المشلول وأفق الحوار، إلى أين؟!
منذ العام 2005، أي منذ ولوجي مرحلة البكالوريوس في جامعة بيرزيت، وأنا أشهد أيلولا متزاحماً كل سنة بسبب الأقساط الدارسية! وقد نجمَ عن ذلك الكثير من التصعيدات الطلابية من إغلاق للكليات وحتى الجامعة وإضراب الدوام بالتالي.. الخ. بذلك تعد هذه التصعيدات بنظري كطالبة سابقة، ليست غريبة عمّا يحدث ويتكرر على الساحة الآن.
إن هذا الوضع لا يثير برأيي سوى عدّة أسئلة، فلو فرضنا مثلا التغاضي تماما عن الحالة والطريقة التي يعبر يها الطلبة عن ردود أفعالهم فيما يحصل داخل الحرم الجامعي، ويتم التركيز على الجانب الآخر ألا وهو "الإدارة الجامعية"، فالطالب عامل مستمر ومتغير والأقساط عامل تصاعدي والإدارة عامل مستسمر وثابت! إذن؛ في ظل الحاجة الضرورية لوجود طلبة وفي ظل تغيرهم بتغير الأجيال، و في ظل الحاجة الضرورية لوجود إدارة "ثابتة إدارياً"، سيكون هناك أزمة! حيث لا إدارة ناجحة تسمح كل أيلول من كل سنة –ذلك بداية عام دراسي- أن يتم تعطيل الدوام الدراسي عما لا يقل عن أسبوعين إلى ثلاثة، باحثة في ذلك عن سبل الحوار؟! ماذا فعلت إدارة الجامعة منذ سنيين لتحل مسألة أيلول المشلول؟! إلى أي مدى تجلى الحوار إيجابيا، وهل يعقل أن معظم مجالس الطلبة المنصرمة لم تتوفر على خطة استراتيجة تراعي الطرفين، الطالب والادارة؟!
كل هذه الأسئلة وأكثر، ريما تفتح مدارك أكبر خارج الحرم الجامعي، وتجلعنا نلقي نظرة حول السياسية الفلسطينية والعربية حتى؛ فإن كانت إدارة جامعة بامتداد جغرافي بسيط، مقارنة بامتداد جغرافي لدولة كاملة، وتحوي طاقما إداريا تدريسيا متميزا يحمل شهادات جامعية كبرى من بلاد غير عربية، وبمواطنيين معارضين (طلبة أقصد) جميعم، لم يستطيعوا حتى هذه اللحظة إيجاد خطة استراتيجية تدعم الحوار البناء، وتحل أزمةَ طالبٍ في العشرينات من عمره؟! كيف لدولة إذن، أن تحل أزمة شعب كامل وتخرجه من الاحتلال؟ الاحتلال الذي دام 60 عاماً وبدا الآن أنه نتيجة حتمية لأدائنا؟!
برأيي، كان على الجامعة بدل إسقاط التهم على مؤسسة (س) أو (ج) أو فصل الطلبة نهائيا من مقاعد الدراسة، والتي هي –برأيي- ليست حلا جذريا، بل تعبير عن حالة عجز واضحة وانعدام أسس الحوار البناء، أن تقوم بتخصص لجنتين: عربية عالمية وأخرى محلية، حيث الأولى تقوم بتوطيد العلاقات العامة مع كافة الأصعدة والتوأمة معهم لإيجاد منح دراسية حتى ولو كانت تفيد 100 طالب مقارنة بالعدد الاجمالي للطلبة! والثانية تعمل على التواصل مع الأسر والمؤسسات المحلية التي لديها الاستعداد التّام للمشاركة بتكاليف الرسوم الدراسية لمجموعة من الطلبة، دون تحديد "العلامة" كعامل للمنح، بل الوضع الاجتماعي.
أيضا، كان من الأجدر التواصل مع مجلس الطلبة من خلال أفراد تمثلهم، وليس أي طلبة ، وخلق حوار وتواصل من قبل رئيس الجامعة ذاته، ووضع الطلبة أمام صعوبات الوضع المالي الفلسطيني ضمن أرقام وحقائق، وبيان الذمة المالية للجامعة أمام الطلبة وبالامكان مشاركة ذلك عبر ارسال رسالة لكل طالب جامعي على صفحته "رتاج"، الأمر الذي يجعل الطالب في حالة معرفة بما يدور حوله وعن السياسة العامة التي تحكم البلد بشكل عام وتؤثر بالتالي عمّا حوله.
إضافة إلى ذلك يلاحظ أن معظم كليات الجامعة قد دشنت بتبرعات خارجية، الأمر الذي يخفف على الجامعة عبء البناء، ومما يجدر ملاحظته أيضا أن التكاليف التي تدفع للجامعة ليس لها النتيجة الملموسة الواضحة في الأدوات التدريسية التي تفتقر إليها معظم كليات الجامعة ومختبراتها ومكتباتها، لسوء الحظ؟ فيظل السؤال، أين تذهب كل هذه الأموال؟!
إن الفجوات التي تُخلق، والخطابات اللغوية والفكرية من كلا الطرفين "الادارة والجامعة" هي خطابات من الواجب اعادة النظر فيها، لاعادة وجهة النظر حول السياسية الفلسطينية عربيا ودولياً.