الثلاثاء ١٩ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم أحمد مظهر سعدو

حسين العمري: حوار الحضارات ضرورة تاريخية

في حفل كبير حضره جمع هائل من أصحاب الثقافة والمفكرين العرب والمؤرخين.. تم في دمشق تكريم الباحث والمؤرخ اليمني الكبير الأستاذ حسين العمري.. حيث كانت قد دعت إلى ذلك دار الفكر في دمشق ضمن نشاطاتها الثقافية السنوية عن حوار الحضارات..

على هامش هذا التكريم المهم استطعنا أن نجلس إلى الباحث العمري وفتحنا معه حواراً ثقافياً حول التكريم ومؤلفاته وآرائه الفكرية التاريخية والسياسية كذلك فكان هذا الحوار.

ما أهمية هذا التكريم لكم على المستوى الشخصي؟

شكراً كثيراً لهذا لاهتمام، ذلك الذي لا أستحقه منكم, أو من التكريم في حد ذاته، وأنا ذكرت في كلمة الشكر، بأن هذا التكريم ليس لشخصي المتواضع، بقدر ما هو لكل المؤرخين والمفكرين اليمنيين بالدرجة الأولى، والعرب بالدرجة الثانية, وقد أكبرت كثيراً دار الفكر، والمركز الثقافي العربي السوري، لأن يكون لديهم هذه المبادرات، في ظل أوضاع لم تعد تهتم بالكتاب، ولا بالكتّاب والمؤرخين على وجه الخصوص، فأنا أكرر الشكر لكل من أسهم، وبالذات الأستاذ الجليل عدنان سالم (مدير عام دار الفكر), ولأصدقائي الذين جاؤوا من هنا ومن هناك, وفي طليعتهم الدكتور عبد الكريم الارياني.

أتعتقد أن ماهية التكريم لكم اليوم تأتي من الاهتمام بالمؤرخين العرب أم بكم تحديداً؟

الحقيقة فإن دار الفكر تلعب دوراً ريادياً في مجال الثقافة وتنظر كثيراً إلى المستقبل، والقيّمون عليها ينتبهون إلى مدى الفجوة الخطيرة التي تفصل بيننا وبين الغرب،كما أنهم ومن جانب آخر يتابعون ما أصبح يسمى اليوم (( حوار الثقافات وحوار الحضارات )) وباتوا يحضرون محاورين من أقصى اليسار، إن كان هنالك أقصى، ومن اليمين، ومن الإسلاميين، ومن الاشتراكيين، يبحثون معهم قضايا الحوارات، أولاً فيما بيننا، ثانياً فيما بيننا وبين الغرب، وأن أعتقد أن هذه المبادرات تتخلف عنها وزارات الثقافة العربية.

إذا كانت وزارات الثقافة في الوطن العربي متخلفة عنها.. فما السبيل لكي تواكب هذه الوزارات تلك الثقافات العالمية؟

في الحقيقة ليس عندي خطة، طالما هم معنيون بالثقافة ولكن و على سبيل المثال، فهنالك برامج واستراتيجيات، تعلنها اليونسكو ونحن جميعاً.. كل الدول العربية أعضاء في اليونسكو، وصار لي الشرف مؤخراً أن كنت عضواً في المجلس التنفيذي للهيئة الدولية لليونسكو, وهنالك مجلدات ودراسات تنشر، إن لم يكن كل عام فكل شهر, فيما ينبغي أن يكون من توجه ثقافي في العالم العربي على وجه الخصوص.

على اعتبار أن صنعاء كانت العاصمة الثقافية للعرب في العام الفائت.. فما الدور الذي لعبه المؤرخ حسين العمري في ذلك؟

لا أكتمك أنني شاعر بالتقصير، رغم أنني أسهمت في مؤتمر كبير حضره أكثر من 150 عالماً من الشرق ومن الغرب، منهم البروفسور (دوستال) والبروفسور (مالو) من ألمانيا، وإخوان عرب من سـوريا ومصـر، والمغرب والمشرق، وأعددنا له إعداداً كبيراً، وكان رئيس الجامعـة الدكتـور (صالح باصرة)، واثقاً فيّ وفي زميلي الدكتور يوسف محمد عبد الله، فكان ذلك مساهمة في فاعلية كبيرة جداً، وكان اسم المؤتمر (مؤتمر الحضارة والتاريخ اليمني الخامس) لأنه سبق أن عقد أربعة قبله، وللأسف لم ينشر لي كتباً، ولكن قامت الوزارة الموقرة بإعادة طباعة بعض الكتب ونشر بعض الكتب الأخرى، ولكنني أسهمت في طباعة أشياء في هذا الموضوع، في دار الفكر، ومنها أشياء متعلقة بمدينة صنعاء، كما أنني ساهمت مع زملاء لي في دعوة الجامعات السعودية، في ضيافة الجامعات اليمنية، وقدمت ورقة عن التراث المخطوط في الجزيرة العربية، وكان كل هذا في إطار صنعاء عاصمة للثقافة العربية.

