في رحيل أحمد بن بلا هكذا يرحل الكبار
رحل أحمد بن بلا ذاك الشامخ الواقف أبداً.... رحل المناضل المغاربي الجزائري العربي.. رحل رفيق عبد الناصر.. كما يرحل الكبار عادة.. تركنا ونحن في عز ربيعنا العربي، تركنا بينما لم تكتحل عيناه باكتمال البدر، ولم تصل غاياته الى مبتغاها..
رحل الرجل الذي قضى عمره في مقارعة الاستعمار الفرنسي، ومن ثم الأمريكي، وكل أنواع الهيمنة والتدخل والاحتلال.. من صهيون الى فارس، ومن نضالات ثوار افريقيا الى أمريكا اللاتينية..وهو الذي كان نصيراً للثورات الشعبية، وكان همه الأول والأخير نصرة الشعوب العربية، ونحن الذين نتذكره في دوره الفعال في قضية فلسطين، وفي مواجهة المؤامرات التي حيكت، وتحاك ضد العراق العربي... وهو أيضاً من اهتم بأرض بلاد الشام وجاء مرات عديدة ليطمئن على حال أهل سورية والشام.. ونتذكره عندما وصل دمشق منهكاً معتل الصحة لكنه متفتح الفكر متوقد السريرة والحراك النضالي الكفاحي.. جاء في عام /2000/ ليودع صديقه ورفيق دربه الراحل الدكتور جمال الأتاسي لكنه لم يستطع ذلك، لأن الوعكة الصحية، منعته حتى من مغادرة الفندق للمشاركة في تأبين صديقه الأتاسي.
أحمد بن بلا رجل ليس ككل الرجال، مناضل من زمان آخر، زمان عبد الناصر والمد القومي العربي، زمان مقارعة الاستعمار، وزمان نادى فيه عبد الناصر ذاك الاستعمار بأن يحمل عصاه ويرحل.. ورحل.. لكنه حاول أن يدخل فيما بعد من النوافذ الخلفية عبر نظم الردة، نظم العرب الآيلة للسقوط، والمستبيحة كل القيم وكل البشر والحجر..
رحل أحمد بن بلا ومازالت ثورة المليون ونصف شهيد ماثلة باقية أمام ناظرنا.. ومازالت الجزائر أرض المجاهدين وارض الثوار..
رحل بن بلا وبقي فكره العروبي الاسلامي التوحيدي، وبقي كفاحه ونضاله الثاوي فينا ما بقيت هذه الامة التي تكافح وتناضل وتمشي للعلا وتخط بدماء أبنائها الطاهرة والتي تسقي الأرض العربية لتنبت الأقحوان، وزهر الليمون، والبنفسج، والياسمين الدمشقي النزاري الأصيل..
وداعاً أحمد بن بلا.. فمسيرتك الظافرة لا تنسى، وقيمك وخلقك الرفيع لا يمكن أن يغادرنا ما حيينا.