الثلاثاء ١٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٤
بقلم خالد زغريت

بدل شرف ضائع

وكنَّا على الجسْرِ مرَّتْ عليّ بدنيايَ عينكِ
كلُّ حماماتِها زائغةٌ...
كلُّ تيْناتها دائخةْ
وكنَّا على الجسْرِ مزَّقَ قلبي
و أوثقَ أرْزَ الوداعِ
وكلَّ الجبالِ بعيني تميلُ
على أثَرِ القبلةِ الباذخةْ
على الجسْرِ قالتْ: وإياكَ تنسى
غرسْنا الوعودَ زنابقَ أعمق قلبِ الصُّخورْ
ولوَّثتْ خدودي بدمْعاتها
حينَ جفَّتْ بعيني الدُّموعِ
وقالت ستبقى ضفافاً لسبْعةٍ منْ بِحار البُحورْ
فإيَّاك تمْسُحها
هي ذكرى منَ الشَّمسِ
ظلتْ تلوحُ ببالِ الغروبْ
وقلتُ قبيلَ المسيرِ:
دعِيني بعينيكٍ بعدَ الرَّحيلِ
سراجاً لعتْمِ الدُّروبْ
فقالتْ : ويشهدُ ربِّي
أخبِّيك عمْقَ العيونِ كخضْرتِها
في الجفونِ كرفَّتها
غيرَ أنّ القلوبْ
لطوْلِ الدُّروبْ
كمثل الغبارِ يطيرُ تطيرْ
وقالتْ:
أنا في غيابكَ.. ثقْ زرقةً سأصيرْ
لأغْسلَ ضحْكَ السَّماء انتظاراً
أميطُ أذى ظلِّ ورْدٍ إذا كانَ فيكَ المسيرْ
فقلتُ: قبيلَ السَّفرْ
تركتُ لكِ الرُّوحَ أكثرَ منْ نصفِها
من ندىً على الياسمينْ
وقلتُ : ازرعيني ببالكِ بسْمةً
في عيونِ اليتيمِ لكي في نشيجِ المطرْ
أغسِّلُ وجهَ ملاكٍ
أُطهَّرَ خبزَ الطُّفولةِ منْ ملْحِ ظُلَّامنا
باستخارتهم فينا قدَرْ
وليس من قدرٍ
كي نعدِّلَ للفاجرين مزاجاً
علينا عبادةُ كلِّ حجرْ
بهِ نتعثرُ في ظلهمْ
ما بآلهةٍ إنّما مثلُنا هم بشرْ
سنعرفُ ...
كنّا قديماً بعبَّادِ لاتٍ ومنَىً
الآنَ عبَّادُ مَنْ مثلنا بشرٌ منْ حجرْ
ومرَّتْ طيورُ السِّنينْ
عجافاً وأشجارُ أحلامِنا
ليسَ منها ظلالاً سوى آهةٍ وأنينْ
تقول: ويجرحُني في بقاياه غمزُ القمرْ
أعانقُ في الحيْطِ أطيافَه
أغازلُ ظلَّ الشَّجرْ
هبابُ قناديلنا على السَّقفِ
يرسمُ هدْباً لعينكَ في وحدتي
إنما أنتَ سافرتَ
غيماً لكلِّ الأراضين يهدي المطرْ
سوى كلِّ أرضي تَراها حجرْ
ولا تسْتحقُّ ولو قطْرةٌ منكَ
لا أسفٌ فكلانا بمرِّ السِّنينْ
تحوَّلَ عبَّادَ نفْسٍ لحرْمانِها أصبحتْ وثناً يابساً
لا نملُّ الدُّعاءَ لها بالمطرْ
وقالتْ: لكمْ كنتُ أشعلُ منْ عتبٍ
كلَّ عطري الذي كنتَ أمس تحبُّ، شموعْ
و عبَّأتُ شبَّاكنا بالدُّموعْ
وفي ضحْكتي قدْ رسمتُ بقايا المناديلِ
والذِّكريات...ارْتجافَ الضُّلوعْ
وكلَّ أغاني السَّفرْ
خصوصاً أغاني الوداعِ
التي كنتَ تطلبُ مني غِناها بعيدَ القلوعْ
نسيتَ...تُرى أيُّ شبَّاكنا ؟؟؟؟
هو ذاكَ الذي تحتَه كنتَ تلْويحتي تنْتظرْ
بلى ذاتُه كم رسمتَ الحديدَ به وروداً بضوءِ قمرْ
إذاً كيف صارَ بعينيك قيداً لماضٍ يموتُ ولا يذرْ
وأيُّ معنى سيبقى لكسْرِ العتابْ
وكلُّ الكلامِ لديكَ
غدا ليسَ شعراً وأصبحَ شرْبَ السَّرابْ
حبيبي لكم أنتَ وفيٌّ ...
فيا لوفائكَ
صرتَ ترى كلماتي رياشَ غرابٍ و ظلِّي عشوشاً لبومٍ
فيا لوفائكَ ...ماضيَّ صار طلولاً
وما ضرَّ باكيَهُ
إنْ وقفْ
وإنْ جلسْ
وليتَ حبيبي كلامي تُعلِّقَهُ حلْقةً بأذْنكْ مثلَ الجرسْ
وفائي بوعدي صيانةُ عِرْضي وما بعدَ عرضٍ شرفْ
سواءً أيبكي خيانتَهُ خائنٌ واقفاً أمْ جلسْ
متى قيمٌ أصبحتْ شَعْرَ مَنْ مسَّهُ الخرَفْ
سمعتُ بأنَّ الاغترابَ يضيِّعُ للغرباءِ الأصولَ
ولكنَّني ما سمعتُ: ولو مرَّةً غربةٌ ضيًّعتهمْ شرفْ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى