الأربعاء ١١ نيسان (أبريل) ٢٠١٢
المخدرات ظاهرة اجتماعية
بقلم أحمد مظهر سعدو

ما برحت في ازدياد كيف نحد منها ؟

تظل آفة المخدرات - ومهما غطت عليها الأمور الأخرى - من أهم الآفات والأمراض الاجتماعية التي تصيب مجتمعاتنا العربية ..ومجتمعنا السوري من جملة هذه المجتمعات، حيث تنتشر هذه الظاهرة وتتعمم وتطال في مساحاتها، الكثير من الشباب والمراهقين .. كذلك فإنه وحسب إحصاءات عالمية إن أغلب المتعاطين للمخدرات على اختلاف أنواعها، ينحصرون خلال الفئة العمرية من (20-30) سنة وهم في غالبيتهم أيضاً من العاطلين عن العمل والعازبين كذلك، ويضاف إلى هذه المؤشرات مؤشر التعليم، حيث تبين أن نسبة كبيرة من المتعاطين والمدمنين هم من الأميين أو من ذوي التحصيل العلمي المنخفض وهي دلائل في غاية الأهمية، وتشير إلى إمكانيات المعالجة، وإلى مداخل وتداخلات الممكن والمتاح في هذا المجال.

وإذا أردنا أن نضع بعض المحددات العلمية التي يمكن الإتكاء عليها والاستناد إليها في ملامسة حالات المضي في الحلول المساعدة والدفع باتجاه وضع برامج للحد من انتشار هذه الظاهرة .. فإنه يمكن التأكيد في هذا السياق على أهمية وضرورة ما يلي:

إقامة برامج نوعية للتوعية من ندوات ومحاضرات، مباشرة أو عبر وسائل الإعلام، والدفع باتجاه أن يكون لوسائل الإعلام دورها في هذا المضمار وعدم التطمير على المشكلة أو التعامي عنها، وهذا ما نلحظه عادةً في العديد من وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية، وهو تقصير لا مبرر له بأي حال من الأحوال

العمل ما أمكن على الإقلال من نسبة الأميين في المجتمع عبر دعم مسألة تعليم الكبار ومنع التسرب من المدارس، والضرب على ذلك بيد من حديد عبر قوانين تسن لهذا المجال وتكون قادرة على الضبط.

إيجاد فرص عمل للشباب تحديداً وإشغالهم بالعمل عن الأمور الأخرى ووضع البرامج الموضوعية لتشغيل الشباب والحد من البطالة وبطالة الشباب منها بشكل خاص لأنها الأكثر ضرورة.
المساعدة بكل الوسائل في تزويج العازبين، والإقلال ما أمكن من حالات العنوسة للرجال والنساء .. عبر إعطاء دور فعال للجمعيات الأهلية ومفاصل المجتمع المدني للمساهمة في ذلك.

إعطاء الدور الكافي والواسع لرجال الدين في تبيان المخاطر والتوعية في هذا المنحى.
تشجيع المتعاطين والمدمنين التائبين والمعالجين في مراصد توعية الشباب، عبر بعض المشجعات المادية وأيضاً المعنوية .. حيث يتم إفساح المجال لسواهم في المضي والولوج لهذا الباب من خلال التوبة.

إنشاء شرطة مجتمعية في كل مدينة أو بلدة تساهم في التوعية، بعد أن تكون قد امتلكت هي هذه التوعية الأخلاقية والثقافية القيمية والحياتية.

وضع برامج مدروسة ومنفتحة ذات أفق حواري وديمقراطي لحماية مستقبل هؤلاء الشباب وإفساح المجال لحوار مجتمعي وطني يعالج هذه الظاهرة بكل شفافية ووضوح دون خوف أو وجل في قول كلمة الحق من أجل إصلاح المجتمع وإصلاح هذا الجيل الذي هو جيل المستقبل بلا منازع.

وإذا كان كل ذلك ضروري لحماية هذا الجيل، ومهم في رتق الجروح الفائرة في مجتمعاتنا.. فإن ذلك كله مرهون بأن نعي فداحة عدم الانتباه لهذه الإشكالية والظاهرة، ومن الضروري بمكان الانتباه إلى خطورة ذلك إذا علمنا:

أن هناك وخلال السنوات الخمس المنصرمة حوالي /30/ ألف قتيل وضحية في البرازيل نتيجة المخدرات وانتشارها تسويقاً ومتاجرةً وتعاطياً.

كما أن هناك زيادة قد حصلت مؤخراً في نسبة معدلات المخدرات في أفغانستان حيث وصلت إلى 94% كنسبة زيادة بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان.

وإن قيمة الإنتاج السنوي للهيرويين قد بلغت /81/ مليون دولار أمريكي في أفغانستان لوحدها.
ويرى علماء النفس وعلماء الاجتماع أن هناك الكثير من الأسباب الأساسية والفرعية النفسية والاجتماعية لتعاطي المخدرات أو للمتعاطين والمدمنين نذكر منها:

الكثير من حالات اليأس والإحباط التي يعيشها بعض الشباب في مفاصل حياتهم .
تفشي ظاهرة البطالة.

تفكك الأسرة من خلال وفاة أحد الوالدين، وتعدد الزوجات، وسفر أحد الوالدين، وهجر الزوج لزوجته .. إلخ.

التسرب من المدارس.

رفاق السوء

الزيادة الكبيرة في الرفاهية والرفاه العام.

مشاهدة الأفلام السينمائية والتلفزيونية الغربية التي تشجع على ذلك .. ومن ثم تقليدها من قبل المشاهدين الشباب.

الاحتجاج والتمرد على المجتمع وقيمه كردات فعل سلبية.

شح الحوار داخل الأسرة .. إذا أنه كلما قل الحوار داخل الأسرة زاد السلوك الإنحرافي .. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن معدل وقت الحوار داخل الأسرة في المجتمعات العربية عموماً لا يتجاوز/30 /ثانية في اليوم وهي احصائيات تقترب من الدقة.

ويحدد علماء النفس والاجتماع ظواهر اكتشاف المدمن على المخدرات من قبل الأهل عبر بعض الملامح الظاهرة عليه .. وبعض تصرفات الشاب المدمن ومنها:

شروده الطويل.

حديثه الذي يمتاز بالخيال أكثر من الواقعية.

العصبية في بعض الأحيان.

حبه الكبير للجلوس مع الجنس اللطيف أو الفتيات.

العينان الذابلتان.

وتأسيساً على هذه المعطيات العلمية السالفة الذكر، وضمن حالة الاستمرار في تفشي هذه الظاهرة والآفة القاتلة وحباً في أن يكون مجتمعنا خالٍ من هذه المعاناة لتلك الظاهرة .. فإنه يجدر بنا القول أن الموضوع يهم الجميع ويطال بمؤداه ونواتجه الجميع بلا استثناء، وقد تكون هذه المعطيات معروفة لدى البعض أو الكثيرين .. إلا أن الانتباه إليها ودق ناقوس الخطر حول ماهيتها ومهاويها تعد حالة من الأهمية بمكان .. بحيث أضحت في متناول اهتمام المجتمع ومؤسساته ومفاصله المدنية قبل الحكومية .. وهذا لا يعفي المؤسسات الحكومية من المسؤولية .. بل يؤكد من جديد على أهمية التعاون والتشارك من قبل الجميع للحد من منعكسات هذه الظاهرة على المجتمع برمته، وخلق الرغبة لدى المصابين والمدمنين وذويهم لإدراك مفاعيل ذلك وتأثيراته علــى الأسرة كخلية أولـى لبناء المجتمع ..وبالتالي معالجة الخوف من هذه التأثيرات عبر الحوار داخل المجتمع والحوار أيضـاً داخل الأسرة وخاصةً الأسر التي فيها شباب جانحين أو مدمنين أو هم على حافة الخطر أو الجنوح أو التعاطي .. ولعل الحوار الداخلي أو ما يسمى (بالمنولوج) يعطي أكله ويترك أثره فهو الأوسع والأقدر أيضاً، وما علينا إلا الحث عليه، لأن الداخل أقوى إذا ملك القناعة بينما الخارج عبر المحاضرات والسرد والتلقين فهو أقل تأثيراً إذا علمنا أنه يمكن أن يفكر بمعدل /800/ كلمة في الدقيقة .. أما المحاضر أو الملقن فيمكنه أن يتحدث /120/ كلمة فــي الدقيقة .. ناهيك على التأثيرات الأخرى ذات الأهمية .. فهل نحن مقبلون على الحد من هذه الظاهرة؟ أم أننا سوف نستمر ولفترة طويلة غبر آبهين بنواتج هذه الظاهرة على حياة الناس والمجتمع بقضه وقضيضه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى