الثلاثاء ١٤ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم أحمد مظهر سعدو

حفيظة صرخة الصحراء

صدر في دمشق مؤخراً للكاتبة الصحافية نضال أحمد علما كتاب مهـم ضمـن 143 صفحة من القطع المتوسط بعنوان – حفيظة صرخة الصحراء – وهذا الكتاب وكما أرادت الكاتبة أن تعلنه من الصفحة الأولى فهو بمثابة فتح لملف إنساني مغلق .. إنه ملف الشعب العربي الصحراوي هذا الشعب الذي ما برح يعيش في بلد اللجوء وضمن ظروف إنسانية قاسية .

نضال علما أرادت بكتابها هذا أن تفتح هذا الملـف عبر أنسنة موضوعية للمسألـة ، وجولة صحراوية واقعية للمخيمات في – تندوف – وهي من زارت هذه المخيمات واطلعت على أنات وآهات / حفيظة / الطفلة الصحراوية اللاجئة ومثيلاتها الكثيرات وأمثالها الأكثر .

ولأن نضال علما تكتب اسمها على جلد غزالة صحراوية – حسب الشيخ الدكتور حسين شحادة – فقد استطاعت بلغتها التأملية أن تكون باحثة في باطن الصحراء عن جنين شقيق لحفيظة – وأن تصـل إلى المعطـى الحقيقـي للكينونـة الصحراويـة المعاشة .. هناك الكل في الواحد ، وحيث المخيم يتماهى مع الإنسانية جمعاء .

وقد اختارت الكاتبة – حفيظة – من بين كل الحفيظات لأنها تمثل الأنموذج والمثـل .. الحقيقة والعروبة ، الإنسانية والعالمية .. وبين لغـة القص وانسيابيـة المعنى والسرد كان الكتاب لوحة فسيفسائية رسمت على جدار الزمن العربي الغارق في ملكوت النسيان والتناسي .

لقد نسجت نضال علما في هذا العمل عبر مساحة هذا الكتاب – منسوجة يدوية من شعر الماعز أو وبر الإبل ، تقوم على ركيزتين لا ثالث لهما : الإنسانية والعروبة تلتصقان عند قمتهما لتصبح بشكل هرمي – ولم تنس الكاتبة من أن تشير إلى التعبير الحميمي عبر اللقاءات الصحراوية في الليالي الرائعة تلك .. من خلال الشاي الأخضر وطقوس الإخاء والود المتحلقة حول جلسات ذاك الشاي الذي يميز أهل الصحراء العربيـة .

فالشاي هنا يضفي على اللقاءات الحميمية نكهة خاصـة ، عبـر طريقـة إعداده ، ورائحته وتناوله – وهي كؤوس ثلاث :

الأولى مرة وصعبة المـذاق كـالحياة ، والثانية حلوة كالحب وفعل الخير ، وأما الثالثة فهي النهاية كالموت .

ولقد حاولت الكاتبة أن تركز على مسألة غاية في الأهمية لـدى الشعب الصحراوي ، وهي أن الشعب الصحراوي لا يهمش المرأة ، بل يمنحها اعتباراً ومكانة رفيعـة ، فالمسؤوليات تقع عاتق المرأة .

كما أكدت في هذا الكتاب على مركزية القضية الفلسطينية لدى الشعب الصحراوي كشعب عربي- رغم اللجوء - فهو ينتمي إلى قضايا الأمة تماماً كما ينتمي أهل المشرق .

إنه كتاب بل رواية وكتاب يستحق القراءة لما فيه من قضايا جديدة ومعالجات لم يتطرق إليها أحد من قبل .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى