجمة إسماعيل دبج.
70- يشكو يهود الفلاشا من التمييز العنصري في إسرائيل، حيث يمكنك أن تقرأ في الصحف الإسرائيلية هذا الإعلان (مطلوب بروفيسور كناس)!، ويشار هنا إلى أن السلطات الإسرائيلية رفضت في منتصف التسعينات تبرعات يهود الفلاشا بالدم إثر عملية استشهادية نفذها أحد الفلسطينيين في القدس.. وبررت إسرائيل موقفها بأن دماء هؤلاء قد تكون ملوثة بالإيدز مما أثار حنقهم وغضبهم...
71- المصدر: المرأة اليهودية بين فضائح التوراة وقبضة الحاخامات..
72- المصدر: دليل إسرائيل العام – مجموعة من المؤلفين – ص 513
73- لمزيد من المعلومات أنظر في كتاب (القوى الدينية في إسرائيل بين تكفير الدولة ولعبة السياسة) – ص 207
74- المصدر: E-mail: i.h.p@mail.sy