في سياق طرح موضوع الحوار بين الحضارات.. هناك من يقول أين هو الحوار في ظل هيمنة العولمة الأمريكية المتوحشة؟

هذا كلام صحيح.. ونحن في مركز الضعف ولسنا في مركز القوة، وعلينا أن نعترف بأن هنالك تكتل مذهل، وبأن أمريكا صارت الإمبراطورية الوحيدة، لكن هذا لا يمنع من إيجاد الحوار، ومن المؤسف حقاً أننا أيضاً كعرب وكمسلمين في حاجة نحن أنفسنا إلى هذا الحوار، فما بالنا مع الآخرين، ونحن أمة دعت إلى الحوار، ودعت إلى الكتاب المفتوح ودعت إلى القراءة، واعترف قرآننا الكريم بالديانات السماوية، اليهودية والمسيحية، بل والصابئة، وكل من يؤمن بالله، فحوار الحضارة ضرورة تاريخية، ونحن لا نخسر منها شيئاً إن لم نستفد.

ولكن إلى أي شيء يتكىء الإنسان العربي في حوار الحضارات أمام الأقوياء؟

لا أكتمك أن أغلب هذا الإنسان العربي لا يملك إلا الخذلان والتراجع أو رفع الصوت كالطبل، ونحن في حاجة إلى الحوار، الحوار يستدعي أن يكون هنالك طرفين.. ربما متناقضين، وإلا لا يسمى حواراً.. إذاً نحن في حاجة أولاً إلى احترام الرأي الآخر، والآخر بشكل عام هو الذي تمثله الحضارة الأوروبية والأمريكية الحديثة، كما أننا في حاجة إلى إظهار أن الإسلام ليس ما تعلنه أمريكا أو ما يقوله أعداء الإسلام، ونحن أصحاب رسالة علينا أن نوضحها، ونحترم آراء الآخرين.

أسس أساس الحوار بين الحضارات هو الاعتراف بالرأي الآخر – حسب تصوري – ولكن نحن كعرب ما مصير الآخر بيننا في ظل النظام العربي السائد؟

الحقيقة أنني متفائل على طول المدى رغم الصورة الظلامية والمتشائمة عند الكثير من الأشـقاء والإخوة، لابد مرة ثانية من أن نقتحم هذا الميدان، وهنالك مفكرين لديهم آراء، ولديهـم نظريات، سواء في مصر أو المغرب العربي أو المشرق العربي بشكل عام.. نحن في حاجة مرة ثانية، إلى الحوار والتفاهم، والتفاهم فيما بيننا، لنواجه الآخر بمنطق سليم، ومن مركز قوي، يرتكز عـلى أسس وجذور، ونحن لسنا نبتاً شيطانياً، ولنا جذورنا، وحضارتنا العربية الإسلامية وماضينا، ولكن ليس التمسك بهذا الماضي هو السبيل الوحيد، لابد من فهم ما يدور في العالم الجديد، وإلا سنبقى مراوحين حيث كنا في مرحلة العصور الوسطى وإقفال باب الاجتهاد.

وهل من بيئة مواتية لهذا الحوار ديمقراطياً في الوطن العربي؟

والله أن يكون الجو ملائماً.. فلو انتظرنا هذه الملائمة.. لما عملنا شيئاً.. لابد مرة ثانية من اقتحام المجال.. الديمقراطية، - والحمد الله – ممارسة في اليمن منذ عقدين.. هي ممارسة وليست إملاءات، وليست قراءات، وليست كتابات في الصحف، هي ممارسة يمارس فيها الناس ويتعلمون مفهوم الديمقراطية ومفهوم حق الآخر في التعبير عن نفسه، وحق الوصول إلى الحكم، هذا ما ينبغي، وعلينا أن نناضل بصراحة – وإن كانت كلمة مناضل قد أصبحت مبتذلة – لكن علينا أن نبذل جهوداً في هذا السبيل.

أَمِن جهود حقيقية على أرض الواقع كما ترى؟

على الأقل لدينا في اليمن نعم، لدينا جهود ودليلي على ذلك فلدينا مؤتمرات عقدت في اليمن، حول الديمقراطية الناشئة، ولدينا مؤتمر دولي حول حوار الحضارات، جاءه الحضور من أ قصـى العالم، وصدر ما يسمى ببيان صنعاء عن اليونسكو، وأصبح وثيقة عالمية.. نحن في اليمن نعمل كل هذا، وهنالك غيرنا، فما يدور اليوم في لبنان على سبيل المثال، مثال آخـر, بغض النظر، مع من، أو ضد من، لكن هنالك حراك في هذا السبيل.

لكن هذا الحراك – وفي بعض الحالات – يكون مدفوعاً من جهات أمريكية.. فإلى أي حد يمكن أن يكون وطنياً؟

يا سيدي علينا أن نسقط تماماً من أفكارنا ومبدئياً نظرية المؤامرة، فأمريكا لم تعد تتآمر.. فأمريكا تحتل الدول.

وهو أدهى وأمر؟

هذا عليك..!!

كأني بك ترى شيئاً آخر بالنسبة للاحتلال الأمريكي، أليس الاحتلال أدهى من المؤامرة؟

لا أقصد ذلك.. أقصد أنا أن نتصور بأن العالم يتآمر علينا، فهنالك تآمر لا شك، للغرب مصالح في بلادنا ٍ.. لكن أسباب ضعفنا، وعدم انفتاحنا، وعدم أخذنا بأسباب القوة الحقيقية، وفتح رياح التغيير، وأبوابه، ونوافذه إلى الديمقراطية، هو الذي أدى إلى هذا.. فلو لم يكن هنالك ( صدام ) وكان هناك ديمقراطية وانتخابات.. فهل كان من الممكن أن تجد أمريكا سبيلاً إلى احتلال العراق، هذا ما أردت قوله.

إذاً المدخل هو الديمقراطية؟

نعم والحرية.. لقد ولد الإنسان حراً، كما قال (جان جاك روسو).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى