
بمناسبة دخول النكبة عامها التاسع والخمسين

جدي .. يحكي لي تاريخا
يَحملُ مسبحةً في يدِهِوعليهِ عباءتُهُ السّوداءْالشّيبُ يلوّنُ بالإجلالِ .. مُحيّاهُما نالتْ منهُ صروفُ الدّهرِ ..ولا يوماً ..تَرحالُ الغربةِ أعياهُوأحدِّقُ فيهِ ..أسافرُ في عينيهِأحطُّ على قمرينِ اتّشحا بالعلياءْوأتوقُ لأسمعَ منهُ ..جديدَ حكاياهُمن إلاّهُ .. من إلاّهُمن إلاّ جدّي يَحكي لي ..تاريخَ الدَّارْتاريخاً مَحفورَ الأيَّام ِ..علَى صَدرِ التارِيخ ِ..قَصائِدَ عِشق ٍتُولدُ ..في أحضَان ِالنَّارْمِن رَحم ِنَزيفٍ يُمطرُ ..عِشقا ً.. ليلَ نَهارْعن فردوسٍ مفقودٍ ..حلَّ بهِ الأغرابْلم أقرأهُ في أيِّ كتابْوأنا ما بين يديْ جدّييسكنُني رفضٌ وتَحدِّوأحدّقُ فيهِ .. أقرأُ في عينيهِآياتِ الإصرارْينسابُ على رئتيَّأريجُ البياراتِ ..نسيمُ البحرِ ..أحطُّ على رملِ الشُطآنِأعودُ إلى أحضانِ الدّارْجدّي لا ينسى .. يتذكّرْويقولُ بصوتٍ ..يشبهُ نبراتِ العسكرْكانتْ قريتُناغابةَ سروٍ وصنوبرْتبسطُ عندَ ضفافِ الحُبِّ ..جناحيهاتتوضّأُ بالمطرِ الأخضرْأنسامُ التلاّتِ الفيحاءِ ..تُصلّي بينَ ذراعيهاألشّمسُ تقبِّلُ كُلَّ صباحٍ خدّيهاألقمرُ العاشقُ ينزلُ ..آناءَ الّليلاتِ يناجيهايغرقُ في بحرِ دواليهاجدّي لا ينسى .. يتذكّرْألزّمنُ توقّفَ بينَ يديهِألصّورةُ ظلّتْ تسكنُ ..حتّى أوجِ الّلحظةِ ..في عينيهْوتفاجئُني حبّاتُ القهرِ ..تغادرُ قسراًمن عينيهِ إلى خدّيهجدّي لا ينسى .. يتذكّرْغربانُ الّليلِ ..تجيءُ من الجهةِ الأخرىأسراباً أسراباً تَترىتفرغُ أحمالَ حقائبِهاناراً موتاً ..حقداً غدراتغتالُ الشّمسَ الضاحكةَ العينينِ ..تمزّقُ أحشاءَ القمرِ السّهرانِ ..على شُرفاتِ منازلِناوتسطّرُ بالدّمِ وجهَ لياليهاسطراً سطراًجدّي لا ينسى .. يتذكّرْألرّملةَ .. والّلدَّ .. ويافايتذكّرُ بيسانَ وحيفاألدّارُ هناكَ الأرضُ هناكْخلفَ الأسوارِ الشّائكةِ الأسلاكْوهنا المَنفىجُرحٌ مدرارٌ لا يَشفىيمطرُ نزفايورقُ جرحاًيزهرُ نزفاوتسيلُ على خدّيْ جدّيعبراتٌ غاضبةٌ حرّىويعربدُ بينَ جوارحِهِجرحُ الذّكرىوتعودُ لتضحكَ عيناهُ بِشراًويشيرُ بيمناهُفي هذا الصّندوقِ الخشبيمفتاحُ الدّارْقد أعطاني إيّاهُ أبيوشهادةُ ميلاديمكتوبٌ فيها اسمُ بلاديوبأنّي فيهاكنتُ ولدتُ وأجداديهذا المفتاحُ لكمْ بعديهذا المفتاحُ لكمْ بعديهذا المفتاحُ هو الوَعدُ الموعودُلعلَّ أيادي أحفاديتصدقُ وَعدي